Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غليان فلسطيني داخل السجون يلفت انتباه العالم لخطورة الاعتقال الإداري

تحذيرات أمنية إسرائيلية من أن يؤدي الضغط على الأسرى إلى انفجار كبير في الشارع

 أصدرت اسرائيل منذ عام 1967 أكثر من 50 ألف أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين (اندبندنت عربية)

ملخص

صادقت الهيئة العام للكنيست على مشروع قانون يهدف إلى حرمان الأسرى الفلسطينيين من تلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية

جولة جديدة من التصعيد والتوتر والغليان ستشهدها السجون الإسرائيلية خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن أعلن أكثر من ألف أسير فلسطيني نيتهم خوض إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري (من دون تهمة) المستمرة، وإلزام إسرائيل احترام القانون الدولي الإنساني، مهددين بعصيان شامل وإعلان التمرد على قوانين إدارة السجون، كخطوة تعتبر الأولى من نوعها إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، فخلال مايو (أيار) الماضي، أصدرت السلطات الإسرائيلية 300 قرار بالاعتقال الإداري، بزعم وجود تهديد أمني، ومن دون توجيه لائحة اتهام للمعتقل، حيث تمتد فترة سجنه لستة أشهر قابلة للتمديد، وزاد العدد الإجمالي للاعتقالات الإدارية خلال أول خمسة أشهر من العام الحالي، عن 1300 قرار جديد أو تجديد اعتقال، مما رفع عدد المعتقلين الإداريين إلى 1200 معتقل، من بينهم 14 طفلاً وثلاث نساء، وهو الأعلى منذ عام 2003، يتركزون في سجون: النقب الصحراوي ومجدو شمال إسرائيل وعوفر القريب من مدينة رام لله.

وتقول المنظمات الحقوقية، إن الاعتقال الإداري من دون تهمة محددة ومن دون محاكمة، الذي تلجأ إليه إسرائيل منذ عام 1967 ضد المدنيين الفلسطينيين، يحرم السجين ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال، إذ لا يخضع الأسير الإداري للتحقيق، ولا يسأل حتى عن اسمه، كما لا تكشف النيابة العامة الإسرائيلية أي تهمة ضده، وإنما تكتفي بالقول "خطر على أمن الدولة "وله "ملف سري". وعلى رغم محاولة المحامين الحثيثة لمعرفة فحوى "الملف السري" فإن الادعاء العام الإسرائيلي يرفض ذلك قطعياً. وبحسب هيئات رسمية، فإن إسرائيل أصدرت منذ عام 1967 أكثر من 50 ألف أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين.


العصيان داخل السجون

لجنة الأسرى الإداريين التي دعت إلى الإضراب والاحتجاجات والعصيان داخل السجون تحت شعار "ثورة- حرية- انتفاضة"، طالبت الفصائل الفلسطينية والمؤسسات المختلفة ومنظمات المجتمع المدني والفلسطينيين عموماً والجاليات في الخارج بمساندتهم، وفق بيان اللجنة، الذي شدد على ضرورة وقوف السلطة الفلسطينية إلى جانبهم عبر "تبني مطالبهم وتفعيل كل أدوات الضغط الدبلوماسي لإسنادهم".

ووفقاً لمعلومات نادي الأسير الفلسطيني، الذي يعنى بشؤون الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية استدعت اليوم عدداً من المعتقلين، وهددت بعضهم على خلفية إعلان الإضراب عن الطعام في 18 يونيو (حزيران) الحالي، وبثت وعوداً لمجموعة منهم بعدم تجديد اعتقالهم في حال تراجعوا عن خطوة الإضراب. وبحسب بيان النادي فإن "السلطات الإسرائيلية تلجأ للاعتقال الإداري كإجراء انتقامي، مستندة بذلك إلى قانون الطوارئ الذي ورثته عن الانتداب البريطاني لفلسطين، حيث تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تمارس الاعتقال الإداري". وأضاف البيان أن "ممارسات إدارة السجون القائمة على القتل البطيء والمتعمد واستمرار سياسة الإهمال الطبي، ورفض الإفراج عن الأسير المريض بالسرطان وليد دقة، هو ما دفع بالحركة الأسيرة إلى تبني برنامج وطني للضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالب الأسرى الإنسانية والمشروعة".

من جانبه، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين (حكومية) قدري أبو بكر أن ارتفاع أعداد الأسرى الإداريين في السجون الإسرائيلية دفعهم نحو الإضراب المفتوح عن الطعام قائلاً إن "الاعتقال الإداري سياسة تعسفية تهدف إلى استنزاف أعمار الأسرى من دون سند قانوني، وبناء على تهم سرية لا يسمح لأحد بالاطلاع عليها أو معاينتها، وغالباً ما يتعرض المعتقل لتجديد مدة الاعتقال ثلاثة أشهر أو ستة أكثر من مرة وأحياناً يمتد الاعتقال لسنوات". وأضاف أنه "يجب أن يكون هناك تدخل عاجل لوقف هذه المجزرة بحق الأسرى، ووضع قيود صارمة على السلطات الإسرائيلية لفرضها الاعتقال الإداري تماشياً مع نصوص المواثيق الإنسانية".

تهديدات وضغوط

وفيما حذر مسؤولون فلسطينيون من أن الضغط على الأسرى قد يؤدي إلى انفجار الشارع الفلسطيني وتدهور خطر في الوضع المتوتر أصلاً، دعا آخرون القيادة السياسية الفلسطينية إلى اتخاذ خطوة مستعجلة للرد على هذا التصعيد، ونقل ملف الأسرى إلى الهيئات الدولية، والعمل على تفعيل الحراك الشعبي لدعمهم، والتعامل جدياً مع تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تجاه الفلسطينيين داخل السجون، إذ تعهد في تغريدة على "تويتر"، منع أي تسهيلات وعدم التسامح مع الأسرى الفلسطينيين وحرمانهم مما اعتبره "امتيازات". وأمر بن غفير خلال فبراير (شباط) الماضي بإغلاق مخبزين كان يديرهما الأسرى، ويعدون في هما الخبز لأنفسهم في سجن النقب، ومن ثم حدد وقت الاستحمام بأربع دقائق للأسير الواحد في اليوم، وحصر تدفق المياه الساخنة لمدة ساعة واحدة يومياً لكل قسم، وطلب إغلاق سجن هداريم ونقل كل الأسرى القاطنين فيه، والتلويح بإجراء حملة تنقلات واسعة كل شهر، وأصدر تعليماته بتقليص وتقييد زيارات أعضاء الكنيست للأسرى الأمنيين، بمعدل زيارة واحدة لنائب واحد عن كل كتلة برلمانية، ومن أهم توجهات بن غفير، إلغاء ما يسمى الانتماء الفصائلي للأسرى داخل السجون، فضلاً عن توجهه إلى إلغاء مكانة المتحدث عن الأسرى في التفاوض مع مصلحة السجون، ووقف وجبات الطعام الخاصة.

من جهته أكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس أن "بن غفير يحاول جاهداً الترويج لادعاءات مضللة بأن الأسرى يعيشون في رفاهية، بهدف مواصلة الحرب على الأسرى وتصعيد الضغوط ضدهم، ولكسب التأييد والدعم من المجتمع الإسرائيلي".


قوانين وتشريعات

وفي خضم تحذيرات الجهاز الأمني الإسرائيلي من مغبة الأضرار بأوضاع الأسرى الفلسطينيين، الذين تحظى قضيتهم بإجماع في المجتمع الفلسطيني، إذ يمكن أن يؤدي إلى حدوث رد فعل عنيف محتمل في الميدان، ويصل حتى إلى حد جولة أخرى من القتال في قطاع غزة مع حركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي"، نجح بن غفير في الحصول على مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين، بزعم أن قانون الإعدام الذي يجري الإعداد لإقراره يعد "قانوناً أخلاقياً عادلاً". وادعى بن غفير أن الغرض منه "هو القضاء على الإرهاب وخلق قوة ردع". وأضاف أن "السنوات الأخيرة شهدت تزايد الأعمال الإرهابية لقتل اليهود لكونهم يهوداً، وفي حال اعتقالهم يحصل الفلسطينيون على ظروف جيدة في السجون ورواتب من السلطة في رام الله، وقد يطلق سراح معظمهم في صفقة أو أخرى". وتقدر مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان أن أكثر من 800 ألف فلسطيني دخلوا السجون الإسرائيلية منذ عام 1967. ولم تنفذ إسرائيل عقوبة الإعدام في أحكامها على الفلسطينيين منذ ذلك الوقت.

بدوره، يرى الباحث السياسي عصمت منصور أن "حالة الغليان التي تشهدها السجون، ستدفع إلى مواجهة ستكون ذا كلفة عالية ليس على الأسرى وحسب، بل على إسرائيل والمنطقة"، قائلاً إن "العالم الذي يلهث لتثبيت الهدوء في المنطقة، سيجد نفسه أمام دوامة عنف جديدة لا يستطيع أحد أن يتنبأ بنهايتها، فالمساس بالأسرى هو استفزاز لكل الفلسطينيين، وسيتحمل الاحتلال هذه الكلفة إلى جانب المجتمع الدولي، الذي يقف صامتاً في وجه توجهات الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل وأجندتها الفاشية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حقوق المريض

ولم يتوقف الأمر عند إغلاق المخابز وتحديد وقت الاستحمام وغيرها من التشديدات الجديدة بحق الفلسطينيين داخل السجون، فقد صادقت الهيئة العام للكنيست خلال فبراير الماضي أيضاً على مشروع قانون يهدف إلى حرمان الأسرى الفلسطينيين من تلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية من شأنها "تحسين جودة الحياة"، بما في ذلك الأدوية غير المشمولة في سلة الخدمات الصحية. وزعم مؤيدو القانون أن "سياسة السجون في إسرائيل في ما يتعلق بالسجناء الأمنيين (الأسرى) متساهلة بشكل غير معقول مقارنة بعديد من دول العالم، وأن دولة إسرائيل تقدم خدمات طبية للإرهابيين والسجناء الأمنيين كذلك" (بحسب ما جاء في بيان الكنيست). وتابع البيان أنه "يجب ألا تتجاوز الخدمات الطبية التي تقدمها الحكومة للأسرى الرعاية الطبية الأساسية، ولا يوجد سبب أو منطق لتمويل علاجات تجميلية للإرهابيين على حساب دافعي الضرائب الذين أرادوا قتلهم". وبحسب الكنيست فإن "الغرض من هذا القانون هو وضع شرط واضح في هذا الشأن بتشريع نافذ". وزعم أن "هذا القانون لا ينتهك حقوق المريض الأساسية الواردة في قانون حقوق المريض والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها دولة إسرائيل".
ووفقاً لبيانات فلسطينية رسمية، توفي داخل السجون الإسرائيلية 237 أسيراً فلسطينياً منذ عام 1967 في ظروف تنوعت بين ضرب وتعذيب وتغذية قسرية ومضاعفات الإضراب عن الطعام أو متأثرين بإصابتهم خلال اعتقالهم، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد الذي شكل المسبب الأبرز لوفاة الأسرى في السنوات الأخيرة (71 أسيراً من أصل 237 توفوا بسبب استفحال سياسة الإهمال الطبي) حيث يعاني اليوم 700 أسير أمراضاً مزمنة وخطرة تستوجب تقديم العلاج الطبي المستعجل لهم، في حين أن هناك 24 حالة مرضية لمصابين بالسرطان لا يتوفر لهم العلاج.

ودفع تزاحم التشريعات ضد الأسرى منذ أن تولى بن غفير وزارة الأمن الداخلي، خبراء أمميين للتعبير عن قلقهم البالغ من مشاريع تلك القوانين، مؤكدين أن ذلك سيثير تحديات كبيرة في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة "فضلاً عن الحرمان التعسفي المحتمل من الحياة"، محذرين من أن الممارسات والتشريعات التي تنتهك حقوق الإنسان "لا تجعل أي دولة أكثر أمناً أو سلاماً، بل تخلق الظروف التي تنتج العنف وتديمه".


غضب إسرائيلي

يذكر أن القنصل الفرنسي في إسرائيل رينيه تروكاز منح وسام الاستحقاق الوطني إلى جيسيكا مونتال المديرة التنفيذية لمنظمة مركز حماية الفرد "هموكيد" خلال احتفال مهيب في القنصلية بالقدس، تقديراً لالتزامها الراسخ بحقوق الإنسان، مما دفع عضو الكنيست أرييل كيلنر، رئيس "اللوبي من أجل محاربة معاداة السامية ونزع الشرعية" في إسرائيل، إلى مطالبة الكنيست بإجراء نقاش عاجل حول هذا الموضوع، بزعم أن المركز في السنوات الأخيرة مثل مئات الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم لدى المحاكم الإسرائيلية ووفر معلومات عن المعتقلين الإداريين، ونظم زيارات عائلية للمعتقلين ويقدم في المتوسط 150 التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية كل عام في شأن القضايا ذات الصلة بالأسرى الفلسطينيين.
وزعم عضو الكنيست أريئيل كيلنر من حزب الليكود أنه "من الجنون كيف أن منظمة صغيرة ومتطرفة ومعادية لإسرائيل تمولها حكومات أجنبية، تسبب الضرر للأمن الإسرائيلي، وتغيير السياسات، وتقويضها، وهو ما يستدعي العمل على وقف عملها بكل الأدوات المتاحة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير