ملخص
يرى خبراء قانون أن توسيع هذا القانون يمنح صلاحيات لرفض مطلق للعرب وامتيازات خاصة وتسهيلات لليهود
بعد الكشف عن فشل مخططات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في تهويد الجليل، المنطقة التي يسكنها معظم فلسطينيي 48، اتجهت الحكومة الإسرائيلية إلى سن قوانين تشجع اليهود على السكن في الجليل مقابل فرض قيود على العرب لتضييق الخناق عليهم، ويشمل أحد القوانين الضفة الغربية أيضاً بهدف تعزيز الاستيطان هناك.
"قانون لجان القبول"
القانون يطلق عليه "قانون لجان القبول"، وقد صادق عليه الكنيست في القراءة التمهيدية، وبموجبه يتم توسيع صلاحيات لجان القبول في البلدات اليهودية التي يصل عدد العائلات فيها إلى 1000 عائلة بدل 400 عائلة، وفي الوقت ذاته تخفيض أسعار الأراضي بما لا يتجاوز ربع الأسعار المتداولة في إسرائيل مع منح امتيازات وهبات مالية داعمة، تماماً كما الخطة التي سبق وأعدتها الحكومة الإسرائيلية السابقة في الجولان السوري المحتل، بعد كشف فشل خطة تهويد الجولان وعدم وصول اليهود إلى 50 في المئة من الهدف.
في الجليل، وفور تشكيل الحكومة الحالية، أقر إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش خطة موسعة لاستكمال الخطط السابقة لتهويد الجليل، شمال إسرائيل، إلى جانب منطقة النقب في الجنوب التي يسكنها البدو، وفي مركزها بلدات يهودية جديدة وتوسيع الموجودة مع تقديم الدعم المالي الحكومي والمساعدات.
إنقاذ الاستيطان في الجليل
واعترف وزراء في حكومة اليمين الإسرائيلي أن قانون لجان القبول جاء ضمن مخطط شامل لإنقاذ الاستيطان اليهودي في الجليل، المنطقة التي تعتبرها إسرائيل ذخراً استراتيجياً كونها أفضل المناطق الشمالية وفيها يتمركز فلسطينيو 48، وتمنح الحكومة الامتيازات والتسهيلات لإسكان اليهود بذريعة أن هذه المنطقة تعاني من ضائقة ديموغرافية، أي أكثرية فلسطينيي 48، وهي منطقة قريبة من الحدود الشمالية ولبنان، وتتصدر العناوين ضمن سيناريوهات الجيش باحتمال انفجار الحرب المقبلة بعد تسلل عناصر من لبنان والسيطرة على بلدات في الجليل.
من جهته أعلن وزير تطوير النقب والجليل اليميني المتطرف إسحق فيسرلاوف، بعد المصادقة على قانون "توسيع لجان القبول"، أن للقانون أهمية قصوى في الحفاظ على الخريطة الديموغرافية في إسرائيل وتنفيذ مشاريع لإنعاش الاستيطان اليهودي في الجليل. واعتبر تطوير وازدهار هذه المنطقة "مهمة وطنية من الدرجة الأولى". وقال "هذا القانون يسهم بشكل فعال في زيادة عدد العائلات التي يمكن قبولها في بلدات الجليل، ويضاف إلى قانون آخر ينص على أن الصهيونية قيمة حاسمة في نشاطات الحكومة. وسنواصل جهودنا ليلاً ونهاراً لإنقاذ الجليل وإعادة الخريطة التي لا تنازل عنها: أكثرية مطلقة لليهود وأقل ما يمكن من العرب".
الهدف رفض إسكان العرب
"قانون لجان القبول" قائم منذ عام 2011، وبموجبه يمكن رفض طالبي السكن في بلدة معينة، وبهذه الحالة رُفض إسكان عائلات عربية في مثل هذه البلدات على رغم أن القانون يشمل بنداً يشدد على عدم التمييز بين مقدمي طلب السكن.
ويرى خبراء قانون أن توسيع هذا القانون يمنح صلاحيات لرفض مطلق للعرب وامتيازات خاصة وتسهيلات لليهود، وإحدى الذرائع التي تستخدمها اللجنة هي "عدم ملاءمة المرشح مع النسيج الاجتماعي الثقافي للبلدة"، وهذه الصيغة الغامضة تسمح بالتمييز ضد العرب على رغم أن مبرري القانون يعتمدون على الحاجة إلى "تهويد الجليل"، أي تعزيز التفوق اليهودي ليتماشى أيضاً مع قانون القومية.
مناهضة الصهيونية
وفي تقرير نشر في ملحق صحيفة "هآرتس" "ذي ماركر"، اعتبرت الصحيفة أن القانون "يتعارض ووثيقة الاستقلال التي تعهدت بالمساواة لكل مواطني الدولة، وبخلاف ما قيل في قانون القومية، إسرائيل تعهد فيه لأن تحرص على تنمية البلاد في صالح كل سكانها".
وترى الخبيرة في مجال القوانين المتعلقة بالاقتصاد ميراف أرلوزوروف، أن هدف الحكومة الحالية من تهويد الجليل هو مجرد غطاء من أجل زيادة التخفيض على أسعار الأراضي في البلدات الفاخرة، واستهدف أيضاً السماح بتوزيع التخفيض فقط على أبنائهم وأصدقائهم، وليس على السكان العرب، "ولكن هذه الخطوة بالتحديد ستعوق تهويد الجليل".
وأثارت معطيات أخيرة دلت إلى تراجع عدد الشباب اليهود والأطفال في الجليل بشكل كبير، حتى شبه تفريغ هذه المنطقة، نقاشاً واسعاً بين أحزاب الائتلاف الحكومي، خصوصاً بعد إعلان روضات عدة إغلاقها لعدم وجود عدد كاف من الأطفال.
ووجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوزراء اتهامات لمدير عام ما تسمى "سلطة أراضي إسرائيل" ينكي كوينت. واعتبر نتنياهو أنه يدير سياسة أراض "كارثية" و"هستيرية"، وذهب وزير الأمن يوآف غالانت إلى أبعد من ذلك واتهمه مع مسؤولين آخرين في مؤسسات التخطيط والإسكان بأنهم جميعاً يعملون باعتبارات "مناهضة للصهيونية". وخلال جلسة الحكومة عبر أكثر من وزير عن غضبهم وقلقهم، في الوقت نفسه من فقدان "الأكثرية اليهودية في الجليل"، واعتبروا الأمر نتيجة "للسياسة غير الصهيونية لسلطة أراضي إسرائيل"، علماً أن هذه السلطة سيطرت على معظم أراضي فلسطينيي 48.
وتركز النقاش في جلسة الحكومة الإسرائيلية حول حق "البلدات القروية الفاخرة" في الجليل، كما سموها، في الحصول على مساحات من الأراضي بتخفيضات مالية لكل وحدة سكنية، وناقش الوزراء رسالة وصلتهم من رؤساء المجالس اليهودية في الجليل طالبوا فيها بتخفيض أسعار الأراضي ليتمكنوا من استيعاب العائلات اليهودية إلى جانب هبات حكومية ومشاريع بناء بدعم من الحكومة ومخصصة للعائلات اليهودية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت أرلوزوروف أن أسعار الأراضي في البلدات اليهودية في منطقة الشمال مرتفعة جداً "لأن هذه البلدات قوية وفيها كثير من الأثرياء اليهود. وهناك طلب كبير للسكن فيها. المشكلة ليست في غياب الطلب على المناطق الأعلى في الجليل، بل بالعكس، هناك فائض في الطلب أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي وخلق مشكلة في هذه البلدات".
ورداً على سؤال حول ارتفاع سعر الأراضي في هذه البلدات، قالت "لأن الامتيازات الأخرى التي يطلبها رؤساء المجالس المحلية لهذه البلدات هي غربلة وتحييد من يتم قبوله فيها. لجان القبول هي التي ستحدد من يستحق العيش في البلدة ومن لا يستحق". ورأت أن هذا الحق مهم لسببين: "الأول، أنه يتم استخدامه كوسيلة لمنع السكان العرب من بناء البيوت في المستوطنات الفاخرة في الجليل"، أما السبب الثاني "فلأنه وسيلة لضمان أن يكون لأولاد السكان الأولية في شراء الأراضي في البلدة. ولكن، إذا دفعوا سعراً مرتفعاً فهذا سيكون خسارة لأموالهم. يجب أيضاً توسيع الحق في لجنة القبول إلى 1000 عائلة من أجل ضمان أن جميع الأولاد يمكنهم شراء بيت بسعر مخفض، أيضاً زيادة التخفيض من أجل أن يكون البيت بثمن زهيد"، وانتقدت أرلوزوروف طلب رؤساء المجالس اليهودية بتخفيض أسعار البيوت والأراضي قائلة "هذا الطلب يكشف الخدعة الكبيرة للصهيونية".
تلاشي الاستيطان القروي
وكان هدف الحكومات الإسرائيلية من إقامة ما يسمى "الاستيطان القروي"، هو تهويد أراضي الجليل، اليوم وبتأكيد من وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية أوريت ستروك، من حزب "الصهيونية الدينية"، فإن هذا الاستيطان القروي أخذ في التلاشي، لكنها اعتبرت السبب "القفزة في أسعار الأراضي، ومن أجل إعادة إنعاشها بجلب الشباب اليهودي الذي ترك هذه المستوطنات، يجب تخفيض أسعار الأراضي بشكل دراماتيكي".
وبرأي الوزيرة فإن "التصنيف الاجتماعي - المالي المرتفع للمستوطنات المجتمعية في الشمال مضلل ولا يعكس مكانة السكان الحقيقية، يجب تخفيض الأسعار بالقوة لتمكين العائلات الشابة من العيش هناك". أضافت محذرة "من دون ذلك سنحصل على أشخاص يقومون بشراء بيوت عدة هناك، الأمر الذي لا نريده".
في موازاة توسيع لجان القانون، شكلت الحكومة الإسرائيلية، قبل أسبوعين، وبعد كشف معطيات شبه تفريغ البلدات اليهودية في الجليل من الشباب، طاقماً برئاسة نتنياهو يستهدف بلورة صيغة لاقتراح حكومي يدعم كلفة الأرض في المستوطنات التي تعاني من "ضائقة ديموغرافية أو أمنية" خلال 30 يوماً.
لا توجد ضائقة
أمام هذه المداولات، أثيرت مسألة الضائقة السكنية في البلدات العربية وعدم إمكانية البناء والتوسع للشباب العرب ما يدفع كثيرين إلى البناء غير المرخص والتهديد بهدم البيوت، في ما بعد أو الانتقال إلى لسكن إلى بلدات مختلطة، ورفضت الوزيرة ستروك أن تكون بلدات فلسطينيي 48 تعاني من ضائقة سكنية قائلة "لا توجد قرى عربية صغيرة بشكل عام. كل ما يسمى قرية عربية هو منذ فترة طويلة بحجم مدينة، التجانس الذي هو مهم جداً للبلدات المجتمعية يوجد في البلدات العربية بصورة طبيعية"، مبررة، بذلك، رفض الحكومة تقديم الدعم للبلدات العربية.
نكتة سيئة
النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي رد على ادعاءات ستروك بالقول "الادعاء أنه لا توجد مشكلة سكن في القرى العربية في الشمال نكتة سيئة في أفضل الحالات، وسذاجة عنصرية بالفعل. العرب الذين يخرجون من بلداتهم للسكن في كرمئيل واللد وحيفا أو في الخضيرة، يفعلون ذلك بسبب الضائقة. لا توجد أراض ولا مستوى معيشة".
وشدد الطيبي على "أن الحكومة تقوم برمي العرب في البحر وتقول لهم يجب عليكم ألا تبتلوا. في القرى العربية توجد ضائقة سكن، لكنهم يغلقون الطريق أمام وصولنا إلى إمكانات أخرى".