ملخص
المنافسة الانتخابية شائكة بلا شك والجمهوريون في موقف لا يحسدون عليه.
لطالما كانت الانتخابات الرئاسية التمهيدية منافسة شائكة بطبيعتها. ظاهرياً، يبدو المرشحون متفقين على أغلب القضايا، أو على وجود بعض المشكلات العالقة، ويختلفون فقط على كيفية حلها. وغالباً ما تكون هذه الاختلافات بسيطة للغاية.
لنتذكر فقط كيف أن الرئيس السابق باراك أوباما والمرشحة هيلاري كلينتون كانا متفقين في كل شيء تقريباً بخصوص ملفات الرعاية الصحية في ما عدا قضية السماح للناس بشراء تأمينهم الصحي.
ونتيجة لذلك، عادة ما تعتمد نتائج الانتخابات التمهيدية على مسائل تتعلق بشخصية المرشح وفرصه الانتخابية. كان لوقع تصرفات رونالد ريغان المشرقة وتفاؤله بمستقبل أميركا أن أعطيا قوة دفع ليتخطى منافسه جورج دبليو بوش، الأكثر رزانة، فيما لعبت مخاوف الناخبين الديمقراطيين من فوز دونالد ترمب بعهد رئاسي جديد، دوراً في اختيارهم جو بايدن بدلاً من الوجوه الجديدة أو المرشحين الذين يطرحون سياسات أكثر تقدمية.
ومن جهته يضيف الحزب الجمهوري الأميركي المتأثر بالترمبية التواءً جديداً إلى هذه المعضلة المحيرة. فعهد ترمب الرئاسي جعل من هذا الولاء [القوي] للرئيس السابق والإيمان بأنه لا يمكنه أبداً أن يرتكب أي جرائم أو أي خطأ، معياراً أساسياً لمبادئ الجمهوريين المحافظين.
إن توجيه الاتهام للرئيس ترمب بـ37 تهمة من خلال تحقيق المستشار القانوني الخاص جاك سميث المتعلق باحتفاظه بمستندات ووثائق مصنفة سرية من شأنه أن يمنح منافسيه من الجمهوريين فرصة كي يثبتوا بأنهم أفضل منه كمرشحين للحزب، لكن الخوف من غضب الناخبين من أعضاء الحزب الجمهوري القديم العظيم يعني أنه لن يكون بمقدورهم حتى توجيه أي انتقاد مهما كان صغيراً إلى ترمب.
ولعل خير مثال على هذا الواقع هما حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس، ونائب الرئيس السابق مايك بنس. السيد دي سانتيس يتمنى أن يخوض معركة الترشح للرئاسة من خلال تموضعه أكثر إلى يمين السيد ترمب في تعاطيه مع مسائل مثل [معارضة] الإجهاض واللقاحات ووضع القيود على حقوق جماعات المثليين والمتحولين جنسياً LGBT+، وهو يطرح نفسه بأنه الأقدر ولديه الطباع المناسبة لكي يطرح أجندة محافظة متكاملة. في هذه الأثناء، على السيد بنس أن يتخطى التحفظات الجمهورية على مواقفه بعد أن كان قد رفض أن يقلب نتائج انتخابات أميركا الرئاسية في 2020 في يوم السادس من يناير (كانون الثاني)، وبدلاً من ذلك عليه أن يبرهن أنه من المحافظين الجمهوريين المتمسكين بالدستور الأميركي الذي يتمتع بالقيم والوضوح الأخلاقي كي يصبح رئيساً.
حالياً، يجد المرشحان نفسيهما مجبرين على هدر الوقت الثمين للدفاع عن السيد ترمب. اليوم الذي تلا كشف الرئيس ترمب عن توجيه التهم إليه، ألقى السيد دي سانتيس خطاباً في مؤتمر نورث كارولينا للحزب الجمهوري حيث صفق له الجمهور بحرارة تأييداً لتعداد بعض انتصاراته، لكنه وجد نفسه مضطراً إلى الدفاع عن الرئيس ترمب من دون أن يجرؤ حتى على الإتيان على ذكر اسم الرئيس السابق.
وبالطبع، فإن حجم التأييد بدأ يتراجع عندما تجرأ دي سانتيس على انتقاد السيد ترمب للاشتباه "بدفعه أموالاً لشراء صمت نجمة أفلام إباحية في قضية تتعلق بنوع من أنواع العلاقة الغرامية". وفي الشهر الماضي، وبشكل مشابه، أطلق دي سانتيس وعداً بأنه سيدرس إمكانية إصدار عفو عن السيد ترمب، لو تطلب الأمر ذلك، إذا ما كتب له الفوز بالبيت الأبيض.
لا يمكن للسيد دي سانتيس أن يوجه الانتقاد للسيد ترمب، لأن من شأن ذلك أن يجعله مهرطقاً بنظر قاعدة المؤيدين للحزب الجمهوري. وفي الوقت نفسه فإن أي ثانية يمضيها مدافعاً عن السيد ترمب في وجه ما يعتقد أنه ملاحقة قانونية غير شرعية، هي ثوان يخسرها ويعجز عن استثمارها في إيضاح وجهة نظره بأنه "مقاتل" من محافظي الحزب الجمهوري، والذي يمكنه أن ينفذ الوعود الانتخابية التي يتمنى تنفيذها الناخبون.
على الضفة الأخرى، يعاني السيد بنس في محاولاته الدفاع عن موقفه وصواب خطوته بالابتعاد عن ترمب بعد أحداث السادس من يناير، وأن يقول في الوقت نفسه بأن السيد ترمب يتعرض للاضطهاد ظلماً. وفي نهاية الأسبوع نفسه في غرينزبورو، تحدث بنس في غرفة استقبال أصغر، وصفق له الحضور بشكل أقل بكثير من تصفيق الجمهور خلال مباريات لعبة الغولف طوال مدة خطابه، ما عدا اللحظة التي أضاف خلالها توقيعه إلى وعد السيد دي سانتيس إعادة الاسم الأصلي لقلعة الحرية، أي قلعة براغ التي سميت على اسم جنرال من القوات الكونفيدرالية الذي كان قد خان قسمه لحماية الدستور الأميركي من أجل مواصلة عادة استعباد الناس.
إضافة إلى ذلك، وفيما وصف الاتهام الموجه إلى ترمب في ذلك الخطاب بأنه "يوم تعيس تشهده أميركا"، قال بنس لاحقاً إنه لا يمكنه الدفاع عن السيد ترمب في مواجهة الادعاءات الواردة في لائحة الاتهام. ويتمنى السيد بنس بأن ينجح بالتوازي، في القول إن السيد ترمب قد خان الدستور الأميركي، ولكن في الوقت نفسه يصفه بأنه ضحية حكومة متشددة [للغاية في تعاملها معه].
لكن المشكلة المركزية بالنسبة إلى الرجلين هي أنه إذا كان السيد ترمب يتم استهدافه بشكل غير عادل، وأنهما يدافعان عنه باستمرار، فلماذا قد يختار أي من الناخبين أياً منهما بدلاً من منح صوته وتأييده السيد ترمب؟ وهذا من دون أن نذكر مواقف المرشحين الأقل حظوة في المنافسات الحزبية التمهيدية مثل [المرشحة] نيكي هايلي Nikki Haley، أو تيم سكوت Tim Scott، واللذين، وبسبب اسميهما المجهول إلى حد ما بين الناخبين، لا يتاح لهما فرصة تقديم نفسيهما إلى الناخبين (في المؤتمر الحزبي نفسه في غرينزبورو Greensboro، وأنا رأيت شخصاً واحداً فقط يرتدي قميصاً عليه صورة نيكي هايلي على طراز شعار حملة "ريغان وبوش 84"، وكأن ذلك يشير إلى أي درجة هي تمثل الماضي).
في النهاية، يبدو أن السيد ترمب ينتهي لفعل ما يجيده ترمب بشكل جيد: امتصاص كل الأوكسجين من أي غرفة وينجح في إبقاء انتباه [الجميع] مركزاً على شخصه.
© The Independent