ملخص
بدأ عشرات من المرضى السابقين اتخاذ إجراءات قانونية ضد مجموعة من مستشفيات الصحة العقلية للأطفال في إنجلترا، كانت طاولتها فضيحة بعدما كشفت "اندبندنت" عن ثقافة "انتهاكات منهجية" داخلها
بدأ عشرات من المرضى السابقين اتخاذ إجراءات قانونية ضد مجموعة من مستشفيات الصحة العقلية للأطفال في إنجلترا، كانت طاولتها فضيحة بعدما كشفت "اندبندنت" عن ثقافة "انتهاكات منهجية" داخلها.
ويسلك أكثر من 30 شخصاً - بعضهم لا يزالون أطفالاً - المسار القضائي، بعدما ادعوا أنهم تعرضوا لسوء معاملة داخل مستشفيات الأطفال التي تديرها "مجموعة هانتركومب" The Huntercombe Group في الفترة الممتدة ما بين عام 2003 وعام 2023.
وتتضمن المزاعم اتهامات بإصابة أطفال أثناء محاولة تقييدهم، واستخدام طرق تغذية قسرية غير ملائمة، وإفراطاً في إعطاء الأدوية للمرضى.
من بين المدعين على المجموعة:
طفل تعرض لـ"صدمة نفسية" بعد تعرضه لـ "تخدير شديد"، أثناء إقامته في أحد المستشفيات.
فتاة تدعي أنها تعرضت لتحرش قام به أحد الموظفين، وتحتاج الآن لمزيد من العناية المركزة في وحدة المرضى الداخليين.
امرأة تزعم أنها "اضطرت إلى التبول في حاويات" لعدم توافر عدد كاف من الموظفين لمرافقة المرضى إلى المرحاض.
وقالت والدة أحد المدعين لـ"اندبندنت": "إن ما حصل هو أمر مروع للغاية. آمل في أن تردع (الدعاوى) هؤلاء الأشخاص عن التسبب بمزيد من الأذى للمرضى، لأن تأثير ما قاموا به كان مدمراً على ابنتنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يأتي إطلاق هذه الإجراءات القانونية في أعقاب نشر "اندبندنت" سلسلة تحقيقات، كشفت عن مزاعم بحدوث تجاوزات واسعة النطاق طاولت أكثر من 50 مريضاً. وشملت ادعاءات كثيرة من موظفين أبلغوا عن نقص شديد في عدد العاملين، الأمر الذي أدى إلى إلحاق ضرر جسيم بالمرضى.
الصحيفة كانت كشفت أيضاً عن إطلاق أجهزة الشرطة عدداً من التحقيقات في شأن أداء تلك المستشفيات، بما فيها تحقيق في وفاة فتاة تبلغ من العمر 14 سنة في مستشفى في ميدينهيد - يعرف الآن باسم "تابلو مانور" Taplow Manor - وذلك في فبراير (شباط) من عام 2022، وتحقيق منفصل في اغتصاب مزعوم لطفلة مريضة في الوحدة نفسها.
في المقابل، أطلقت هيئة رقابية في إنجلترا - هي "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC) (المنظم المستقل لخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية في إنجلترا) - تحقيقاً جنائياً في وفاة الطفلة، بسبب إخفاقات في السلامة نسبت إلى "مجموعة أكتيف كير" Active Care Group التي تدير المستشفى الآن.
محامون في مكتب "هاتشون لو" للمحاماة Hutcheon Law، أكدوا أن شركتهم تتلقى أسبوعياً ما لا يقل عن ثلاثة استفسارات تتعلق بالإهمال، منذ أن كشفت "اندبندنت" عن مزاعم بإساءة معاملة واسعة النطاق في عدد من المستشفيات.
وأكدت الشركة التي تقدم خدمات قانونية متخصصة، أن لديها الآن ما لا يقل عن 32 موكلاً، من المقرر أن يرفعوا دعاوى تتعلق بإهمال سريري، بما في ذلك مزاعم مرتبطة بالرعاية كانت كشفت عنها "اندبندنت" في وقت سابق.
وتمتد الدعاوى لتشمل فترات زمنية تولت خلالها شركات مختلفة إدارة تلك المستشفيات، بما فيها "إيللي إنفستمنتس" Elli Investments و"مجموعة أكتيف كير".
مارك ماكغي وهو شريك قانوني في مكتب المحاماة قال لـ"اندبندنت": "لدينا تعليمات بمتابعة دعاوى تقدم بها أكثر من 30 موكلاً ضد ما كانت تسمى ’ مجموعة هانتركومب‘".
وأضاف أنه "قدمت إشعارات في شأن 6 دعاوى، ونحن في صدد تقديم تفاصيل الدعاوى الأخرى إلى الأطراف المعنية".
إحدى النساء المدعيات قالت إن ابنها الذي كان في "مستشفى تابلو مانور"، الذي تديره "مجموعة أكتيف كير"، تعرض لـ"تخدير شديد" عندما كان مريضاً وأحيل إلى المستشفى. وذكر قيام أحد العاملين بإعطائه "حقنة في رقبته"، وزعم أنه شاهد مواد إباحية تعرض على شاشة تلفزيون في ردهة عامة.
وتقول إن ابنها "أصيب بصدمة نفسية" نتيجة ما حصل معه في المستشفى، وتضيف إنه الآن "بات يفضل - في حال المرض - الموت، على الذهاب إلى ذلك المستشفى مرة أخرى".
امرأة أخرى خرجت ابنتها المراهقة أخيراً من "مستشفى آيفيستي بانك" Ivetsey Bank التابع لـ"مجموعة أكثيف كير" في ستافورد، قدمت بلاغاً إلى الشرطة عن تعرض ابنتها لاعتداء جنسي مزعوم، بعدما ادعت أن أحد الموظفين قام بالتحرش بها. ومع ذلك، تخلت الشرطة بعد حين عن التحقيق.
ووفقاً لما ذكرته المرأة، لم يقدم أي علاج لابنتها، لمساعدتها أثناء فترة وجودها في "مستشفى آيفيستي بانك". وزعمت أنها "تمكنت من الهرب من المستشفى، وتناولت جرعات زائدة من الباراسيتامول، مما تسبب لها بإصابات خطرة ناتجة من الإيذاء الذاتي، حتى بدت وكأنها تعاني حروقاً".
وتروي شابة أخرى تبلغ من العمر 23 سنة - كانت في أحد مستشفيات "مجموعة هانتركومب" ما بين عام 2014 وعام 2016 - أنها فقدت الوعي في إحدى المرات، بعدما أعطيت ثلاثة أضعاف جرعة الدواء الموصى بها في المستشفى. وزعمت أنها تلقت رسائل غير لائقة جنسياً من موظف في الرعاية الصحية، بعد خروجها من المستشفى.
وقالت لـ"اندبندنت": "اضطررنا إلى التبول في حاويات، لأنه لم يكن هناك عدد كاف من العاملين لاصطحابنا إلى المراحيض".
وفي تعليق على تحريك هذه الدعاوى القانونية، قال متحدث باسم "مجموعة أكتيف كير" في تصريح: "أخطرنا فقط بدعوى واحدة تتعلق بـ ’مستشفى فورسيزنز للرعاية الصحية‘ Four Seasons Health Care، وليس بـ’مجموعة أكتيف كير‘. ولا توجد دعاوى أخرى أبلغنا بها". ورفض المتحدث التعليق على أي من تلك المزاعم.
يشار إلى أن "مجموعة أكتيف كير" أغلقت الوحدات الخاصة برعاية الأطفال في "مستشفى تابلو مانور" التابع لها، في شهر مايو (أيار) الماضي، بعدما أوقفت "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS تحويل مرضى إلى تلك الوحدات موقتاً بسبب مخاوف تتعلق بالرعاية. لكن من المقرر أن يعاد فتحها للبالغين على رغم المشكلات التي أثيرت حولها، وذلك بسبب ثغرة في القانون تحول دون تمكن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" (أن إتش أس إنغلاند) NHS England و"لجنة مراقبة جودة الرعاية" من منع إدارته من القيام بذلك.
وقالت مجموعة مؤلفة من 100 مريض راهن وسابق وعائلاتهم لـ"اندبندنت" إن فكرة إعادة فتح المستشفى لاستقبال البالغين، تسببت بـ"صدمة لا يمكن تصورها" بين الشباب الذين يخشون أن يعاد إدخالهم إلى المستشفى عندما يصبحون بالغين.
مؤسسة الحملات "فيرست دو نو هارم" First Do No Harm (التي تعنى أولاً وقبل الرعاية، بتطبيق الأخلاقيات الطبية المتمثلة في "عدم الإساءة" إلى المرضى)، قالت لـ"اندبندنت": "لم تؤد أنباء إعادة فتح هذه الوحدة للبالغين إلى إعاقة عملية التعافي وسط المتضررين فحسب، بل أيضاً إلى بث حال من الرعب لا يمكن تصورها بين كثير من المرضى السابقين الذين يبلغون الآن 18 سنة من العمر. ولا يزال كثيرون متوعكين بسبب تأثير الصدمة المرتبطة مباشرة بالفترة التي أمضوها في ’مستشفى تابلو مانور‘. إن إعادة إدخالهم كأشخاص بالغين إلى المنشأة نفسها، التي تعرضوا فيها للأذى وسوء المعاملة عندما كانوا أطفالاً، بات احتمالاً حقيقياً غير ضروري، وغير مبرر".
"مجموعة أكتيف كير" أوضحت أنها لم تجبر على إغلاق خدمة الأطفال في المستشفى، وأن قرارها بالإغلاق كان "قراراً تجارياً".
في المقابل، أعربت "مجموعة إيللي إنفستمنتس" التي كانت تمتلكها سابقاً "مجموعة هانتركومب" عن "الأسف لأن تلك المستشفيات وخدمات الرعاية المتخصصة، التي كانت تمتلكها ’ مجموعة هانتركومب‘ وتديرها بشكل مستقل، أخفقت في الوفاء بمعايير الجودة العالية المتوخاة في الرعاية الصحية". ورفضت التعليق على أي من الادعاءات المقدمة.
هيئة "أن إتش أس إنغلاند" أكدت أن "الخدمات الصحية الوطنية" تعمل مع "مجموعة أكتيف كير" على ضمان نقل الغالبية العظمى من المرضى من "مستشفى تابلو مانور" إلى خدمات أخرى مناسبة من الناحية السريرية. واتخذت جميع القرارات بما يتماشى ورغبات الأسر ووفقاً لحاجات كل طفل.
وأضافت أن "موقف الخدمات الصحية واضح ويتمثل في ضرورة أن يقدم جميع مزودي الخدمات - سواء كانوا تابعين لـ’أن إتش أس‘، أو مستقلين - رعاية آمنة وعالية الجودة، والوفاء بالتزاماتهم المنصوص عليها في عقودهم، في الوقت الذي نواصل فيه العمل عن كثب مع ’لجنة مراقبة جودة الرعاية‘ على رصد وتحديد أي انتهاكات، واتخاذ الإجراءات المناسبة أينما ومتى دعت الحاجة".
وتأتي هذه الأخبار في أعقاب استقالة الرئيسة التنفيذية لـ"مجموعة أكتيف كير" - قالت إنها ستتابع عملها "في أدوار مهنية متنوعة" - بعد تعرضها لضغوط متزايدة في الأشهر الأخيرة، انطوت على كثير من الملاحقات المهنية.
© The Independent