Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذير أميركي حول مادة كيماوية سامة واسعة الانتشار

"وكالة حماية البيئة" تحذر من أن التعرض لمادة "الفورمالديهايد" لفترات طويلة ومتكررة يؤدي لعواقب صحية خطرة من بينها سرطان الحلق والأنف

تستخدم مادة "الفورمالديهايد" في تمليس الشعر وتمثل "خطراً كبيراً على صحة الإنسان (غيتي/ أيستوك)

ملخص

وكالة حماية البيئة الأميركية تحذر من الأخطار الصحية الخطرة لـ"الفورمالديهايد"، بما في ذلك السرطان، وتعلن خطط لتنظيم استخدامه وتقليل تعرض العمال والمستهلكين لهذه المادة الكيماوية السامة

ذكرت "وكالة حماية البيئة" Environmental Protection Agency الأميركية الخميس الماضي أن استخدام "الفورمالديهايد" formaldehyde، علماً أنها مادة كيماوية شائعة تتهدد بخطر الإصابة بالسرطان وغيره من حالات صحية مزمنة، يمثل "خطراً شديداً، عند الاعتماد عليه في الممارسات السائدة حالياً، من شأنه أن يلحق الضرر بصحة الإنسان".

برائحتها الأشبه برائحة المخللات، "الفورمالديهايد" موجودة "في كل مكان حولنا تقريباً"، كما يشير مسؤولون في الوكالة. ينتج البشر والحيوانات على حد سواء هذه المادة ويطلقونها في الجو [كجزء طبيعي من عملية التمثيل الغذائي أو الأيض]. كذلك تنبعث من عوادم السيارات، ونتيجة اشتعال حرائق الغابات، ومن دخان السجائر. وتستخدم "الفورمالديهايد" في صناعة الغراء والدهانات والبلاستيك والمنسوجات وأشباه الموصلات، إضافة إلى مواد البناء ولعب الأطفال والأثاث. كذلك تستعمل كمادة حافظة في المختبرات العلمية [للعينات البيولوجية مثل الأنسجة والأعضاء] وفي مشارح الموتى [للجثث أو الأجزاء المقطوعة من الجسم]. ومع مرور الوقت، ربما تتسرب المادة من تلك المنتجات في الهواء المحيط.

ويمكن لـ"الفورمالديهايد" المستخدم أيضاً في منتجات التجميل التي تساعد في تمليس الشعر أو تنعيم التجعيد، أن يشكل خطراً أكبر على النساء السوداوات وغيرهن من ذوات البشرة الملونة. وقد وجد الباحثون أن نحو نصف المنتجات التي تستهدف النساء من الأصول الأفريقية تحوي هذه الأنواع من المواد الكيماوية، فيما لا تتجاوز النسبة 7 في المئة فقط من المنتجات الموجهة إلى النساء ذوات البشرة البيضاء. وعند استخدامها في صالونات التجميل التي تفتقر إلى التهوية الجيدة، يتعرض العاملون في الصالون والزبونات على حد سواء لخطر استنشاق هذا الغاز العديم اللون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

للأسف يؤدي التعرض لـ"الفورمالديهايد" إلى تأثيرات صحية ضارة متنوعة، تختلف باختلاف مدة التعرض. مثلاً، التعرض لفترة قصيرة من الوقت من شأنه أن يؤدي إلى التهاب في العينين والجهاز التنفسي. أما التعرض لفترات طويلة ومتكررة فيطرح عواقب صحية أكثر خطورة، من بينها تراجع وظائف الرئتين، وردود فعل تحسسية، وتفاقم حالات الربو والحساسية، إضافة إلى سرطان الحلق والأنف. وفي الغالب، يتعرض الناس في الوقت عينه لأكثر من مصدر واحد لهذه المادة المسرطنة.

في سياق متصل، خلص تحقيق حديث اضطلعت به "بروبيليكا" ProPublica [مؤسسة إخبارية غير ربحية مكرسة للصحافة الاستقصائية] إلى أن "الفورمالديهايد" تسبب السرطان أكثر من أي ملوث سام آخر موجود في الهواء، ووجد أن هذه المادة تعرض الجميع لأخطار مرتفعة للإصابة بالسرطان بغض النظر عن مكان سكنهم، وغالباً ما تشكل الخطر الأكبر عند وجودها في منازلهم.

وكانت الوكالة تأمل في حظر هذه المادة من وقت سابق، ولكنها أخفقت في الالتزام بالمواعيد النهائية التي حددتها للمنع، ما أثار رد فعل سريع من أعضاء الكونغرس خلال الأشهر الأخيرة من 2024.

وبعد التقييم النهائي للأخطار التي تنطوي عليها "الفورمالديهايد" ومسودة التقرير المنشورة في مارس (آذار) من العام الماضي، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستبدأ "عملية احتواء الأخطر" بغية التصدي للتهديدات التي تطرحها "الفورمالديهايد"، موضحة أنها ستقترح مسودة قانون تحمي العمال والمستخدمين في المستقبل.

في وقت سابق، انتهت الوكالة من صوغ لوائح تنظيمية تحدد كميات "الفورمالديهايد" المسموح إطلاقها من المنتجات الخشبية المركبة [مواد مصنوعة من مكونات خشبية مدموجة ببعضها بعضاً باستخدام مواد لاصقة]، كذلك أنشأت برنامجاً تتولى فيه منظمات معتمدة ومستقلة التحقق من التزام الجهات المنتجة للألواح الخشبية المركبة بالحدود المقررة من كمية "الفورمالديهايد" المنبعثة في البيئة.

صحيح أن الموظفين العاملين في أماكن استخدام "الفورمالديهايد" يشكلون الفئة الأكثر عرضة لخطر هذه المادة، غير أن الأشخاص الذين يستعملون، وبصورة متكررة، منتجات تحوي عليها يتهددهم "خطر كبير" أيضاً، وذلك بسبب استنشاقها على المدى القصير وتعرض البشرة المباشر لها، لا سيما عندما تكون المنتجات، مثل منتجات السيارات والسلع الجلدية، جديدة.

بدورهم، ليس الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من منشآت تطلق هذه المادة الكيماوية السامة بمنأى عن "بعض الأخطار"، على رغم أن الوكالة قالت إنها "لم تجد أن الهواء المحيط يعد عاملاً مهماً في تقييم الأخطار غير المعقولة الناجمة عن هذه المادة" [بمعنى أنها لم تدرج في التقييم بوصفها مسبباً رئيساً للأخطار]، وذلك مرده إلى عوامل عدة، من بينها أن النمذجة الحاسوبية الافتراضية لا تأخذ في عين الاعتبار التحلل والتفكك الذي تتعرض له "الفورمالديهايد" وتحولها إلى مركبات أخرى في الجو [نتيجة تفاعلها مع الأشعة فوق البنفسجية مثلاً والأوكسجين وغيرها من مواد كيماوية]، إضافة إلى وجود بعض الشكوك حول تقييم أخطارها السرطانية، و"الافتراضات المتشددة جداً" الموجودة في النماذج المستخدمة. كذلك أشارت إلى تدابير تنظيمية إضافية ربما تفرضها الوكالة بموجب قانون الهواء النظيف.

ويذكر أن تركيزات "الفورمالديهايد" في الهواء أقل بأشواط من التركيزات اللازمة لإحداث تأثيرات سلبية في البيئة. كذلك لا تدوم هذه المادة طويلاً في الماء أو الرواسب أو التربة، ما يقلص أخطار التعرض للنباتات والحيوانات والبيئة بصورة عامة. ولم تجد الوكالة أي ضرر بيئي كبير من شأنه أن يقود إلى تصنيف "الفورمالديهايد" كمادة تشكل خطراً غير معقول.

"بناءً عليه، وبعدما أخذت الوكالة في الحسبان الاعتبارات كافة المذكورة آنفاً، خلصت إلى أن تعرض السكان بصورة عامة للهواء المحيط في ظل استخدام "الفورمالديهايد" لا يسهم بصورة كبيرة في الأخطار غير المعقولة التي تسببها هذه المادة"، وفق "وكالة حماية البيئة".

© The Independent

المزيد من صحة