باتت حكومة الوحدة الوطنية، السيناريو المحتمل لأكبر حزبين متنافسين على الانتخابات المقبلة، الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو وحزب "أزرق – أبيض" برئاسة بيني غانتس، وذلك في ضوء تراجع شعبية قادة الأحزاب في إسرائيل، وعدم حصول أي منهم على أكثرية مطلقة، تمكّنه من تشكيل حكومة.
ودعا سياسيون وأمنيون إلى تفاهمات بين الأحزاب للاتفاق على حكومة وحدة وطنية، لكن المعارضة الأكبر جاءت من الجمهور الإسرائيلي، الذي أبدى عدم ثقة بقادة الأحزاب.
فقد عبّر 52 في المئة عن معارضتهم تشكيل حكومة وحدة وطنية بين الليكود و"أزرق – أبيض"، وبرئاسة بنيامين نتنياهو، في حال حصل حزبه على أكثرية في الانتخابات المقررة بعد حوالى شهر ونصف الشهر، فيما عبّر 34 في المئة عن تأييدهم لهذه الحكومة.
وكان أول المطالبين بتشكيل حكومة وحدة، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، الذي ما زال يشكل عقبة كبيرة أمام نتنياهو في تشكيل الحكومة.
اللافت في استطلاعات الرأي أن 55 في المئة من ناخبي أحزاب الوسط - اليسار و48 في المئة من ناخبي اليمين، يعارضون تشكيل حكومة وحدة. من هذه المعطيات تبيّن أن 49 في المئة من ناخبي حزب الليكود يعارضون تشكيل حكومة وحدة، وهنا تكمن المشكلة إذ يمثّل هذا المعطى عقبة أمام نتنياهو تمنعه من التجاوب مع أي مطلب يدعو إلى تشكيل "حكومة وحدة"، خشية خسارة نسبة كبيرة من داعميه.
وفي آخر استطلاع للرأي، اتّضح أن أحزاب اليمين والمتدينين كافة ستحصل على 57 مقعداً من دون حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان، الذي يرفض الدخول إلى حكومة تشارك فيها أحزاب المتدينين. أما حزب "أبيض – أزرق" المنافس لنتنياهو، فقد منحته استطلاعات الرأي 29 مقعداً، ولن يتجاوز 42 مقعداً إذا تحالف مع أحزاب الوسط –اليسار، ما يعني عدم قدرته على تشكيل حكومة. أما نتنياهو، فتمنحه استطلاعات الرأي أكثرية في المقاعد، لكنها أيضاً لا تمكّنه من تشكيل الحكومة.
استبدال نتنياهو
في ظل الأوضاع التي تشهدها الخريطة الحزبية والانتخابية في إسرائيل، تعالت الأصوات الداعية إلى عزل نتنياهو سياسياً، وبعضها رفع شعار "نتنياهو انتهى تاريخه"، لكن أنصاره هبّوا لإنقاذه، فوقّع الآلاف على تعهد بعدم ترشيح شخص غيره لرئاسة الحكومة، في محاولة لإحباط أي مسعى محتمل لاختيار بديل منه في حال لم يتمكن من تشكيل حكومة، بعد الانتخابات.
وجاء في تعهد الليكوديين "نحن الموقّعون أدناه، المرشحون في قائمة الليكود للكنيست الـ22، نشدد على أننا لن نقبل أي إملاءات من أي حزبٍ آخر. ومن دون علاقة بنتائج الانتخابات، فإن رئيس الحكومة ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو هو مرشح الليكود الوحيد لرئاسة الحكومة ولن يكون أيّ مرشح غيره".
وبحسب مصادر إعلامية، ينوي مقربو نتنياهو اتخاذ خطوة يُلزمون فيها جميع مرشحي الليكود بتصريح خاص يؤكدون فيه الالتفاف خلف نتنياهو في منافسته على رئاسة الحكومة ودعمه، في ما بعد، في تشكيل الحكومة.
السيناريوهات المحتملة
اختلف الخبراء والسياسيون في إسرائيل حول السيناريوهات المحتملة للحكومة المقبلة لكن الغالبية رجحت أنّ "حكومة الوحدة" ستكون الحل الأفضل، بل الوحيد لحل أزمة الحكومة الإسرائيلية.
الخبير السياسي بن كسبيت وضع سيناريوهات عدة متوقعة بعد انتهاء جولة الانتخابات، وتحويل الملف إلى الرئيس رؤوفين ريفلين لاختيار الشخص الذي سيشكل الحكومة.
ورأى أن السيناريو الأول "تشكيل حكومة وحدة بتحالف الليكود و"أزرق – أبيض" ورئاسة بنيامين نتنياهو، الذي تعطيه استطلاعات الرأي العدد الأكبر من المقاعد". وقد يطلب ريفلين من نتنياهو وغانتس تشكيل مثل هذه الحكومة، إلاّ أنّ هناك احتمالاً بفشل هذا السيناريو لكون قادة "أزرق- أبيض" تعهدوا بعدم الانضمام إلى حكومة يرأسها نتنياهو، في ظل لوائح الاتهام التي تلاحقه. وبهذه الوضعية، سيجد أعضاء هذا الحزب أنفسهم، وفق كسبيت، أمام معضلة صعبة، خصوصاً إذا حصل حزبهم على مقاعد متساوية مع مقاعد الليكود.
ونقل كسبيت عن شخصيات كبيرة في حزب "أبيض- أزرق"، قولها "إن الحزب ناقش هذه الإمكانية ولم يصل إلى قرار بخصوص قبولها أو رفضها".
السيناريو الثاني المتوقع هو تشكيل حكومة وحدة بالتناوب بين نتنياهو وغانتس، وهو مقترح قد يتقدم به أعضاء حزب غانتس، شرط أن يكون هو الأول، حتى يتفرغ نتنياهو لملفاته القضائيّة والمحاكمات المحتملة.
هذا السيناريو قد يرفضه نتنياهو.
السيناريو الثالث يأتي في أعقاب بعض الخلافات التي يواجهها نتنياهو داخل حزبه وتوقعات هذا السيناريو هو حصول انقلاب داخل الليكود وفي هذا السيناريو، كتب كسبيت "تزداد حدّة المعضلة التي يواجهها حزب غانتس، في حال أصرّ أعضاؤه على مبادئهم برفض الانضمام إلى حكومة مع نتنياهو، فهناك احتمالات جيدة لوصول مرحلة نتنياهو إلى نهايتها، وسيتحول "بطّة عرجاء" سينتفض الليكود ضدّها في نهاية المطاف".
وتابع "مكانة نتنياهو كرئيس للحكومة والليكود صامدة طالما أنه قادر على التفوق والفوز برئاسة الحكومة".
وتبدو حظوظ هذا الخيار، بحسب كسبيت، هي الأكبر، لكنّ السؤال الذي يبقى مفتوحاً، أيهما سيتفوق على الآخر نتنياهو أم غانتس؟