Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإثيوبيون يموتون جوعا في تيغراي والمساعدات الغذائية معلقة

على رغم توقيع اتفاق السلام ما زال الإقليم يعاني نقص المواد الغذائية

قافلة مساعدات غذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعبر إلى تيغراي في يونيو 2022 (أ ف ب)

ملخص

المساعدات تدخل بالقطارة إلى إقليم تيغراي في إثيوبيا وسط تحذير المنظمات الإنسانية من ظروف أقرب إلى المجاعة أدت إلى وفاة كثيرين نتيجة سوء التغذية

توسلت سيدة أربعينية للحصول على قليل من الماء يروي ظمأها وهي ممددة على سرير المستشفى في إقليم تيغراي بإثيوبيا، لكن الوهن الذي سببه الجوع لم يتح لعضلاتها أن تساعدها على الشرب، إلى أن أسلمت الروح بعد أربعة أيام من ذلك.

تختصر قصة هذه السيدة، وهي أم لخمسة أطفال كانت في الـ45 من العمر، وفق ما رواها أحد أقاربها، معاناة أهل تيغراي مع الجوع منذ بدء النزاع في الإقليم، وهي معاناة مرجح أن تزداد بعد قرار واشنطن وبرنامج الأغذية العالمي تعليق جزء من المساعدات الغذائية على خلفية تحويل مسارها وعدم وصولها إلى مستحقيها.

وفي ظل منع الصحافيين من زيارة تيغراي لا يمكن التحقق بشكل مستقل من ظروف وفاة هذه المرأة وفق ما رواها ابن شقيقها دستا هايلو لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويؤكد هايلو الذي طلب استخدام اسم مستعار خلال حديثه عبر الهاتف، أن أولاد المرأة الذين لا يتجاوز عمر أصغرهم السنوات الخمس، باتوا أيتاماً يعتمدون على ما قد يوفره لهم أقارب يعانون بدورهم لتأمين قوت يومهم.

شبه مجاعة

ويقول الأستاذ الجامعي في بلدة آديغرات الحدودية مع إريتريا، إن آخر وجبة تناولها كانت قبل 48 ساعة، واقتصرت على الخبز والشاي.

ويؤكد أنه غالباً ما يمتنع وزوجته عن تناول وجبات خلال اليوم لضمان توافر الطعام لأولادهم، لكن ذلك لا يكفي.

ويوضح الرجل البالغ من العمر 40 سنة أن ابنه "يشكو دائماً من الجوع ويريد أن يأكل حصة شقيقته الصغيرة أيضاً".

ومنذ أكثر من عامين، يعاني إقليم تيغراي، حيث يقطن ستة ملايين نسمة، نقصاً في المواد الغذائية.

وخلال الحرب التي شهدها إقليم تيغراي اتهم محققو الأمم المتحدة الحكومة الإثيوبية بتجويع المدنيين عمداً من خلال فرض حصار في الأقليم الواقع بشمال البلاد.

وباتت المساعدات تدخل بالقطارة إلى الإقليم وسط تحذير المنظمات الإنسانية من ظروف أقرب إلى المجاعة. إلا أن الحكومة نفت هذه الاتهامات، وحملت السلطات المتمردة في الإقليم مسؤولية الاستيلاء على المساعدات الغذائية لرفد مجهودها الحربي.

تعليق المساعدات

وأثار اتفاق سلام تم توقيعه بين الطرفين المتحاربين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي آمالاً بتحسن الأوضاع في الإقليم مع توقف القتال وعودة الكهرباء والاتصالات والمصارف للعمل تدريجاً. إلا أن ذلك لم ينعكس على وضع الغذاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتؤكد نيغيستي سولومون المتطوعة في أحد مراكز توفير الطعام الممولة من منظمة "تيغراي أكشن كوميتي" في الولايات المتحدة، أن "عدد الذين يأتون إلى مراكز الغذاء يزداد".

وتوضح سولومون أن المخزون محدود إلى درجة تدفع لرد طلبات عديد منهم، مما يضطرهم للجوء إلى الشوارع، حيث بات اعتيادياً رؤية متسولين باحثين عن الطعام يعانون سوء التغذية.

وفي الثامن من يونيو (حزيران) أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" تعليق تقديم المساعدات الغذائية لإثيوبيا، مبررة الخطوة بـ"حملة واسعة النطاق ومنسقة" لتحويل مسار الإمدادات وعدم إيصالها للمحتاجين. وغداة ذلك، صدر إعلان مماثل من برنامج الأغذية العالمي.

ولم يحدد الطرفان المسؤول عن ذلك. ورفض برنامج الأغذية العالمي طلب وكالة الصحافة الفرنسية إجراء لقاء بهذا الشأن. كذلك، بقيت استفسارات الوكالة من الوكالة الأميركية للتنمية أو الحكومة الإثيوبية من دون أي رد.

الطعام مفقود

ويشير هايلو وسولومون إلى أنهما شاهدا بأم العين مساعدات تم التبرع بها مثل البطانيات، معروضة للبيع، وأن من يقومون ببيعها يعللون ذلك بحاجتهم إلى المال لشراء الطعام والأدوية أو حتى الصابون.

ويقول هايلو إن "الناس أصابهم اليأس، يريدون البقاء على قيد الحياة. يريدون أن يملؤوا معدتهم".

ويقول أطباء إن عدداً من المرضى الذين كانوا يعانون سوء التغذية، توفوا على رغم أن حالاتهم كانت قابلة للعلاج، إذ إن الوهن الذي أصاب أجسادهم جعل تعافيهم من الجراحة أمراً غير ممكن.

ويقول الجراح قايم جبري سيلاسي في آديغرات، إن أحد مرضاه توفي قبل شهر خلال عملية جراحية روتينية بسبب تعفن للدم زادته سوءاً معاناته من الجوع.

ويوضح "في هذه الظروف لا يمكن إجراء جراحة بثقة. نقول للمرضى إن عليهم الأكل بشكل أفضل، لكنهم يقولون إن الطعام مفقود".

الموت جوعاً

وفي ظل توقف دفع الرواتب منذ أشهر يعاني جبري سيلاسي بدوره لتوفير قوت عائلته. وفي ظل نقص المواد الغذائية، التقط ابناه اللذان يبلغان من العمر سنتين وست سنوات، التهابات فطرية زادها حدة سوء التغذية.

ويعتبر أن قرار تعليق المساعدات هو "حكم بالإعدام" على كثيرين في تيغراي، وإن كان هذا التعليق جزئياً كما فعل برنامج الأغذية العالمي.

ويضيف "لمعاناة الأمهات من سوء التغذية انعكاس مدمر على المجتمع. نرى أطفالاً يعانون نقصاً حاداً في الوزن لا يقدرون على التنفس بشكل جيد"، متابعاً "ثمة خطر من مضاعفات كثيرة لأن الأطفال الذين يعانون نقص الوزن غير قادرين على النمو بشكل مناسب".

بالنسبة إلى هايلو، يحمل كل يوم معه مزيداً من القلق والضغوط، في اختلاف جذري عن الحياة التي كان اختبرها قبل اندلاع النزاع في عام 2020.

خلال الحرب فقد قريبة لوالدته، ولحقتها عمته. والسيدتان اللتان كانتا في العقد الخامس، توفيتا للسبب ذاته: سوء التغذية.

بات هذا الهاجس يؤرق هايلو الذي يبحث بشكل متواصل عن غذاء يضمن لأولاده يوماً إضافياً بعيداً من شبح الموت. ويقول "إذا استمر الوضع على حاله، أخشى أن أخسر أبنائي بسبب الجوع. سيموتون أمام عيني".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير