Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

28.8 مليار دولار خسائر وأضرار الحرب الإثيوبية في تيغراي

دراسة حكومية: برنامج إعادة الإعمار يحتاج 20 ملياراً

يحتاج إقليم تيغراي إلى 20 مليار دولار لإعادة إعمار البنى التحتية فيه (أ ف ب)

ملخص

كشفت دراسة حديثة أعدتها جامعة أديس أبابا بالتعاون مع وزارتي الدفاع والتخطيط الإثيوبيتين عن حجم الخسائر الاقتصادية وكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الحرب الأخيرة، إذ بلغت نحو 28.8 مليار دولار أميركي، في حين قدرت كلفة إعادة الإعمار بما يصل إلى 20 مليار دولار.

على رغم انتهاء الحرب في إقليم تيغراي الإثيوبي بين الجيش النظامي وحلفائه من جهة، والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من جهة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إلا أن البلاد لا تزال تعيش تحت وطأة تداعيات تلك الأزمة الأهلية المكلفة، إذ تسببت في تدمير البنى الأساس وعبثت بالنسيج الاجتماعي والوطني، علاوة على تدميرها الكبير لاقتصاد الدولة، إذ لا تزال الخدمات الضرورية غائبة في معظم مناطق الإقليم، فضلاً عن إقليمي العفر وأمهرا اللذين امتدت إليهما شرارة المواجهات.

وكشفت دراسة حديثة أعدتها جامعة أديس أبابا بالتعاون مع وزارتي الدفاع والتخطيط في إثيوبيا عن حجم الخسائر الاقتصادية وكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الحرب الأخيرة، والتي بلغت نحو 28.8 مليار دولار أميركي، في حين قدرت كلفة إعادة الإعمار بما يصل إلى 20 مليار دولار.

وغطت الدراسة المناطق المتضررة من الحرب بهدف تقدير الخسائر الاقتصادية والأضرار الاجتماعية مثل التعليم والصحة والإنتاجية، بما في ذلك الزراعة والصناعة والتجارة، علاوة على البنية التحتية وبخاصة النقل والكهرباء والمياه.

منتدى الإعمار

وأُعلن عن الدراسة الموسعة للأضرار التي لحقت بالبلاد خلال منتدى تشاوري عقد بأديس أبابا الثلاثاء الماضي، 13 يونيو (حزيران) الجاري، لمناقشة النتائج بحضور شركاء التنمية الدوليين ومعظمهم من الدول الغربية، وكذلك المنظمات الأممية بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إضافة إلى الهيئات المحلية الممثلة لمختلف القطاعات المتضررة.

وأعلنت الحكومة خلال المنتدى برنامجاً بقيمة 20 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، لإعادة بناء المناطق المتضررة من الحرب، وفق مداخلة وزير المالية أحمد شيد الذي اعترف بأن الكلفة ستكون أعلى من قدرة حكومته على الالتزام، ودعا أصحاب المصلحة وشركاء التنمية إلى "الإسهام في إنجاح البرنامج".

وعلى رغم التعهدات الدولية بمساعدة إثيوبيا على النهوض باقتصادها إثر توقيع اتفاق السلام الشامل في مدينة بريتوريا الجنوب أفريقية، إلا أن الإسهامات الدولية التي تم تنفيذها بالفعل قليلة، بينما لم يتم الالتزام ببقية التعهدات لأسباب اقتصادية ومالية وسياسية، بما فيها "ضرورة تزامن المساعدات مع حجم التطورات على الأرض في ما يتعلق بتنفيذ اتفاق السلام والانتقال الديمقراطي".

وأسهمت الحرب الروسية - الأوكرانية في تراجع الدعم الدولي لإثيوبيا، إذ تراجعت الأخيرة من قائمة أولويات الجهات الداعمة، بحسب آراء بعض المتداخلين في المنتدى. 

وكشفت الدراسة الحديثة أن أضرار الحرب "لم تقتصر على إقليم تيغراي بل ألحقت أضراراً شديدة بولايتي عفار وأمهرة الإقليميتين بعد أن امتدت إلى كلتيهما خلال النصف الأول من عام 2021، كما لم تفلت الأقاليم الأخرى من العنف العسكري على مدى السنوات الخمس الماضية". 

وتمضي الدراسة قائلة إنه "على رغم توقف القتال في تيغراي عبر توقيع الاتفاق بين الحكومة الفيدرالية وجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي قبل تسعة أشهر، لكن الحروب والصراعات استمرت بشكل رئيس في منطقة أوروميا"، لافتة إلى تواصل القتال ضد "جيش تحرير أورومو على رغم المحاولات الواعدة لجولة المحادثات الأولى التي جرت في تنزانيا، كما اندلعت مواجهات عسكرية في مناطق أخرى مثل إقليم الأمهرا إثر محاولة الحكومة إعادة هيكلة القوات الإقليمية تطبيقاً لـ ’اتفاق بريتوريا‘ كما تشهد مناطق جامبيلا وبن شنقول والإقليم الصومالي"، وكذلك الأشكال المختلفة من الصراعات العسكرية على مدار السنوات الماضية والتي تحد من إمكان التعويل على برنامج الإعمار المعلن.

أزمة ذهنية 

بدوره رأى المتخصص في الشأن الإثيوبي جيداون بيهون أن "التحدي الأبرز لبرنامج الإعمار الحكومي يكمن في كونه قائماً على قراءة الأضرار التي حدثت خلال حرب تيغراي، لكنه لا يستحضر أن الحروب لا تزال قائمة في أكثر من أربعة أقاليم أخرى"، مضيفاً أن "النظام في إثيوبيا دوماً منشغل بمعالجة التداعيات فيما البلاد تعاني أزمات ذات طابع بنيوي".

ويعتقد بيهون أن "تاريخ الأنظمة الإثيوبية شاهد على محاولة حسم الأزمات كافة عبر استخدام القوة، عوضاً عن اعتماد الوسائل السلمية الأكثر نجاعة والأقل كلفة"، منوهاً بأن "النظام الذي لا يدرس التجارب بشكل موضوعي ونقدي غالباً ما يكرر الأخطاء بذات الطريقة متوقعاً نتائج مغايرة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذهب جيداون بعيداً في تحليل الأزمات الإثيوبية التي ظلت تنتج صراعات مسلحة، مؤكداً أن "أس المسألة تتعلق بالذهنية المأزومة للحكام"، وكذلك غياب "الشرعية السياسية المعتمدة على تحقيق إرادة الإثيوبيين"، فضلاً عن الفشل "في إدارة التنوع الإثني والديني والسياسي" الذي تحول إلى مشكلة بدلاً من أن يمثل "قيمة مضافة من خلال استثماره ثقافياً وسياحياً". 

ويتوقع المتخصص بالشأن الإثيوبي أن تشهد الأقاليم الأخرى مصيراً مماثلاً لإقليم تيغراي، مشيراً إلى "الحرب الجارية بصمت في إقليم أوروميا على رغم بدء جولة محادثات أولى خلال أبريل (نيسان) الماضي، بين الحكومة وجيش تحرير أوروميا"، لافتاً إلى أن ذهنية قادة الحركات المسلحة في أكثر من إقليم أضحت تدرك "أن نظام أديس أبابا لن يستجيب للحوار أو تحقيق مطالبها إلا بعد تحقيقها انتصارات معنية على الأرض"، مما يعني أن مسارات الحوار تظل موصدة الى حين تأكيد "قدرة تلك الحركات على إحداث أضرار جسيمة بمقدرات البلاد".

قبل الإعمار 

وقال بيهون إن "ثمة ضرورة ملحة لتجاوز ذهنية الغالب والمغلوب قبل التفكير في تبني أي مشروع إنمائي"، مشيراً إلى أن من يسمون شركاء إثيوبيا التنمويين لن يقدموا المال الكثير قبل التأكد من جدية النظام في تبني مشروع سياسي تشاركي يحدث قطيعة مع الممارسات السابقة، وعلى رأسها القناعة المترسخة بفرض الحلول الأمنية والعسكرية للأزمات الداخلية.

بدورها قالت الباحثة الإثيوبية أبيبيش بكيلي إن "الاعتماد على الداعمين الدوليين لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب يظل رهاناً خاسراً"، داعية أديس أبابا إلى إيجاد بدائل أخرى من بينها "تجنب تصعيد الأزمات الداخلية إلى حروب مفتوحة". 

ونوهت أبيبيش، وهي إحدى المشاركات في إعداد الدراسة، بأن العالم يشهد أزمات كبرى من بينها الحرب الروسية - الأوكرانية، وبالتالي فإن الاهتمام الدولي بأزمات إثيوبيا سيبدو ضعيفاً للغاية مقارنة بالسابق"، مشيرة إلى أن "ما خلفته حرب تيغراي من دمار البنى التحتية علاوة على الأضرار الاجتماعية والنفسية لم يمنع قيام حروب أخرى في الأقاليم المجاورة"، لتخلص إلى "أن القوى السياسية الإثيوبية لم تستوعب الدرس بعد".

خسائر وأضرار

وترى الباحثة الإثيوبية أن ثمة أضراراً تتجاوز الخسائر الاقتصادية والمالية، مؤكدة أنها "أكثر أثراً" من غيرها، ومشيرة إلى "الأضرار الاجتماعية الناتجة من الحرب، إذ تعبث بالنسيج الاجتماعي الإثيوبي وتهدد بقاء الدولة موحدة حال استمرار هذه الصراعات"، منوهة كذلك "بالآثار النفسية التي تصيغ وعي الجيل الشاب حول وطنه".

وأكدت أبيبيش أن "السياسيين قادرون على طي صفحة الاحتراب بيسر والذهاب إلى عقد الاتفاقات، لكن هناك جيلاً شاباً يعد بمئات الآلاف تم توريطه في مجريات الحرب، ولن يتحرر بيسر من آثارها، وكذلك لن يتجاوز بسهولة تعريفات الحليف والعدو، بخاصة أنه كان شاهداً على وفاة الآلاف من رفاقه". 

وأشارت أبيبيش إلى أنه "على رغم فداحة الخسائر المادية والاقتصادية للحرب الأخيرة، والتي يمكن حصرها بالأرقام كما في الدراسة، إلا أن ما لا يمكن تقديره بأرقام هو الآثار النفسية والاجتماعية"، داعية النخب السياسية الإثيوبية كافة سواء المؤيدة أو المعارضة "إلى العمل على تجاوز مساحة الاحتراب وتغليب لغة الحوار"، ولافتة إلى أن الأمر يتطلب "تنازلات مهمة من كل الأطراف ولا سيما الحزب الحاكم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات