تسبّب إعلان النائب الأميركي ويل هيرد عن انسحابه من سباق انتخابات مجلس النواب في مقاطعته بولاية تكساس للعام 2020، في توليد حالة ارتباك في صفوف جمهوريّي الكونغرس.
يعتبر هيرد العضو الأسمر الوحيد في مجلس النواب الأميركي من الحزب الجمهوري، ويعد انسحابه الأحدث في سلسلة من انسحابات ستجعل محاولات الجمهوريين لاستعادة مجلس النواب من سيطرة الديمقراطيين في العام المقبل أصعب بكثير.
وتعرف المقاطعة 23 التي يمثلها ذلك الضابط السابق في "وكالة الاستخبارات المركزية" (= "سي آي إيه") تغيّرات سياسيّة شبه مستمرة. وتعتبر أيضاً إحدى أكبر المقاطعات في البلاد، إذ تمتد من "سان أنطونيو" إلى مشارف مدينة "إل باسو"، وتشمل مئات الأميال من الحدود مع المكسيك. ديموغرافيّاً، يمثل المواطنون المتحدرون من أصول ترجع إلى بلدان أميركا اللاتينية (أو الأميركيون- اللاتينيّون) 70% تقريبا من سكان المقاطعة، وقد فازت بها هيلاري كلينتون بنحو 3.5 نقطة مئوية في انتخابات الرئاسة 2016.
في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام الماضي، كان هيرد واحدا من ثلاثة أعضاء جمهوريين الذي فازوا في مقاطعات كانت كلينتون، وليس الرئيس ترمب، من فاز بها في الرئاسيات. وعلى الرغم ذلك، لم يكن فوز هيرد في المقاطعة في 2018 عريضاً، إذ أعيد انتخابه بفارق لا يتجاوز الـ1000 صوتاً.
وباعتباره واحدًا من عدد متضائل من الجمهوريين المعتدلين والمستعدين للوقوف في وجه ترمب، ربما لم يعد هيرد مستعداً للدخول في معركة حامية اخرى مع الرئيس. في السابق، وجّه ذلك العضو في الكونغرس انتقادات إلى الرئيس بسبب هجمات الأخير على مصداقية أجهزة الاستخبارات، ودعوته إلى بناء جدار حدودي مع المكسيك، وتغريداته العنصرية ضد أربعة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيّين التقدميين.
في ذلك الإطار، يذكر أن الرئيس ترمب دعا النائبات أليكسندرا أوكاسيو كورتيز (نيويورك) وإلهان عمر (مينيسوتا) وراشدة طليب (ميشيغان) وآيان بريسلي (ماساتشوستس)، إلى "العودة" من حيث أتين. ويُشار إلى أن النائبات الأربعة مواطنات أميركيات، وقد وُلِدْن جميعهن باستثناء عمر، في الولايات المتحدة. وقد أصبحت نائبة مينيسوتا مواطنة أميركية عندما كان عمرها 17 عامًا. وفي إطار تلك الأزمة، كان هيرد واحداً من أربعة أعضاء جمهوريين تفرّدوا بالتصويت لصالح قرار يدين تغريدات ترمب العنصرية.
في المقابل، تتجاوز مشاكل الحزب الجمهوري حدود المقاطعة التي يمثّلها النائب هيرد. إذ قرر تسعة من أعضائه التقاعد بدلاً من السعي إلى إعادة انتخابهم، منذ نهاية الدورة الانتخابية في 2018. وقد اتخذ ستة من أولئك التسعة قراراتهم في الأسبوعين الأخيرين، من بينهم العضو الجمهوري الآخر من تكساس بيت أولسون، وسوزان بروكس من إنديانا، ويمثّل كلاهما مقاطعتين قد تذهبان إلى الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020.
في سياق متّصل، أعلنت النائبة مارثا روبي من ولاية ألاباما استقالتها، ما يعني رحيل اثنتين من أصل 13 عضوة جمهوريّة في مجلس النواب. وفي انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 2018، انتُخِبَتْ نائبة واحدة في قائمة الجمهوريين، على الرغم من إدراك الحزب حاجته إلى تعزيز تمثيله نسائيّاً في الكونغرس.
وبالمقارنة، نجح الديمقراطيون في إيصال عدد قياسي من النساء إلى الكونغرس في 2018. وكذلك كانت كتلة النواب الديمقراطيين الأكثر تنوعًا منذ سنوات طويلة، في حين هيمنت صورة الرئيس على المنتخبين الجمهوريين بمعنى أن غالبيتهم تكوّنت من ذكور بيض. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الحزب الذي يملك الغالبية في مجلس النواب، يسيطر فعليًا على كل أعمال المجلس، ما يعني أن الانتماء إلى إحدى الأقليّات أمر لا ينطوي على كثير من المرح. ومن ناحية ثانية، تعتبر نتائج انتخابات المجلس مؤشّراً أيضاً على سياسات الرئيس.
وكخلاصة، يواجه الجمهوريون منذ فترة مهمة صعبة قوامها استعادة السيطرة على مجلس النواب في 2020، واحتمالات نجاحهم في ذلك تتراجع مع كل انسحاب من صفوفهم.
© The Independent