Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائرية بوباشا ألهمت بيكاسو وتحرك كينيدي لأجلها

قيمة لوحتها تقدر حالياً بـ435 مليون دولار ورفضت كل المناصب المعروضة عليها

"خليدة" الاسم الحركي للمقاومة جميلة بوباشا عادت إلى الواجهة في الجزائر بعد رفضها عضوية مجلس الأمة (مواقع التواصل)

ملخص

المقاومة الجزائرية خلال الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي جميلة بوباشا اكتسبت احتراماً تاريخياً ليس بين الجزائريين فقط بل من العالم أجمع وألهمت بيكاسو فخلدها بلوحة مميزة لها... فما قصة تلك المناضلة العربية؟

ليست ككل الجزائريات لكنها سيدة من طراز فريد فلم يكن غريباً أن يخلدها الفنان العالمي بابلو بيكاسو بلوحة مميزة، أو أن يكتب عنها جون بول سارتر وسيمون دي بوفوار، ويتحرك من أجلها مؤسس الجمهورية الصينية ماو تسي تونغ والرئيس الأميركي جون كينيدي، ويتحدث عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأكبر مثقفي وسياسيي العالم.

الحديث هنا عن المقاومة الجزائرية خلال الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي جميلة بوباشا التي رفضت منصباً من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وفضلت البقاء مواطنة عادية وليس فوق العادة.

عادت "خليدة" الاسم الحركي للمقاومة جميلة بوباشا، إلى الواجهة في الجزائر بعد أن عرض عليها منصب عضو بمجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان؛ تكريماً لها ولنضالها ضد الاستعمار الفرنسي لبلادها، لكنها اعتذرت وشكرت الذين وضعوا فيها الثقة، لكنه ليس الرفض الأول فقد سبق واعتذرت عن عدم قبول أي منصب منذ استقلال بلادها في 1962.

آنذاك قالت بوباشا "أريد أن أبقى وفية لإخواني وأخواتي الشهداء، لا أريد أن يشار على أنني تلك البطلة، ما هي قيمة ما أصابني أمام ما أصابهم، لقد ضحوا بكل ما يملكونه". وأضافت، "لقد خدمت بلادي كمجاهدة إلى جانب إخوتي وأخواتي وعدت بعدها إلى حياتي كمواطنة وأريد أن أبقى كذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حفاظها على أمانة رفاقها في الكفاح والمقاومة جلب لها مزيداً من الاحترام، وهي التي التحقت بالثورة التحريرية عام 1955، وكان عمرها 17 سنة، لكن تم اعتقالها في 9 فبراير (شباط) 1960 من طرف القوات الفرنسية بينما كانت تحمل قنبلة لوضعها في قاعة مسرح "ابن خلدون" بوسط الجزائر العاصمة، ليتم الحكم عليها بالإعدام في 1961، وقد تعرضت إلى أبشع أنواع التعذيب خلال فترة سجنها.

تعاطف دولي

تطوع كثير من المحامين للدفاع عنها بعد التعذيب الذي تعرضت له، وفي مقدمتهم المحامية اليهودية التونسية الفرنسية جيزال حليمي، التي دولت قضيتها وكشفت عن معاناتها أمام العالم، حتى أن الرئيس الأميركي كينيدي والزعيم الصيني ماو تسي تونغ، تفاعلا مع قضيتها وأرادا أن يتدخلا للدفاع عنها، وقد أفلتت من تنفيذ الحكم بعد توقيع اتفاق "إيفيان" بين الحكومة الجزائرية الموقتة وفرنسا تمهيداً للاستقلال، وغادرت السجن في 1962.

وتعاطف العالم كله مع جميلة بوباشا، وفي مقدمتهم الكاتب الفرنسي جون بول سارتر، والكاتب لويس أراغون، إضافة إلى الكاتب المارتينيكي إيمي سيزير، وعالم الأنثروبولوجيا جيرمين تيليون، وغيرهم من مثقفين وسياسيين. لقد اهتز العالم إزاء معاناتها ووبخت فرنسا لأجلها بسبب التعذيب الذي تعرضت له، وعلى رغم ذلك تجنبت الأضواء والشهرة وهي التي كان بإمكانها تكوين ثروة.

اعتراف ماكرون

الفيلسوفة والكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار، نشرت في عام 1960 مقالاً مطولاً في صحيفة "لوموند" الفرنسية حمل عنوان "من أجل جميلة بوباشا"، جاء فيه أنه "في ليلة 10 إلى 11 فبراير، اقتحم نحو 50 حارساً ومفتشاً فرنسياً المنزل الذي تعيش فيه جميلة مع والديها، ضربوها هي ووالدها وصهرها، لقد داس الجنود، بمن فيهم نقيب المظليين، على جميلة وحطموا ضلعها".

 وأضافت، "وضع الفرنسيون على جسد جميلة بوباشا أقطاباً كهربائية متصلة بأطراف الثديين والساقين والمناطق الحساسة والوجه والفخذ، إضافة إلى توجيههم لكمات لها وحروق بالسجائر، ثم تم تعليقها وسط حوض الاستحمام وعذبوها بأبشع الطرق، وكل ذلك حدث في مكان سري لم يعلم به أحد".

بعد الاستقلال وبالتعاون مع المحامية جيزال حليمي، عرضت جميلة بوباشا قضية تعذيبها على القضاء الفرنسي، ما تسبب في فضيحة جلبت اهتماماً محلياً ودولياً واسعاً، وانطلقتا برفقة الكاتبة سيمون دي بوفوار، في حشد الرأي العام من أجل محاكمة الحكومة الفرنسية لخرقها المادة 344 من قانون العقوبات، إذ إن الإعلان عن استخدام الفرنسيين للتعذيب كان مديناً بشكل خاص نظراً إلى أن باريس وقعت ثلاث وثائق دولية تدين التعذيب.

ولم تتوقف قصة بوباشا مع فرنسا عند استقلال بلادها في 1962، بل لا تزال مستمرة، إذ اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتعرض الرمز جميلة بوباشا للتعذيب والاغتصاب من قبل الجنود الفرنسيين إبان الثورة التحريرية الجزائرية. وقال في كلمة ألقاها بباريس بمناسبة إحياء ذكرى المحامية جيزال حليمي، إن هذه الأخيرة سارعت لنجدة جميلة بوباشا التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب بعد اعتقالها عند محاولتها وضع قنبلة بالقرب من مسرح بيار بورد سابقاً، ابن خلدون حالياً.

لوحة بيكاسو

شجاعة ومعاناة "جميلة" ألهمت الرسام العالمي بابلو بيكاسو، الذي رسمها في لوحة رائعة تقدر قيمتها حالياً بـ400 مليون يورو (435.7 مليون دولار)، إذ كان على علاقة كبيرة بالجزائر، وأقام فيها عديد المرات سواء للاستراحة أو للعمل، أو هارباً من أجهزة أمن بلاده.

زار بيكاسو الجزائر عام 1944، في رحلة بدأت من العاصمة وانتهت به في إحدى المستعمرات الزراعية التي كان يملكها أحد أصدقائه في مدينة مدريسة نحو 60 كيلومتراً عن مدينة تيارت غرب البلاد، ووجد مكاناً جميلاً عند أصدقائه الإسبان الذين رحبوا به هناك.

كما زار بيكاسو الجزائر عام 1953، ورسم لوحته الشهيرة "نساء الجزائر"، كما خلد "جميلة بوباشا" عام 1961 بلوحة فنية في عمل تضامني بعد التعذيب الذي تعرضت له من طرف الاستعمار الفرنسي، ثم ضد حكم الإعدام، وهي اللوحة التي ظهرت على الصفحة الأولى من جريدة "الرسائل الفرنسية" في الثامن من فبراير 1962.

وفي يوليو (تموز) 2008، عرضت صورة "بوباشا" في المتحف الوطني العام للفن الحديث والمعاصر بالجزائر العاصمة بمناسبة معرض كبير بعنوان "الرسامون الدوليون والثورة الجزائرية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير