Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطاقة ثم المياه... المصائب تتتابع على البريطانيين

انهيار محتمل لأكبر شركة لإمداد البيوت بخدمات الشرب والصرف الصحي وكل الخيارات مفتوحة بما فيها "إعادة التأميم"

يواجه ما يصل إلى 56 في المئة من البريطانين مشكلة في القدرة على دفع فواتير المياه (أ ف ب)

ملخص

تواجه الشركة الأكبر لتوزيع المياه والصرف الصحي في بريطانيا مخاطر الانهيار

تستعد الحكومة البريطانية لكل الخيارات في مواجهة احتمال انهيار شركة "تيمز ووتر"، أكبر شركة لإمداد البيوت في بريطانيا بالمياه والصرف الصحي، بما في ذلك إمكانية إعادة تأميم الشركة ووضعها تحت إدارة حكومية خاصة.

وسبق أن اضطرت الحكومة للتدخل في مجال توصيل الكهرباء والغاز للمنازل قبل عامين مع سلسلة من إفلاسات شركات توزيع الطاقة إثر ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.

وعقد وزراء حكومة حزب المحافظين الأربعاء سلسلة من اجتماعات الأزمة لبحث سبل مواجهة أزمة مياه الشرب وسط مخاوف من انهيار شركة "تيمز ووتر"، حيث تغذي الشركة الكبرى نحو 15 مليون منزل في بريطانيا (أي ما يصل إلى نسبة 27 في المئة من سكان البلاد).

وتسعى الشركة إلى توفير ما يصل إلى مليار جنيه استرليني (1.3 مليار دولار) من المساهمين والمقرضين لمواجهة أعباء ديون متراكمة. على رغم أنها أعلنت الأربعاء تمكنها من توفير 500 مليون جنيه استرليني (650 مليون دولار) في مارس (آذار) الماضي.

وتواجه الشركة، مثل بقية شركات توزيع المياه والصرف الصحي في بريطانيا تراكم الديون على رغم أنها رفعت أسعار توصيل المياه للمنازل بنسبة 11 في المئة بدءاً من أول أبريل (نيسان) الماضي. وتستعد تلك الشركات لزيادة فاتورة المياه والصرف الصحي على المستهلكين بما يصل إلى نسبة 40 في المئة، وهي زيادة هائلة لا تتحملها الأسر البريطانية التي تواجه معدلات تضخم غير مسبوقة لا يوجد نظيرها في أي من الدول المماثلة.

في الفترة الماضية، يواجه ما يصل إلى 56 في المئة من البريطانين مشكلة في القدرة على دفع فواتير المياه والصرف الصحي، بحسب تقديرات هيئة تنظيم سوق المياه والصرف للمستهلكين، وقالت الهيئة بحسب ما ذكرت صحيفة "اندبندنت" إن هذه المشكلة "هي مسؤولية شركات المياه التي يتعين عليها أن تخبر دافعي الفواتير غير القادرين بأن هناك سبلاً لمساعدتهم وبالطريقة التي يمكنهم بها الحصول على تلك المساعدة".

تطمينات وقلق

لا تقتصر مشكلات شركات المياه والصرف في بريطانيا على تراكم الديون فحسب، بل هناك أيضاً مشكلة تلوث المياه التي تعتبر تلك الشركات مسؤولة عنها بعدما أصبحت مياه نهر التيمز والأنهار والبحيرات الأخرى تعاني من معدلات تلوث غير مسبوقة. كما أن تلك الشركات متهمة بأنها مسؤولة عن تسرب الصرف الصحي إلى مياه الشرب في الأنهار والبحيرات نتيجة الإهمال وعدم تحديث البنية التحتية المتهالكة لديها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا في الوقت الذي أثار توزيع تلك الشركات أرباحاً كبيرة على مساهميها ودفع علاوات هائلة لكبار مديريها غضب القطاع الأوسع من البريطانيين في الوقت الذي تحمل فيه الشركات المستهلكين زيادة في الفواتير من دون أن ينعكس ذلك على تحسين مستوى الخدمة.

وكانت الرئيسة التنفيذية لشركة "تيمز ووتر" سارة بنتلي استقالت الثلاثاء نتيجة الانتقادات للأداء البيئي الكارثي للشركة ومسؤوليتها عن التلوث وعلى رغم ذلك حصول رئيسة الشركة على علاوة بقيمة 1.6 مليون جنيه استرليني (أكثر من مليوني دولار).

حاول وزراء الحكومة، من وزير الصحة إلى وزيرة الأعمال ووزيرة المياه، خلال مقابلات مع وسائل الإعلام البريطانية تطمين المواطنين على أنه تحت أي ظرف لن يتوقف ضخ المياه ونزح الصرف الصحي من بيوتهم. إلا أن تلك التطمينات لم تزل تقلق البريطانيين الذين لم ينسوا بعد ما حدث في عام 2021 مع شركات توزيع الطاقة للمنازل. فقد انهارت نحو 30 شركة ما انعكس على المستهلكين في ارتفاع كبير في كلفة فواتير استهلاك الكهرباء والغاز. ذلك على رغم الإعلان وقتها عن التدخل الحكومي وفرض سقف لأسعار الاستهلاك.

وفي اجتماع مع الهيئات المنظمة لسوق توزيع المياه للمنازل ومنع الاحتكار ومراقبة المنافسة، ناقش وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت أزمة المياه للبيوت وكلفة الفواتير واحتمالات انهيار شركات القطاع. لكن الواضح أنه أياً كانت الحلول العاجلة التي قد تلجأ إليها الحكومة بما فيها تأميم شركة "تيمز ووتر" أو توزيع المستهلكين المشتركين في شركات أخرى معرضة للانهيار على شركات أكبر لن تزيح أزمة المياه والصرف الصحي من قائمة القضايا التي تدور حولها الانتخابات العامة العام المقبل. وهو ما يشكل صداعاً إضافياً لحكومة المحافظين بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك.

مع أنها أكدت أن الحكومة تدرس كل الخيارات لحل الأزمة وضمان استمرار تدفق المياه للمنازل، أعربت وزيرة الأعمال كيمي بادينوك في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" عن أنها "قلقة جداً" من الوضع الحالي. أما وزيرة المياه ريبيكا باو فلم تفصح في مقابلة أخرى عن قدر الدعم الحكومي أو صفقات الإنقاذ للشركات من أموال دافعي الضرائب لمواجهة الأزمة.

تلوث مستمر

وترزح "تيمز ووتر" تحت عبء ديون تصل إلى 14 مليار جنيه استرليني (ما يقارب 18 مليار دولار)، ولا يتوقع أن يقدم المستثمرون فيها تمويلاً إضافياً بهذا القدر. بخاصة أن أغلب أسهم الشركة مملوكة لصناديق معاشات تقاعد وصناديق استثمار أخرى.

وتعالت الدعوات الآن في بريطانيا لمراجعة سياسات حزب المحافظين التاريخية بخصخصة شركات الخدمات الأساسية في قطاعات مهمة مثل المياه والصرف وقطاع الطاقة بالتجزئة وقطاع الاتصالات.

وكانت حكومة حزب المحافظين خصخصت شركات المياه والصرف الصحي عام 1989 بدعوى فتح السوق للمنافسة ولتقديم خدمات أفضل للمواطنين.

إلا أن النتيجة، كما يرى منتقدو الخصخصة وأنصار البيئة، أن التلوث في المياه ببريطانيا وصل إلى حدود غير مقبولة بسبب ممارسات تلك الشركات التي تقدم هامش الربح على أي اعتبار. ومع أن وزير الصحة البريطاني حاول طمأنة الناس في مقابلة تلفزيونية بأن الوضع ليس بهذه الخطورة، إلا أن عناوين أخبار تلوث المياه في وسائل الإعلام البريطانية زادت كثافة في العامين الأخيرين.

والمفترض ألا تضخ شركات مياه الصرف الصحي بهذا الشكل إلا في مواسم الأمطار الغزيرة لمنع تراكم رواسب مؤذية في البيوت. لكن مع موجات الجفاف الأخيرة، نتيجة ما يعزى إلى التغيرات المناخية المتسارعة، زادت الشركات من تسريب مياه الصرف الصحي. وخلال العام الماضي 2022 ضخت الشركات مياه الصرف الصحي في الأنهار والبحار أكثر من 300 ألف مرة، أي بمعدل 825 مرة يومياً. ذلك على رغم موجة الجفاف والنقص الشديد في الأمطار العام الماضي الذي جعل الشركات تحظر على المواطنين استخدام خراطيم المياه لري حدائق منازلهم.

بالطبع لم تفوت المعارضة السياسية الفرصة لتحويل الأزمة إلى موضوع انتخابي. وشن وزير البيئة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض إد ميليباند هجوماً على سياسات المحافظين، معتبراً أن خصخصة الخدمات الأساسية هو السبب في الوصول إلى هذا الوضع الذي اعتبره "كارثياً". كذلك يعد حزب الأحرار الديمقراطيين خطة طارئة لتأميم شركة "تيمز ووتر" كحل جذري لأزمة مياه الشرب والصرف الصحي وتلوث مصادر المياه في إنجلترا وويلز.