ملخص
بعد رحلة تاريخية مع السحر دخلت المرايا في جميع المخترعات الحديثة لكن تطبيقات خاصة بها في مجال توليد التيار الكهربائي والطاقة النظيفة المستدامة جعلت وجودها في التكنولوجيا جوهرياً وحيوياً للغاية.
عبرت المرآة عن لحظة زمنية فارقة تفصل بين بدء نظرية الاختراع غير الطبيعي أو ما يعرف اليوم بالذكاء الاصطناعي والمخترعات القديمة الغارقة في القدم التي نجحت في الحفاظ على كينونتها عبر أزمنة عديدة، إذ عرفت المرآة مع معرفة الإنسان للماء، لأن الماء كان أول مرآة للإنسان، ثم تعمقت معرفته بهذا الابتكار من خلال مصدر طبيعي أكثر غرابة وهو البركان، وتحديداً من خلال أحد مقذوفاته الحجرية وهو حجر (السبج) الذي يعد حجراً كريماً، وقد عرفه العرب بحجر الشبه وكان له استخدامات طبية ذات علاقة بالبصر وتنقية الرؤية من الشوائب.
دخلت المرآة الحداثة ضمن مخترعاتنا كلها تقريباً من خلال فكرة عكس الرؤية المستخدمة بصرياً وبشرياً وفي الكاميرا، لكنها كانت قبل ذلك جزءاً أصيلاً من عوالم السحر والخرافة والشعوذة والشر، وقد استمدت دورها هذا من تلاعب البشر وتحديداً القومية الصينية بأذهان الناس من خلال ما عرف بالمرايا السحرية التي ابتكرت قديماً وقبل الميلاد وقبل دخولنا عصر العلوم والمعرفة بمئات السنين.
سفير المخترعات الطبيعية
لا تعد المرآة ابتكاراً بشرياً متكاملاً، فهي أقرب في كل لحظة من وجودها عبر التاريخ إلى الطبيعة في كل شيء، واستمر لغزها قبل دخولنا عصور العلم والمعرفة لقرون عديدة، إذ وصلت منها عدة نماذج (سحرية) إلى أوروبا 1844-1878م فوصفتها الأكاديمية الفرنسية للعلوم (بالكائن غير المعروف الذي لم ير أحد شيئاً منه)، وفي الجمعية الملكية للهندسة بلندن وصفت بأنها (وهم بصري مستحيل) بالتالي هي سحر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المرآة الصينية (البرونزية/ الشفافة 206 ق. م- 1932م) فكانت تمثل وفق رجال عاديين وعلماء "امتلاك المعدن قدرة التصرف كما لو كان شفافاً". وقتها تلاعب الصينيون بالعقول من خلال تطبيق صغير مثل نظرية انعكاس الضوء الذي يستخدم في العين قديماً وفي العدسات الإلكترونية (الكاميرا) حديثاً، لكنهم بذلك العمل دشنوا لهذا المخلوق البركاني المأخوذ من حجر كريم اسمه (السبج) فارسياً أو الشبة عند العرب طريقاً رحباً لدخول عوالم السحر والشعوذة من أوسع أبوابها.
استمرت الحال كذلك حتى مطلع الألفية الماضية، إذ تغلغل هذا الاختراع الذي يوصف بأنه سفير المخترعات الطبيعية داخل بنيان المخترعات الذكية كلها تقريباً.
زينة المرأة
الأنثى أشهر مستخدم للمرايا، فحتى المشعوذة والساحرة الشريرة التي تظهر في النسخ الأخيرة من أفلام الأميرة البريئة (سنو وايت) ابنة الملك الشجاع الذي خرج للقتال من أجل شعبه ولم يعد فتولت زوجته الدور مكانه وشردت ابنته في الغابة، احتاجت إلى النظر في المرآة.
المرآة وفق وصف اليابانيين أثناء كونها مملكة مجاورة للصين قبل التحول إلى إمبراطورية كبرى ليست سوى "كنز الأحلام" وهي تعبير تام عن "الصدق والحقيقة" لأنها تمتلك النزاهة لعكس الخير والشر، لذلك تمثل حتى وقتنا هذا واحدة من الكنوز الإمبراطورية الثلاثة "باتا تو كاغامي".
وفق الفيلم الشهير أيضاً "ميرور ميرور" الذي لعبت جوليا روبرتس دور البطولة في واحد من أجزائه 2012م وكان للمخرج تيرسم سينغ، ظهرت المرأة في عصر السحر والخرافة وقبل أن تنال حظوتها في عصور العلم متمسكة بأسرار جمالها، وتلتهم أرواح الفتيات الصغيرات لتكتسب نضارتهن وتتابع ذلك من خلال العودة إلى مرآتها المحببة.
لمحة تاريخية
بدأ الإنسان التعرف على المرايا من خلال رؤية انعكاس صورته في الماء، وتقول الموسوعة العلمية الأوروبية، إن الإنسان نقل "صحون الماء" إلى المنزل واستخدمها كمرايا، حتى ظهور حجر (السبج) البركاني، الذي يتميز بخاصية غريبة وهي انعدام النسبة الذرية الداخلية المنتظمة على عكس بقية المواد الأخرى في الطبيعة مما يسمح له بنقل صورة كاملة للجسم المقابل له فيما تنقل بقية المواد اللون فقط.
وظهرت أهمية المرآة تاريخياً عند العرب حتى في صورتها البدائية كوسيلة فتحت الأفق أمام انتقاد الذات، فالشاعر العربي الشهير جرول بن أوس (الحطيئة)، هجا نفسه حين رأى انعكاس صورته في الماء.
المخترعات الحديثة
لوجودها ضمن تركيبة الكاميرات والعدسات الرئيسة، دخلت المرايا في جميع المخترعات الحديثة، لكن تطبيقات خاصة بها في مجال توليد التيار الكهربائي والطاقة النظيفة المستدامة جعلت وجودها في مرايا القطع المكافئ جوهرياً وحيوياً للغاية.
احتوت محطات الطاقة الشمسية التي تولد الكهرباء في أميركا عام 1987م على (936 ألفاً و384 مرآة) على مساحة بلغت 1600 هكتار، وهي مرايا منحنية طويلة، وتسمى هذه التقنية لتوليد الكهرباء بأنظمة إنتاج التيار من الطاقة الشمسية (SEGS).
يذكر أن تجارب روسية غير موفقة أجريت عام 1992م ضمن ما عرف وقتها ببرامج اكتشاف الفضاء بهدف طموح وهو استخدام عاكسات الفضاء للإضاءة الليلية، وكانت الفكرة تكمن في استخدام المرايا لعكس ضوء الشمس على البقع الصغيرة على الجانب الليلي في الأرض لتوفير إضاءة ليلية.