Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات جنوب السودان استحقاق شعبي حائر بين زعيمين

سلفا كير يظهر استعداده بحشد آلاف من مؤيديه بـ"الأحمر" وأنصار رياك مشار يتشحون "الأزرق"

احتدم الخلاف بين سلفا كير ومشار حول توحيد الجيش الرسمي للبلاد وامتد للمنافسة على الانتخابات الرئاسية (أ ب)

ملخص

الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون أول امتحان ديمقراطي في جنوب السودان وهناك شكوك واضحة من بعض المراقبين حول نزاهتها.

بعد عامين من إعلان دولة جنوب السودان استقلالها عام 2011 اندلع العنف بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار الذي صار منافساً له في ظل حكومة هشة، وفي سبتمبر (أيلول) 2018 وقع اتفاق سلام بين الرفيقين السابقين والخصمين اللدودين برعاية الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج بعد استمرارها لخمس سنوات، أودت خلالها بحياة 400 ألف شخص وخلفت ملايين اللاجئين.

ووفقاً لاتفاق السلام بدأت فترة انتقالية تحيط بها التحديات، ولم تستطع تنفيذ بنود الاتفاق بإجراء انتخابات عامة قبل 90 يوماً من نهاية الحكومة الانتقالية، كما احتدم الخلاف بين سلفا كير ومشار حول توحيد فصائل القوات المسلحة في الجيش الرسمي للبلاد، على أن تكون مناصب القيادة العسكرية مناصفة.

أحدث سلفا كير خرقاً جديداً للاتفاق في مارس (آذار) الماضي بتعيين عضو حزبه الجنرال شول طون بالوك الحاكم السابق لولاية أعالي النيل وزيراً للدفاع، مما عد انتهاكاً لاتفاق السلام الذي بموجبه يتعين أن يختار زعيم المعارضة رياك مشار من يتولى هذا المنصب، وفي الشهر ذاته أقال سلفا كير وزيرة الدفاع أنجلينا تيني زوجة مشار من منصبها.

هناك أيضاً معوقات وضع دستور جديد بما يمكن أن ينقل الدولة الحديثة إلى نظام حكم مدني بعقد الانتخابات بعد نحو 50 عاماً من الحروب الأهلية، وعلى رغم امتلاك الدولة الأحدث في العالم احتياطي نفطي يبلغ نحو 3.5 مليار برميل بحسب إحصاءات عام 2020، إلا أن الحروب المتواصلة أدخلتها في أزمات سياسية واقتصادية كبيرة.

وقت المصالحة

كان اشتعال الحرب بين الحكومة والمعارضة في ديسمبر (كانون الأول) 2013، قبل عامين من الانتخابات التي كان من متوقعاً إجراؤها في التاسع من يوليو (تموز) 2015، سبباً في تأجيلها، إذ أعلن سلفا كير الرئيس الوحيد للبلاد منذ استقلالها ذلك التأجيل وعزاه إلى حاجة الفصيلين المتحاربين إلى وقت للمصالحة، على أن تجرى الانتخابات نهاية عام 2018، ولكن لم تتم صياغة دستور دائم، إذ صوت برلمان جنوب السودان في أبريل (نيسان) 2015 لتعديل الدستور الانتقالي لعام 2011 وتمديد الولاية الرئاسية والبرلمانية حتى التاسع من يوليو 2018، بتصويت 264 عضواً لصالحه وعدد قليل من المعارضين له، ولكن أجل مرة أخرى إلى عام 2021.

بعد اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية اتفق على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، تليها انتخابات في فبراير (شباط) 2023، وفي أغسطس (آب) 2022 أعلن تمديد الفترة الانتقالية عامين آخرين، مما يعني تأجيل الانتخابات حتى 2024.

تحديات لوجستية

أعربت الدول التي رعت اتفاق السلام عن تحفظها على ذلك التمديد، ولكن سلفا كير أرفقه بإعلان الإعداد للانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2024، وتعهد بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، مشيراً إلى تقدمه بالترشح للرئاسة وأنه سيذلل العقبات، على رغم أن رئيس مفوضية الانتخابات أبنديقو أكول كشوول، ذكر في وقت سابق أن "عدم استكمال البنود العالقة من اتفاق السلام قد يؤثر في الاستعدادات لإجراء الانتخابات العامة".

 وعلى رغم أن مفوضية المراقبة والتقييم المشتركة الخاصة باتفاق السلام المنشط بجنوب السودان أجرت في يوليو (تموز) 2022 محاولات لمراجعة قانون الانتخابات الوطنية لعام  2012، إلا أن الممثل الخاص للأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم، حث على الإسراع في صياغة الدستور الجديد، وتوفير إطار قانوني لإجراء الانتخابات، مشيراً إلى أنه ليس ضمن التحديات اللوجستية التي سيواجهها التحضير للانتخابات.

 وكانت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، ذكرت في مارس الماضي أن "حكومة جنوب السودان متأخرة في الإيفاء بالمعايير الانتخابية التي حددها اتفاق السلام من عملية صياغة مسودة دستور شامل للجميع وإصلاح إدارة المال العام وترتيبات الأمن الانتقالية وآليات القضاء الانتقالية".

 

 

 ومع ذلك أكد نائب الأمين العام للشؤون السياسية بحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان بول أكول كورديت، في اجتماع الحزب بجوبا على أن المكتب السياسي للحزب قرر ترشيح سلفاكير كمرشح وحيد للرئاسة.

ويبلغ عدد الأحزاب السياسية في دولة جنوب السودان 14 حزباً، خمسة منها غير معترف بها رسمياً، فيما لم يعلن أي من الأحزاب المسجلة لدى مجلس الأحزاب السياسية مشاركتها في الانتخابات، لتنحصر المنافسة بين حزب الحركة الشعبية بقيادة سلفا كير ميارديت، والحركة الشعبية المعارضة بقيادة رياك مشار، أما الأحزاب الأخرى فأبرزها "حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي" و"حزب يوساب" و"حزب سانو" و"الحزب الشيوعي" و"المؤتمر الوطني الأفريقي" و"الحركة الوطنية لجنوب السودان".

طبيعة التجربة

قال رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الناطقة باللغة العربية في دولة جنوب السودان مايكل ريال كريستوفر إن "اتفاق السلام 2018 أفضى إلى سلام نسبي، وكانت أولى خطوات تنفيذها توسيع البرلمان من 100 عضو إلى 580 عضواً ليكون أوسع برلمان في القارة الأفريقية، كما دمج الجيش وحول اسمه من الجيش الشعبي إلى جيش دفاع جنوب السودان، وهي بداية ربما تحتاج إلى مزيد من الإصرار والعزيمة نحو استكمال بند الترتيبات الأمنية الذي لا يزال مثار نقاش حاد بين الحركة الشعبية الأم والحركة الشعبية بالمعارضة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح كريستوفر أن "بداية الاستنفار للانتخابات المقبلة بدأت الثلاثاء بتوجه الرئيس سلفا كير إلى مدينة واو عاصمة ولاية غرب بحر الغزال لإعلان جاهزيته لخوض الحملة الانتخابية المقبلة في نهاية المرحلة الانتقالية".

وأضاف رئيس التحرير "شهد تدشين حزب سلفا كير احتشاد آلاف باللون الأحمر أحد ألوان علم دولة جنوب السودان، وهو يرمز إلى الدم الذي أريق من أجل استقلال الوطن، وإرسال رسالة إلى منافسه حزب رياك مشار الذي توشح أنصاره باللون الأزرق الذي يمثل مياه نهر النيل مصدر الحياة للبلاد، فيما شهدت مدينة ملكال بولاية أعالي النيل استعدادات مكثفة من الحركة الشعبية بالمعارضة وهي منطقة نفوذ لنائب الرئيس رياك مشار ومنافسه القوي".

وعن طبيعة الانتخابات الرئاسية القادمة أشار كريستوفر إلى أنه "في الانتخابات النموذجية سينتخب شعب جنوب السودان على المستوى القومي رئيساً للدولة ومجلساً تشريعياً".

وبين الكاتب الصحافي أن "الهيئة التشريعية القومية التي اختير أعضاؤها منتصف عام 2022 تتكون من مجلسين، الأول المجلس التشريعي القومي (المجلس الوطني) ويشمل 580 عضواً معيناً يمثلون الحكومة، والمتمردين السابقين وأحزاب سياسية معارضة أخرى، أما الثاني فهو مجلس الولايات ويشمل 250 عضواً انتخبوا بشكل غير مباشر من المجالس التشريعية للولايات، وخدم جميع أعضاء الهيئة التشريعية القومية لمدة ست سنوات".

نزاهة الانتخابات

وتوقع رئيس تحرير "الوطن" أن "تخوض الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة رئيس الجمهورية الانتخابات بتحالف مرحلي مع عدد من الأحزاب السياسية الموالية للحكومة، فيما ستخوضها الحركة الشعبية بالمعارضة بتحالف محدود، وكل الإرهاصات العامة تشير إلى جاهزية الحزبين العملاقين".

 وعما يثار من شكوك حول نزاهة الانتخابات، قال مايكل ريال إنها "ستكون أول امتحان ديمقراطي وهناك شكوك واضحة من بعض المراقبين حول نزاهة الانتخابات المقبلة لضعف التجربة الديمقراطية، وهناك من يصف نزاهتها بأنها لا تقتصر على ضمان عدم تزوير أو تبديل الأصوات في صناديق الانتخابات الرئاسية، ومن المحتمل أن يكون هناك عدم احترام للقواعد المنظمة للحيدة والانضباط وضمان حقوق المشاركة، إضافة إلى القلق الشديد من السيطرة بالمال على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة".

نظام مختلط

وعن الدستور الحاكم لفت كريستوفر إلى أن "دولة جنوب السودان كانت تستند إلى دستور موقت منذ 2005 وهو الذي حددته الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان في إطار اتفاق السلام الشامل (نيفاشا) الذي أنهى الحرب الأهلية في السودان، حتى وقع الرئيس على الدستور  الانتقالي الحالي ودخل حيز النفاذ في يوم الاستقلال في التاسع من يوليو (تموز) 2011 ليحل محل دستور عام 2005".

 

 

واستطرد الكاتب الصحافي بالقول "ينص الدستور على نظام رئاسي مختلط للحكومة التي يترأسها رئيس الدولة ورئيس الحكومة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ويؤسس الهيئة التشريعية القومية، وكذلك استقلالية القضاء الذي تمثل المحكمة العليا أعلى جهاز فيه، وتكفل إحدى مواده حق الملكية الخاصة وحقوق الملكية الفكرية والعلم الوطني والشعار والنشيد الوطني والسلطات الاتحادية".

وأبدى كريستوفر تفاؤله بإقامة الانتخابات قائلاً "ستنعقد لأنه متفق عليها وتحيط بقيامها رغبة شعبية عارمة، على رغم وجود بعض العراقيل، مثل عدم إجراء الإحصاء السكاني لتقسيم الدوائر، وكذلك عدم وجود برامج لعودة اللاحئين والنازحين وعدم التمويل".

ونوه مايكل ريال بأهمية نجاح الانتخابات بالقول "عوامل نجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة أكبر من عوامل فشلها، ولكن قد تفشل في أن تقام في الموعد المحدد في الاتفاق لبعض العوامل منها قصور الموارد المالية لتسيير العملية الانتخابية، إلا أن هناك ضوابط محددة وضعت من أجل تمكين الأحزاب لقيادة الحملات الانتخابية، وكذلك هناك إشعال الحروب التي تنسف الاستقرار النسبي الموجود اليوم، تحركها الجماعات التي لا تزال تمسك بالسلاح"، متوقعاً أن "تكون هناك تحالفات لعدد كبير من الأحزاب الصغيرة لتحصل على نصيبها من السلطة والثروة، ولكن المحفز للتجربة عموماً هو أنها مرحلة جديدة تؤسس لما بعدها من التعرف على الممارسة الديمقراطية".

استحقاق سياسي

من جانبه قال الكاتب الصحافي من دولة جنوب السودان يدجوك آقويت "الانتخابات المقرر لها ديسمبر 2024 هي استحقاق سياسي مؤجل منذ عام 2015، وحالت الحرب الأهلية دون قيامها، ولأن البلاد في فترة انتقالية منذ 2014 والحكومة الحالية غير شرعية وموجودة بحكم اتفاق السلام المنشط لحل النزاع في جنوب السودان، اشترطت قوى سياسية فاعلة عدة في المجتمع الدولي إقامة انتخابات عامة لتشكيل حكومة منتخبة".

وأضاف آقويت "أكثر الأطراف استعداداً للانتخابات هي الحركة الشعبية فصيل الرئيس سلفا كير ميارديت التي ترى في الانتخابات فرصة لإضفاء الشرعية والاستئثار بأكبر عدد من المناصب، إذ رشح المكتب السياسي للحركة كير لتمثيل الحزب في التنافس على الرئاسة".

أما عن التجهيزات للانتخابات فوصفها آقويت بأنها "ضعيفة حتى الآن وتطالب بعض أحزاب المعارضة بإعادة قانون الانتخابات 2012 إلى طاولة البرلمان لمزيد من النقاش، كما أن مسألة التعداد السكاني لم تحسم بعد لغياب التمويل، وتصر بعض الأحزاب على إجراء التعداد بعد التغيير الكبير في الخريطة الديموغرافية منذ آخر تعداد سكاني قبل انتخابات عام 2010 في ظل السودان الموحد".

ونوه الكاتب الصحافي إلى أن "كل المؤشرات توضح قيام الانتخابات من دون إجراء تعداد سكاني أو مراجعة قانون الانتخابات، هذا إن لم يتفق الحزبان الكبيران، الحركة الشعبية جناح كير ميارديت والحركة جناح رياك مشار على تمديد الفترة الانتقالية". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير