ملخص
الأرقام الرسمية تتحدث عن وصول عدد سكان الأردن إلى 11.4 مليون نسمة لكن ثلثهم لا يحملون الجنسية الأردنية وسط تزايد المخاوف من ضغط أعداد اللاجئين على قطاعات حيوية في البلاد.
تراود الأردنيين مخاوف من حدوث انفجار سكاني وديموغرافي على وقع نقص في الموارد وضغط كبير على البنى التحتية، مما يجعل من مهمة توفير الخدمات الأساسية للسكان تحدياً رئيساً للسلطات في قطاعات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والماء والصرف الصحي والنقل والإسكان.
وأزاحت إحصائية أردنية رسمية الستار عن بلوغ عدد سكان في البلاد 11.4 مليون نسمة. وبحسب تقرير أصدره المجلس الأعلى للسكان فإن ثلثهم لا يحمل الجنسية الأردنية، لكن ما يقلق الحكومة أكثر في هذه الأرقام أن ستة ملايين نسمة من العدد الكلي للسكان كانوا خلال الـ15 عاماً الأخيرة.
وبمتوسط مواليد سنوي يبلغ ربع مليون مولود، يقر رئيس المجلس الأعلى للسكان الأردني عيسى المصاروة، بأن ثمة مشكلة حقيقية في المشهد الديموغرافي الراهن الذي تشهده البلاد، إذ ولد خلال الأعوام من 2010-2012 قرابة 2.68 مليون مولود.
وقال المصاروة إن التوزيع الجغرافي للسكان غير متوازن وضار بالبيئة والاقتصاد الريفي والأمن الغذائي ومكلف مالياً وإدارياً، بالنظر إلى أن ثمانية في المئة فقط من السكان يسكنون في النصف الجنوبي من الأردن بمحافظاته الأربع، بينما الباقون وهم 92 في المئة في النصف الآخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن ثلاثة أرباع السكان يقطنون في ثلاث محافظات هي عمان وإربد والزرقاء، موضحاً أن نسبة الأطفال دون سن 15 سنة تبلغ 34.4 في المئة أي نحو 3.9 مليون طفل، وهو أمر له تبعات مستقبلية كارتفاع حجم البطالة، وتدني معدل المشاركة الاقتصادية، إذ يبلغ 33 في المئة فقط.
في ظل الأرقام التي تظهر أن نصف سكان الأردن دون سن 22 سنة فإن التوقعات قائمة باستمرار الزيادة السريعة في عدد الأسر والمساكن الجديدة وفي الحاجات من المياه وغيرها من الأمور الأساسية، وهو ما سينعكس على زيادة عدد السائقين والمركبات وأزمات المرور أيضاً.
موارد مهددة
يقول مراقبون ومتخصصون إن مخاوف الأردن من الزيادة السكانية مشروعة لما لها من تبعات سلبية في ظل الوضع الحالي الذي تشهده البلاد من نقص الموارد تحديداً في ما يتعلق بالمياه والأراضي الزراعية والطاقة، الأمر الذي سيؤثر سلباً في جودة حياة السكان ويزيد من حدة الفقر.
ومن شأن الزيادة السكانية الكبيرة أن ترفع من معدل البطالة الذي يبلغ حالياً نحو 25 في المئة، بحيث يصبح من الصعب على الحكومة توفير فرص عمل كافية مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. أما الضغط على البنية التحتية فإنه يمثل التحدي الأبرز للسلطات الأردنية مع تزايد عدد القاطنين في مناطقها.
يتحدث مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالأردن أحمد عوض عن ضرورة معالجة أثر وجود اللاجئين في البلاد وتغييره من منظور إنساني إلى تنموي تمكيني، لأن المعطيات تشير إلى أن ضغط اللجوء سيستمر إلى سنوات طويلة إن لم يكن لعقود بعد أن أعلن أكثر من 90 في المئة من اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن، أخيراً، عن عدم رغبتهم بالعودة إلى بلدهم في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الراهنة.
عوض يشير إلى أهمية دعم المجتمع الدولي وزيادة المساعدة المالية للأردن لتخفيف العبء الاقتصادي لاستضافة اللاجئين السوريين، لتوفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والمياه.
هجرات متتالية
يلقي البعض باللائمة على الهجرات المتتالية التي شهدها الأردن عند الحديث عن الآثار السلبية للنمو السكاني المتزايد. ففي عام 1921 وعند تأسيس إمارة شرق الأردن لم يكن عدد السكان في هذا البلد الفتي يزيد على 300 ألف نسمة، لكنه اليوم يتزايد بشكل مطرد وسريع بسبب الهجرات وموجات اللجوء المتكررة بدءاً من الفلسطينيين مروراً بالعراقيين وانتهاء بالسوريين.
يحتل الأردن المرتبة الـ92 بين دول العالم من حيث عدد السكان، لكن نسبة الأردنيين تبلغ 69 في المئة، مقابل 31 في المئة من الجنسيات الأخرى نصفهم تقريباً من اللاجئين السوريين.
ولعل هذا ما أثار قلقاً ديموغرافياً في الأردن الذي ظل لعقود طويلة يمتاز بكثافة سكانية منخفضة، في حين أنها تبلغ اليوم ستة آلاف نسمة لكل كيلومتر مربع.
ويحتاج الأردن إلى 2.4 مليار دولار لتلبية حاجات اللاجئين السوريين الموجودين على أراضي المملكة، بينما تقول الحكومة الأردنية إن استضافتها اللاجئين السوريين كلفتها أكثر من 10 مليارات دولار.
المليون الأولى
يحذر معهد "تضامن" الأردني من أن تؤدي الزيادة السكانية الكبيرة في البلاد بفعل اللجوء إلى خلق واقع ديموغرافي جديد يؤثر سلباً في استثمار الفرصة السكانية، وبمعدل يفوق معدلات النمو الاقتصادي.
تقول الإحصاءات الرسمية إن عدد السكان في الأردن وصل إلى المليون الأول في عام 1963، ومن ثم استمر في الارتفاع التدرجي وصولاً إلى خمسة ملايين عام 2005، مما يشير إلى زيادة كبيرة 400 في المئة خلال أربعين عاماً، فيما سجلت دائرة الإحصاءات العامة مليونين ونصف المليون مولود بين الأعوام 2010 و2021، بينهم 13 في المئة غير أردنيين.
وأخيراً تلحظ السلطات الأردنية أن هناك ارتفاعاً في نسبة الإنجاب بين اللاجئين السوريين، حيث تتحدث مفوضية اللاجئين بولادة 168 ألفاً و500 طفل سوري في البلاد بين الأعوام 2014 و2022.