ملخص
زادت الفجوة بين حركتي "فتح" و"حماس" أخيراً بما أثر في وضع خطة موحدة لمواجهة إسرائيل، فهل تتوافق دعوة "فتح" إلى لقاء الفصائل مع تحرك "حماس" الذي جاء في السياق نفسه؟
في ظل الأحداث الأمنية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، وجه رئيس السلطة محمود عباس دعوة لعقد لقاء شامل مع جميع قادة الأحزاب، وبعد أيام من ذلك وجهت حركة "حماس" الدعوة نفسها إلى القوى السياسية، وطلبت عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.
وبحسب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني نبيل أبو ردينة فإن "عباس يهدف من لقاء قادة الفصائل الفلسطينية إلى الاتفاق على رؤية وطنية شاملة توحد الجميع في مواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له، إضافة إلى تعزيز الوحدة الوطنية والشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير وبرنامجها".
تطابق وخلافات
كما تهدف حركة "حماس" من لقاء قادة الفصائل الفلسطينية إلى الاتفاق على خطة وطنية شاملة لمواجهة المشروع الإسرائيلي وإخراجها إلى حيز التنفيذ فوراً، لكن استناداً إلى مقومات القوة وتصاعد الفعل العسكري وتحقيقه لإنجازات على الأرض.
وجاءت دعوتا رئيس السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" في وقت متزامن تقريباً وتشابهتا في جميع الجوانب، إذ طلب الطرفان لقاء على مستوى قادة الفصائل، إضافة إلى أن الهدف من الاجتماع نفسه هو التصدي لخطط إسرائيل.
والغريب أن طلب "حماس" لقاء الفصائل جاء بعد موافقة مصر على رعاية اجتماع القوى السياسية الذي دعا إليه عباس، بحسب ما أكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، وأيضاً بعد أن وافقت جميع القوى السياسية على حضور لقاء السلطة الفلسطينية.
وكشف التطابق بين الدعوتين عن مدى الخلافات السياسية بين حركتي "فتح" و"حماس"، وتباعد الفصيلين كثيراً من التوافق حتى حول آليات عقد لقاء وطني شامل، وأن الخلافات بينهما على إدارة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أخذت في الزيادة، وفقاً لما يؤكده مراقبون سياسيون.
وخلال الأيام الماضية اتسعت الهوة بين الحركتين، إذ نشب خلاف حاد بين الفصيلين حول مدى مشاركة كل طرف منهم في صد العملية العسكرية الإسرائيلية التي نفذتها في جنين وصل إلى حد التراشق الإعلامي.
اجتماعات أم مناكفات؟
ويقول الباحث في الشؤون السياسية منصور أبو كريم إن بين "فتح" و"حماس" اختلاف منذ فترة طويلة على تمثيل الشعب الفلسطيني، وخلاف آخر حول البرنامج السياسي، وتحاول الحركتان إدارة القضية الفلسطينية بحسب المعتقدات الخاصة بهما، لكن ذلك يضر الملف الوطني ولا يخدمه.
ويضيف، "إذا كانت ’حماس‘ تهدف إلى الوصول لرؤية خطة وطنية هدفها مواجهة إسرائيل، فيتوجب عليها العمل مع دعوة رئيس السلطة الفلسطينية الذي كشف عن أن لقاء الفصائل للهدف ذاته، وإذا استجابت الأولى فإن ذلك يعني حرصها على المصلحة العامة وليس مناكفة ’فتح‘ ومنافستها".
ويشير أبو كريم إلى أن "عقد عباس لقاء من دون مشاركة ’حماس‘ لن يكون مكتملاً ولن يكتب له النجاح، كما أن اجتماع إسماعيل هنية مع الفصائل واستثناء ’فتح‘ منه لن ينجح، واللقاءان لن يصلا إلى رؤية وطنية شاملة، لذلك فالحل أن يتدخل الوسطاء لتقريب وجهات النظر بين الحركتين، وعليهما الاستجابة لمصلحة فلسطين".
تباين المواقف
ومن جانب آخر يبدو أن "حماس" ترفض لقاء عباس، إذ يقول عضو المكتب السياسي للحركة سهيل الهندي "عقدنا عدداً من الاجتماعات ولم نخرج منها بنتائج، كما لم يحترم الطرف الآخر مخرجات أي من هذه اللقاءات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم إن "شعبنا لا يثق بقدرة السلطة الفلسطينية على الفعل، لأنها لا تتخذ أي قرارات جادة، ويجب على عباس وقف جميع أشكال العلاقة مع إسرائيل قبل أن نبحث كقوى فلسطينية مع السلطة آليات تشكيل جبهة وطنية موحدة للمقاومة".
وتعقيباً على موقف "حماس" هذا يرى عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد أن "حماس" تضع عراقيل أمام فرصة الاتفاق على آلية مواجهة إسرائيل، ويقول إن "الحركة ترفض تعزيز الوحدة الوطنية والجهد الفلسطيني، ولذلك فمن يريد أن يتفق معنا فهو مرحب به، ومن لا يريد فإن النضال والدفاع عن قضيتنا شرف لمن يستحقه".
وبحسب المعلومات المتوافرة فإن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب تواصل مع قيادات حركة "حماس" لإقناعهم بالاشتراك في لقاء عباس، وأن يكون لقاء هنية في السياق نفسه وفي الاجتماع ذاته وليس بديلاً عنه، وذلك في إطار مسار الحوار بين الفصائل وتوحيد الجهود وليس تفريقها.
ويقول الرجوب حول مساعيه إنه "لن تقوم دولة فلسطينية من دون وحدة وطنية فيها إقرار بالتعددية السياسية والديمقراطية والانتخابات وتكريس مبدأ الشراكة، فاللقاء الشامل الذي سيضم ’حماس‘ يهدف إلى بناء استراتيجية وطنية موحدة، وبناء أسس الشراكة الوطنية في كل شيء من خلال عملية الانتخابات".
من يدير اللقاء؟
وبعد كل هذا الجهد الذي بذلته قيادات في حركة "فتح" بدت "حماس" أكثر اعتدالاً، وهو ما يؤكده القيادي فيها حماد الرقب بأن دعوة "حماس" جاءت من باب جمع الكلمة للشعب الفلسطيني تحت خطة واحدة، مشيراً إلى أنه لا يمكن حل أزمات قطاع غزة والضفة الغربية إلا من خلال اجتماع الأمناء بشكل موحد.
ورداً على سؤال "اندبندنت عربية" إذا كان لقاء "حماس" مع الفصائل يضم حركة "فتح"، قال الرقب إن "الاجتماع مع جميع الأمناء بمن فيهم حركة ’فتح‘ لا يتعارض مع دعوة الرئيس بل يتوافق معها".
ويؤكد الرقب أن "لقاء عباس الفصائل واجتماع هنية معها يحملان المنطلقات نفسها ويسيران في الفلك نفسه، وخلال هذه الاجتماعات سنكون قريبين من إبرام المصالحة، ونأمل من السلطة الفلسطينية اتخاذ قرارات تعزز ذلك وتمهد لإنهاء الانقسام".
وحول من يدير الاجتماعات إن كان هنية أو عباس، يضيف "لا يوجد أي اختلاف على قيادة اللقاء، ولدينا سكرتارية لإدارة العمل الفصائلي وهي التي تتولى جدول الاجتماعات وتحدد من يدير الجلسات".