Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أوشكت انتفاضة فاغنر المسلحة على إطاحة بوتين؟

بدا الرئيس الروسي على حافة الهاية طوال 36 ساعة فيما هجر مرتزقة يفغيني بريغوجين خط المواجهة في أوكرانيا لاحتلال روستوف أون دون والزحف نحو موسكو

اشتهر قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين بكثافة استخدامه وسائط التواصل الاجتماعي التي أعلن منها انتفاضته (أ ب)

ملخص

انتفاضة قوات فاغنر بزعامة يفغيني بريغوجين جاءت بعد مقدمات وتراكمات عدة لكنها هزت أسس حكم فلاديمير بوتين على رغم انتهائها في 36 ساعة

بعد مرور ثلاثة أسابيع على التمرد الاستثنائي لمنظمة فاغنر الروسية شبه العسكرية، الذي هدد بإسقاط فلاديمير بوتين، يستمر ظهور التفاصيل حول الطريقة المستخدمة بالضبط لإحباط ذلك التمرد.

في هذا العصيان المسلح، غادرت عناصر مرتزقة فاغنر مواقعها في شرق أوكرانيا يوم الجمعة الـ23 من يونيو (حزيران) للعبور إلى روسيا واحتلال مدينة روستوف أون دون الغربية قبل تنفيذ ما وصفه زعيمهم، يفغيني بريغوجين، بـ"مسيرة من أجل العدالة" إلى موسكو للمطالبة بإقالة اثنين من كبار المسؤولين العسكريين الروس هما سيرغي شويغو وفاليري جيراسيموف احتجاجاً على طريقة تعاملهما الفاشلة مع غزو أوكرانيا.

طوال أشهر، اشتكى السيد بريغوجين الذي يبلغ من العمر 62 سنة، من أن رجاله تركوا من دون موارد كافية أثناء خوضهم قتالاً من أجل السيطرة على بلدة باخموت خلال أشهر الشتاء القاسية. وفي أحيان كثيرة، استخدم بريغوجين منصة "تيليغرام" لتسجيل رسائل تندد بإمدادات الذخيرة غير الكافية التي تلقتها قواته من وزارة الدفاع.

مع حلول مساء يوم السبت، مع اقتراب طابور من رجال فاغنر من العاصمة الروسية، بدا أن الأمور ليست في مصلحة بوتين. في المقابل، انتهت تلك المواجهة فجأة بعد أن تدخل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حليف بوتين منذ فترة طويلة، للمساعدة في التوسط لإبرام اتفاق بين الجانبين وافق بموجبه السيد بريغوجين على الانتقال إلى بيلاروسيا وانسحاب قواته.

ومنذ ذلك الحين، اتضح أن زعيم فاغنر لم يصل إلى مينسك مطلقاً ويعتقد أنه بقي في روسيا، ما زاد جو الارتباك المحيط بتلك القضية.

يوم الإثنين، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للمرة الأولى أن بوتين والسيد بريغوجين التقيا شخصياً في الكرملين يوم الخميس الـ29 من يونيو، بعد خمسة أيام من الحادثة، في اجتماع استمر ثلاث ساعات، حضره 35 شخصاً، بما في ذلك كبار قادة فاغنر الذين أكدوا مجدداً على ولائهم لقائدهم.

في ما يلي جدول زمني موجز يوضح كيف بدأ "الانقلاب الذي لم يحدث" فيما كان العالم يحبس أنفاسه.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الجمعة الـ23 من يونيو

في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي، اشتكى يفغيني بريغوجين، زعيم فاغنر، السجين السابق الذي تحول إلى متعهد مطاعم معروف باسم "طاهي بوتين"، من أن القوات الروسية تعمدت قصف قواته في ساحة المعركة في وقت سابق من ذلك اليوم بالصواريخ وطائرات الهليكوبتر الحربية والمدفعية، مما أسفر عن "مقتل أعداد كبيرة من رفاقنا". وأعلن أيضاً أن الهدف من ذلك القصف تمثل بالقضاء على المقاول الجامح وغير المنضبط بشكل متزايد.

ثم وجه بريغوجين إنذاراً ضمنياً بشأن ما سيحدث، مشيراً إلى أن "هناك 25 ألفاً منا ونحن قادمون لتسوية الأمور. ولمن يريد منكم الانضمام إلينا، أقول إن الوقت حان لإنهاء هذه الفوضى".

 

السبت الـ24 من يونيو

الساعة الواحدة بعد منتصف الليل

أوقظ فلاديمير بوتين في الكرملين وأبلغ بأن هناك "محاولة تمرد مسلح" جارية، وفقاً لوسائل الإعلام الحكومية.

وأصدر ديمتري بيسكوف بياناً يفيد بانتقال مجموعة فاغنر إلى روستوف أون دون بالقرب من الحدود الأوكرانية، مشيراً إلى ذلك على أنه "تمرد" وليس انقلاباً.

 

الساعة 7.30 صباحاً

أعلن السيد بريغوجين في رسالة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي أن رجاله سيطروا على مباني روستوف العسكرية.

وبحسب كلماته، "سنقضي على أي شخص يقف في طريقنا. نحن نمضي قدماً وسنستمر حتى النهاية".

وبدا أن هذا يشير إلى نوايا فاغنر في الزحف نحو موسكو.

وقف عناصر قواته حراساً خارج مقر قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية في روستوف، فيما أطلقت عناصر أخرى دوريات في الشوارع.

وخرج السكان المحليون من منازلهم لمراقبة الوضع. التقط بعضهم صوراً مع المقاتلين أو جلب لهم الطعام، بينما دان آخرون سلوكهم.

في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام روسية أن قوات فاغنر أسقطت مروحيات عدة وطائرة اتصالات عسكرية، على رغم أن الكرملين لم يؤكد ذلك.

 

الساعة 9:30 صباحاً

ذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن "الخلاف" بين فاغنر ووزارة الدفاع الروسية "تصاعد إلى مواجهة عسكرية صريحة" وأشارت إلى أن قوات فاغنر بدأت في التحرك شمالاً "ساعية بشكل شبه مؤكد إلى بلوغ موسكو".

وأضافت "مع وجود أدلة محدودة للغاية على اندلاع قتال بين فاغنر وقوات الأمن الروسية، فمن المحتمل أن بعضاً بقي ساكناً، وأذعن لقوات فاغنر.

وتابعت "على مدار الساعات المقبلة، سيشكل ولاء قوات الأمن الروسية، وبخاصة الحرس الوطني الروسي، المفتاح لما ستؤول إليه الأزمة. وهذا يمثل أكبر تحد تواجهه الدولة الروسية في السنوات الأخيرة".

 

الساعة 10 صباحاً

لم يضع بوتين الغاضب بشكل واضح كثير من الوقت قبل أن يحاول إعادة تأكيد سلطته، فألقى خطاباً على التلفزيون الوطني يدين فيه تصرفات عناصر مجموعة فاغنر باعتبارها "خيانة" ويصف سلوك زعيمها بأنه "طعنة في الظهر"، رافضاً بمرارة النطق باسمه، ومقارناً الحوادث التي وقعت في الصباح بثورة 1917.

علق بوتين على ما يجري فيما انتابته فورة من الغضب، "هذه حملة إجرامية. إنها تعادل تمرداً مسلحاً".

ثم تابع، "روسيا ستدافع عن نفسها وستصد هذا التحرك. نحن نناضل من أجل حياة مواطنينا وأمنهم وسلامة أراضينا. إنها صفعة لأولئك الذين يقاتلون على الجبهة، وطعنة في ظهر قوات روسيا وشعبها".

وأضاف، "أولئك الذين تمردوا خانوا روسيا. وأنا أحث أي شخص متورط في هذا التحرك على وقف أي نوع من المشاركة في الصراع المسلح. هؤلاء الناس سيحاسبون أمام العدالة باسم شعبنا".

واستطراداً، أعلن رمضان قديروف، الزعيم الإقليمي للشيشان، دعمه لبوتين، وذكر أن قواته سبق أن بدأت تتحرك نحو "مناطق التوتر". وانضمت إليه قلة قليلة في التعبير عن التزام واضح تجاه السيد بوتين مباشرة.

لاحقاً، ساد الارتباك حول مكان وجود بوتين، بعد أن قيل إنه غادر موسكو بالطائرة، الأمر الذي نفاه الكرملين بسرعة.

 

الساعة 11 صباحاً

وصف ميخايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، صمت النخب الروسية بـ"الصمت المدوي" وغرد على "تويتر" بكلمات أفاد فيها بأن "الساعات الـ48 المقبلة ستحدد وضع روسيا الجديد. إما ستندلع حرب أهلية كاملة، أو سيتم نقل السلطة عن طريق التفاوض، أو ستكون هناك هدنة موقتة قبل المرحلة التالية من سقوط نظام بوتين".

ولاحقاً، استخدم السيد زيلينسكي نفسه لاحقاً المنصة ذاتها للتغريد، "استخدمت روسيا الدعاية لإخفاء ضعفها وغباء حكومتها. والآن، عمت الفوضى لدرجة أنه ما عاد بإمكان أية كذبة أن تخفي ذلك".

 

الساعة 5 مساء

مرت قافلة من قوات فاغنر عبر مدينة فورونيج، ثم عبرت منطقة ليبيتسك في طريقها إلى موسكو في وقت استعدت فيه القوات المسلحة الروسية المشوشة "لعملية مكافحة الإرهاب" من خلال إقامة نقاط تفتيش باستخدام مركبات مدرعة وتمركز رجال الحرس الوطني على المشارف الجنوبية للعاصمة، استعداداً للدفاع عنها.

في غضون ذلك، عمد عمال البناء إلى صنع حفر في أجزاء من الطرق السريعة من أجل إبطاء زحف تلك القوات، بينما حث رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، سكان المدينة على البقاء في منازلهم وعدم الذهاب إلى العمل يوم الإثنين المقبل.

الساعة 8 مساء

انتهت تحركات فاغنر بشكل فجائي، تماماً مثلما بدأت. إذ أمر السيد بريغوجين رجاله بشكل غير متوقع بالتراجع والعودة إلى معسكراتهم الميدانية. وأوضح إنه لا يرغب في "إراقة الدماء الروسية".

ووقفت قواته على بعد 120 ميلاً فحسب جنوب موسكو، حينما تلقت الأمر بالتوقف.

واتضح أن هناك صفقة أبرمت مع السيد بوتين، سينتقل بموجبها زعيم الثورة إلى بيلاروسيا، ولن يعود مطلقاً لروسيا.

وكذلك أفادت روسيا بأن مقاتلي فاغنر الذين شاركوا في الانقلاب لن يلاحقوا قضائياً، أما أولئك الذين لم يشاركوا، فسيعرض عليهم توقيع عقود مع الجيش الروسي النظامي.

الأحد الـ25 من يونيو

خلال خطابه اليومي الموجه إلى شعب أوكرانيا، ذكر الرئيس زيلينسكي إنه "من الواضح أن السيد بوتين خائف للغاية" و"من المحتمل أنه يختبئ"، بينما أشار وزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف إلى أن التمرد الذي استمر 36 ساعة يظهر أن السلطات الروسية "ضعيفة".

 

الثلاثاء الـ27 من يونيو

بعد ثلاثة أيام، بمجرد أن هدأت الأمور، أعلنت أجهزة الأمن الفيدرالية الروسية أنها أسقطت رسمياً الدعوى الجنائية التي رفعتها ضد يفغيني بريغوجين ومقاتلي فاغنر.

الخميس الـ29 من يونيو

وفق ما بات معلوماً تماماً، التقى السيد بوتين والسيد بريغوجين في الكرملين في هذا التاريخ، وجلسا مع 35 من كبار العسكريين الآخرين لمناقشة هذه الواقعة، بيد أن ما قيل بالضبط أو الاستنتاجات التي جرى التوصل إليها لا تزال غير معروفة.

في اليوم نفسه، ذكرت صحيفة موسكو تايمز أن سيرغي سوروفكين، الملقب بـ"الجنرال هرمجدون" بسبب مآثره الوحشية في سوريا، اعتقل بعد اتهامه بأنه عرف بالتمرد مسبقاً وانحاز إلى السيد بريغوجين.

 

الخميس السادس من يوليو (تموز)

تكلم السيد لوكاشينكو الذي لا يعتبر دائماً الأكثر صدقية بين الشهود، تكلم علناً للمرة الأولى عن المحادثات التي قدم فيها يد المساعدة في التوسط بين بوتين وبريغوجين مساء الـ24 من يونيو من أجل تجنب أن تواجه روسيا كارثة.

وفي سياق حديثه عن ذلك، كشف عن أن زعيم فاغنر لم يصل بعد إلى مينسك، مما أثار تساؤلات حول مكان وجوده بالضبط والطبيعة الحقيقية للاتفاق الذي جرى التوصل إليه من أجل إنهاء المواجهة.

وبحسب لوكاشينكو، "بالنسبة إلى يفغيني بريغوجين، إنه في سان بطرسبرغ. أين هو هذا الصباح؟ ربما ذهب إلى موسكو في الصباح".

وحينما سأل صحافيون عن مدى علم الكرملين بموقع بريغوجين الحالي، أجاب بيسكوف بشكل مفاجئ نوعاً ما، "كلا، نحن لا نتتبع تحركاته، ليس لدينا أية قدرة أو رغبة في فعل ذلك".

في اليوم نفسه، عرضت قناة "إزفستيا" التلفزيونية الروسية لقطات لدهم شقة السيد بريغوجين الفخمة في سان بطرسبرغ. وأبرزت اكتشاف أشياء غريبة فيها تتضمن مجموعة من الشعر المستعار وتمساح محشو إلى جانب سبائك من الذهب وجوازات سفر متعددة وأسلحة وذخيرة، كجزء من محاولة واضحة لتشويه سمعته.

 

الإثنين الـ10 من يوليو

كشف بيسكوف للمرة الأولى عن الاجتماع المباشر الذي عقد بين الجانبين بعد خمسة أيام من الانتفاضة الفاشلة، مما شكل تذكيراً آخراً بأن المجتمع الدولي ما زال أمامه شوط طويل يقطعه كي يفهم تماماً العوامل المؤثرة [في ذلك التمرد].

وكذلك نشر مقطع فيديو يظهر الجنرال جيراسيموف أثناء استماعه إلى تقرير من رئيس أركان القوات الجوية الروسية، وكلامه عن ضرورة التحسن في تحديد موقع الصواريخ الأوكرانية. وقد شكل ذلك المرة الأولى منذ بداية الانتفاضة التي شوهد فيها جيراسيموف أثناء نهوضه بعمله.

© The Independent

المزيد من تقارير