ملخص
الحكومة السورية تتجه لطرح مطار دمشق الدولي للاستثمار وسط حديث عن شركة سورية خاصة أو روسية لتشغيله في ظل مخاوف إيرانية من استهداف الضربات الإسرائيلية له إذا أقدمت على الخطوة.
مع اتساع دائرة الجدل حول تسريبات تفضي بطرح مطار دمشق الدولي للاستثمار، تنحصر معظم تنبؤات الأوساط الاقتصادية والسياسية الضيقة حول من ستؤول إليه إدارة هذا المرفق الحيوي، وترجح في الوقت ذاته استحواذه من قبل مستثمر أجنبي قد يكون إيرانياً.
حتى اللحظة لم يعلن رسمياً استثمار أكبر المطارات في سوريا لكن المعلومات الأولية تشير إلى دخول شركة خاصة أنشئت حديثاً في عام 2023 عبر عرض تقدمت به إلى وزارة النقل، وفق القانون 11، من دون أن تؤكد أو تنفي الوزارة المعنية حقيقة هذه المعلومات المتداولة، ومآل المطار ومستقبله.
وتتضارب الأنباء حول المستثمر في ما إذا كان محلياً أو أجنبياً، في وقت ترجح الأوساط الاقتصادية أن يكون إيرانياً، وعلى نحو إضافي تتوفر معلومات متناقضة تتوقع دخول مستثمر من إحدى الدول الخليجية أو بدعم منها.
في هذه الأثناء يسود الحديث، أخيراً، عن تطلع شركة سورية حديثة العهد تقدمت بطلب الاستثمار، ويراها اقتصاديون واجهة وغطاء لشخصيات سورية تعد من كبار المتنفذين الذين أدرج بعض منهم ضمن قوائم العقوبات الغربية والأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، عد فريق اقتصادي طرح مرافق نالها التخريب والتعطل بعد فترة طويلة من التوقف والحصار، فرصة لإعادتها إلى الحياة مجدداً عبر التشاركية والخصخصة وإدارة منشآت القطاع العام أو ملكيات الدولة من قبل القطاع الخاص.
وزيرة الاقتصاد السورية السابقة الدكتورة لمياء العاصي، اعتبرت هذا التوجه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكن تظل التفاصيل القانونية والإدارية في إدارة المشروع هي التي تحكم وتحدد نجاح التشاركية أي مشروع وجعله تجربة ناجحة أو سلبية.
عودة الرحلات
من جانب متصل، تجزم الأكاديمية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية ربا القاضي، في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، بقرب وضع مطار دمشق الدولي ضمن مخطط الاستثمار، موضحة حاجته إلى تأهيل وصيانة وإنفاق مالي ضخم ليستوعب التدفق المتوقع للمسافرين بعد الانفتاح العربي على دمشق وعودتها للجامعة العربية والمباشرة بعودة تدريجية للرحلات التي ظلت متوقفة بسبب المقاطعة السياسية بالتوازي مع صراع مسلح طوال عقد من الزمن.
وأردفت "يمكن النظر باتجاه مختلف، فالاستثمار بطريقة (B.O.T) ، المعمول به في أغلب دول العالم، يحقق نتائج ربحية عالية، وهنا يصبح الأمر مفيداً في حالة كحال الوضع الاقتصادي السوري المتأزم، ومع ما يعيشه من تضخم وانهيار لعملة البلاد، لكني في حال البحث عن مستثمر أجنبي سيكون من المناسب استثماره من قبل الجانب الروسي الذي سيمنع ضرب المطار من قبل إسرائيل، ويعطيه حصانة خاصة".
إزاء ذلك حذرت شخصيات معارضة سورية ما وصفته ببيع الحكومة للمرافق الحيوية من موانئ بحرية وقواعد ومطارات، عبر قوانين بصيغة الاستثمار، وعدت أكبر المستفيدين من هذين الجانبين الإيراني والروسي، اللذين وقفا إلى جانب دمشق في حربها الأخيرة.
في حين بدا لافتاً للنظر ما تداول من تسريب إعلامي عبر صحيفة حزب البعث الحاكم للبلاد تفيد بالعمل على إجراء مشروع ما يسمى "عقد تشاركية" لمطار دمشق من خلال دخول القطاع الخاص في عمليات الاستثمار وإدارة تشغيله.
رؤوس الأموال المهاجرة
يرتفع صوت ثالث لا يقف في وجه طرح الخصخصة كحل في ظل الاقتصاد السوري المنهار واتساع رقعة الفساد المالي والإداري، لكنه في الوقت نفسه يشير بإصبعه إلى مكامن قوة يملكها السوريون وبالذات من المغتربين والإسراع بدعوة جادة لهم للاستثمار.
المتخصص الاقتصادي والمصرفي عامر شهدا، دعا حكومة دمشق إلى ضرورة التفكير في تشجيع السوريين المغتربين وإشراكهم بإعادة الإعمار والاستثمار، ففي أوروبا وحدها يوجد مليون ونصف المليون سوري، لافتاً إلى إمكانية إنشاء شركة مساهمة عامة قيمة السهم فيها 200 دولار أميركي ووضع آلية تحويل للأرباح.
شهدا كشف أيضاً تفاصيل وثيقة حول الشركة التي تقدمت بالعرض ويتضمن 300 مليون دولار أميركي، واصفاً إياه بالمبلغ المتواضع بالنسبة لاستثمار مطار بنيته التحتية تزيد على ملياري دولار.
ووفق طلب الشركة الخاصة المشار إليها، ومقرها في دمشق، فقد تضمن طلبها 20 في المئة من الإيرادات الصافية لـ10 سنوات أولى وترفع إلى 25 في المئة لـ10 سنوات أخرى.
وتلقى مطار دمشق الدولي (يبعد عن مركز العاصمة 25 كيلومتراً من الجهة الشرقية)، عدة ضربات جوية وقصف من قبل إسرائيل في الثاني من يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد تعرضه للقصف في يونيو (حزيران) من العام الماضي بذريعة نشاط لقوات إيرانية تتبع للحرس الثوري أو فصائل تابعة لها في محيطه".
مهما ظلت العيون الإيرانية تراقب هذا المكان الاستراتيجي منذ اندلاع الحرب، وتترقب الفرصة السانحة لضمه إلى جملة الاستثمارات على امتداد البلاد مستفيدة من مكانتها كحليفة أساسية وشريكة في استعادة أراض خرجت قبل سنوات الحرب من أيدي السلطة، سيظل مستبعداً إقدام طهران على التخطيط باستثمار المطار ذاته فهي ستعطي فرصة سانحة لأن يكون هذا المرفق الحيوي والحساس هدفاً دائماً لإسرائيل ولهذا يمكن إفساح المجال للاستثمار الأجنبي مع فتح الباب للاستثمار العربي القادم بعد مرحلة إعادة الإعمار.