ملخص
مصادر حكومية أردنية: حملة تشويش وتحريض وإشغال للرأي العام بهدف الضغط على الأردن في أكثر من اتجاه
كلما حاولت السلطات الأردنية القول إن ملف قضية "الفتنة" انتهى وطوي إلى الأبد، تستجد معلومات وتطورات تعيد الأزمة الأكبر التي مرت بها البلاد في تاريخها إلى الواجهة مجدداً.
وحصلت "اندبندنت عربية" على معلومات تفيد بممارسة أعضاء في الكونغرس الأميركي من الحزب الجمهوري ضغوطاً لحث الأردن على إطلاق المتهم الأبرز في القضية رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله في عفو عام مرتقب.
فزاعة المساعدات
وتقول مصادر سياسية إن هناك محاولات لاستغلال قضية باسم عوض الله من قبل أعضاء في الحزب الجمهوري لأغراض انتخابية، إذ جرى التلويح مراراً بوقف المساعدات الأميركية للأردن أو تقليصها بذريعة تضخم ملف الحريات في المملكة.
وتشكل المساعدات الأميركية للمملكة رافداً أساسياً لعجلة الاقتصاد الأردني في بلد محدود الموارد والإمكانات، إذ أعلنت واشنطن، العام الماضي، عن تقديم أكبر منحة مالية في تاريخ علاقتها مع الأردن بوصفه الحليف الأهم لواشنطن في المنطقة، وزادت قيمة المنحة على 10 مليارات دولار، على سبع سنوات، وبزيادة قدرها 38 في المئة عن السنوات السابقة.
ويبدو أن الحكومة تحسست بوادر ضغوط جمهورية في الكونغرس في شهر أبريل (نيسان) من هذا العام، إذ استقبل رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة وفداً من الكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري في لقاء تركز الحديث فيه عن المساعدات الأميركية والجهود الأردنية لتنفيذ إصلاحات سياسة ورفع سقف الحريات العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السياق، انتقد النائب صالح العرموطي تصريحات المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية لدى الأردن يائيل لمبرت أمام الكونغرس الأميركي، والتي قالت في أحدها إنها ستقوم بالضغط على الحكومة الأردنية لتسليم المواطنة أحلام التميمي الأسيرة الأردنية السابقة في إسرائيل بالوسائل كافة. واعتبر العرموطي أن "هذه التصريحات تأتي في إطار ضغوط تمارس على الأردن في اتجاهات سياسية واقتصادية عدة".
في المقابل، قال مراقبون آخرون إنه قد يتم استغلال هذه القضية في إطار الضغوط التي تمارس للإفراج عن عوض الله.
حملات تشويه وتحريض
لكن مصدراً رفيعاً في الحكومة الأردنية نفى حقيقة ما يتم تداوله بهذا الشأن، وقال لـ"اندبندنت عربية" إن قضية "الفتنة" انتهت قانونياً، مضيفاً "من الملاحظ في الآونة الأخيرة محاولة جهات خارجية التشويش على الرأي العام الأردني عبر افتعال وفتح ملفات قد تشكل ضغوطاً على الموقف الرسمي في أكثر من قضية"، ومن بين هذه الملفات التي يتحدث عنها المصدر الحكومي قضية مشروع "العطارات" لتوليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي، والتي ترتب عليها التزامات مالية للصين تقدر بنحو 10 مليارات دولار، واصفاً إياها بأنها ضجة مفتعلة.
وأشار المصدر أيضاً إلى رصد الحكومة الأردنية في الآونة الأخيرة نحو 220 ألف حساب على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل جهات خارجية لم يسمها استهدفت الأردن بحملات تحريض.
يأتي ذلك في وقت تم فيه تأجيل جلسة برلمانية لمناقشة ملف العفو العام الذي أصبح مطلباً شعبياً وبرلمانياً بالنظر إلى حالة الاحتقان الداخلي في المملكة منذ آخر عفو عام صدر عام 2018 وما يفسر سر هذا التأخير رفض الأردن الضغوط لإدراج عوض لله في هذا القانون الذي يحتاج إلى قنوات دستورية لتمريره كمجلس الأعيان والنواب، ومن ثم توشيحه بتوقيع الملك الأردني عبدالله الثاني.
وكان صدر حكم نهائي من محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في الأردن، عام 2021، بسجن رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله 15 عاماً مع الأشغال الموقتة في قضية "الفتنة".
محامي عوض الله نشط
واعتبر مراقبون أن النشاط المحموم الذي يقوم به محامي باسم عوض الله الأميركي مايكل سوليفان في أروقة الكونغرس، وتحديداً في صفوف الجمهوريين وعبر وسائل إعلام أميركية من بينها شبكة "سي أن أن"، هدفه تأمين ضغط كافٍ لإطلاق موكله في أقرب فرصة وقبل أن تفقد القضية التي شغلت الراي العام الأردني، نحو عامين، زخمها.
وحتى اللحظة، أصدر المحامي سوليفان بيانين حول إضراب موكله باسم عوض الله عن الطعام، آخره في مايو (أيار) الماضي، وجاء في البيانين "نأمل أن تسعى القيادة الجمهورية الجديدة لمجلس النواب الأميركي للحصول على إجابات من إدارة جو بايدن حول الخطوات التي سيتم اتخاذها لضمان إطلاق باسم".
لكن الأمن العام الأردني نفى ما سماها مزاعم إضراب عوض الله عن الطعام وتعرضه للإيذاء على رغم تأكيدات محاميه.
ويعتقد مراقبون أن محامي عوض الله، ذا الميول الجمهورية، يحاول حرف مسار القضية بعد إنهائها قانونياً، باتجاه البعد الإنساني وتحت لافتة حقوق المواطن الأميركي، من خلال التركيز على الربط بين قضية عوض الله واعتقال طهران أميركياً - إيرانياً مضرباً عن الطعام والمطالبة بالإفراج عنه أو نقله إلى مسقط رأسه.