ملخص
تحظى بيلندا فال صاحبة كتاب "أسرار الأديان" الذي ترجم إلى ثلاث لغات، بمتابعة كبيرة على منصة "فيسبوك" في موريتانيا... فهل هذا كافٍ للترشح للرئاسة؟
سباق انتخابي رئاسي سابق لأوانه تتشكل ملامحه في المشهد السياسي بموريتانيا بعد إعلان بيلندا فال أول مترشحة لاستحقاق 2024 عزمها التقدم بملفها لخوض غمار التجربة.
ويتوقع بعضهم أن يكون الاستحقاق المقبل الأسخن في تاريخ الانتخابات الرئاسية الموريتانية، خصوصاً بعد إعلان موالين للرئيس الحالي عزمه الترشح لولاية ثانية، إضافة إلى شخصيات سياسية أخرى سبق لها أن تحدثت عن استعدادها لدخول المعترك الانتخابي.
الأربعينية الطامحة لدخول القصر الرمادي في نواكشوط معروفة في دوائر الثقافة وريادة الأعمال، إذ إنها تنشط في المجال العام الموريتاني منذ أكثر من عقد من الزمن ومعروف عنها اهتمامها بمشاركة الشباب في الحياة السياسية ومطالباتها بضخ دماء جديدة في السياسة والإدارة.
ومنذ إعلان ترشح بيلندا عن نيتها خوض غمار الانتخابات المقررة في العام المقبل، ضجت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الموريتانية بالبحث والتساؤل عن هذه الشابة التي قررت منافسة الرجال في أرض الملثمين على رئاسة بلد لم يعرف يوماً حكم سيدة منذ استقلاله.
رابع سيدة تحاول
سلكت بيلندا فال طريقاً سبقتها إليه ثلاث سيدات حاولن الوصول إلى سدة الحكم وعجزن عن ذلك، في بلد ينتزع فيه الرجال السلطة بقوة السلاح ومنطق الأمر الواقع غالباً، إذ تخطى عدد الانقلابات في موريتانيا تسع انقلابات، مما يعني أن عدد محاولات الوصول إلى السلطة بالقوة يفوق عدد المرات التي نظمت فيها انتخابات.
وعلى رغم ذلك تقول بيلندا لـ"اندبندنت عربية" إنها تقدم نفسها للناخب الموريتاني بصفة مباشرة من دون وسيط حزبي أو أية أيديولوجيا، "ما يهمني هو خلق موريتانيا قوية ومتصالحة مع نفسها، سأعتمد على تحقيق ذلك بنهج طريق الحق والوعي والصراحة".
وعن السياق الذي جاء فيه إعلان بيليندا، يرى المراقب السياسي الربيع أدوم أن "موريتانيا شهدت خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة جديدة وهي ترشح عدد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي لمناصب انتخابية".
ويقول أدوم "هذ الترشحات بالفعل ليست جدية ولا تمتلك حظوظاً حقيقية في النجاح، لكنها ترشحات تصب في مصلحة أصحابها من حيث صناعة إطار سياسي يساعد في التأثير".
لكن بيلندا واثقة من ثراء تجربتها التي على أساسها قررت الترشح لمنصب الرئاسة، إذ ترى أنها "عملت لأكثر من 12 عاماً كمستشارة مستقلة في مجال الضغط والأمن الإقليمي لعدد من رؤساء الدول الأفريقية، بما في ذلك القذافي من 2009 إلى 2010".
وتضيف بيلندا "من 2017 إلى اليوم أعمل في مجال الأعمال التجارية وأركز بشكل أكبر على ممارسة الضغط باستخدام دفتر عناوين يتضمن بعضاً من أكثر الشخصيات نفوذاً في العالم".
بينما يرى التراد الحسن من المنظمة الموريتانية لمراقبة الانتخابات أن خطاب المرشحة "يركز على الشباب والبطالة والمشكلات الاقتصادية، وهو خطاب مستهلك جداً، ولم يعد يستقطب كثيرين، خصوصاً حين يصدر عن وجوه جديدة لم تكن معروفة في ميادين النضال السياسي لأن هؤلاء ينظر إليهم على أنهم مجرد انتهازيين سياسيين، ولا يحظون بالثقة".
حظوظ ضعيفة
جرت العادة في أدبيات الانتخابات الرئاسية التي عرفها الموريتانيون منذ عام 1992 أن يكون مرشح السلطة هو الأقوى والأكثر حظاً في النجاح، إلا أن موريتانيا تعرف في كل مناسبة انتخابية رئاسية ترشح شخصيات يقول المراقبون إن حظوظها في النجاح قليلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى عبد الناصر بيب أحد الناشطين في حملة ترشيح بيلندا فال أن "الوقت ما زال مبكراً لمعرفة مدى حظوظ المترشحة لأنها الوحيدة التي أعلنت ترشحها بشكل رسمي، وأعتقد بأنه بشكل عام ستكون حظوظ كل المرشحين ضعيفة مقارنة بمرشح السلطة، خصوصاً في ظل غياب ضمانات شفافية الانتخابات ونزاهتها".
ويلفت التراد الحسن إلى جزئية مهمة في سياق حظوظ بيلندا وهي أن "الحديث عن حظوظ الفوز سابق لأوانه لأن ذلك تسبقه حظوظ الترشح، فهل سيكون بمقدورها توفير شروط الترشح، على غرار مئتي مستشار بلدي، وهي التي لا تملك أي تجربة سياسية أو علاقات أو حضور".
ويضيف الحسن "من الواضح أن خطوة إعلان نية الترشح تدخل ضمن سياق نمط من الترشحات ظهر خلال الأعوام الأخيرة لبعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ومعظم هذه الترشحات لا تعدو كونها محاولة للفت الانتباه وزيادة عدد المتابعين والحصول على جمهور جديد من المهتمين بالسياسة".
انتشار افتراضي
تحظى صاحبة كتاب "أسرار الأديان" الذي ترجم إلى ثلاث لغات بمتابعة كبيرة على منصة "فيسبوك" في موريتانيا وتعرف في الأوساط الشابة كمثقفة تتحدث لغات عدة وتتمتع بعلاقات إقليمية كبيرة، إضافة إلى جذورها المتنوعة من جهة الأب والأم.
وهذا ما يعتبره عبدالناصر بيه من نقاط قوتها التي ستفاجئ الجميع في الاستحقاقات، ويضيف "لديها حظوظ كبيرة في استقطاب فئة كبيرة من الشباب، خصوصاً أنها سيدة طموحة وشابة ولديها برنامج انتخابي غير تقليدي وعملي جداً ومناسب للشباب، لا سيما الراغبين منهم في التغيير".
إلا أن الصحافي في موقع الصحراء محمد عبدي فلديه رأي استشرافي مغاير لمستقبل المرشحة "ربما نشاهدها بعد الرئاسيات مرشحة لمنصب دبلوماسي مهم باسم موريتانيا، نظراً إلى أنها تتقن لغات عدة ولأنها تملك علاقات مع شخصيات أفريقية وازنة".
ويضيف عبدي "الجمهور الموريتاني تعرف إلى بيليندا من خلال فيسبوك، مع العلم أن صفحتها الأكثر متابعة من بين الموريتانيين، لكنه قد لا يشاطرها كثيراً من الأفكار بحكم أنها تختلف معه في كثير من النقاط، فهي مثلاً لم تعش في موريتانيا ولا تعرف مشكلات الشباب ومشكلات البلاد".
في شأن أولوياتها إذا فازت برئاسة موريتانيا، تقول بيلندا "التعليم والتوظيف والأمن والعدالة وغيرها من الأمور، هو ما يشغل بال سيدة تطمح أن تحقق ما عجزت سيدات سبقنها إلى هذا الطموح"، لافتة إلى أنها تتمنى "ظهور طبقة وسطى قوية، بالتالي القضاء على الفقر في بلدي وإلى الأبد".