Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قيود أمنية تلاحق الإعلام الرقمي في إثيوبيا

الحكومة رفعت الحظر عن منصات التواصل وفي اليوم التالي سنت تشريعاً لمراقبة المحتوى

الحكومة الأثيوبية أصدرت تشريعاً لمراقبة المحتوى والوسائط المعلوماتية الرقمية (وسائل التواصل)

ملخص

رفع القيود في يوم وإعادة تقنينها في اليوم التالي... الإعلام الرقمي الإثيوبي تحت المراقبة 

استجابت الحكومة الإثيوبية، الثلاثاء الماضي للدعوات المتكررة التي طالبت برفع الإجراءات الاستثنائية المفروضة منذ فبراير (شباط) الماضي، والخاصة بحظر الوصول لعدد من التطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي الرئيسة على شبكة الإنترنت. 

وعانى الإثيوبيون من الوصول إلى تطبيقات "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" و"يوتيوب" و"تيك توك" و"تليغرام" خلال الشهور الخمسة الماضية نتيجة القيود الحكومية المفروضة عليها منذ التاسع من فبراير على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بعد التوتر الذي ساد بين حكومة أديس أبابا وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية (EOTC). 

وعادت الخدمات لطبيعتها في السادسة مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت غرينتش)، إذ تمكن الإثيوبيون مرة أخرى من الوصول بحرية إلى هذه المنصات الشهيرة على الإنترنت والتفاعل معها، من دون استخدام برامج مساعدة.

وظلت القيود تثير انتقادات من قبل جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية، إذ سبق لمنظمة العفو الدولية، أن نددت بالحصار المفروض على الإنترنت، واعتبرت أنها "تنتهك بشكل واضح حقوق المواطنين في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات". وفي خطوة موازية استنكر رئيس مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية دانيال بيكيلي الإجراءات التي وصفها بـ "المنافية للحقوق الأساسية للمواطنين، وفق الدستور الفيدرالي".

وانضم مجلس الإعلام الإثيوبي EMC في الثالث من مارس (آذار) الماضي، معرباً عن مخاوفه من العراقيل التي تضعها الدولة، أمام حرية التعبير والتواصل، داعياً إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى التوقف عن العمل المتكرر لحجب منصات التواصل الاجتماعي، وفي الأسبوع الماضي، قال مركز النهوض بالحقوق والديمقراطية CARD إن القيود التي استمرت خمسة أشهر على الوصول إلى الإنترنت تسببت في خسارة اقتصادية هائلة لإثيوبيا تجاوزت 140 مليون دولار. 

استجابة مشروطة 

وجاءت استجابة الدولة لمطالب الجماعات الحقوقية، فضلاً عن شركات الاتصالات، بعد مرور نصف عام، بخاصة بعد التحسن الذي ساد علاقة الحكومة الفيدرالية بالكنيسة الأرثوذكسية، وحلحلة أهم المشكلات بينهما بالحوار المباشر، لا سيما بعد مساهمة رئيس الوزراء الإثيوبي في إقناع القساوسة المنشقين عن الكنيسة الأم في إقليم الأورومو بالعودة عن قرارهم والانصياع لقرارات المجمع الكنسي المقدس في أديس أبابا. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الإثيوبية فيريهيوت تامرو، إن "التدابير الجديدة ستجنب البلاد خسائر هائلة"، مؤكداً أن عملاءهم ظلوا يضطرون خلال فترة الإغلاق إلى اللجوء لبرامج بديلة، تمكنهم بصعوبة من الوصول لشبكات التواصل الاجتماعي. 

وثمن تامرو دور المجتمع المدني في الضغط على الحكومة لرفع القيود الاستثنائية، مؤكداً أن ذلك يعطي انطباعاً جيداً للدولة الإثيوبية على المستوى الدولي، إلا أن هذه الاستجابة المتأخرة رافقتها إجراءات أخرى تحجم سيل تبادل المعلومات بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وذلك من خلال تشريعات تحدد حجم وطرق الوصول للمعلومات. 

تشريع جديد 

في وقت متزامن مع رفع القيود على شبكة الإنترنت أقر مجلس الوزراء الإثيوبي أمس الأربعاء مشروع قانون جديد لتنظيم إدارة واستخدام المعلومات الحكومية السرية وحقوق والتزامات مختلف المؤسسات والمسؤولين والموظفين الحكوميين، وكذلك الأطراف التي سيتم تمكينهم من الوصول إلى المعلومات بطرق مختلفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدرت لجنة الإعلام التابعة لرئاسة الوزراء بياناً قالت فيه إن التشريع فرضته الحاجة إلى "تحديد المعلومات الحكومية السرية بوضوح" وأحكام الدولة لتنظيم استخدام هذه المعلومات، بما في ذلك حقوق والتزامات المؤسسات الحكومية والأطراف الأخرى التي يتم تقديم المعلومات لها، لافتة إلى أنه يستهدف "حماية أمن وسيادة البلاد من التعرض للمخاطر"، علاوة على "إنشاء نظام تشغيل شفاف وخاضع للمساءلة" لتصنيف المعلومات الحكومية السرية و"ضمان عدم الكشف عن المعلومات أو فقدها أو تغييرها أو نقلها بشكل غير قانوني".

ولم يذكر البيان الصادر عن مجلس الوزراء ما إذا كان المجلس أحال مشروع القانون لمجلس نواب الشعب (البرلمان) قبل الموافقة عليه، وبدلاً من ذلك قال نصاً إنه "بعد مناقشة مستفيضة حول مسودة اللائحة، قرر مجلس الوزراء بالإجماع تفعيل التشريع والعمل به اعتباراً من يوم نشره في الصحيفة الرسمية".

مراقبة المحتوى

وتضمن المشروع جزءاً يخص "قانون تنظيم ومراقبة محتوى تكنولوجيا المعلومات والأمن"، الذي يسعى إلى منع ومكافحة الآثار السلبية للمحتوى المعلوماتي، لا سيما تلك التي تأتي من قنوات ووسائط تابعة لجهات خارجية أو معارضين مقيمين بالخارج. 

وأشار بيان المجلس إلى "السماح للمواطنين بالحصول على فهم كافٍ للتأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدثها محتوى تكنولوجيا المعلومات التي لا يتم التحكم فيها بشكل صحيح على أمن الدولة"، وضرورة "النص بوضوح على الحقوق والالتزامات"، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات المناسبة مع التي تشكل تهديدات.

البيان لديه إشارة واضحة إلى أن الأجهزة الأمنية وفقاً لهذا التشريع، ستكلف بمهام متابعة الوسائط الإعلامية، سواء على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، كما ستتمتع بصلاحيات حجب بعضها، إذا ارتأت أنها تضر "بالأمن والسلم الاجتماعي" مما يفتح الباب واسعاً، للرقابة الإعلامية بخاصة تجاه قنوات ووسائط معارضة.

قيود ناعمة 

بدوره قال الإعلامي النشط على وسائل التواصل الاجتماعي ألولا ليني، إن الحكومة اتخذت قرارين في وقت واحد، الأول رفع القيود والثاني فرضها بطريقة أخرى، مضيفاً أنها "لم تكن قانونية خلال ما يقرب من نصف عام، وجرت انتقادات دولية ومحلية واسعة ضد أديس أبابا"، مستطرداً "القيود الجديدة سيكون لديها مصوغ قانوني، وقد تكون أكثر قسوة من سابقتها". 

واعتبر ليني تمرير التشريع عبر الجهة التنفيذية (مجلس الوزراء) من دون العودة للسلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان مخالفاً للدستور الفيدرالي، موضحاً أن الحكومة لديها "نية لانتهاك حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم" بطرق تكتسب قوة القانون، على رغم أن عدم المصادقة عليها من قبل البرلمان ينقص من مشروعيتها. 

وأضاف الناشط الإعلامي أن عبارة "الإضرار بالأمن والسلم الاجتماعي، وتعريض البلاد للمخاطر" تبدو فضفاضة لا يضبطها أي قانون، وستظل خاضعة لتقدير الجهات التنفيذية، وهذا ما يخالف مبدأ دستوري أساسي وهو الفصل بين السلطات، فضلاً عن أن الجهة المنوط بها سن التشريعات هي البرلمان وليس المؤسسة التنفيذية، مما يكشف "تغول السلطة التنفيذية على السلطات التشريعية والقضائية.

وأكد ليني أن هناك مخاوف مبررة من قبل الإعلاميين والناشطين، بخصوص "استخدام هذا التشريع الجديد، لتكميم الأفواه، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في حجب وحظر المواقع والمنصات المعارضة". 

ويعتقد ليني "أن عمل الجماعات الحقوقية والصحافية ينبغي أن يتضاعف الآن حتى لا يتم التراجع عن المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بتضحيات العاملين في المجال"، داعياً نواب الشعب إلى رفض "التشريعات التي يتم إقرارها بعيداً من قبة البرلمان"، وضرورة مساءلة وزيري الإعلام والداخلية، فضلاً عن رئيس الوزراء أمام مجلس النواب عن أسباب عدم تقديم المشروع للبرلمان، وكذلك تحديد مفهوم الإضرار بالوطن والعبث بالسلم والأمن حتى لا يتم استغلالها سياسياً لمصلحة الحزب الحاكم وتصفية معارضيه. 

نهاية الفوضى

من جهته يري عضو حزب الازدهار الحاكم المايهوا بكيلي خلال إفادة لإحدى الإذاعات المحلية "أن الحكومة استجابت للمطالب الشعبية، وحق المواطن في حرية التعبير والوصول للمعلومة" من خلال التشريعات الجديدة، بخاصة بعد زوال المخاطر التي كانت تمثلها الدعوة للاحتجاجات. 

وفي رده على سؤال حول قانون الرقابة على محتوى الإعلام الرقمي قال بكيلي إن "القانون سينظم الرسالة الإعلامية ويكبح التحريض على العنف، والحد من خطاب الكراهية، الذي تسبب في نشوب عدد من أعمال العنف في أكثر من إقليم"، لافتاً إلى أن "أكثر من خمس أقاليم إثيوبية تعيش على وقع المواجهات العرقية المسلحة، كنتيجة مباشرة لفوضى القنوات الرقمية التي تحض على الكراهية والعنف". 

وأشار المسؤول الحزبي إلى أن عدداً من القنوات الرقمية ظلت تعمل من دون أي مسؤولية أو التزام قانوني أو أدبي أو أخلاقي تجاه الوطن، لافتاً إلى نوعين من التي تستغل غياب التشريعات الخاصة بالإعلام الرقمي، الأولى ممولة من جهات خارجية وتعمل وفق أجنداتها، والثانية تلهث خلف هدف المشاهدات العالية من أجل تحقيق ربح مادي مباشر، وكلاهما - بحسب قوله- تمارس جرائم تصل حد التسبب في إزهاق أرواح مئات الأبرياء من الإثيوبيين. 

وأكد بكيلي أن من أولى أولويات الدولة ومسؤولياتها القانونية والسياسية، هي الحفاظ على أرواح المواطنين، وعدم تعرضهم للتحريض بناء على عرقهم أو لونهم أو دينهم. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير