Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حديقة الحيوان المصرية تغادر "خريطة النزهات" مؤقتا  

مغلقة 18 شهراً للتطوير والحكومة تطمئن الجمهور في شأن مبانيها الأثرية وأشجارها النادرة

جرى إغلاق الحديقة في التاسع من يوليو الجاري وتسليمها إلى فريق تطوير بريطاني (مواقع التواصل)

ملخص

أثير الجدل في شأن عملية التطوير هذه، وتتابعت الأسئلة المتعلقة بسعر التذكرة التي لم تكن تزيد على خمسة جنيهات مصرية.

في مطلع يوليو (تموز) الجاري، حرص محمد عبدالفتاح على اصطحاب أطفاله الثلاثة لزيارة حديقة الحيوان المصرية في محافظة الجيزة خلال أحد أيام عطلة عيد الأضحى، وهي نزهة مميزة لدى كثير من الأسر المصرية قبل عملية تطوير الحديقة التي سبق الإعلان عنها من جانب الحكومة.

قبلها ثار الجدل في شأن عملية التطوير هذه وتتابعت الأسئلة المتعلقة بسعر التذكرة التي لم تكن تزيد على خمسة جنيهات (0.16 دولار)، لذلك كان قرار الأب باصطحاب الأطفال إلى هناك فربما لن يستطيع فعل ذلك مستقبلاً. يقول "لا أعرف كيف ستصبح، لكنني أتمنى أن تكون بعد التطوير أفضل حالاً مما هي عليه الآن".

يوضح عبدالفتاح أنه زار الحديقة في طفولته مع الأسرة وكان مشدوهاً بمنظر الحيوانات التي يشاهدها عن قرب، ثم تكررت الزيارات حتى صار أباً وباتت الزيارة ضرورية للترفيه عن أولاده وإكسابهم معلومات عن الحيوانات.

لا يملك الرجل تصوراً حول تطوير الحديقة، لكنه يأمل في بضعة أشياء، على رأسها تزويدها بحيوانات جديدة والاهتمام بنظافتها وإتاحة خدمات عدة للزوار لتصبح أكثر جذباً، لكنه في الوقت نفسه يتوقع ارتفاع سعر تذكرتها ويتمنى أن يظل بالمتناول.

جاءت فكرة إنشاء الحديقة في عهد الخديوي إسماعيل وجرى افتتاحها عام 1891 في عهد الخديوي توفيق وهي الأولى من نوعها في أفريقيا والشرق الأوسط وتمتد على مساحة 80 فداناً.

جرى إغلاق الحديقة الأحد في التاسع من يوليو الجاري وتسليمها إضافة إلى حديقة الأورمان المجاورة لها إلى فريق التطوير والتشغيل الإنجليزي بحضور اللجان المعنية في وزارتي الزراعة والإنتاج الحربي وفريق التطوير والتشغيل، بحسب بيان لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية.

أبواب مثيرة للشجن

مع انتشار صور لأبواب الحديقة المغلقة للتطوير لمدة 18 شهراً، تداعت الذكريات على مواقع التواصل الاجتماعي ما بين صور وفيديوهات من داخل الحديقة التي كانت قبلة لكثير من المصريين، لا سيما في الأعياد والإجازات الرسمية وأيام العطلات، وفي عيد الأضحى الماضي استقبلت الحديقة 250 ألف زائر خلال أربعة أيام، بحسب تصريحات رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان محمد رجائي.

ساءت أحوال الحديقة على نحو كبير وكانت جمعيات للرفق بالحيوان وأخرى مهتمة بالبيئة تنتقد القصور والإهمال اللذين طاولاها، وهو أمر ذكره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 حين قال في إطار حديثه عن التنمية والتطوير والعقبات التي تواجه الدولة المصرية "عايزين تعرفوا مصر عاملة إزاي؟ روحوا حديقة الحيوان، شوفوا حجم التردي، وحجم السلبيات".

الرئيس دعا أيضاً في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تطوير حديقة الحيوان، وبعد تداول تفاصيل بلا سند حول عملية التطوير ونقل ملكيتها، أصدرت وزارة الزراعة بياناً قالت فيه إنه لا صحة لنقل ملكية الحديقة لأية دولة أو جهة، وإنها ستعود لوزارة الزراعة بعد انتهاء مدة حق الانتفاع. كما تناول البيان الإهمال الذي طاول الحديقة حتى خرجت من التصنيف العالمي منذ عام 2004 ونفوق عدد من الحيوانات وعدم القدرة على عويضها أو تزويد الحديقة بحيوانات بديلة.

عدم اتباع المعايير الدولية في تربية الحيوانات وإيوائهم وتهالك البنية التحتية للحديقة وعدم تحديثها كانت ضمن أسباب خروج الحديقة من التصنيف العالمي، بحسب بيان وزارة الزراعة التي أوضحت تفاصيل عدة تتعلق بالتطوير منها "رجوع الحديقة إلى إطار الاتحاد العالمي لحدائق الحيوان وعدم المساس بالمساحات الخضراء والحفاظ على الأشجار والنباتات النادرة داخلها وعدم المساس بالمباني الأثرية والتاريخية مثل كوبري إيفل والقاعة الملكية والجبلاية وجزيرة الشاي والمتحف الحيواني".

ماذا يفعل العمال؟

كان صالح إسماعيل يعمل في حديقة الحيوان السبت في الثامن من يوليو الجاري حين أخرجوا الجمهور منها قبل إغلاق الحديقة للتطوير.

اقترب صالح من الخروج على المعاش ويذهب خلال تلك الفترة إلى الحديقة لوضع الطعام لعدد من الحيوانات وتنظيف أماكنها، ويأمل في أن ينجح التطوير بوضع الحديقة في مكانة أفضل وأن تجذب زواراً أكبر بعد افتتاحها، لكنه لا يعرف دوره في مرحلة ما بعد التطوير، يقول "أنا معين في وزارة الزراعة كعامل في حديقة الحيوان، ولا أعرف ما الذي سيحدث، لكن المسؤولين أخبرونا أننا مستمرون في العمل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الخوف نفسه حيال المستقبل ينتاب عاملاً آخر، رفض ذكر هويته، لكنه يتمنى أن يعيد التطوير الحديقة إلى التصنيف الدولي لحدائق الحيوان لما لذلك من أثر على الحديقة محلياً ودولياً، يوضح لـ"اندبندنت عربية" أن طبيعة عمله لم تتغير خلال الأيام الماضية منذ إغلاق الحديقة للتطوير، لكنه لا يعرف ما الذي سيتبدل في طبيعة عمله خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أنهم ما زالوا يناقشون الأمر مع المسؤولين.

يتذكر محمد، وهو أحد العاملين في الحديقة منذ عام 1988، الفترة التي جرى فيها إغلاقها إبان جائحة كورونا، وما سبقها من إقفال على خلفية أزمة إنفلونزا الطيور، وهي فترات صعبة عليه وعلى العاملين معه، لكن عزاءه أن التطوير سيعيد الحديقة إلى التصنيف العالمي من جديد.

يتمنى الرجل وصول أنواع جديدة من الحيوانات خلال فترة التطوير مع الحفاظ على هوية المكان وتوفير بيئة مشابهة للتي يعيش فيها الحيوان، مضيفاً "فترة التطوير ستمر سريعاً، المهم أن تعود الحديقة في رونق جديد يحبه المصريون، ونحن ملتزمون بعملنا الاعتيادي، والفارق الآن هو غياب الجمهور فقط".

 

يعتبر محمد أنه كان ينبغي تطوير الحديقة منذ فترة، وعلى رغم عمله فيها منذ نحو 35 عاماً فإنه ظل خائفاً على مستقبله فيها إلى أن طمأنه المسؤولون، مؤكداً "وعدونا بأنه لن يجري أي تغيير في عملنا، فنحن لدينا خبرة طويلة في التعامل مع الحيوانات وننتظر إتمام عملية التطوير وعودة الجمهور من جديد".

بحسب بيان لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية، سيجري تنفيذ قرارات جديدة تخص العاملين والموظفين، منها نظام تأمين صحي جديد وتغيير مواعيد العمل لتصبح من العاشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً، كما سيتم الاحتفاظ بجميع فرق عمل الحديقتين من عمال وموظفين وهيكل إداري، وسيكونون جميعاً عمالاً في حديقة واحدة بعد ضم الاثنتين (الحيوان والأورمان)، وبحسب البيان فإن رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان محمد رجائي أكد استمرار العاملين بالحديقتين "لأنهم خبرات نادرة يصعب تعويضها".

البيئة والمناخ والتراث

تقول دينا ذو الفقار، وهي ناشطة مصرية في مجال حقوق الحيوان والبيئة، إن التطوير يجب أن يكون متماشياً مع الأهداف الحديثة لحدائق الحيوان، خصوصاً في ما يتعلق بالتغير المناخي والخطوات التي اتخذتها الحكومات بالنسبة إلى البيئة بشكل عام، بما في ذلك الحيوانات والنباتات.

لكن ذو الفقار ترى أن ما نشر في شأن خطة التطوير والحديث عن الحفاظ على الأشجار والحيوانات والربط بين الحديقتين (الحيوان والأورمان) ليست أموراً كافية، وتخشى من غياب الرؤية في ما يتعلق بالتطوير، لكنها تضيف "بالتأكيد ستكون هناك إيجابيات بحكم أن أموالاً ستنفق على عملية التطوير".

من ناحية أخرى تقول ذو الفقار لـ"اندبندنت عربية" إن عملية تطوير حديقة الحيوان يجب أن تتم بالتوازي مع التوعية بحقوق الحيوان ورفع وعي المواطنين في هذا الشأن والحفاظ على الطبيعة أيضاً من خلال وزارة الثقافة، لكن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تلعب ذلك الدور في غياب دور الدولة المأمول.

 

ووفق تصريحات للمستشار الإعلامي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي أحمد إبراهيم، فإن تطوير الحديقة يخضع لإشراف الاتحادين الأفريقي والدولي لحدائق الحيوان، وفي تصريح متلفز قال إن الحديقة "ستكون مفتوحة من دون حواجز أو أقفاص مع الحفاظ على كل ما هو نادر وأثري فيها من أشجار ونباتات ومبانٍ وحتى سور الحديقة".

وأكد أن ما سيتم البدء به وترميمه هو الأشياء الأثرية عبر لجنة مكونة من وزارة الآثار لمعاينة بعض الأماكن وترميم وصيانة كل ما هو أثري، لافتاً إلى أنه ستضاف إلى الحديقة وسائل ترفيه وحيوانات جديدة مع ربطها بحديقة الأورمان من خلال نفق.

وأضاف "هناك أعمال كبيرة ستنفذ، فالحديقة مساحتها 86 فداناً، وحين يكون هناك تطوير لجزء ستكون الحيوانات في جزء آخر، وهناك أكثر من 5 آلاف نوع من الحيوانات تحت إشراف هيئة الخدمات البيطرية"، لافتاً إلى أن "التحالف القائم على عملية التطوير سيدير الحديقة بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاماً، مع دفع إيجار سنوي يزيد بنسبة معلومة مسبقاً".

مع الإعلان عن تطوير الحديقة، نشر بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل تخص النباتات النادرة والأشجار المعمرة، كما ظهرت بضع تدوينات حول تجريف أشجار نادرة في إطار تنفيذ النفق بين حديقتي الحيوان والأورمان، وهو ما نفاه المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري في بيان نشره على صفحته بموقع "فيسبوك"، مؤكداً أنه "بالتواصل مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي نفت تلك الأنباء وأوضحت أنه لا يمكن المساس بأي من النباتات والأشجار النادرة الموجودة بحديقة الحيوان".

ولفت البيان إلى أنه "مع تنفيذ خطة التطوير ورفع كفاءة الحديقة وخدماتها سيتم الحفاظ على النباتات والأشجار النادرة فيها بهدف تعظيم الاستفادة من مقوماتها وإعادة الحديقة إلى رونقها وطابعها التراثي لتكون على غرار الحدائق العالمية المفتوحة بلا حواجز، مع تطبيق أعلى معايير الأمان العالمية من دون أية خطورة على الزائرين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير