ملخص
خدمة الطقس الوطنية في بريطانيا تصدر تقريراً جديداً على خلفية موجة الحر الشديدة التي تضرب جنوب أوروبا وتقول إن صيف عام 2022 الملتهب في البلاد "سيبدو معتدلا" في المستقبل
نبه "مكتب الأرصاد الجوية" في المملكة المتحدة Met Office إلى أن الصيف الحار الذي عانته بريطانيا العام الماضي، والذي سجل درجة حرارة مرتفعة بلغت 40 مئوية، "سيعتبر معتدلاً" بحلول نهاية القرن الجاري، بحيث من المتوقع أن يزداد تواتر الأحداث الجوية المتطرفة.
وقد حلل "مكتب الأرصاد الجوية" في تقريره السنوي عن حال المناخ في المملكة المتحدة، وضع الطقس في عام 2022، محذراً من أن درجات الحرارة التي تتجاوز 40 درجة مئوية وموجات الجفاف الصيفية وحرائق الأعشاب والأمطار الغزيرة، ستزداد تواتراً وشدة في المستقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت موجة حر شديدة قد اجتاحت البلاد الصيف الماضي، حين سجل رقم قياسي جديد (40.3 درجة مئوية)، وأبلغ عن اندلاع عدد من حرائق الغابات في مختلف أنحاء بريطانيا. ووفقاً لتقرير مشترك صادر عن "المكتب الوطني للإحصاء" Office of National Statistics (ONS) و"وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UK Health Security Agency، فقد سجلت أكثر من ثلاثة آلاف حالة وفاة مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة في كل من إنجلترا وويلز، خلال خمس "موجات حرارية"، في الفترة الممتدة ما بين شهري يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) عام 2022.
وفيما كان عام 2022 سنة "استثنائية" بالنسبة إلى المملكة المتحدة من حيث الطقس والمناخ، رأى "مكتب الأرصاد الجوية" من خلال تحليله، أن هذه الظروف "هي بمثابة تحذير محتمل لما يجب أن نتوقعه في المستقبل"، نتيجة أزمة تغير المناخ التي يتسبب بها الإنسان.
الخبير في "المركز الوطني لمعلومات المناخ" National Climate Information Centre التابع لـ"وكالة الأمن الصحي"، مايك كيندون قال إنه "في ما يتعلق بالطقس والمناخ، فإن عام 2022 كان استثنائياً بالنسبة إلى المملكة المتحدة".
وأشار إلى أنه "كان العام الأكثر احتراراً في سجل بريطانيا طويل الأمد، وفقاً لسلسلة الأرقام القياسية المسجلة على المستوى الوطني، والتي تعود إلى عام 1884، وكان بالنسبة إلى وسط إنجلترا، الأكثر دفئاً في سلسلة امتدت لأكثر من ثلاثة قرون، إضافة إلى ذلك، شهدنا موجة حر غير مسبوقة، مع تسجيل الحرارة 40 درجة مئوية في المملكة المتحدة لأول مرة، مما يشكل لحظة غير مسبوقة في تاريخ المناخ".
وأضاف كيندون أن درجات الحرارة التي حطمت الأرقام القياسية، وموجة الحر التي ضربت البلاد في شهر يوليو (تموز) العام الماضي، بات تكرارهما "أكثر احتمالاً" بسبب تغير المناخ، مشيراً إلى أن "’مكتب الأرصاد الجوية‘ يتوقع تحطيم الطقس المزيد من درجات الحرارة القياسية" في المستقبل.
وأوضح أن التوقعات للمناخ تظهر أنه "حتى في ظل سيناريو انبعاثات متوسطة، فإن عاماً مثل عام 2022... يمكن أن يكون هو المعيار السائد مع حلول منتصف القرن الحادي والعشرين، وأن يعتبر معتدلاً نسبياً مع حلول نهاية القرن".
ومن النتائج الأخرى التي تضمنها تقرير "مكتب الأرصاد الجوية" البريطاني، أن موجة الحر التي شهدها عام 2022 "زادت من احتمال تكرارها أزمة تغير المناخ الناجمة عن أنشطة البشر"، وهذا يعني أن أحداث الحرارة الشديدة هذه ستصبح "أكثر تواتراً وشدة، وستستمر لفترات طويلة".
وقد حذر خبراء المناخ أيضاً من أن البنية التحتية البريطانية لم تخطط كي تتحمل "الطقس المتقلب والاضطرابات المتزايدة التي نشهدها اليوم".
وفي تعليق على التقرير، قال متحدث باسم شركة "ناشونال ريل"National Rail (المركز الإداري لبيع تذاكر القطارات في بريطانيا) إن "ضمان مرونة شبكتنا في مواجهة تغير المناخ، سيكون التحدي الأكبر لقطاع السكك الحديدية في هذا الجيل".
ولفت إلى أن "معظم بنيتنا التحتية خططت وأنشئت في العصر الفيكتوري، وفيما صمدت هذه الأصول إلى حد كبير أمام اختبارات الزمن، فلم يتم بناؤها للتعامل مع الطقس المتقلب والاضطرابات المناخية التي نشهدها اليوم".
تجدر الإشارة إلى أن النتائج التي توصل إليها فريق "مكتب الأرصاد الجوية"، تأتي بعد أيام من تلميح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى تمييع في السياسات البيئية لحكومته، في إطار التعامل مع حالة الطوارئ المناخية وعلى خلفية موجة الحر المستمرة في جنوب أوروبا، حيث تواجه بلدان عدة في حوض البحر الأبيض المتوسط - بما فيها اليونان - حرائق غابات مستعرة.
وفيما أكد مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" أن الحكومة البريطانية ما زالت ملتزمة الوفاء بتعهدها تحقيق هدف صافي الصفر من الانبعاثات الحرارية بحلول عام 2050، قال متحدث رسمي إن رئيس الوزراء "يحرص على الاهتمام بالمستهلكين والشركات والإصغاء إليهم، وإخضاع ’السياسات المستدامة‘ مثل حظر بيع السيارات الحديثة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2030، للفحص والتدقيق باستمرار".
إلا أن حزب "المحافظين" يشهد في الوقت الراهن انقساماً حول السياسة البيئية للحكومة، بعدما تمكن "المحافظون" من الاحتفاظ بمقعد دائرة أكسبريدج بفارق ضئيل في الانتخابات الفرعية التي أجريت أخيراً، وذلك نتيجة حملة معارضة لتوسيع "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" (أوليز) Ultra-Low Emission Zone (Ulez) التي يؤيدها رئيس بلدية لندن (العمالي) صادق خان.
الدكتور جيمس باينتر الباحث في "معهد رويتر" Reuter Institute - الذي يتمتع بخبرة ومعرفة عميقة في طريقة عرض القضايا المتعلقة بتغير المناخ، وتغطيتها في وسائل الإعلام البريطانية - أوضح لـ"اندبندنت" أن مستوى الشك بين الناس في ما يتعلق بتسبب الإنسان في تغير المناخ هو "شديد الضآلة"، في حين أن "الدعم العام لسياسات الحد من الانبعاثات، هو أكثر هشاشة".
وأضاف "تظهر الأبحاث أن التشكيك في العلوم الأساسية لتغير المناخ قد يتراجع على الأرجح في وسائل الإعلام الرئيسة. وقد يكون ذلك جزئياً لأنه من الصعب على نحو متزايد على المشككين إنكار تغير المناخ عندما يقع كثير من الأحداث المتطرفة في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن ما نراه في الأشهر الأخيرة هو تحول شديد نحو "التشكيك في السياسات المناخية"، من خلال طرح مستمر وصارم لعلامات الاستفهام حول السياسات الحكومية المعتمدة في معالجة أزمة تغير المناخ، كتحقيق هدف الصفر البحت، أو اعتماد "الأحياء ذات حركة المرور المنخفضة" Low Traffic Neighbourhoods (LTNs) (التي تطبق فيها سلسلة إجراءات، كإغلاق طرق، وخفض حدود السرعة، والتقليل من حركة السير).
© The Independent