Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقطة نيمو المعزولة مقبرة المركبات الفضائية

أظهرت عينات المياه المأخوذة وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة

تشير التقديرات إلى أن ما بين 100 و200 طن من الحطام الفضائي تعود إلى الأرض كل عام، وينتهي بعضه في نقطة نيمو (ويكيبيديا)

ملخص

منذ سبعينيات القرن الـ20 اختارت وكالة ناسا ووكالات الفضاء الأخرى نقطة نيمو لتكون مقبرة لمعداتها، ومنذ عام 1971 وحتى منتصف عام 2016، جلبت وكالات الفضاء من مختلف أنحاء العالم ما لا يقل عن 260 جسماً إلى المنطقة من المدار

على بعد نحو 2688 كيلومتراً جنوب المحيط الهادئ تقع أكثر منطقة معزولة على كوكب الأرض، هناك حيث لا سفن تجارية تمر ولا بشر عابرون بالصدفة، بل ماء وسماء ومحطة الفضاء الدولية التي تعد أقرب نقطة لها من أي يابسة على الأرض.

كانت تسمى سابقاً نقطة قطب المحيط المتعذر الوصول إليه، لتسمى لاحقاً نقطة نيمو، هناك حيث ترقد محطة مير الفضائية بسلام، وتتحضر مياهها لتضم عام 2031 محطة الفضاء الدولية.

الموقع والتسمية

استطاع مهندس المسح الكرواتي هرفوي لوكاتيلا من تحديد نقطة نيمو، وقد واجه في ذلك صعوبات في تحديد إحداثياتها الدقيقة، مثل اختيار حافة الشريط الرملي والمد والجزر في جزيرة دوسي أتول وجزيرة ماهر التي تقع تحت الجليد معظم السنة.

وتقع نقطة نيمو عند خط عرض 48°52.6′ جنوباً وخط طول 123°23.6′ غرباً، ويقدر أن أقرب الأراضي إلى نقطة نيمو تبعد عنها 2700 كيلومتر، وهي جزيرة ديوسي في جزر بيتكيرن إلى الشمال، وجزيرة موتو نوي الصغيرة في جزيرة إيستر إلى الشمال الغربي، وجزيرة ماهر في القارة القطبية الجنوبية إلى الجنوب، أما إلى الغرب فيجب أن يتم السفر على طوال الطريق إلى جزر تشاتام في نيوزيلندا، وإلى الشرق على طوال الطريق إلى تشيلي للعثور على منطقة مأهولة بالسكان.

ويشير اسم النقطة إلى الكلمة اللاتينية nemo، التي تعني "لا أحد"، ويقال إنها حملت اسم شخصية الكابتن نيمو من رواية جول فيرن 20 ألف ميل من الملاحة تحت الماء، ومنذ ذلك الحين حظيت فكرة مثل هذا المكان البعيد في المحيط بنجاح كبير كأسلوب أدبي، إذ اختار مؤلف الخيال العلمي الأميركي هوارد لافكرافت موقعاً في جنوب المحيط الهادئ قرب القطب المحيطي الذي لا يمكن الوصول إليه لمدينة ريليه المعزولة الخيالية، إذ سجن الكيان الكوني كاثولو. كما أصدرت الفرقة الافتراضية غوريلاز التي أنشأها الموسيقي البريطاني دامون ألبورن، ألبوم Plastic Beach، وهو ألبوم مستوحى من قارة تقع على نفس خط العرض والطول مثل نقطة نيمو، وهو مخصص للحفاظ على البيئة البحرية نظراً إلى كمية البلاستيك الموجودة في تلك المنطقة.

تلوث على رغم العزلة

ففي مثل هذا المكان المعزول توجد الملوثات، إذ أظهرت عينات المياه المأخوذة من نقطة نيمو وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة ما بين 9 و26 جزيئاً لكل متر مكعب، وعلى رغم أن هذا الرقم ضئيل مقارنة بالمناطق الأكثر تلوثاً في العالم، مثل بحر الصين الجنوبي، إذ يوجد ما يصل إلى 350 جزيئاً بلاستيكياً لكل متر مكعب، فإن حقيقة وصول الجزيئات إلى مثل هذا الموقع البعيد دليل على النطاق العالمي للمشكلة.

وعلى رغم أن نقطة نيمو هي المكان الأكثر عزلة على وجه الأرض، فإن مياهها تشكل جزءاً من نظام بيئي معقد للمحيط، فهي تقع في مركز دوامة جنوب المحيط الهادئ وهو نظام ضخم من التيارات المحيطية التي تدور في اتجاه عقارب الساعة، كما أن مياه المنطقة منخفضة للغاية في العناصر الغذائية، نتيجة لعدم وجود مدخلات عضوية من الأرض.

وبسبب هذه الظروف القاسية، أصبحت الحياة في مياه نقطة نيمو محدودة للغاية، فهي تفتقر إلى أشكال أكبر في الحياة البحرية مثل أسماك القرش أو الأسماك الكبيرة، إضافة لعدم وجود العوالق النباتية التي تشكل أساس السلسلة الغذائية البحرية إلا في أعماق أكبر. ومع ذلك فهي موطن لعديد من الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا التي تلعب دوراً رئيساً في الدورات البيوكيماوية العالمية، كذلك تعيش قرب الفتحات البركانية في قاع البحر، سرطانات صغيرة تكيفت مع الظروف القاسية في هذا الجزء من المحيط.

مقبرة المركبات الفضائية

منذ سبعينيات القرن الـ20 اختارت وكالة ناسا ووكالات الفضاء الأخرى نقطة نيمو لتكون مقبرة لمعداتها، ومنذ عام 1971 وحتى منتصف عام 2016، جلبت وكالات الفضاء من مختلف أنحاء العالم ما لا يقل عن 260 جسماً إلى المنطقة من المدار، فهذا هو موقع دفن محطة الفضاء الروسية مير التي تم إخراجها عن مدارها عمداً عام 2001، وفي الأعوام المقبلة ستنضم إليها أيضاً محطة الفضاء الدولية (ISS).

إذ تشير التقديرات إلى أن ما بين 100 و200 طن من الحطام الفضائي تعود إلى الأرض كل عام، وينتهي بعض هذا الحطام في نقطة نيمو، وذلك بسبب عزلتها الشديدة وعدم قربها من ممرات الشحن الرئيسة. وقد تم إخراج أكثر من 260 مركبة من الخدمة هناك خلال الأعوام الـ45 الماضية. ويوضح المتخصصون أنه يمكن دخول الحطام الفضائي الأصغر حجماً إلى الأرض من دون أن يلحظه أحد، لكن المركبات الفضائية الأكبر حجماً تشكل معضلة أكبر لأنها قد تعود إلى الأرض بسرعات عالية، وغالباً ما تكون محملة بحطام مشتعل، لذلك من الأهمية بمكان أن تحدث بعيداً من الأرض أو الناس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أنها منطقة نائية للغاية، فإنه يجب إخطار السلطات النيوزيلندية والتشيلية عندما يتم إيقاف تشغيل مركبة فضائية في نقطة نيمو لضمان تجنب المنطقة تماماً، وقد أعلنت وكالة الفضاء الأميركية ناسا أنها ستوقف تشغيل محطة الفضاء الدولية التي يبلغ طولها 109 أمتار في نقطة نيمو في أوائل عام 2031، إذ ستغرق في المياه فيما أطلقت عليه الوكالة اسم "إخراجها من المدار". وستبدأ عملية إخراجها من المدار عام 2026، عندما سيتم إنزال المختبر الفضائي ببطء.

العواقب البيئية لوجود مقبرة فضائية

وعلى رغم أن نقطة نيمو تعد مكاناً آمناً لإنزال المركبات الفضائية من المدار، فإن هناك مخاوف في شأن التأثير البيئي لحطامها، فقد تحوي المعادن والمواد التكنولوجية الأخرى المترسبة في قاع المحيط على مواد سامة، والتي قد تؤثر سلباً في المياه والحياة البحرية بمرور الوقت. ويدرس العلماء هذه الأخطار المحتملة، ولكن في الوقت الحالي لا يوجد دليل قاطع على تأثيرها في النظم البيئية للمحيطات.

ونظراً إلى العدد المتزايد من الأجسام التي خرجت من مدارها، فإن مزيداً من الرصد لهذه الظاهرة أمر ضروري، ومن المرجح أن تظل نقطة نيمو مقبرة فضائية لأعوام عدة مقبلة، ولكن الوعي البيئي المتزايد والحاجة إلى حماية البيئة قد تجبر وكالات الفضاء على البحث عن حلول بديلة للتخلص من الأجسام الفضائية.

ويذكر أنه في أبريل (نيسان) 2024، حقق المستكشف البريطاني كريس براون إنجازاً تاريخياً عندما أصبح أول شخص يسبح في نقطة نيمو. وقد أبحر براون الذي يهدف إلى زيارة جميع أقطاب العالم الثمانية، من تشيلي في 12 مارس (آذار) مع ابنه وطاقم سفينة هانسي إكسبلورر في رحلة استكشافية وعاد لليابسة في 31 مارس.

المزيد من بيئة