ملخص
أوكرانيا تصعد هجماتها على روسيا لكن التقدم سيكون بطيئاً.
يبدو أن أوكرانيا تسعى بجد لاختراق الدفاعات الروسية المحصنة بإحكام في جنوب شرقي البلاد، إلى درجة أن الرئيس فلاديمير بوتين نفسه أقر بأن "[وتيرة] الاشتباكات قد تصاعدت بشكل كبير".
وفي التفاصيل، تسعى كييف للتقدم نحو ساحل بحر آزوف، في محاولة لاختراق الممر البري بين روسيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بشكل غير مشروع في عام 2014. بهدف تقسيم القوات الروسية إلى قسمين وقطع خطوط إمداد الوحدات المتمركزة في أماكن أبعد غرباً.
وأعلنت القوات العسكرية الأوكرانية أن روسيا تلجأ إلى القصف المدفعي العنيف وإلى الغارات الجوية المكثفة للحد من تقدم قوات كييف.
وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية هانا ماليار، إن قوات بلادها تتقدم نحو مدينة ميليتوبول في منطقة زابوريجيا، على مقربة من بحر آزوف. وبدورها، تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن هجمات على بلدة روبوتين، الواقعة على مسافة ساعتين بالسيارة من ميليتوبول، ويبدو أن قوات كييف تمكنت من اختراق بعض المواقع الدفاعية الروسية في المنطقة.
أما وسائل الإعلام الأميركية، فنقلت عن مسؤولين في البنتاغون أن المعارك في منطقة جنوب زابوريجيا تشير إلى أن أوكرانيا انطلقت، أخيراً، في "المعركة الأساسية" من هجومها المضاد، وسط [تقارير] عن إرسال آلاف الجنود الأوكرانيين للمشاركة في القتال.
بيد أن السلطات الأوكرانية حرصت على إبقاء خططها طي الكتمان. وفي هذا السياق، تحدثت صحيفة "اندبندنت" إلى مسؤولين اثنين -هما مستشار لوزير الدفاع الأوكراني ومستشار للإدارة الرئاسية- حول موضوع الاشتباكات الأخيرة، واستفسرت إن كان [ما يحصل] هو فعلاً "الهجوم الكبير" الأوكراني الذي أوردت بعض الجهات ذكره.
وأكد كل منهما أن وتيرة القتال تصاعدت في الأسابيع الأخيرة ضمن المنطقة المحيطة ببلدة أوريخيف، الواقعة على مسافة قريبة من روبوتين، وتحدثا عن مكاسب تم تحقيقها في الأيام القليلة الماضية، وعن حصول معارك ضارية في محيط روبوتين ونوفوبافليفسك، غربي أوريخيف.
وبالكلام عن المناطق الأبعد شرقاً، كتبت ماليار عبر تطبيق "تيليغرام" أن القوات الأوكرانية "تحرز تقدماً تدريجاً" في محيط باخموت، وأن القتال مستمر في كليشييفكا وكودريوميفكا وأندرييفكا المجاورة.
وفي غضون ذلك، كثفت القوات الجوية الروسية عملياتها في محيط باخموت، وكذلك شمالاً بمنطقة خاركيف، في محيط ليمان وسيفيرسك.
وفي خطاب ألقاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، هنأ بتحقيق "نتائج جيدة جداً" في ميدان المعركة، ووعد بتقديم تفاصيل لاحقاً عن الموضوع.
وفي اليوم التالي، زار [الرئيس الأوكراني] مدينة دنيبرو على ضفاف نهر دنيبرو شمالي زابوريجيا، والتقى قادة عسكريين لمناقشة الدفاع الجوي وتوريد الذخائر، والتجنيد المحلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهته أفاد مستشار وزير الدفاع الذي تحدث إلى صحيفة "اندبندنت" بأنه أحرز "تقدماً ثابتاً ومستمراً" -وإن لم يكن سريعاً- في الأيام القليلة الماضية.
أما فلاديمير روغوف، وهو مسؤول عينته موسكو في جنوب أوكرانيا المحتل، فزعم هذا الأسبوع أن قوات كييف مجهزة بنحو 100 مركبة مدرعة، تشمل مركبات "ليوبارد" المصنوعة في ألمانيا ومركبات "برادلي" القتالية المصنوعة في أميركا.
وصرح المستشار الرئاسي بأن أوكرانيا لا تزال تعزز قواتها. وأشار إلى تقييم حكومي أصدرته ألمانيا، أخيراً، أكد أن أوكرانيا حققت المساواة مع روسيا على صعيد قوة أسلحتها المدفعية. ولمح قائلاً، إنه بعد شهر ونيف، ستبلغ أوكرانيا فعلياً مكانة متفوقة في مجال [الأسلحة] المدفعية، ولمح إلى أن ذلك قد يتزامن مع "هجوم كبير".
لا شك في أن روسيا تتفوق بشكل كبير على أوكرانيا من حيث عدد قطع المدفعية، وقد أعطى ذلك موسكو ميزة هائلة في الأشهر الأولى من غزوها العام الماضي، لكن هذه الميزة تلاشت بعد أن حصلت أوكرانيا على أنظمة مدفعية وعلى صواريخ دقيقة ومتطورة من طريق حلفائها الغربيين.
وقد صرح المصدران بأن المرونة والقدرة على التكيف هما موطنا القوة الأساسيان لدى الجيش الأوكراني، بالتالي، وفي حال كشفت العمليات في منطقة زابوريجيا أو في أي مكان آخر عن نقاط ضعف روسية، فإن أوكرانيا ستستغل هذه الفرص بسرعة ومهارة.
وقالا، إن أوكرانيا لم تستخدم إلا جزءاً ضئيلاً من آلاف المجندين الجدد الذين دربهم الحلفاء الغربيون، وقد تلقى كثيرون بينهم التدريبات في بريطانياـ وعلى يد بريطانيين. وكذلك، صرحا بأن [أوكرانيا لم تستغل] الأسلحة الجديدة التي تم توريدها من الغرب، بما في ذلك الدبابات والمركبات القتالية المدرعة الأخرى، التي تعتبر ضرورية لإحراز أي [تقدم] واختراق كبير.
ومن الجانب الروسي، زعم بوتين في سان بطرسبورغ يوم الخميس أنه تم إفشال الهجمات الأوكرانية، لكن اعترافه بتصاعد الهجمات يحمل أهمية بالغة.
وفي هذا السياق، وردت تقارير عن وزارة الدفاع الروسية، وعن مدوني الحرب المؤيدين للكرملين، بتزايد المواجهات العسكرية في محيط زابوريجيا وفي محيط باخموت شرقاً.
يشار إلى أن كييف بدأت هجومها الذي طال انتظاره في مطلع يونيو (حزيران) الماضي، بعد أشهر من التحضيرات والتدريبات باستخدام أنظمة أسلحة متطورة، بما في ذلك دبابات وأسلحة مدفعية، وأنظمة صواريخ غربية حديثة الطراز، حصلت عليها من حلفائها.
لقد سبق للوزارة الروسية أن زعمت زوراً، وبشكل متكرر، أنها قضت على الهجوم الأوكراني في يونيو الماضي، ونجحت في تدمير عشرات الدبابات وقتل مئات الجنود. وها أنها تطلق اليوم ادعاءات مماثلة، لقيت رفضاً واسعاً في أوساط المسؤولين الأوكرانيين ووكالات الاستخبارات البريطانية والغربية الأخرى، وهيئات مستقلة من بينها "معهد دراسة الحرب" Study of War الذي يراقب الوضع في أوكرانيا من كثب.
لكن محاولات استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا ستكون بطيئة، لا سيما أن روسيا عمدت، خلال أشهر ترقبها للهجوم المضاد الأوكراني، إلى تعزيز قواتها الدفاعية على طول خطوط القتال الأمامية الممتدة على مسافة 600 ميل (965 كيلومتراً).
وقد قامت موسكو ببناء ثلاث حلقات دفاعية. واليوم، باتت الأرض التي يضطر الجنود الأوكرانيون إلى التقدم عبرها مزروعة بالألغام المضادة للدبابات والأفراد، في حين تستهدف المدفعية الروسية مناطق واسعة وتشبعها بنيران القذائف المدمرة.
وأكدت أوكرانيا أن روسيا نقلت إلى مناطق القتال الرئيسة عدداً كبيراً من مروحيات "ك-52 أليغاتور" K-52 "Alligator" الأحدث طرازاً، وتقر كييف أن هذه الأخيرة ألحقت كثيراً من الدمار.
ومع أن المسؤولين الأوكرانيين امتنعوا عن تقديم أرقام عن الخسائر البشرية، أفادوا بأن الألغام والمدافع الثقيلة أسفرت عن عدد كبير من الضحايا، من قتلى وجرحى، وأبطأت بالتالي تقدمهم.
إن سرعة التقدم الأوكراني محكومة، إلى حد كبير، بعمليات إزالة الألغام التي تتسم بالبطء والخطورة، وتستغرق وقتاً طويلاً [وهي عمليات] تتم إما على يد مجموعات من الاختصاصيين أو بواسطة المركبات المدرعة والمجهزة بمحادل مربوطة بأذرع متمددة تم تصميمها لتفجير الألغام.
© The Independent