Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"خطة كيلوغ" للسلام بأوكرانيا قد تستغرق شهورا

تصطدم المدة المطروحة بوعد ترمب بحل الصراع بين موسكو وكييف خلال ساعات

كيلوغ إلى جوار ترمب خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض (أ ب)

ملخص

تطرح "خطة كيلوغ" حوافز لروسيا "كإنهاء العزلة السياسية وعودة الاتصالات الدبلوماسية معها، والبدء في رفع العقوبات تدريجاً وتأجيل مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو واحتفاظ موسكو بجميع الأراضي الجديدة لروسيا".

فاجأ الجنرال كيث كيلوغ المبعوث الشخصي للرئيس المنتخب دونالد ترمب للشؤون الأوكرانية، الأوساط ذات الصلة المحلية والعالمية، بالحديث عن اعتقاده أن "ترمب سيحل الصراع في أوكرانيا في غضون بضعة أشهر"، وليس في غضون 24 ساعة، خلافاً لما أعلنه قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وكان ترمب سبق وانتقد نهج الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في التعامل مع أوكرانيا، فيما حذر من "أنه يؤدي إلى تفاقم خطر نشوب حرب عالمية ثالثة". يضاف إلى ذلك اتهاماته المتكررة لأوكرانيا بأنها "سرقت الولايات المتحدة" بالفعل من خلال تلقي أسلحة بقيمة مليارات الدولارات مجاناً.

الرئيس الأميركي المنتخب وعد كذلك "بحل الصراع من دون تأخير عبر إجلاس الطرفين إلى طاولة المفاوضات"، لكنه لم يكشف تحديداً عما يمكن أن يفعله لتحقيق ذلك.

"خطة كيلوغ"

ومضى الجنرال كيث كيلوغ البالغ من العمر 80 سنة، الذي سبق وعمل مستشاراً في مجلس الأمن القومي في الإدارة الأميركية السابقة، في حديثه بالقول، "نعد بعض الخطط للذهاب فعلياً والاستماع فحسب. إننا لا نتفاوض لأننا لسنا جزءاً من الحكومة بعد، ولكننا نستمع إلى هؤلاء الناس بطريقة أكثر اهتماماً، وننظر في التقويمات والتقديرات، ونتطلع إلى القيام بذلك في المستقبل القريب". وأضاف المبعوث الخاص المستقبلي، "نتأكد من أن لدينا عناصر صحيحة لتقديمها إلى الرئيس ترمب ليقرر بنفسه ما يجب القيام به".

وكان كيلوغ سبق ونشر مع زميله الرئيس السابق لإدارة مجلس الأمن القومي الأميركي في عهد ترمب، فريدريك فليتز، تصوراته حول هذه التسوية التي أوجزها في مقال جرى نشره خلال أبريل (نيسان) 2023، وتناول فيه الرفع التدرجي للعقوبات التي سبق وفرضتها البلدان الغربية ضد روسيا، وإمكانية رفعها بالكامل بشرط قبول موسكو اتفاق السلام".

 

 

وتضمن رؤية كيلوغ "تأجيل النظر في مسألة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع توفير الضمانات الأمنية لكييف، والاحتفاظ بما ضمته روسيا من أراض جديدة إليها"، في إشارة إلى شبه جزيرة القرم والأقاليم الأربعة الأخرى وهي جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك ومقاطعتا زابوروجيه وخيرسون.

حوافز للطرفين

كانت صحيفة "إزفستيا" أشارت إلى ما تطرحه "خطة كيلوغ" من حوافز لروسيا ومن بينها "إنهاء العزلة السياسية لموسكو، وعودة الاتصالات الدبلوماسية معها، ووقف ما وصفته بـ(شيطنة) الرئيس فلاديمير بوتين، والبدء في رفع العقوبات تدريجاً". وذلك إضافة إلى "تأجيل مسألة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي لفترة طويلة (لمدة 10 أعوام)، واحتفاظ موسكو بجميع الأراضي الجديدة لروسيا".

وتضمنت الخطة ما اعتبرته بمثابة حوافز للطرف الآخر، إذ أشارت إلى استمرار المساعدة العسكرية لأوكرانيا وتعزيز دفاعها، وتوفير ضمانات أمنية طويلة الأجل كتدابير ضغط. وذلك إضافة إلى أن الخطة تنص على عدم الاعتراف بالتغييرات الإقليمية لها (شريطة ألا تحاول إعادة الأراضي بالقوة)، وعدم فرض أي قيود على سيادتها، وذلك فضلاً عن الاستمرار في تقديم المساعدة العسكرية في صورة قروض من دون فوائد وضمانات أمنية، وفرض رسوم على شركات الطاقة الروسية وتوجيه العائدات إلى إعادة إعمار أوكرانيا.

نقاط الخطة "السلبية" لروسيا

بحسب الصحيفة نفسها فإن هناك بعض نقاط الخطة التي لا تلبي المصالح الروسية ولا تأخذ في الاعتبار الحقائق الحالية، ومنها وعلى وجه الخصوص "الاعتراف بعمليات الاستحواذ الإقليمية من قبل موسكو لأنها بالفعل تحت سيطرتها". كما توقفت الصحيفة الروسية عند "أن الخطة تفترض أنه لن يتم الاعتراف رسمياً بالأراضي من قبل كييف، فضلاً عن بقاء العقوبات الأميركية التي أشارت إلى رفعها تدريجاً، إلى جانب استمرار دعم أوكرانيا كدولة عسكرية. وهذا يلغي إمكانية أي حل وسط".

كما أن الخيار الذي سيواصل فيه ترمب سياسة جو بايدن تجاه أوكرانيا مع بعض التصحيحات يظل أكثر واقعية. وذلك يمكن أن يتمثل في مواصلة الرئيس المنتخب دعم العمليات العسكرية والمواجهة الاقتصادية، وإن كان ذلك سيتمثل - وفق "إزفستيا" - في "تحويل العبء الرئيس لدعم كييف إلى أوروبا حتى لا يتلقى المجمع الصناعي العسكري الأميركي توجيهات من بروكسل".

وترصد الصحيفة أنه "لا يمكن استبعاد أن ترمب، بعد أن قلل من المساعدة العسكرية لأوكرانيا، فإنه لن يرفضها تماماً. كما ستركز الولايات المتحدة على توفير الأسلحة البعيدة المدى من أجل الحفاظ على النزاع عند مستوى مقبول لنفسها، وفي الوقت نفسه خفض الكلف المتبقية من طريق تحويلها إلى أوروبا".

 

 

هنا يقول مراقبون إنه ولكي تصبح أي خطة سلام لأوكرانيا قوية وعملية، يجب أن تأخذ في الاعتبار الحقائق الجيوسياسية والمصالح الروسية في مجال الأمن والسيادة والسلامة الإقليمية، ويعني ذلك أنه "لا ينبغي أن يؤدي اتفاق السلام الموقع إلى حقيقة أنه في غضون 10 أعوام ستتلقى روسيا أوكرانيا أكثر عسكرة وخطورة، وعلى استعداد لانتهاك المعاهدة"، وهو ما لا يمكن أن تحول دونه "خطة كيلوغ" مما يجعلها غير قابلة للتحقيق، وبما يعني أن "الخطة" لا يمكن إلا أن تكون سوى خطوة نحو بداية المفاوضات ولكن موسكو لن تتمكن من مناقشة الشروط المنصوص عليها فيها.

وكان الجنرال كيلوغ انتقد في حديث متلفز تصرفات بايدن في ما يتعلق بالصراع الأوكراني، فضلاً عما وصفه بـ"شيطنة القيادة الروسية" من قبل الإدارة الحالية، مشيراً إلى يقينه بأنه "نهج إدارة بايدن في إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا والافتقار إلى الدبلوماسية الفعالة في العلاقات مع موسكو أدى إلى إطالة أمد الصراع، وأنه كان يمكن تجنب ما يحدث عبر إجراءات أكثر حسماً من جانب واشنطن".

احتمال دعوة بوتين وزيلينسكي

كيلوغ كشف عن احتمالات توجيه ترمب الدعوة إلى الرئيس فلاديمير بوتين، وكذلك الرئيس "المنتهية ولايته" فلاديمير زيلينسكي لزيارة واشنطن، للمشاركة في حفل تنصيب ترمب في الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2025. وقال "إنه لن يتفاجأ إذا فعل الرئيس ترمب شيئاً كهذا. إنه يمكنه اتخاذ مثل هذه الخطوة الجريئة. عندما يتعلق الأمر بموسكو وكييف، أعتقد حقاً أن كل شيء سيتم حله في الأشهر القليلة المقبلة". وأضاف "لأنه الشخص الوحيد الذي يمكنه القيام بذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت المتحدثة الرسمية المستقبلية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أعلنت عن أن ترمب وجه الدعوة إلى الزعيم الصيني شي جينبينغ لحضور مراسيم التنصيب في البيت الأبيض في سابقة لا مثيل لها من قبل، وهو ما اعتبره مراقبون كثر محاولة "لتخفيف التوترات الدبلوماسية، على رغم ما وجهه ترمب من تهديدات بفرض رسوم جمركية عالية على السلع الصينية". وقالت "إن ذلك يعد مثالاً على رغبة الرئيس المنتخب في فتح حوار مع قادة الدول التي لا تعد حليفة لنا بل مع خصومنا ومنافسينا أيضاً".

مبادرة "أوربان"

حديث الجنرال كيث كيلوغ جاء مواكباً لتوقيت تحركات فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية وزيارته "المفاجئة" لترمب في مقر إقامته في مارالاغو، التي أعقبها بمكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين. وكان أوربان كشف عن بعض ما دار خلال هذه الزيارة التي تناولت في مجملها بحث الأوضاع على صعيد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فيما كشف عن مبادرته حول "إقرار هدنة عيد الميلاد" بين الأطراف المعنية وعقد "صفقة" واسعة النطاق لتبادل الأسرى بين الجانبين.

مصادر الكرملين بدورها كشفت عن مكالمة هاتفية بين بوتين وأوربان استغرقت زهاء الساعة. وقالت إن المكالمة الهاتفية التي جرت بمبادرة من الجانب المجري تناولت الأوضاع الراهنة للأزمة الأوكرانية، وما يطرحه أوربان من مبادرات للتسوية السلمية.

وإذ أشارت إلى أن الجانب الروسي لم يرفض قط المحادثات، أكدت تمسك موسكو بما سبق وطرحه الرئيس بوتين من شروط لهذه التسوية في لقائه الذي عقده خلال يوليو (تموز) الماضي مع قيادات وزارة الخارجية الروسية. وذلك إلى جانب ما خلصت إليه اتفاقات إسطنبول التي سبق ورفضها الجانب الأوكراني بإيعاز من حلفائه.

وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي رفض أيضاً مقترحات أوربان الذي كتب لاحقاً على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي "من المحزن أن الرئيس زيلينسكي رفض واستبعد كل هذه المبادرات. لقد فعلنا كل ما في وسعنا". لكنه أشار أيضاً إلى "أن أخطر أسابيع الصراع في أوكرانيا قد بدأت. نحن تستخدم كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة لنا لتعزيز وقف إطلاق النار وإقرار السلام".

أوكرانيا أمام خيارين

كل هذه التطورات جرت في توقيت مواكب لنشر نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري ميدفيديف مقالاً في مجلة "الشؤون الدولية"، قال فيه "إنه لكي لا تختفي أوكرانيا من خريطة العالم فيتعين عليها أن تعمل على تهدئة كبرياء (الاختلاف والتفوق) و(طرد شياطين الأكرنة السياسية)". وأضاف "إنه على أوكرانيا العمل من أجل تحسين علاقاتها مع روسيا والتخلي عن الكبرياء المفرط من أجل تجنب الزوال من الخريطة السياسية للعالم".

 

 

وبحسب ميدفيديف فإن روسيا الاتحادية شريك لا غنى عنه لكييف في الجوانب الثقافية واللغوية والسياسية، موضحاً أن موسكو تسعى إلى دعم سكان روسيا الصغيرة (نوفوروسيا) - مصطلح تاريخي للإمبراطورية الروسية يشير إلى إقليم شمال البحر الأسود (جزء من أوكرانيا اليوم) - في رغبتهم في بناء أوكرانيا متحررة من النزعات القومية.

وعقد ميدفيديف مقارنة بين ضم الأراضي الأوكرانية إلى روسيا وضم جمهورية ألمانيا الديمقراطية من قبل ألمانيا الغربية في عام 1990. وقال إن العملية يمكن مقارنتها بإعادة توحيد ألمانيا، مشدداً على أن كلا الإجراءين له جذور تاريخية مشتركة. وكتب "إن عودة أراضينا إلى وطنها التاريخي ليست أكثر إجرامية من ضم جمهورية ألمانيا الديمقراطية من قبل جمهورية ألمانيا الاتحادية في عام 1990".

المزيد من تحلیل