كانت مدينة عدن في أول أيام عيد الأضحى خالية تماماً من مظاهر هذه المناسبة الدينية، بعد أيام دامية محتشدة بالخوف والحزن والحصار وافتقاد المقومات الأولى للحياة من مياه ومواد غذائية.
فيما كان المسلمون يستقبلون عيدهم، كانت مدينة عدن في جنوب اليمن تلملم جراحها وتحصي خسائرها بعد أربعة أيام من المعارك العنيفة بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي.
فقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة، في بيان أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن الأحد 11 أغسطس (آب)، مقتل نحو 40 شخصاً وجرح نحو 260 من المدنيين، منذ 8 أغسطس حين اندلع القتال.
وذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها استقبلت نحو 119 مصاباً في مستشفياتها،
وسبق ذلك إطلاق وزارة الصحة اليمنية، السبت 10 أغسطس، نداءً دعت فيه إلى تمكين الطواقم الطبية واللجان الميدانية التابعة للصليب الأحمر الدولي، من القيام بواجبها الإنساني في إسعاف المصابين ونقل جثث القتلى.
وقد منعت المعارك الأهالي، وفق ما أكد عدداً كبيراً منهم لـ"اندبندنت عربية"، من شراء أضاحي العيد وملابس جديدة لصغار أسرهم.
وعشية العيد، مساء السبت، حين أعلن التحالف العربي الداعم للشرعية التدخل لوقف إطلاق نار المعارك التي شهدتها المدينة، سارع السكان إلى آبار المياه، واصطفوا في طوابير طويلة للحصول على ما يروي عطشهم. فقد تسببت المعارك بانقطاع مياه الشرب إثر استهداف محطة جبل حديد، ما أدى إلى توقفها عن العمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحوصرت خلال المعارك مئات الأسر في المنازل، ووجه كثيرون منهم نداءات استغاثة، مطالبين بمنحهم فرصة لمغادرة تلك المناطق نحو أماكن آمنة.
ويؤكد خالد عبود، من سكان كريتر، أن الاشتباكات تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين كانوا محاصرين في أحد أسواق المدينة جراء سقوط مقذوفات عليهم، في وقت تضرّر عدد كبير من المباني الحكومية والخاصة نتيجة القصف العشوائي الذي طال الأحياء السكنية.
وبدأت ملامح الحياة تعود ببطء وحذر إلى المدينة الساحلية صبيحة الأحد، غداة إعلان التحالف العربي وقف إطلاق النار. فعاودت الأسواق، لا سيما محال المواد الغذائية نشاطها تدريجاً، خصوصاً في مناطق الشيخ عثمان وانماء.
أما في المناطق السكنية، بخاصة كريتر وخور مكسر وصيرة، فظل الحذر سائداً خلال الساعات الأولى من عيد الأضحى. فتلك المناطق ذاقت اللوعة لكونها قريبة من قصر معاشيق الرئاسي ومبنى المصرف المركزي ومقرات اللواءين الأول والثالث، التابعين لقوات الحماية الرئاسية، وكلها كانت مسارح للاشتباكات العنيفة.