حالة من الهدوء الحذر تشهدها مدينة عدن (جنوبي اليمن) عقب اشتباكات شهدتها قرب محيط قصر معاشيق الرئاسي سقط خلالها قتيل وأُصيب آخرون، فيما رُصد عصر الأربعاء، انتشار دبابات ومدرعات ومئات العسكريين التابعين لألوية الحماية الرئاسية بعتادهم في محيط القصر الرئاسي والطرق المؤدية له من اتجاه سوق الأسماك وقلعة صيرة إضافة إلى عدد من المرافق الحكومية مثل أمانة رئاسة الوزراء ومجلس القضاء والوزارات والمرافق الحكومية الأخرى.وأعلن "تحالف دعم الشرعية في اليمن" رفضه العبث بأمن اليمن واستقراره، داعياً الجميع إلى العمل مع الحكومة اليمنية لتخطي المرحلة الحرجة في عدن.
مقتل "ابو اليمامة"
وأعلنت الحكومة اليمنية على لسان وزير الداخلية، أحمد الميسري، إن الأحداث التي شهدتها عدن تم الترتيب لها باستغلال قضية مقتل "ابو اليمامة" من قبل عناصر "نحن نعرفها جميعاً". واعتبر الميسري أن هذه الأحداث تم الترتيب لها باستغلال جثة أبو اليمامة لأغراض سياسية "لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تصل إلى مبتغاها".
وأكد ان اختيار مقبرة القطيع لدفن أبو اليمامة جاء لإحداث فتنة "كون مدينة كريتر ملتصقة بحرم المعاشيق مقر رئاسة الجمهورية والحكومة اليمنية، وقد تم فعلاً ما كنا نخشاه".
وانتقد الميسري بشدة بيان نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، وقال "سمعتم جميعاً البيان الموتور الذي أصدره هاني بن بريك بهدف إحداث الفتنة ودعا إلى النفير العام وتحدّث باسم أبناء الجنوب عامة وأعلنها صراحة بالحرب على مؤسسات الدولة الشرعية".
وتوعد الميسري بالرد على ما وصفها بالممارسات اللامسؤولة داعياً الجميع إلى عدم الاستجبة إلى هاني بن بريك، موضحاً أن الهدف منها الحرب، ومثل هذه الدعوة لا تخدم إلا الحوثي وحده ولا تخدم أي جهة أخرى". وكشف عن تنسيق متواصل مع السعودية والإمارات، مضيفاً ان مسؤولين من الدولتين "أبلغونا رسمياً وصراحة رفضهم لمثل هذه الممارسات ورفضهم لمثل هذا البيان المنفلت وغير المسؤول الداعي إلى الفتنة والخراب".
عقب التشييع
واندلعت الاشتباكات بين "قوات الحماية الرئاسية" و"قوات الحزام الأمني" المتهم بتلقي الدعم من الإمارات، عقب تشييع قائد "قوات الدعم والإسناد" التابع لقوات الحزام الأمني" منير اليافعي، المكنى "أبو اليمامة" وعدد من الجنود الذين سقطوا مطلع أغسطس (آب) الجاري جراء هجوم صاروخي استهدف معسكر الجلاء غربي المدينة.
وتسببت الاشتباكات التي تركزت حول المداخل الشمالية والغربية المؤدية للقصر الرئاسي، في مقتل أحد المشيعين ويدعى إبراهيم الربيعي وإصابة آخرين، فيما لم تصدر احصائية رسمية حتى اللحظة عن عدد الضحايا.
ودعا "المجلس الانتقالي" الى النفير العام واقتحام قصر المعاشيق الرئاسي رداً على سقوط قتلى من اتباعه بالقرب من القصر.
ووجه نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في خطاب مباشر ظهر خلاله مرتدياً بزة عسكرية قوات "المقاومة الجنوبية" للنفير العام والاستعداد لما أسماه "الوقوف مع الشعب الاعزل وحمايته من اعتداءات مليشيات حزب الإصلاح".
وشيّع الآلاف من سكان محافظة عدن، جثامين عدد من قتلى الصاروخ الذي استهدف معسكر الجلاء بالمحافظة، الخميس الماضي، إلى مقبرة القطيع الواقعة قرب قصر معاشيق الرئاسي.
حملة عسكرية
وأكد شهود لـ "اندبندنت عربية" أن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، أمّ المصلين في صلاة الجنازة على الجثامين.
يأتي ذلك في أعقاب حملة عسكرية نفذتها عناصر تابعة للحزام الأمني على مدى الأيام الماضية طالت المواطنين المنتمين للمحافظات الشمالية.
وأطلق بن بريك تحذيراً من بقاء الحكومة الشرعية في عدن، باعتبارها "خطراً" لن يقبل به الجنوبيون، وذلك تزامناً مع دعوات مناصري "الانتقالي الجنوبي" لاقتحام قصر المعاشيق الرئاسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، قال أمس، إن حكومته تعمل بالتنسيق مع قادة التحالف السعودي الإماراتي على احتواء الموقف واستعادة الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة.
وكان صاروخاً استهدف الخميس الماضي، عرضاً عسكرياً في معسكر الجلاء بمنطقة البريقة غربي عدن، أطلقته طائرة مسيّرة وأدى إلى مقتل قائد قوات الحزام الأمني "أبو اليمامة" و49 آخرين، وفق بيان وزارة الداخلية اليمنية، وأعلنت جماعة الحوثي تالياً تبنيها للهجوم.
وشهدت عدن ومنطقة كريتر القريبة من قصر معاشيق الرئاسي تحديداً منذ مساء الثلاثاء، تحركات عسكرية وتوتراً غير مسبوق، فيما شهدت سماء المدينة الساحلية، منذ ساعات الصباح الأولى اليوم، تحليقاً للطيران الحربي التابع لدول التحالف العربي فوق سماء مدينة عدن، لمراقبة الوضع بحسب وسائل إعلام محلية، نقلاً عن مصدر في قوات التحالف العربي.
محاولة اقتحام
وذكر مصدر حكومي لـ"اندبندنت عربية" أن "قوات تتبع الحزام الأمني بعضها بلباس مدني، حاولت اقتحام الساحات المؤدية إلى قصر معاشيق من جهة مبنى الجوازات وملعب الحبيشي". وأوضح أن القوات الرئاسية رصدت تحركات لقوات الحزام الأمني الليلة الماضية (الثلاثاء) تمثلت في قطع كل الطرق المؤدية إلى قصر معاشيق من جهة البنك الأهلي وطريق قلعة صيرة وملعب الحبيشي والأحياء الشرقية للبنك المركزي وسط كريتر والتمركز فيها.
وكان مصدر حكومي رفيع تحدث عن رصد ترتيبات يجريها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً لاقتحام القصر الرئاسي في المعاشيق بعدن، مؤكداً أن "ترتيبات المجلس الانتقالي وميليشيات الحزام الأمني هي اقتحام القصر بعناصر مدنية أثناء التشييع في مقبرة القطيع المجاورة للقصر، قبل أن تتدخل ميليشيات عسكرية لافتعال إطلاق النار كمبرر للتدخل".
وآثر سكان عدن المكوث في منازلهم وسط مخاوف كبيرة من اندلاع مواجهات مسلحة، إذ خلت الطرقات والشوارع العامة والأسواق من الناس ونشاطهم المعتاد.
ويفرض "الانتقالي الجنوبي"، الذي يُنصِّب نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوب اليمن، سيطرته العسكرية على أغلب المناطق في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عاصمة مؤقتة للبلاد، من خلال قوات "الحزام الأمني" و"النخبة الشبوانية والحضرمية"، التي أُنشأت في عام 2016 بتمويل وإشراف إماراتي، وتضم في صفوفها تشكيلات من العسكريين اليمنيين وناشطي الحراك الجنوبي وبعض المحسوبين على "التيار السلفي"، ولا يقرّ بسلطة حكومة الرئيس اليمني عبد ربو منصور هادي، وتذهب قيادته إلى القول إن مساندتها لقوات التحالف بقيادة السعودية تندرج في إطار مساعيها لتحقيق "مشروع استعادة دولة الجنوب العربي"، على حدّ تعبيرها، وخاضت مطلع يناير (كانون) 2018، حرباً ضد القوات الحكومية ممثلة بقوات الحماية الرئاسية، ذهب ضحيتها العشرات من الجانبين، قبل أن تتوقف بوساطة سعودية.