ملخص
الخدمات الصحية البريطانية ترفض علاج المرضى الذين يعانون زيادة في الوزن حتى يفقدوا الوزن.
يواجه أشخاص يعانون اضطرابات شديدة في الأكل مشكلات في تلقي العلاج من مرافق هيئة الخدمات الصحية الوطنية إذ يتم رفض معالجتهم بحجة أنهم "غير نحيلين بما فيه الكفاية". وفي الوقت نفسه تظهر أرقام جديدة أن الهيئة تعاني أزمة متفاقمة في تدفق حالات اضطرابات الأكل على مرافقها.
وتبين أرقام صادمة حصلت عليها صحيفة "اندبندنت"، أن ما لا يقل عن 5385 مريضاً - غالبيتهم العظمى من الأطفال (3896) - تم إدخالهم إلى الأجنحة العامة لحالات مثل فقدان الشهية والشره المرضي في عام 2021 - 2022، أي أكثر من ضعف العدد المسجل في عام 2017 - 2018.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يأتي ذلك في الوقت الذي يظهر فيه تحليل منفصل لأرقام الهيئة، أن عدد الأطفال الذين يعالجون من اضطرابات الأكل قد تضاعف من 5240 في عام 2016 - 2017، إلى 11800 في عام 2022 - 2023.
وقد لفتت مفوضة الأطفال في إنجلترا راشيل دي سوزا (تحمل لقب Dame) - التي أصدرت هذه الأرقام - أيضاً إلى الارتفاع الهائل في عدد اليافعين الذين ينتظرون أكثر من ثلاثة أشهر لتلقي العلاج، من 16 في المئة في عام 2016 - 2017، إلى 45 في المئة.
ويحذر أطباء وجمعيات خيرية من أن الفرص المحدودة للوصول إلى الخدمات الاجتماعية تعرقل إمكان تلقي المرضى - سواء كانوا أطفالاً أم بالغين - العلاج المناسب بالسرعة المطلوبة، مما أدى إلى إصابة كثيرين منهم بالمرض إلى درجة باتوا يحتاجون فيها إلى رعاية طبية عاجلة في المستشفيات.
وفي هذا الإطار أكدت امرأة شابة لصحيفة "اندبندنت" أنه جرى رفضها مرتين من جانب خدمات اضطرابات الأكل المجتمعية في لندن، لأن وزنها لم يعتبر منخفضاً بما يكفي لتلقي العلاج.
وأضافت أن "إبلاغ مريض أنه ليس مريضاً بدرجة كافية، يعد أمراً مزعجاً للغاية، وهو أشبه بسوء معاملة. لا يمكن القول لمريض يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم بالعودة عندما يكون ضغط دمه أعلى، أو لدى إصابته بسكتة دماغية. ومع ذلك، يطلب من المرضى المصابين باضطرابات الأكل أن يفقدوا مزيداً من الوزن، أو أن "يعودوا عندما يكونون أكثر اضطراباً".
تطالب هوب فيرغو وهي ناشطة تقود حملة الحكومة البريطانية بتحسين خدمات علاج اضطرابات الأكل في المملكة المتحدة، أكدت أنها تلقت اتصالات من كثير من مرضى اضطرابات الأكل وأهالي الأطفال الذين رفض إعطاؤهم العلاج، أو حتى إحالتهم إلى الرعاية الملطفة، لأن خدمات الصحة العقلية لا يمكنها مساعدتهم.
وقالت "يتم إبلاغ الأفراد بأنهم إما مريضون إلى درجة لا تسمح لهم بتلقي العلاج، أو أنهم ليسوا مرضى بما يكفي لتبرير منحهم العلاج. تخيلوا إذا قلنا لشخص مصاب بكسر في الساق، إنه لا بد من كسرها في مكان معين كي يكون مؤهلاً للعلاج. وإضافة إلى ذلك، يتم إخراج المرضى من المستشفى لعدم إظهارهم مجهوداً كافياً في التزام العلاج، أو لعدم اكتسابهم الوزن بالسرعة المطلوبة".
وأشارت إلى أنه "عندما لا يستجيب شخص ما لعلاج معين، لا يجدر بنا التخلص منه وإخراجه من المستشفى، بل يتعين علينا أن نستكشف خيارات علاجية بديلة".
السيدة فيرغو قالت إنه جرى الاتصال بها في شأن طفلة تبلغ من العمر تسعة أعوام تعاني اضطراب الأكل، تم رفض توفير سرير لها لتلقي العلاج، على رغم أن "انشغالها وهوسها الشديدين بممارسة التمارين الرياضية جعلاها تبلل نفسها بحيث لم تعد قادرة حتى على الجلوس".
وبينما كشفت أرقام "اندبندنت" أن 5385 مريضاً تم إدخالهم إلى أجنحة المستشفيات العامة لتلقي العلاج من اضطرابات الأكل، أشارت بيانات صدرت حديثاً عن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، إلى وجود ما يزيد قليلاً على 24 ألف شخص في المستشفيات يعانون اضطرابات الأكل. وتشمل هذه الأرقام المنشورة أفراداً تم قبولهم لأسباب أخرى كإيذاء النفس، لكن تم تسجيلهم أيضاً على أنهم يعانون اضطراباً في الأكل ذات صلة بحالتهم الصحية.
الدكتورة أغنيس أيتون رئيسة قسم اضطرابات الأكل في "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" Royal College of Psychiatrists، قالت تعليقاً على بيانات "اندبندنت" إن "الزيادة في حالات قبول مرضى اضطرابات الأكل في المستشفيات، تشير إلى أنهم لا يتلقون العلاج في الوقت المناسب، مما يؤدي بهم إلى دخول المستشفى". وأشارت إلى أن "التشخيص والعلاج المبكرين يمكن أن يسهما في إنقاذ الأرواح".
طوم كوين مدير الشؤون الخارجية في مؤسسة "بيت" Beat الخيرية رأى أنه "عندما تكون هناك حاجة إلى العلاج في المستشفى، فهذا يشير إلى أن المرضى لم يتم تشخيصهم بشكل صحيح في المجتمع، أو منحهم رعاية متخصصة في اضطرابات الأكل بالسرعة الكافية، الأمر الذي يجعل عملية التعافي والعودة إلى الحياة ’الطبيعية‘ أشد تعقيداً".
وأضاف كوين أن "عدداً إضافياً من الأطفال والأشخاص البالغين كانوا في حاجة إلى رعاية متخصصة في اضطرابات الأكل بعد فترة الوباء، لأسباب منها "عدم القدرة على التوجه إلى المدرسة أو العمل كالمعتاد، والقلق على صحة أحبائهم، وحال عدم اليقين المستمرة في الحياة اليومية. وجميعها كانت عوامل شكلت معاً تحدياً كبيراً بالنسبة إلى الأفراد الذين يعانون اضطرابات الأكل أو المعرضين لها".
وقال إن ذلك أدى إلى إصابة مزيد من الأشخاص بالمرض، وأن أولئك الذين كانوا مصابين بالاضطراب به من قبل، باتوا معرضين بشكل أكبر لخطر الانتكاس.
وعلى رغم الضغوط المتزايدة التي فرضتها مرحلة ما بعد الجائحة، أشار كوين إلى أن خدمات علاج اضطرابات الأكل كانت تعاني أساساً وكانت "مثقلة بالأعباء" حتى قبل تفشي فيروس "كوفيد-19".
ودعا الحكومة البريطانية إلى أن "تستثمر بشكل عاجل في خدمات علاج اضطرابات الأكل، لضمان رعاية كل فرد يعاني هذه الحالة في أسرع وقت ممكن".
وأفادت وزيرة الصحة العقلية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة الدكتورة روزينا ألين خان أنه "في ظل هذه الحكومة ’المحافظة‘، تواصل قوائم الانتظار في مجال علاج الصحة العقلية ارتفاعها، فيما يسجل تدهور على مستوى الخدمات، بحيث وصلت إلى مرحلة حرجة".
ولفتت إلى أنه "جرى التخلي عن معالجة أطفال يعانون اضطرابات في الأكل، لأن موارد المجتمعات المحلية قد استنفدت إلى حدها الأقصى".
ووعدت بأن "تحرص الحكومة ’العمالية‘ المقبلة على ضمان البدء في علاج الصحة العقلية في غضون شهر من إحالة المرضى إلى الجهات المتخصصة، وستعمل على فتح مراكز للصحة العقلية للأطفال في جميع المجتمعات المحلية".
مفوضة الأطفال في إنجلترا راشيل دي سوزا، أعربت عن القلق من أن "أطفالاً ويافعين يضطرون إلى مواجهة فترات انتظار طويلة على نحو متزايد قبل تلقي العلاج من اضطرابات الأكل، التي غالباً ما تكون خطرة وربما تهدد حياتهم"، مشيرة إلى أن "الذين هم في سن الشباب يستحقون الحصول على رعاية فعالة، وفي الوقت المناسب".
وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم هيئة "أن أتش أس" إن الوباء انعكس سلباً على الصحة العقلية والنفسية لسكان البلاد، وإن الهيئة عززت خدمات الشباب المجتمعية لعلاج اضطرابات الأكل، بمبلغ 54 مليون جنيه استرليني سنوياً (69 مليون دولار أميركي)، وتدريب نحو ألفي موظف في مجال علاج الصحة العقلية في المدارس خلال السنة المالية 2023 - 2024.
وأكدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية في المقابل أنها تستثمر نحو مليار جنيه استرليني في الرعاية المجتمعية للبالغين المصابين بأمراض عقلية حادة، بما فيها اضطرابات الأكل، بحلول السنة 2024. وتم منح 54 مليون جنيه استرلينيي وذلك لتعزيز قدرات خدمات علاج اضطرابات الأكل المجتمعية للأطفال.
© The Independent