Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسباب تزايد حوادث العنف المسلح في تركيا

غياب الردع القانوني والعفو عن المجرمين وتصريحات المسؤولين التحريضية

وفاة 2278 شخصاً وإصابة 4231 جراء العنف المسلح في تركيا خلال عام 2022 (أ ف ب)

ملخص

خلال أول 211 يوماً من العام الجاري تم الإبلاغ عن 1938 حادثة في كافة أنحاء تركيا، حيث استخدم السلاح الناري 1653 مرة، وأسفرت عن وفاة 1200 شخص فيما أصيب 1960 شخصاً.

تزايدت خلال الفترة الماضية حالات العنف المسلح التي تؤدي إلى الوفاة في إسطنبول، حيث عقد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا اجتماعاً مع والي إسطنبول داوود غل وقائد شرطة الولاية ظافر أكتاش لمناقشة النظام العام.

 أصداء الهجوم المسلح الذي تعرض له صاحب محل في منطقة اسنيورت بإسطنبول لا تزال متواصلة، في حين تم إلقاء القبض على أحد المشتبه فيهم الثلاثة في الحادث الذي أسفر عن مقتل شابين وإصابة ثالث، وبعد فترة وجيزة من هذا الحادث توجهت الأنظار إلى حي بي أوغلو حيث قتل سائق سيارة أجرة بعد إطلاق النار عليه من قبل 3 ركاب كانوا معه بعد جدال دار بينهم.

جرأة إجرامية

تزايد الحوادث مثل جرائم المافيا والعصابات والاختطاف والقتل في تركيا خلال السنوات الأخيرة أدى إلى زيادة القلق الاجتماعي، ووفقاً لعدد من الخبراء فإنه من الضروري وضع قيود أكثر على امتلاك السلاح وزيادة العقوبات الجنائية، حيث أن العديد من المجرمين باتوا يتصرفون بناء على فكرة "حتى لو ارتكبت جريمة سأخلد إلى الفراش لبضع سنوات"، لذلك من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع أو تقليل الحوادث المسلحة التي تهدد أمن المجتمع.

بحسب البيانات التي أصدرتها مؤسسة "أوموت"، تم الإبلاغ عن 3984 حادثة عنف مسلح في وسائل الإعلام خلال عام 2022، توفي فيها 2278 شخصاً وأصيب 4231 شخصاً، أما خلال أول 211 يوماً من العام الجاري تم الإبلاغ عن 1938 حادثة في كافة أنحاء تركيا، توفي خلالها 1200 شخص فيما أصيب 1960 شخصاً.

وخلال هذه الحوادث تم استخدام السلاح الناري 1653 مرة، حيث نفذت 397 حادثة بالبنادق بما فيها الأسلحة ذات الماسورة الطويلة، في حين تم استخدام السكاكين في أغلبها.

العنف المسلح

الباحث في مؤسسة "أوموت" إبرو إلك بينجور يقول إن "تركيا أصبحت جنة للجريمة"، مشيراً إلى زيادة معدل التسلح الفردي والعنف المسلح، ملقياً باللوم في ذلك على الحكومة "المافيا تقاتل في الشوارع وتفحص المنازل وأماكن العمل بالبنادق، إنهم يقومون بمداهمات واشتباكات في الشوارع، ونحن ننتظر وقف التسلح الفردي ووضع اللوائح القانونية بهذا الخصوص، لكن لم يتم فعل أي شيء، بل ويكاد يتم تشجيع التسلح بسبب إمكانية الإفلات من العقاب، والمسؤولون عن ذلك هم الذين يحكمون البلاد، كما أن العفو في بعض الأحيان يكون حافزاً على ارتكاب الجريمة".

 

 

أما الأكاديمي أوزغون إمري كوتش، فسألناه عن رأيه في زيادة عدد العصابات وحالات التسلح الفردية، فقال إن "العقوبة الجنائية فقدت وظيفتها، أي أن نظام العدالة لم يعد رادعاً، حيث أن النظام الحالي يبدو أنه إما يطلق سراح المجرمين العاديين من دون محاكمة أو يسجنهم وقتاً قصيراً مع تخفيف العقوبات، ومثال على ذلك هو ما تم خلال فترة وباء كورونا حيث تم إطلاق سراح عدد كبير من السجناء على أساس الإجازة الوبائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع كوتش "هناك العديد من الأمثلة على تبني سلطات إنفاذ القانون والقضاء موقفاً يميل لمصلحة الرجال ويتجنب التحقيق والعقاب في حالات العنف ضد المرأة، وهذه الأمثلة تتضاعف مع زيادة عدد الكوادر المعينين من قبل منظمات المجتمع الطائفي أو المراجع الحزبية داخل القضاء، فقد شهدنا العام الماضي محاولة تستر منظمة في مؤسسة "حيرانور"، حيث ظهرت امرأة بتصريحات تقول إنها تعرضت للإيذاء لعدة سنوات منذ طفولتها، وهذه الحالة ليست فريدة من نوعها، بل تظهر العديد من الأمثلة الأخرى التي تدل على أن العقلية التي اخترقت نظام العدالة يمكن أن تتجاهل أنواعاً معينة من الجرائم".

وأضاف الأكاديمي قائلاً "العامل الآخر لزيادة العنف المسلح هو أن ثقافة الجريمة أصبحت جزءاً من الثقافة الفرعية وبناء الهوية، حيث أن قادة تنظيم الجريمة المنظمة هم من قاموا بالعفو، وأشاد بهم السياسيون"،  مستطرداً "الأعمال غير القانونية هي امتداد مالي واجتماعي لجماعات أيديولوجية معينة تواجدت منذ سنوات عدة، وتتمتع هذه الشبكات الاجتماعية بمناطق صغيرة من السلطة في أحياء بالمدن الكبرى، وهذه الأحياء تكون غير منضبطة ومن دون دولة أو قانون، وكل مجموعة من هذه المجموعات لديها علاقات سياسية بطريقة أو بأخرى، وإلا فلن يتمكنوا من مواصلة أفعالهم التي يعرفها الجميع".

تمويل الشبكات

وأشار كوتش إلى أن تجارة المخدرات تعد من أكبر المشكلات التي تواجه هذه العصابات، لأنها أحد أهم مصادر التمويل للشبكات الإجرامية التي نتحدث عنها، ففي السنوات القليلة الماضية انتشر تعاطي المخدرات بشكل أكبر، و"أصبح من السهل الوصول إلى العقاقير المخدرة مثل الميثامفيتامين، وبالتالي فإن انتشار التعاطي يزيد من احتمالية ارتكاب جريمة".

 

 

وأشار أوزغون إمري إلى تصريحات وزير الداخلية الأسبق سليمان صويلو التي قال فيها "لقد أعطيت الأمر بكسر أرجل تجار المخدرات"، لافتاً إلى أنها "مؤشر على خطورة القضية، إذ إن التصريح في حد ذاته يشكل تحريضاً من مسؤول عام لارتكاب جريمة، ومن جهة أخرى فإن الشخص الذي يميل إلى ارتكاب الجريمة يرى نفسه جزءاً من الغالبية والقوة المهيمنة، وهذا يخلق دافعاً نفسياً لديه مما يسهل الأمر للقيام بأعمال من شأنها أن تشكل جرائم، وإضافة إلى كل ذلك تلعب الهجرة غير المنضبطة دورها".

إصلاح قضائي

أما بخصوص الخطوات اللازمة لوقف أو منع هذه الحوادث يرى كوتش أن هناك حاجة لإصلاح قضائي وتجديد موظفي إنفاذ القانون والقضاء، موضحاً "يجب مراجعة العديد من الملفات، وينبغي التحقيق مع المسؤولين الحكوميين على الإهمال ومعاقبة من يلزم منهم، حيث أن التغييرات التشريعية فقط لن تكون كافية، بل من الضروري إجراء تغييرات مؤسسية وتجديد الموارد البشرية، كما يجب تعزيز الآليات الداخلية التي يمكن للقضاء من خلالها أن يسيطر على نفسه".

ونوه كوتش بأهمية رفع الضغط التنفيذي عن سلطات إنفاذ القانون، لتكون الأجهزة "قادرة على التصرف مباشرة في ظل الآلية القضائية لتطبيق الدستور والمواد القانونية بشكل مستقل عن السلطة السياسية، وكذلك إعادة تفعيل الاتفاقيات الدولية حول منع العنف ضد النساء والأطفال، وبخاصة اتفاقية إسطنبول التي انسحبت منها تركيا، إذ يجب أن تكون جزءاً من القانون المحلي، ولذلك هناك حاجة إلى تغيير جدي في العقلية السياسية في تركيا، لأن هيكل السلطة الحالي به عناصر تعيد إنتاج الثقافة الإجرامية، وتشجعها وتحميها".

نقلاً عن "اندبندنت التركية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير