ملخص
هذه الخطوة هي الأولى في سلسلة خطوات وقرارات ستتخذها الحكومة الإسرائيلية وتنعكس بشكل كبير على سياسة الجامعات ومكانتها
اعتبر أستاذ القانون والعضو السابق في لجنة الدستور والقضاء في الكنيست يوسف جبارين التشريعات القضائية التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية ضمن خطتها "الإصلاح القضائي"، الأكثر ضرراً للتعليم الأكاديمي في إسرائيل وتمسه بشكل خطر، إذ تفرض واقعاً على الأرض سيكون من الصعب تغييره أو إصلاحه، سواء بتعيينات سياسية في مجلس التعليم العالي، أو إقامة جامعات جديدة في المستوطنات الإسرائيلية مثل جامعة "أرئيل".
وقال جبارين إن "الأكاديميا تعتمد على تعاون دائم بين الجامعات والمحاضرين، وهناك برامج دولية من خلال الاتحاد الأوروبي، ولا شك في أن تراجع المعايير المهنية للأكاديميا الإسرائيلية ستكون لها تداعيات سلبية، منها تراجع مكانتها وأهميتها على الصعيدين المحلي والدولي".
وكان وزير التعليم يوآف كيش بدأ فور المصادقة على قانون "إلغاء حجة المعقولية" بعض محاولات السيطرة على مختلف الأوساط الأكاديمية في إسرائيل، وبخاصة مجلس التعليم العالي الذي عرض على الحكومة للمصادقة، وتعيين أربعة أساتذة ومحاضري جامعات داعمين لخطة الإصلاح القضائي الحكومي في مجلس التعليم العالي يحملون أفكاراً يمينية متطرفة، على رغم المعارضة الشديدة من لجنة رؤساء الجامعات.
وتعد هذه الخطوة الأولى في سلسلة خطوات وقرارات ستتخذها الحكومة وتنعكس بشكل كبير على سياسة الجامعات ومكانتها، ويقول جبارين "لن ينحصر الأمر على مصادقة الحكومة على تعيينات سياسية يمينية ويمينية متطرفة، إنما التأثير في اتخاذ قرارات من قبل إدارة الجامعات وبينها ملاحقة النشاطات السياسية في الجامعات ومنع خلايا طلابية من العمل، كما سنرى قريباً تعزيزاً كبيراً لملاحقة الطلاب تحت ذريعة مشاركتهم في نشاطات إرهابية حد طردهم من الجامعات، كما سبق وتعرض بعض الطلاب العرب على خلفية مشاركتهم في إحياء ذكرى يوم الأرض أو حتى إجراء مهرجان خاص تضمن قصائد للشاعر محمود درويش". ويضيف، "في المجمل فإن الأكاديميا الإسرائيلية ستفقد استقلاليتها بعد سلب حريتها منها في أعقاب المصادقة على قانون إلغاء حجة المعقولية".
من صلاحيات مهنية إلى سياسية خطرة
ومع الإعلان عن خطوات وزير التعليم في التعيينات السياسية، انضمت مجموعة أكاديمية واسعة إلى المشاركين في أعمال الاحتجاج والتظاهرات ضد الحكومة، وبادر بعضهم إلى جمع تواقيع للاستقالة من الجامعات الإسرائيلية بعد إعلان جهات دولية عدة كانت داعمة أو على علاقة مع الجامعات الإسرائيلية من حيث المنح الأكاديمية وعقد مؤتمرات أو تقديم الدعم المالي، مقاطعة الجامعات الإسرائيلية، فتخوف المحاضرون والمسؤولون من فرض شخصيات على مختلف الهيئات الأكاديمية وبالتالي فرض سياسات داخل الجامعة تخدم مصالح مختلف أحزاب الائتلاف الحكومي.
ويقول جبارين إن "المقترحات الجديدة للحكومة تهدف إلى تقليص حرية التعبير وصلاحيات إدارة الجامعات إلى جانب منح مساحة واسعة للتدخل المباشر من قبل السلطات الحكومية لما يجري داخل الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي، وذلك عملياً يعني نقل الصلاحيات من إدارية مهنية داخل الجامعة إلى صلاحيات سياسية، وهذا يحمل أخطار استهداف مجموعات معينة، ليس فقط بين المحاضرين والمسؤولين داخل الجامعة، وإنما الطلاب العرب واليهودي اليساريين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الفصل بين النساء والرجال
وتخوف آخرون لدى إدارة الجامعات من التدخل في الموازنات بتقليصها أو منع تحويلها في حال اتخذت إدارة الجامعة قراراً لإقامة نشاط أو تعاون لا توافق عليه الحكومة، ولا يتماشى ضمن مصالحها أو سياستها.
وفي جانب آخر يشير جبارين إلى تداعيات ما تسعى إليه وزارة التعليم في ما يتعلق بالفصل بين النساء والرجال في تعليم الجامعات وأيضاً المدارس الحكومية، ويقول "ستكون تداعيات مثل هذا القرار خطرة جداً، وستكون بداية لإقامة مزيد من الجامعات اليمينية الخاصة، وسنرى مزيداً من الجامعات في المستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة مثل جامعة أرئيل التي أقيمت في مستوطنة أرئيل على رغم معارضة مجلس التعليم العالي وغالبية المسؤولين في الأكاديميا الإسرائيلية، وهي الجامعة التي تقاطعها مؤسسات أكاديمية وجامعات دولية بسبب إقامتها في مستوطنة قائمة على أرض فلسطينية".
ويعتبر جبارين أنه "في حال نجحت خطوات وزير التعليم فستكون تلك ضربة قاسية للأوساط الأكاديمية الإسرائيلية وستلحقها أضرار خطرة من الصعب تصحيحها لعقود، فتوظيف أعضاء هيئة تدريس أو محاضرين يخدمون سياسة الحكومة وإقامة جامعات يمينية متطرفة سيفرضان واقعاً من الصعب تغييره".
واحتجاجاً على الوضع أعلن أعضاء الإدارات الأكاديمية في أربع جامعات إسرائيلية الإضراب احتجاجاً على إصرار حكومة بنيامين نتنياهو على المضي في المصادقة على خطة التشريعات، وهي جامعة تل أبيب والجامعة العبرية بالقدس وجامعة بن غوريون في الجنوب والتخنيون في حيفا، كما أن مجموعة من الأكاديميين داخل مجلس التعليم العالي تعمل على تجنيد أكبر عدد من أعضائها للإضراب والانضمام إلى حملة الاحتجاج.
ضربة قاسية
وحذر موقع "سيحا مكوميت" للتحقيقات السياسية في تقرير نشره من تداعيات قمع الفكر الحر في الجامعات جراء خطة التشريعات الحكومية، وجاء في التقرير "إنها عملية مدمرة وإذا ما نجحت فستجعل من السهل كثيراً الاستمرار في توطيد الدكتاتورية وإلحاق أضرار جسيمة بالبحوث لعقود من الزمن، إذ سيغادر أعضاء هيئة التدريس مع مجموعاتهم البحثية وكذلك العلماء والأطباء والمثقفون، وبالتالي ستختفي أعوام طويلة من المعرفة، وإلى جانب هذا سيؤدي الوضع إلى نقص حاد في أعضاء هيئة التدريس، وهو فراغ سيكون من الصعب تعويضه خلال الأجيال المقبلة، فمن دون الأوساط الأكاديمية لا توجد تقنية عالية وبالتالي سيتلقى الاقتصاد ضربة قاسية، ومن دون كل هذا لا توجد ديمقراطية بل يسهم هذا كله في توطيد الدكتاتورية".
واعتبر التقرير أن المصادقة على "تعديل حجة المعقولية" يجعل الأكاديميا الإسرائيلية الضحية الأولى وآخر ما يمكن إعادة تأهيله، خصوصاً إذا سيطرت الحكومة على مختلف الأطر الأكاديمية وعززت سياسة اليمين المتطرف.