Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عن مسلسل "فيوتشوراما" الكرتوني الذي وثق صدفة التغيير الاجتماعي 

أعيد إحياء الرسوم المتحركة الشهيرة الموجهة للكبار مجدداً لكنه لن يتمكن يوماً من استعادة الطابع الذكي للنسخة الأصلية

ليلا (كايتي ساغال) وبندر (جون ديماجيو) وفراي (بيلي ويست) في الحلقة الأولى من الموسم الجديد لسلسلة "فيوتشوراما" (هولو/ديزني)

ملخص

"فيوتشوراما" بشكل عام فوضوي وغير متناسق من الناحية الروائية لكن تلك العيوب تجعله ملفتاً باعتباره يقدم نظرة على طريقة تغير وتطور العالم خلال ربع القرن الماضي

هل أصبح مسلسل "فيوتشوراما" Futurama عصياً على الإلغاء في هذه المرحلة؟ فالمسلسل الكرتوني الكوميدي الذي ينتمي إلى الخيال العلمي لا ينفك يعود للحياة، تماماً مثل أفلام "تيرمينايتور" Terminator أو لاعب التنس نوفاك دجوكوفيتش. هذه المرة تعيد منصة "هولو" (أو "ديزني بلس" في المملكة المتحدة) المسلسل لـ20 حلقة. كان "فيوتشوراما" خلال فترته الذهبية مسلسلاً تلفزيونياً ممتازاً. ومع أنه محكوم عليه أن يبقى للأبد في ظل "سيمسونز" The Simpsons (ومخترع المسلسلين هو الرسام الكرتوني مات غرونينغ الذي رسمهما بأسلوبه الفني المميز)، حقق المسلسل نجاحاً خاصاً به. وما زالت النسخة الأولى منه، التي بدأ عرضها عام 1999 على قناة "فوكس" واستمرت على مدار 72 حلقة، قوية حتى اليوم. تدور أحداث "فيوتشوراما" بعد ألف عام في المستقبل، في مدينة نيويورك، وكان لفترة معينة الوسيلة المثالية للسخرية من عيوب وقصور الحياة المعاصرة.

ثم ألغيت السلسلة عام 2003، ولمدة خمس سنوات بعدها بدا كأنه مقدر لاسم "فيوتشوراما" أن يظل مدرجاً على كل قائمة بعنوان "المسلسلات التلفزيونية التي ألغيت قبل أوانها"، قوائم مزعجة تبحث في الاحتمالات التي لم يقدر لها أن تبصر النور. لكن فجأة عام 2008، أعيد المسلسل على شكل أربعة أفلام توفرت للعموم بشكل فوري على أقراص "دي في دي". بدا واضحاً أن شيئاً ما ضاع ما بين العرضين. فالجوانب الكوميدية أقل سلاسة والحبكة أقل تشويقاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بالنسبة إلى معجبي البرنامج كان ذلك أفضل من عدم عرضه كلياً. عام 2009 أعيد إحياء المسلسل من جديد على قناة "كوميدي سنترال" Comedy Central هذه المرة. وهنا بدأ المسلسل يأخذ منحى مختلفاً فعلياً إذ أصبحت الحلقات تقوم على السخرية المباشرة من مواضيع الساعة. في إحدى الحلقات، وقع كل مواطني نيويورك تحت سحر تطبيق "آي فون" eyePhone (هاتف العين) الذي يؤدي إلى الإدمان. فيما تستخدم حلقة أخرى مشروع قانون زواج "بين الروبوت والإنسان" للسخرية من موضوع منع الزواج المثلي في كاليفورنيا الذي كان قضية الساعة حينها.

واستمر المسلسل خمس سنوات، وانتهى عام 2013. وها هو يعود الآن بعد مرور 10 سنوات على ذلك، بحلقة أولى "البث المستحيل" The Impossible Stream تناولت كل المواضيع الممكنة بين أجهزة البث والرموز غير القابلة للاستبدال والكوميديا التي تتحدى اللباقة السياسية. ربما تغير "فيوتشوراما" عن سابق عهده، لكنه تحول ببطء إلى دراسة ملفتة عن تغير الأزمنة.

لم يخلق نوع الفكاهة الساخرة المعروض في "فيوتشوراما" لكي يدوم في عصر التغيرات التكنولوجية السريعة. عندما عرض المسلسل للمرة الأولى عام 1999 كان عصر الإنترنت في بدايته. وكان الموقف الذي أظهرته الحلقات الأولى تجاه الشبكة الإلكترونية مختلفاً جداً عنه بعد 10 سنوات. استندت حلقة "واعدت روبوتاً" في الموسم الثالث على السخرية من موقع "نابستر" Napster لتشارك الملفات، وهو أمر قد لا يفهمه أي شخص يشاهدها الآن. أما حلقة "ضع رأسك على كتفي" في الموسم الثاني، فقام فيها بندر (جو ديماجيو) بإطلاق خدمة وسيط زيجات، وهي فكرة تبدو قديمة في عصر تطبيقات المواعدة.

ومن الناحية السياسية كذلك، قام مسلسل "فيوتشوراما" على حس التهكم الذي تمتع به جيل إكس [مواليد ما بين أعوام 1965 و1980]، وعلى سياسات حقبة بوش. وإحدى النكات التي لازمت المسلسل فترة طويلة هي أن رئيس الأرض هو رأس ريتشارد نيكسون المرح والمنفصل عن جسده، كما ظهر آل غور مرات عدة بصفته الشخصية. من الصعب أن تحدث هذه الدعابات التأثير نفسه الآن (مع أن نيكسون موجود في الموسم الأخير). أعتقد بأن انقطاع المسلسل خلال رئاسة دونالد ترمب كان نعمة.

بعض الأمور التي تشي بأن المسلسل قديم واضحة. إحدى الحلقات من عملية الإحياء الأولى للمسلسل التي فيها إساءة تقدير تظهر دملة بشعة جداً تغني واسمها سوزان (وهي دعابة غير موفقة فيها لعب على اسم نجمة برنامج "المواهب البريطانية" Britain’s Got Talent سوزان بويل [دملة بالإنجليزية تلفظ بويل أيضاً]).

بينما وضع بعض الحلقات الأخرى أكثر تعقيداً: حلقة "أثنيها" Bend Her من الموسم الرابع تشهد قيام الروبوت "بندر" وهو أحد سكان "فيوتشوراما"، الخضوع لعملية ميكانيكية لتغيير الجنس لكي يتسنى له أن يفوز بميدالية أولمبية. أما اليوم، فحتى لو كان البرنامج غير تقدمي كلياً، فلن يقرب هكذا حبكة أبداً، لكن ارتياح الكتاب بمقاربة هذا الموضوع عام 2003 يظهر الجهل السائد عندها بقضايا التحول الجنسي من جهة، وحداثة ظهور اللوبي المعادي للترانس أو المتحولين جنسياً. لكن "الحرب الثقافية" لم تكن موجودة عندها، كما هي الآن. ويبدو في الموسم الحالي أن القرن الـ31 يحصل على ما يعادل ذلك: تحمل الحلقة الثامنة عنوان "إلغاء زاب".

يعد "فيوتشوراما" من أحد الجوانب تذكيراً صارخاً بأن تحذر ما تتمناه: أحياناً من الأفضل أن تسدل الستارة في أوج نجاحك على أن تستمر وتهوي إلى مستويات متدنية. في كل مرة أعيد فيها عرض المسلسل كان يبدو مختلفاً بعض الشيء، إذ يشبه حاله السابقة وفي الوقت نفسه يبدو مختلفاً جداً، كما القط الذي دبت فيه الحياة من جديد في كتاب مقبرة الحيوانات الأليفة لستيفن كينغ. والمسلسل بشكل عام فوضوي وغير متناسق من الناحية الروائية، وتشوهت رؤيته التي كانت متكاملة يوماً ما بسبب محاولات تحديث السخرية فيه. لكن تلك العيوب تجعله ملفتاً باعتباره يقدم نظرة على طريقة تغير وتطور العالم خلال ربع القرن الماضي.

يمكن مشاهدة "فيوتشوراما" على منصة البث الرقمي "ديزني بلس"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من فنون