توقعات أميركية غير مطمئنة لإنتاج الحبوب في 2024

بينما لا تزال المخاوف العالمية قائمة منذ إعلان روسيا انسحابها من اتفاقية الممر الآمن للحبوب عبر البحر الأسود، قبل شهر تقريباً، وتحديداً في 17 يوليو (تموز) الماضي، بخاصة مع المتغيرات الجديدة في مشهد الإنتاج والاستهلاك العالميين للحبوب، يرسم أحدث تقرير لوزارة الزراعة الأميركية صورة غير مطمئنة لإنتاج واستهلاك الحبوب في العالم، وبخاصة القمح والذرة والرز، إذ لا يؤشر التقرير إلى تحركات عنيفة في توقعات الإنتاج والاستهلاك للسلع الزراعية الثلاثة خلال موسم حصاد 2024، مما يخلق وفرة في المعروض على جانب العرض يقابلها استهلاك مستقر على جانب الطلب.

وسمحت صفقة الحبوب التي توسطت فيها تركيا والأمم المتحدة بعبور 33 مليون طن من الحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى من الموانئ الأوكرانية تشورنومورسك وأوديسا ويوجني، وكانت الحبوب هي السلعة الأساسية المصدرة بموجب الاتفاقية، وشملت 8.9 مليون طن من القمح و16.9 مليون طن من الذرة يشكلان معاً غالبية الصادرات التي تلقتها الصين والاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تراجع صادرات القمح

لكن مع الهجمات الروسية على أوديسا وموانئ نهر الدانوب، وتضرر البنية التحتية خلال الأسابيع الأخيرة، فإن حالة من عدم اليقين تتزايد في شأن إنتاج أوكرانيا، المعروفة باسم "سلة أوروبا من الغذاء"، إذ تتوقع وزارة الزراعة الأميركية تراجع الصادرات الأوكرانية من القمح إلى 10.5 مليون طن خلال الموسم 2023-2024، من 16.8 مليون طن في الفترة من يوليو 2022 إلى يونيو (حزيران) الماضي، كما تتوقع تراجع الذرة الأوكرانية المصدرة إلى 19.5 مليون طن من 28 مليون طن.

ويتوقع انخفاض إنتاج العالم من القمح إلى 793.3 مليون طن في تقديرات وزارة الزراعة الأميركية أغسطس (آب) الجاري، من توقعاتها السابقة عن 796.6 مليون طن الشهر الماضي، إذ من المتوقع تراجع إنتاج الصين إلى 137 مليون طن، وأوروبا إلى 135 مليون طن، وكندا إلى 33 مليون طن، و15 مليون طن فقط في المملكة المتحدة، في حين يتوقع ارتفاع إنتاج البرازيل إلى 10.3 مليون طن من 10 ملايين في توقعات الشهر الماضي، وأبقت الوزارة على توقعاتها لإنتاج مصر (8.87 مليون طن)، وإيران (14 مليون طن)، وباكستان (28 مليون طن) وأستراليا (29 مليون طن).

على جانب استهلاك القمح المتوقع في موسم 2024 تأتي الصين باستهلاك أقل عند مستوى 152 مليون طن، من التوقعات السابقة (153 مليون طن)، وكذلك الاتحاد الأوروبي 107.5 مليون طن من 109.5 مليون طن في توقعات الوزارة الشهر الماضي، في حين يتوقع ارتفاع استهلاك تركيا من القمح عند مستوى 21.4 مليون طن من 21.3 مليون الشهر الماضي، بينما ظل استهلاك مصر 20.7 مليون طن، والجزائر 11.5 مليون طن والمغرب 10.6 مليون طن عند نفس التقديرات السابقة من دون تغيير.

رز وفير

ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج العالم من الرز إلى 520.9 مليون طن بتقديرات أغسطس الجاري من 520.7 مليون طن في يوليو الماضي بزيادة طفيفة، وظل إنتاج كل من الصين (149 مليون طن)، والهند (134 مليون طن)، وبنغلاديش (37 مليون طن)، وإندونيسيا (34.4 مليون طن)، وتايلاند (27 مليون طن) ومصر (3.7 مليون طن) مستقراً من دون تغيير.

على جانب استهلاك الرز يتوقع استقرار معدلاته في كل من بنغلاديش 38.2 مليون طن، وإندونيسيا 35.2 مليون طن، وتايلاند 16.4 مليون طن، ونيجيريا 7.6 مليون طن، ومصر 4.1 مليون طن، بينما يتوقع تراجع استهلاكه في فيتنام عند 21.5 مليون طن.

وفي 20 يوليو الماضي فرضت الهند، أكبر مصدر للرز، حظراً فورياً على تصدير الرز الأبيض غير البسمتي، وتسهم بنحو 40 في المئة من صادرات الرز العالمية، وتبيعها إلى أكثر من 140 دولة، ونتيجة لهذا الحظر تم تخفيض توقعات إجمالي صادرات الرز إلى 20.5 مليون طن من 22.5 مليون الشهر الماضي.

وتلقت سوق الرز العالمية صفعة صادمة بقرار هندي بتقييد الصادرات من المحصول الاستراتيجي لتوفير المنتج محلياً، وتهدئة سعره بعدما سجل ارتفاعاً تجاوز 30 في المئة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، في حين ينذر ذلك بانضمام السلعة الزراعية التي نأت عن تقلبات أسعار الحبوب الأخرى كالقمح والذرة، إثر الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى دائرة التقلب.

محصول ذرة أقل

ويتوقع تقرير وزارة الزراعة الأميركية انخفاض إنتاج الذرة العالمي إلى 1.213 مليار طن من 1.224 مليار طن الشهر الماضي، بتراجع إنتاج الصين وروسيا والولايات المتحدة مقابل زيادة في الإنتاج من جانب أوكرانيا وكندا، ومن المنتظر أن تنخفض الواردات العالمية، مع التخفيضات من جانب في مصر والجزائر، بينما على جانب الاستهلاك فسيتراجع في مصر إلى 15.2 مليون طن، و79.5 مليون طن في الاتحاد الأوروبي، و10.6 مليون طن في روسيا، بينما سيرتفع الاستهلاك في كندا إلى 15.7 مليون طن.

يلفت التقرير إلى الإنتاج المتوقع للشعير في موسم 2024، فيقدر الإنتاج العالمي بـ142.6 مليون طن، بتراجع من تقديراته السابقة الشهر الماضي حين توقع أن يصل الإنتاج إلى 145.7 مليون طن، يأتي أغلبه من الاتحاد الأوروبي بـ48.4 مليون طن، و19 مليون طن من روسيا و10 ملايين من أستراليا، في حين يتوقع ارتفاع الاستهلاك من جانب الاتحاد الأوروبي بواقع 44.3 مليون طن، وروسيا بـ15 مليون طن، والصين 9.4 مليون طن، والسعودية 4.1 مليون طن.

إجمالاً، ستظل الصورة قاتمة على ما يبدو في شأن توقعات إنتاج الحبوب في ظل ارتفاع كلف مدخلات الإنتاج وبخاصة الأسمدة، وطالما استمر الصراع دائراً في منطقة البحر الأسود لفترة أطول، فضلاً عن تطرف المناخ وتغيراته الصادمة غير المواتية للإنتاج الزراعي.