ملخص
العراق يكثف إجراءاته لتأمين الحدود مع دول الجوار لكن الجانب السوري لا يزال الأكثر خطورة.
يسابق العراق الزمن من أجل تحصين حدوده خصوصاً مع سوريا وإيران، عبر سلسلة إجراءات تضمن نصب أبراج مراقبة وتشييد طرق حدودية لمنع التسلل منهما إلى داخل الأراضي العراقية.
ويدخل مئات الأشخاص سنوياً بصورة غير قانونية إلى العراق عبر الحدود مع إيران، ومنهم تجار المخدرات أو الذين يتعاملون بها، أما من سوريا فلا يزال هناك تسرب لعناصر "داعش" بأعداد قليلة، علاوة على كميات كبيرة من المخدرات.
وقال قائد حرس الحدود العراقية الفريق محمد السعيدي إن 3 آلاف شخص تسللوا إلى داخل البلاد خلال النصف الأول من العام الحالي ومعظمهم من إيران وسوريا.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن السعيدي قوله إن "الحدود السورية تعد الأكثر تهديداً لأمن البلاد إذ يبلغ طولها أكثر من 600 كيلو متر، بخاصة المنطقة الممتدة من شمال نهر الفرات وهي القائم إلى شمال ربيعة، بسبب الوضع الأمني غير المستقر في الجانب السوري ووجود قوات ’قسد‘ الممسكة للحدود وللمنطقة السورية بدلاً من القوات النظامية".
واعتبر المسؤول العسكري العراقي أن الأمر "ألقى بظلاله على أمن المنطقة، وفي السابق أصبح ممراً لتهريب المخدرات وتسلل الأشخاص المطلوبين للقضاء ومنهم عناصر ’داعش‘".
تحصينات مع سوريا
وقال قائد حرس الحدود العراقي إن "جهوداً كبيرة بذلت من قبل قيادة قوات الحدود أثمرت عن ضبط هذه المنطقة بنسبة 90 في المئة وإنهاء موضوع التهريب والتسلل من سوريا إلى العراق والعكس"، مشيراً إلى أن هذه الجهود تضمنت إنشاء خندق شقي على منطقة الصفر الحدودية العراقية - السورية بعرض ثلاثة أمتار وعمق ثلاثة أمتار، يليه مانع رباعي ومن ثم سياج يبلغ ارتفاعه 2.5 متر"، فضلاً عن أبراج خرسانية ونقاط حراسة لمعدل مسافة من 1000إلى 1500 كيلومتر بين نقطة وأخرى.
وأوضح السعيدي أن "كاميرات حرارية نصبت على طول هذه الحدود التي تتداخل مع بعضها بكفاءة عالية"، لافتاً إلى أن "هذا المشروع الأخير معمول به في دول متقدمة".
وذكر أن المنطقة الحساسة على الحدود التي تمتد من جبل سنجار باتجاه تل الصفوك ووادي العجيج شمال العراق، وضع فيها جدار بطول 67 كيلومتراً، ويتكون من كتل خرسانية بارتفاع 3.75 متر وعرض 75 سنتيمتراً يعلوها سياج منفاخي.
البصرة والسليمانية
وفي شأن الحدود العراقية - الإيرانية أوضح قائد قوات الحدود أن هناك مشاريع كبيرة لتأمين هذه الحدود التي يصل طولها إلى 1493 كيلومتراً، مشيراً إلى إنجاز 60 في المئة من العمل لتحصين الحدود الممتدة بين محافظتي البصرة والسليمانية،
ويشمل وضع الكاميرات الحرارية على حدود المحافظتين بصورة كاملة ونصب أكثر من 700 برج خرساني بمسافة تباعد بينها تراوح ما بين كيلومتر واحد إلى 1.5 كيلومتر، مبيناً أن العمل تضمن إجراءات تأمينية من الشيب في محافظة ميسان إلى خانقين بمحافظة ديالي على طول 680 كيلومتراً.
وشملت الإجراءات الحدودية إزالة آلاف الألغام من مخلفات الحرب العراقية -الإيرانية وإنشاء تحصينات عليها بعد أن كان وجود بعض المخافر بلا جدوى، وأصبح تبادل الرؤية بين النقاط متبادلاً، وفق الفريق السعيدي.
الكويت والسعودية والأردن
وتعد الحدود العراقية المشتركة مع كل من السعودية والأردن والكويت مؤمنة من قبل الطرفين بصورة تمنع أية عمليات تسلل، وقال قائد حرس الحدود العراقي إن "الحدود مع الأردن مستقرة بحكم مستوى التعاون الكبير معه، ووجود قطاعات نظامية في الجانب الأردني وطبيعة الأرض الصحراوية التي من الصعب أن يتسلل شخص عبرها"، مبيناً أنه تم تأمينها بصورة مثالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع السعيدي أن هناك تعاوناً كبيراً بين العراق والسعودية على رغم وجود مشكلات تحصل أحياناً وتتمثل في هجمات لعناصر "داعش" من جنوب الرطبة على النقاط الأمنية في اللواء الخامس الواقع على الحدود السعودية ويتم التصدي لها، لافتاً إلى أن "حدودنا مع الكويت مستقرة أيضاً وهناك تعاون وثيق".
التسلل مستمر
بدوره يرى النائب السابق عن محافظة البصرة وائل عبداللطيف أن عمليات التسلل لم تنته بجميع مستوياتها لعدم وجود نظام حازم لوحدة القوى الأمنية، موضحاً أنها تتم من طريق محافظة البصرة، فتارة يعبرون شط العرب وتارة أخرى الطريق البري ومرة ثالثة يدخلون بصفة زوار من خارج النقاط الرسمية للدولة، مبيناً أن حدود العراق مع إيران تبدأ من مدخل شط العرب إلى السليمانية.
وأضاف عبداللطيف أنه من الصعب حماية البلاد من آفة التسلل لأن عملية السيطرة على الحدود أمر صعب لعدم وجود قيادة موحدة للأجهزة الأمنية.
من جهته عد مدير "مركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية" معتز عبدالحميد أن الحدود "غير مسيطر عليها" وبخاصة مع الجانبين الإيراني والسوري، لافتاً إلى أن الدوريات المشتركة مع كل من السعودية والكويت والأردن أسهمت في تأمين الحدود.
وقال عبدالحميد إن عملية تأمين الحدود العراقية - السورية يجب أن تكون بصورة مشتركة، مبيناً أن كثيراً من المناطق خارج سلطة سيطرة دمشق، مثل دير الزور وحلب وغيرها، وهذه المناطق قريبة من الحدود العراقية.
ونوه إلى أن زيارة وزير الخارجية السوري للعراق قبل أسابيع بحثت قضايا الحدود وضرورة مراقبتها وخطورة استباحتها من قبل تجار المخدرات، معتبراً أن هذا الملف مهم وبات آفة تهدد المجتمع بخاصة وأن مافيات المخدرات استباحت الحدود عبر سوريا وأصبحت هناك معامل لتصنيع الكبتاغون.
وأضاف مدير "مركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية" أن "حدود العراق مع تركيا مستباحة لوجود عمليات عسكرية على طرف الحدود من قبل حزب العمال الكردستاني وإجراء عمليات تركية هناك "، لافتاً إلى أن الحدود مع الجانب الإيراني غير مسيطر عليها كونها تمتد لمساحات طويلة.
مشكلات كبيرة
بدوره يرى المتخصص في الشؤون الأمنية جمال الطائي أن الحدود مع إيران تسببت بمشكلات كثيرة من ناحية تهريب المخدرات والعملة والمتسللين، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي أحكم قبضته على الحدود العراقية - السورية من خلال المراقبة الجوية.
وقال الطائي إن "الحدود الشرقية مع إيران تسببت بكثير من المشكلات في ما يتعلق بتهريب المخدرات والعملة والمتسللين، إلا أن الدولة العراقية غضت الطرف عن هذا الأمر كون طهران مقربة من حكومة بغداد"، مبيناً أن عمليات التسلل من إيران لا تشكل خرقاً أمنياً من ناحية التفجيرات وغيرها".
وطالب الطائي "بضرورة توفير أجهزة متطورة ونقاط مراقبة لوجود ثغرات كبيرة مع إيران، لكنها ليست بالتأثير نفسه الذي تمثله الحدود الغربية مع سوريا"، مشيراً إلى أن عمليات التسلل من هذه الحدود تؤدي إلى خروق أمنية وهجمات مسلحة وتفجيرات.
ويركز الجانب الأميركي على الحدود العراقية - السورية وتأمينها لوجود حركة للفصائل المسلحة من العراق إلى سوريا، وهو ما كان واضحاً من خلال الطلعات الجوية، بحسب الطائي، مشيراً إلى دخول آليات أميركية من الجانب السوري لقطع الطريق على الفصائل المسلحة.