ملخص
نمو الناتج المحلي الإجمالي لتونس لم يتجاوز 0.6 في المئة في الربع الثاني للسنة الحالية مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022
تعول تونس على استرجاع النشاط في عدد من القطاعات الحيوية لاستعادة نسق الأداء الاقتصادي ما قبل جائحة كورونا.
وتأتي السياحة تليها الزراعة على رأس القائمة، بعد أن سجلت انطلاقة في العام الحالي، وعلى رغم تحقق بعض الانتعاش، فإنه في الوقت نفسه تراجع أداء الصناعة المحلية وانخفض إنتاج الطاقة والمناجم وتأثرت قطاعات أخرى بانخفاض الاستهلاك تأثراً بتباطؤ الاستثمار.
بينما بدت الزراعة الأكثر تعثراً على خلفية المعطيات المناخية الاستثنائية التي طبعت النصف الأول من السنة الراهنة.
وترتكز المخاوف على الانعكاسات المنتظرة من تراجع أداء القطاع الفلاحي بسبب الجفاف على نسبة النمو، إذ إن الصادرات من المواد الفلاحية والغذائية تمثل 12 في المئة من إجمالي صادرات تونس وقد حققت 6.8 مليار دينار (2.2 مليار دولار) من الإيرادات العام الماضي.
إلى ذلك يعكس المشهد التونسي التعثر المسجل ويخيم عليه الحذر من أزمة اجتماعية خانقة متأثراً بالنقص المسجل في عرض بعض السلع الاستهلاكية وخصوصاً منها المواد الغذائية، إذ تشهد تونس اضطراباً في التزود بالخبز، بعد أن انخفضت محاصيل الحبوب بنسبة 60 في المئة مقارنة بالموسم الماضي إذ لم تتجاوز كميات الحبوب المجمعة 270 ألف طن خلال موسم 2023.
وانعكس أداء القطاع الفلاحي سلبياً على معدل نمو الاقتصاد خلال الأشهر المنقضية من هذه السنة وينتظر أن يمتد على باقي السنة.
في غضون ذلك أشار المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) في هذا الإطار أنه قام بمراجعة نسبة النمو الاقتصادي خلال الثلاثي الأول (الربع الأول) من 2023 والتي أصدرها في مايو (أيار) الماضي وخفضها من 2.1 في المئة إلى 1.9 في المئة.
من جهة أخرى كانت تونس تطمح إلى استعادة مكانتها في السوق العالمية للفوسفات ومشتقاته، وسعت لاسترجاع نسق الإنتاج وزيادة الكميات لبلوغ طاقة إنتاج سنوية في حدود 6.5 مليون طن بحسب المخطط التنموي 2023-2025، لكن لم تعكس المعطيات المسجلة في الأشهر المنقضية هذا المخطط.
وسجل تراجع حاد في مؤشرات إنتاج وتصدير الفوسفات التجاري، مقارنة بالسنة الماضية إذ تراجع التصدير بنسبة 5.4 في المئة بحسب المعهد الوطني، وبلغ الإنتاج 1.5 مليون طن، مسجلاً تراجعاً بنسبة 21 في المئة، وبنسبة 50 في المئة مقارنة مع التقديرات وفق مرصد رقابة (مستقل) وشهدت صادرات قطاع الطاقة في المجمل تراجعاً خلال السداسي الأول (النصف الأول) من سنة 2023 بنسبة 31.5 في المئة تأثراً بانخفاض الإنتاج.
كما سجلت تونس انخفاضاً في قطاع الصناعات المعملية بنسبة 0.2 في المئة خلال الربع الثاني من العام من سنة 2023.
وتراجع حجم القيمة المضافة في قطاع الطاقة والمناجم والماء والتطهير ومعالجة النفايات بنحو 5.6 في المئة، نتيجة تقلص استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 2.6 في المئة.
وانخفض نشاط قطاع المناجم بنسبة 14.1 في المئة، ما أدى إلى تراجع أداء الصناعة بـ2.1 في المئة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2023 بحساب الانزلاق السنوي. وفي قطاع البناء والتشييد سجلت نسبة نمو سلبي تساوي – 5.4 في المئة.
نمو سلبي
وتسبب البطء الذي اتسم به الظرف الاقتصادي في ضعف نمو الطلب الداخلي، المتكون من نفقات الاستهلاك وتكوين رأس المال الخام، إذ لم يزد تطور الاستثمار على 0.2 في المئة وهي نسبة محتشمة للغاية، وأسهمت بـ0.25 نقطة في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي.
بينما أسهم صافي المبادلات الخارجية من جهته بـ0.35 نقطة، إذ ارتفعت الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 11.4 في المئة متجاوزة تطور الواردات التي بلغت تسعة في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويذكر أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لم يتجاوز 0.6 في المئة في الربع الثاني للسنة الحالية مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022، في تراجع مقارنة بالنمو المسجل خلال الثلاثية الأولى لسنة 2023 البالغة 1.9 في المئة.
بينما عرفت تونس نمواً سلبياً بحساب التغيرات ربع السنوية، وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي -1.3 في المئة مقارنة بالربع الأول من سنة 2023.
في حين أن الربع الأول من السنة الحالية زاد بنسبة 0.7 في المئة مقارنة بالربع الأخير من سنة 2022، وبناء على ذلك يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نمواً قدره 1.2 في المئة خلال النصف الأول من سنة 2023، ويلاحظ أنه لم يعد إلى تحقيق حجم الناتج الإجمالي لسنة 2019 قبيل أزمة كورونا.
السياحة... في ثوب المنقذ
في المقابل وخلافاً لمعظم القطاعات يعرف قطاع الخدمات انتعاشة، إذ سجل ارتفاعاً بـ2.9 في المئة، مساهماً إيجابياً بـ1.7 في المئة في نسبة النمو الإجمالي.
ويعود ذلك إلى التطور الذي عرفه في قطاع النزل (الفنادق) والمطاعم والمقاهي بـ17.5 في المئة وقطاع النقل بـ4.8 في المئة وقطاع الاتصال بـ3.3 في المئة.
وكانت وزارة السياحة التونسية قد كشفت عن تطور العائدات السياحية لتبلغ من 3.3 مليار دينار (1.07 مليار دولار) إلى حدود نهاية يوليو (تموز) 2023 بزيادة قدرها 55 في المئة مقارنة بالنصف الأول من سنة 2022، وتجاوزت إيرادات القطاع السياحي إلى حد اليوم مؤشرات سنة 2019 من خلال تسجيل تطور بنسبة 28 في المئة.
واعتبر المتخصص في الشأن الاقتصادي أنيس في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن "السياحة تبدو مؤهلة للحد من تأثير الركود الذي أصاب قطاعات أخرى، إذ ينتظر تسجيل انتعاشة مهمة جداً في هذا القطاع تصل إلى 16 في المئة كامل السنة.
وأشار إلى أن تونس سجلت وفود أكثر من خمسة ملايين سائح حتى يوليو (تموز) 2023. وهناك زيادة بقرابة 70 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من السنة المنقضية. لكن عاد الوهابي ليشير إلى الضعف الشديد لنسبة النمو في النصف الأول من السنة مدفوعة بانكماش مخيف. معتبراً أنها لا تعبر عن قدرات البلاد ومخزونها البشري والطبيعي. في ما تعكس اختلال التوازنات. وباعتبار العوامل الحالية ينتظر تحقيق نسبة نمو ضعيفة لكامل السنة بحسب النسق الحالي وهي لن تزيد على 2.1 في المئة.
في حين رأى محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي نسبة النمو المسجلة في الستة أشهر الأولى من السنة مخيبة للآمال. حيث أتت معاكسة للانتعاشة الواعدة التي شهدتها انطلاقة سنة 2023. وفسر الانتكاسة الحاصلة بموجة الجفاف التي أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي وما ترتب عنه من نقص حاد في العرض وعدم تحقيق الوفرة الأساسية لخلق النمو.
علاوة إلى ما ترتب عن ذلك من ارتفاع الأسعار وضرب الاستهلاك، إضافة إلى عدم سير قطاع المناجم والطاقة وفق التقديرات المخطط لها بسبب تراجع الإنتاج.