سارعت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، إلى تهدئة المخاوف التي انتابت المصريين بعد تأكيد السلطات الروسية زيادة مستويات الإشعاع في مدينة سفرودفنسك شمال روسيا، من 4 إلى 16 مرة الثلاثاء 13 أغسطس (آب) الحالي، بعد 5 أيام من وقوع انفجار أثناء القيام بتجربة محرك صاروخ يعمل بالوقود النووي، الخميس الماضي 8 أغسطس (آب).
وكانت مصر قد تعاقدت خلال عام 2017 مع شركة روساتوم الروسية لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء بمدينة الضبعة القريبة من محافظة مرسى مطروح شمال غرب العاصمة القاهرة، والتي تشمل أربع وحدات نووية بقدرة 1200 ميغاوات لكل وحدة بإجمالي 4800 ميغاوات، على أن يتم بدء تشغيل أول مفاعل مصري خلال 2026، باستثمارات إجمالية تبلغ نحو 25 مليار دولار.
الحكومة المصرية تطمئن الرأي العام
وقالت وزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة المصرية، في بيان صحافي، وصفته بالعاجل، إنه بشأن ما أثير عن حادث الانفجار النووي الذي وقع في روسيا، وما صاحبه من تداعيات ومحاولة ربطه بمحطة الطاقة النووية بالضبعة، تؤكد هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء أنه لا علاقة على الإطلاق بين تجربة أحد الصواريخ العاملة بالوقود النووي وبين محطات الطاقة النووية.
وأضافت الوزارة أن محطة الضبعة عموماً هي أحد التطبيقات السلمية للطاقة النووية، والتي تتميز بكافة أنظمة الأمان النووي، سواء الفعالة أو الخاملة، والتي لا تحتاج إلى أي طاقة كهربية لعملها، وأشارت إلى أن محطة الطاقة النووية بالضبعة هي من الجيل الثالث المطور، ولها مبنى احتواء مزدوج يستطيع تحمل اصطدام طائرة تزن 400 طن محملة بالوقود، وتطير بسرعة 150 مترا- الثانية، وتتحمل عجلة زلزالية حتى 0.3، وتتحمل تسونامي حتى 14 مترا.
وأوضحت الوزارة أن محطة الضبعة لديها قدرة على الإطفاء الآمن التلقائي دون تدخل العنصر البشري ومزودة أيضاً بمصيدة قلب المفاعل حال انصهاره، وهو الأمر الذي لا تتعدى احتمالية حدوثه واحد على عشرة ملايين مفاعل، كما يحتوي على وسائل أمان تكرارية، وغيرها من وسائل الأمان المختلفة، مشددة على أن كل ما أثير من ربط هو في غير محله على الإطلاق ولا يعدو كونه مبالغات.
الكشف عن الحادثة الروسية
بعد تضارب في التصريحات لمدة 5 أيام من وقوع الانفجار، أعلنت روسيا الثلاثاء 13 أغسطس (آب) رسميا، زيادة مستويات الإشعاع في مدينة سفرودفنسك، شمال روسيا، من 4 إلى 16 مرة بعد الانفجار الذي وقع أثناء القيام بتجربة محرك صاروخ يعمل بالوقود النووي، الخميس الماضي 8 أغسطس (آب) الحالي، ما أسفر عن مقتل 5 خبراء نوويين واثنين آخرين، وأثار مخاوف واسعة من كارثة تشيرنوبل جديدة.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مسؤولين قولهم إن السلطات الروسية أوصت سكان قرية نيونوكسا بمغادرتها لحين الانتهاء من أعمال في مكان قريب بعد الحادث الذي وقع خلال اختبارات لمحرك صاروخ وتسبب في ارتفاع مستوى الإشعاع الأسبوع الماضي. ونسب إلى السلطات في سفرودفنسك القول "تلقينا إخطارا، بشأن الأنشطة المزمعة للسلطات العسكرية، وسط أنباء عن أن السلطات طلبت من سكان المنطقة مغادرتها.
وقالت الإدارة الاتحادية للأرصاد ومراقبة البيئة في روسيا في بيان في إشارة للحادث الذي وقع الخميس الماضي "في ست من بين ثماني نقاط في سفرودفنسك، تم رصد مستوى إشعاع جاما زائد عن الحد بنسبة 4 إلى 16 مرة بالمقارنة بالنقاط الأساسية".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بادئ الأمر إن الإشعاع ظل عند مستويات طبيعية بعد الحادث، كما قالت وسائل إعلام روسية إنه لم يتم رصد مستوى إشعاع مرتفع. لكن سلطات المدينة في سفرودفنسك قالت إن ارتفاعا في مستويات الإشعاع طرأ لفترة وجيزة.
وقالت منظمة السلام الأخضر إن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة، ودفعت الأنباء حول الحادث المواطنين في المنطقة للتوجه للصيدليات لشراء اليود، الذي يستخدم لعلاج الإصابة بالإشعاع.
تهويل ومبالغة
وقال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء المصرية، لـ"اندبندنت عربية"، إن هيئة المحطات النووية المصرية لتوليد الكهرباء حصلت في مارس (آذار) الماضي على إذن قبول اختيار موقع الضبعة (SAP)، والذي صدر عن هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف حمزة أن الحصول على هذا الإذن إنجاز رئيسي في عملية الترخيص للمحطة النووية بالضبعة، مؤكدا أن إصدار الإذن نتيجة لعمليات المراجعة الشاملة التي تمت من قبل هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية بالوثائق التي قدمتها هيئة المحطات النووية، والتي تم تحديثها وتقديمها بصورتها النهائية في عام 2017 لطلب الموافقة على اختيار موقع الضبعة كأول موقع للمحطات النووية في مصر.
وأشار حمزة إلى أن أبرز الوثائق التي تم دراستها للحصول على الموافقة تشمل بيانات حول أنواع المفاعلات المختلفة وتركيباتها من نوعية الماء المضغوط، وكذلك بيانات عن الموقع وخصائصه، إلى جانب معلومات عن الشركات التي قامت بدراسة الموقع، وأيضا الدراسات التي تمت بالموقع، علاوة على تقرير منفصل عن تقييم الأثر البيئي للمشروع (EIA)، والذي قام بمراجعته والموافقة عليه جهاز شؤون البيئة.
وأوضح حمزة أنه انطلاقاً من الشفافية التي تنتهجها مصر تجاه مشروع المحطة النووية بالضبعة، دعت هيئة الرقابة النووية بعثة مراجعة دولية لها الصفة الاستقلالية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل تقديم الدعم في مراجعة الوثائق المقدمة، وبالأخص فيما يتعلق بمراجعة تقرير تقييم الموقع والجزء الإشعاعي من تقرير تقييم الأثر البيئي، وإثر ذلك قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدعم المطلوب من خلال مهمة مراجعة وثائق ترخيص الموقع والتصميم ضد الأحداث الخارجة.
وقال حمزة مطمئنا الرأي العام المصري إن الربط بين الانفجار الروسي الذي خلفه انفجار أثناء القيام بتجربة محرك صاروخ يعمل بالوقود النووي، وبين محطة الضبعة النووية السلمية، ليس إلا من قبيل التهويل والمبالغات التي لا أساس لها من الصحة.
كوارث روسية متكررة
الكوارث النووية عادة ما تصاحب الروس، ففي 26 أبريل (نيسان) عام 1986 وقعت أكبر كارثة نووية شهدها العالم في روسيا (الاتحاد السوفيتي) سابقا في تلك الحقبة في مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا السوفيتية، وتسبب الانفجار في مقتل31 شخصا في ذات اليوم، فيما أشارت تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة 9000 شخص من جراء كارثة تشيرنوبل فيما بعد، وخلفت الكارثة العديد من الآثار الصحية والبيئية وسميت المنطقة المحيطة بالمفاعل النووي بـ"الغابة الحمراء"، نتيجة تغيّر لون الأشجار بسبب الإشعاع. وتم إخلاء المنطقة بالكامل وظلت مهجورة لعشرات السنين.
وفي الثاني من يوليو (تموز) الماضي، اشتعلت النيران في غواصة روسية تعمل بالطاقة النووية في مدينة سيفيرومورسك المطلة على بحر بارنتس، مما أسفر عن مقتل 14 بحارا جراء التسمم بالدخان المنبعث من الحريق.
وبعد أيام على الحادث، قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إن الغواصة العسكرية التي اشتعلت بها النيران كانت تعمل بالطاقة النووية، وذلك بعد يوم من تأكيد الكرملين أنه "لن يكشف المعلومات المفصلة المتعلقة بالحريق"، مشيرا إلى أنها تعتبر من "أسرار الدولة".
وفي تصريحات نُشرت على موقع الكرملين على الإنترنت، أخبر شويغو الرئيس فلاديمير بوتن أن الحادث نجم عن حريق في مقصورة البطارية، وأن المفاعل النووي الموجود على متن السفينة كان معزولا تماما.
سلامة الأجواء المصرية
وأكدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، اليوم الأربعاء، في بيان صحافي، سلامة الأجواء المصرية من مسار الغبار الإشعاعي النووي الروسي.
وقال الدكتور أحمد عبد العال، رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن مصر بعيدة تماما عن مسار الغبار الإشعاعي الناتج عن الانفجار النووي، الذي حدث في مدينة سفرودفنسك الروسية، حيث إن مصر خلال فصل الصيف لا تتعرض لأي كتلة هوائية قادمة من روسيا بخلاف فصل الشتاء الذي تتأثر فيه مصر بامتداد المرتفع السيبيري القادم من هناك أحيانا.
وأوضح أن مصر تتأثر خلال هذه الفترة بامتداد منخفض الهند الموسمي الذي يجلب كتلة هوائية قادمة من جنوب أوروبا مصحوبة برياح شمالية غربية تتحول إلى جنوبية غربية تعمل على رفع درجات الحرارة لتبلغ ذروتها على القاهرة غدا الخميس على أن تعود حول المعدل الطبيعي لها اعتبارا من يوم الجمعة.