Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يغري منصب رئيس الولايات المتحدة الزوجات؟

ما تريده النساء الطموحات في السياسة ليس مكانة السيدة الأولى بل السلطة الحقيقية

24 امرأة ترشحن لمنصب الرئيس على مدى تاريخ الولايات المتحدة (أ ف ب)

 

ملخص

يقود رئيس أميركا البلاد وفقاً للدستور الأميركي وتمتثل زوجته لقواعد التقاليد من خلال شغل دورها العام

خلال الأيام الماضية، طرح كتاب ومفكرون ووسائل إعلام مختلفة أسئلة عما إذا كانت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما يمكن أن تحل مكان الرئيس الحالي جو بايدن، كمرشحة عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية للعام المقبل، بسبب علامات الضعف العقلي ومعدلات التأييد السيئة ومزاعم الفساد لنجله هانتر، لكن بصرف النظر عن إمكان ذلك ونفي ميشيل أوباما نيتها الترشح في السابق، إلا أنها لن تكون سابقة إذا قررت اتخاذ الخطوة، بعدما مهدت الطريق سيدة أولى أخرى هي هيلاري كلينتون، عندما رشحها الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2016، التي خسرت أمام ترمب، فما السبب الذي يغري زوجات الرؤساء الأميركيين بالمنصب الأهم في العالم؟ وهل جميع زوجات الرؤساء سواء؟

ميشيل أوباما كبديل

قبل أشهر قليلة، أطلق رئيس الولايات المتحدة جو بايدن حملته لإعادة انتخابه بمقطع فيديو قال فيه، إن أميركا على مفترق طرق في انتخابات 2024، لكن الديمقراطيين يحتاجون إلى الاقتناع بأنه أفضل مرشح لديهم بينما يساورهم القلق من تراجع شعبيته وزلات لسانه المتكررة، وظهور علامات مقلقة تتعلق بمحاكمة محتملة لنجله هانتر، وتحقيقات يجريها الجمهوريون في مجلس النواب حول مزاعم فساد قد تطال الرئيس نفسه.

وفي هذه الأجواء الساخنة، رددت صحف أميركية وبريطانية سيناريوهات مختلفة منها ما يقول، إن حكومات أجنبية تفترض أن بايدن لن يكون المرشح الديمقراطي في عام 2024، وأنه سينسحب قبل الانتخابات التمهيدية، وأن مؤسسة الحزب الديمقراطي ستختار ميشيل أوباما التي تتمتع بشعبية واسعة وتعد قوة سياسية لا يمكن إيقافها، بما يمكنها من الفوز على ترمب بسهولة، ولن يرغب أي ديمقراطي في منافستها إذا لم يترشح بايدن، بما في ذلك نائبة الرئيس.

لكن على رغم أن ميشيل أوباما أنكرت نيتها الترشح للرئاسة، إلا أن هذه عادة ما تكون علامة مؤكدة على أن أشخاصاً آخرين مهتمين بالأمر، بخاصة مع استمرار الإشاعات على مدى العامين الماضيين بأن السيدة الأولى السابقة كانت تفكر في الترشح للمنصب الرئاسي.

أسوة بهيلاري كلينتون

وبصرف النظر عما إذا كانت ميشيل أوباما هي الخيار الواضح للديمقراطيين، في ظل عدم شعبية نائبة الرئيس كامالا هاريس وتهكم حتى برامج التوك شو ذات النزعة اليسارية عليها، فإن احتمالية ترشح ميشيل أوباما أسوة بالسيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون، يطرح تساؤلات واسعة حول ما الذي يغري زوجات الرؤساء الأميركيين للسعي إلى العودة للبيت الأبيض، ليس كسيدة أولى بلا صلاحيات وإنما كرئيس لأقوى بلد في العالم.

وإذا كانت 24 امرأة ترشحن لمنصب الرئيس على مدى تاريخ الولايات المتحدة بدءاً من فيكتوريا كالفين وودهل في انتخابات عام 1872، وحتى نيكي هايلي لانتخابات عام 2024، وحظي بعضهن باهتمام وطني كبير، بحسب تقرير لمركز المرأة الأميركية والسياسات، فإن امرأة واحدة فقط، هي هيلاري كلينتون، تمكنت من الفوز بترشيح أحد الحزبين الرئيسين عام 2016 لمنصب الرئيس، في حين لم تتمكن الأخريات من استكمال سباق الانتخابات التمهيدية وصولاً إلى الانتخابات العامة، والآن يكثر الجدل عن سيناريو مشابه قد يتحقق مع سيدة أولى سابقة هي ميشيل أوباما.

الزوجان الرئاسيان

أحد أهم الأسباب يعود إلى بروز دور السيدة الأولى كمؤسسة ذات تأثير كبير، وسواء كان ذلك في العلن مثل هيلاري كلينتون أو خلف الكواليس مثل نانسي ريغان، فإن معظم السيدات الأوائل خدمن كأكثر الحلفاء السياسيين الموثوق بهن والأقرب لأزواجهن، بخاصة في العصر الحديث وظهور مصطلح "الزوجين الرئاسيين"، الذي تجسد أكثر من أي وقت مضى بشكل رمزي خلال التسعينيات حينما ساد تعبير "بيلاري" في إشارة إلى بيل وهيلاري كلينتون، ومع ذلك، بدا أن الجمهور الأميركي لم يكن ومازال غير مستعد لقبول تقاسم السلطة في البيت الأبيض، وأن السيدة الأولى على رغم كونها مرئية ومؤثرة، لا ينبغي أن تلعب دور الرئيس المشارك.

وتكمن إحدى النقاط اللافتة للنظر في الوظيفة الرئاسية في كونها حصرية للذكور في بلد يقول إنه يتمتع بالديمقراطية والحرية بامتياز، حيث كان التمثيل النسائي في السلطة أحد أكبر نقاط الضعف في الحكومة الأميركية، وعلى رغم التقدم الذي لا يمكن إنكاره خلال الأعوام الـ40 الماضية، لا تزال القيادات النسائية أقلية في البلاد، ولا تزال النساء الثلاث اللواتي شغلن منصب وزير الخارجية (مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون) ورئيسة مجلس النواب السابقة (نانسي بيلوسي) استثناءات من القاعدة، كما لا تزال أهم المناصب على المستويات الفيدرالية وفي غالبية الولايات، تحافظ على نغمة ذكورية قوية.

أضواء السيدة الأولى

ولهذا فإن هذا التمثيل الناقص للمرأة في السياسة، حول الأضواء إلى السيدات الأوائل للولايات المتحدة، كما يعرفن عموماً، على اعتبار أنهن من بين أبرز الشخصيات العامة الأميركية كمرايا ونماذج للأنوثة تسهم في رفع مكانة المرأة في المجتمع. ومع انتشار وتزايد تأثير التليفزيون اكتسبن شهرة كبيرة بحيث يمكن للناس أن يتعرفوا على سيدتهم الأولى بسهولة أكبر من نائب الرئيس أو الوزراء.

أكبر دليل على ذلك، أن زوجة الرئيس تتصدر مراراً الاستطلاع السنوي الذي تجريه مؤسسة "غالوب" عن أكثر النساء إثارة للإعجاب في البلاد، بل إن جاكلين كينيدي التي تعد إحدى أشهر السيدات الأوائل في القرن الـ20، نالت عام 1995، بعد عام واحد من وفاتها، نسبة الأصوات لأكثر النساء إثارة للإعجاب، ومع ذلك فإن هذه الشعبية لا تروي سوى جزء من القصة.

شخصية مركزية للرئاسة

لطالما اعتبرت السيدة الأولى "المؤسسة المجهولة" للبيت الأبيض، وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كان علماء السياسة والمؤرخون يتجاهلونها في الغالب، لكن هذا تغير الآن وأصبح المكتب مكوناً قوياً في الإدارة بموظفيه وموارد ميزانيته، وينظر الجمهور ووسائل الإعلام والمؤسسة السياسية إلى السيدة الأولى على أنها شخصية مركزية للرئاسة بعدما أفسح الدور التقليدي السابق للزوجات الرئاسية، المجال لما يعتبره كثيرون وظيفة شراكة حقيقية مع الرئيس.

بدأ ذلك المفهوم الجديد في السياسة الرئاسية، وهو مفهوم "الزوجين الأولين" عندما شغل "فرانكلين وإليانور روزفلت" البيت الأبيض منذ 90 عاماً، لكن قبل ذلك ومع تحديد دور الرئيس الواضح والغياب التام لتعريف دور السيدة الأولى، قادت التقاليد الثقافية مسار عمل أي زوجين في البيت الأبيض من دون أن يظهر أي تفاعل يؤثر في موقف كل منهما، إذ يقود الرئيس البلاد وفقاً للدستور وتمتثل زوجته لقواعد التقاليد من خلال شغل دورها العام، كمضيفة في البيت الأبيض ومسؤولياتها الخاصة كزوجة وأم وربة منزل، إذ لم يكن لها منصب دستوري، ولم تكن تتمتع حتى أوائل القرن العشرين، بلقب السيدة الأولى إلا عندما لاقت مسرحية تشارلز نيردلينغر (سيدة الأرض الأولى) نجاحاً شعبياً.

منبر القفازات البيضاء

وطوال العقود السابقة لعهد فرانكلين وإليانور روزفلت، ظلت السيدة الأولى بعيدة من الأضواء والجدل على رغم أن بعض السيدات الأوائل كن أكثر دعماً لأزواجهن من غيرهن، وأثبت بعضهن أنهن أكثر نفوذاً من البعض الآخر، وكان بعضهن أكثر إثارة للجدل من البعض الآخر، لكن الجمهور لم يعرّف مطلقاً الرئيس وزوجته على أنهما كيان مؤسسي أساسي، إلى أن استكملت إليانور صورة زوجها بسبب قوتها الرمزية، وحولت مكتب السيدة الأولى إلى ما ستطلق عليه نانسي ريغان في ما بعد "منبر القفازات البيضاء".

على مدى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، كان ينظر إلى عائلة روزفلت على أنها الزوج الديناميكي للبيت الأبيض، كمحاربين للفقر والظلم على جميع الجبهات، ومع ذلك لم يحظ هذا العمل بإعجاب الجميع، فقد رفض الجنوبيون الغاضبون استراتيجية القوة المتواطئة للزوجين، كما زادت شهرة وتأثير إليانور غضب المعارضين السياسيين والنقاد وكذلك الأميركيين العاديين، لأنها انتهكت الحدود الرقيقة للسيادة الأولى للرئيس، ومن ثم تعرضت للسخرية في بعض الأحيان.

شركاء سياسيون ورئاسيون

كانت عائلة روزفلت بمثابة نقطة تحول في تاريخ الرؤساء والسيدات الأوليات على رغم محدودية دورها، فقد وسعت إليانور نطاق عمل الزوج الرئاسي بطرق غير مسبوقة، وألهمت القيادة المشتركة للزوجين عديداً ممن جاء بعدهما بدرجات متفاوتة، إذ شهدت كل رئاسة منذ عهد روزفلت مشاركة السيدة الأولى في الصراع السياسي، وأصبحت زوجات الرؤساء معترف بهن من قبل الصحافة والجمهور كلاعبات مهمات في الدراما السياسية للولايات المتحدة، وأصبحت السيدات الأوليات الحديثات شركاء سياسيين ورئاسيين، إذ عملن بصفتهن مستشارات أو شخصيات مقربة من الرئيس بدرجات متفاوتة من المشاركة.

على سبيل المثال، أنشأ الباحث السياسي روبرت واتسون تصنيفاً لشراكات السيدات الأوليات، حين اعتبر بعضهن شريكات بشكل كامل في السياسة (مثل إليانور روزفلت، وروزالين كارتر، وهيلاري كلينتون) ، وأخريات شريكات جزئياً (مثل مامي أيزنهاور، وجاكي كينيدي، وبيتي فورد،  وميشيل أوباما وجيل بايدن)، أما البقية فهن شريكات من وراء الكواليس (مثل بيس ترومان، ونانسي ريغان، وباربرا بوش). وعلى أساس هذه القاعدة، فإن الشريكة الكاملة تكون نشطة للغاية في السياسة، ولها نفوذ في الحكومة والقطاع الخاص، وتعد مستشارة رئاسية رفيعة المستوى، بينما تعمل الشريكة الجزئية مستشارة رئاسية تدعم الأنشطة السياسية لزوجها، وقد تساعد الرئيس في خطاباته وتبدي بعض الاهتمام بالقضايا لدعم مسيرة زوجها المهنية وحملاته قبل انضمامه إلى البيت الأبيض، لكنها ليست قوة رئيسة، وبحكم التعريف، فإن الشريكة من وراء الكواليس لا تشارك أبداً بشكل علني في الشؤون السياسية أو الرئاسية، لكنها قد تكون قوة مؤثرة على انفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيلاري والسيدة التنين

كانت الشعارات الرئيسة لحملة بيل كلينتون هي "اشتر واحداً واحصل على الآخر مجاناً"، و"اثنان بسعر واحد"، وقد رددت هيلاري كلمات زوجها بقولها "إذا انتخبت بيل، فسأكون معه أيضاً"، وبعد انضمامهما إلى البيت الأبيض عام 1992، تصرف "زوجا كلينتون" ونظر إليهما على أنهما كيان سياسي، وهو تعايش أطلق عليه خصومهما بسخرية اسم "بيلاري" فقد كانت الصورة المزدوجة سائدة وركزت على "الرئيس وزوجته" أو "السيدة الأولى وزوجها"، لكن التأثير الحقيقي لهذه الازدواجية هو تعزيز الرؤية لزوجة الرئيس باعتبارها شرعية مفروضة لدورها داخل الإدارة.

وما عزز هذه الرؤية أن السيدة كلينتون نقلت مكتبها بشكل رمزي إلى الجناح الغربي للبيت الأبيض، مع جميع الرجال في مركز القوة، مما أدى إلى اشتعال جميع وسائل الإعلام والعالم السياسي بالجدل، فشجب كثير منهم استيلاء السيدة كلينتون غير المبرر وغير الدستوري على السلطة، وبدأت تظهر تسميات ساخرة عليها مثل "السيدة التنين"، و"السيدة الرئيس"، و"الرئيس المشارك". وكتب العالم السياسي هربرت ليبسون ساخراً "مع بيل كلينتون انتخبنا حقاً الزوجين الأولين اللذين يعرّفان زواجهما بمصطلحات سياسية على نطاق واسع، لدرجة أنهما تبادلا مراكزهما بدلاً من وعود الزواج".

لكن بعد الفترة الرئاسية الأولى، تغيرت الطريقة بشكل جذري، وقللت حملة بيل كلينتون من أهمية دور السيدة الأولى، إذ اختفى ضمير "نحن" في خطابات الرئيس والإشارات إلى "بيل وهيلاري" من خطاب البيت الأبيض، ولم يكن هناك مزيد من التلميحات بأن هيلاري قد تعمل في مجلس الوزراء، بل على العكس من ذلك، أجبرت هيلاري على التزام الصمت في القضايا الرئيسة وكان ظهورها تحت السيطرة الدقيقة لجهاز الحملة الانتخابية للرئيس الذي لا يرحم، وكان هذا هو الثمن الذي يجب دفعه لإبقاء بيل كلينتون في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى، ويبدو أن هذا الإقصاء دفع هيلاري إلى التفكير في مستقبل سياسي منفصل، بدأ بعد انتهاء رئاسة زوجها مباشرة بفوزها بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، ثم تعيينها وزيرة للخارجية في عهد أوباما، ثم ترشحها للرئاسة عام 2016 التي كانت تطمح فيها منذ البداية.

إضعاف المؤسسة الرئاسية

من بين القضايا الرئيسة التي أثارها تأثير السيدات الأوليات هو وجود "رئاسة مشتركة" محتملة، وهي عبارة تمت صياغتها خلال إدارة روزفلت، وعادت إلى الظهور بعد الحركة النسوية في الستينيات والسبعينيات، وبرز معها الخوف من أن الولايات المتحدة قد يقودها فريق رئاسي، وليس مجرد فرد منتخب، مما دفع وسائل الإعلام إلى توجيه انتقادات مماثلة للسيدات الأوليات، بغض النظر عن التوجهات السياسية للرئاسات، سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية.

وعلى سبيل المثال، تعرضت روزالين كارتر للهجوم لمساعدتها زوجها جيمي، ولجلوسها في اجتماعات مجلس الوزراء الرئاسي، وعندما واجه جيمي أزمة ثقة وطنية عقب مشكلة الرهائن الأميركيين في طهران، بلغت شهرة روزالين ذروتها، وتساءلت الصحافة أولاً عما إذا كانت "تدير البلاد حقاً"، ثم ألقوا باللوم عليها لتصرفها كرئيسة مشاركة تؤثر في سياسة الولايات المتحدة. وبالمثل تعرضت نانسي ريغان للهجوم لكونها متعطشة للسلطة بخاصة لإقالتها وزير الخزانة السابق للرئيس رونالد ريغان ورئيس موظفي البيت الأبيض دونالد ريغان.

تدعم هذه الأمثلة فكرة أن الرئاسة المشتركة باعتبارها اتحاداً بين سلطتين، لا تؤدي بالضرورة إلى سلطة متفوقة، بل قد تؤدي إلى إضعاف المؤسسة الرئاسية، إذ لاحظت الكاتبة السياسية كاثا بوليت أن الزوجين الرئاسيين يتفاعلان في لعبة محصلتها صفرية في الزواج التقليدي، وهي أن الزوجة القوية تعني زوجاً ضعيفاً في الوقت الذي يحتاج فيه الزوج بشدة إلى الظهور بمظهر قوي، فقد أدى التدخل السياسي لنانسي إلى إضعاف الرئيس ريغان وجعله يبدو ضعيفاً وعاجزاً.

الدونية المؤسساتية

لكن على رغم من مشاركتهن غير المتكافئة، فإن الخبرة السياسية التي اكتسبتها السيدات الأوليات على مر السنين، عززت مصداقية المرأة على المسرح السياسي، بعدما قمن بحملات من أجل أزواجهن، وقدمن المشورة السياسية، وشاركن في صياغة وتحرير الخطب السياسية، واعتنقن السياسات وروجن لها، وكن بمثابة الحليف السياسي الأقرب والأكثر ثقة لأزواجهن.

ومع ذلك، يبدو أن دور زوجات الرؤساء، هو دور غامض للغاية مثلما تشير إليه الناشطات النسويات، بالتالي يثير كثيراً من الإحباطات والأسئلة مثل، هل تشكل حالة الشراكة للسيدة الأولى استمراراً للدونية المؤسسية للمرأة؟ وهل يمثل اندماج "الشخصي والسياسي" للسيدة الأولى، توسعاً في القوة السياسية للمرأة؟

وتجيب الناشطات مثل جيرمين غارير بأنه على رغم قرب السيدات الأوليات من السلطة الذي منحهن تأثيراً سياسياً، يجب الاعتراف بأن مجرد موقعهن السكني في البيت الأبيض أو المكانة المكتسبة من خلال الارتباط القانوني للزواج، لا يعكس علامة رئيسة للسلطة السياسية للمرأة، وحتى إذا تمكنت الزوجة، سواء كانت هيلاري كلينتون أو ميشيل أوباما، من إحداث فرق كبير في كيفية تصور الناخبين لزوجها أثناء الحكم، بالتالي تعزيز فرصه الانتخابية، فمن الواضح أن سلطتها السياسية غير موجودة، لأنها تعتمد كلياً على طموحات زوجها.

دافع الإحباط

ووفقاً لكاثا بوليت، فإن المشكلة بالنسبة إلى هيلاري كلينتون أنها كانت زوجة سياسي من الطراز الجديد، لكنها مثلت نمطاً قديماً للسلطة السياسية للمرأة وهي الوصول إلى الرجال الأقوياء، بدلاً من حيازة السلطة نفسها وبمعنى آخر، زوجة تتخلى عن حياتها المهنية لخدمة أغراض زوجها السياسية، لتكتفي بدورها في الوقوف إلى جانب زوجها ولعب دور زوجة أشبه بزينة، غير وظيفية، وهذا هو المكان الذي يكمن فيه الإحباط بالنسبة إلى عديد من النساء في وظيفة السيدة الأولى.

ومن الناحية الرسمية، لا يعترف الدستور الأميركي بالسيدة الأولى ولا يحميها، ولذلك فإنها ترتبك حينما يندد بها البعض على أنها تحاول استملاك السلطة، بينما ليس لديها في الواقع أية قوة حقيقية على الإطلاق.

السلطة الحقيقية

ولهذا السبب ترى ناشطات نسويات أن ما يريده عدد متزايد من النساء الطموحات في السياسة ليس مكانة غير رسمية مثل السيدة الأولى، بل السلطة الحقيقية وهي الرئاسة، وفي ما يبدو الآن أن الولايات المتحدة جاهزة لامرأة في المكتب البيضاوي، فلا شك أن العوامل السياسية المتوافرة من رئيس تتراجع شعبيته ويتعثر أداؤه الذهني ويلاحق القضاء والجمهوريون نجله، قد تكون دافعاً كافياً لميشيل أوباما كي تعكس حالة الدور التاريخي للرئيس الرجل.

وقد لا يتفاجأ كثيرون من كتابة التاريخ مرة أخرى بأول امرأة تتولى منصب رئيس الولايات المتحدة، لتنجح ميشيل في ما فشلت فيه هيلاري كلينتون، لكن ذلك يظل في النهاية رهناً بانسحاب بايدن من السباق، وقرار ميشيل بدخول المعترك الرئاسي في ظروف مغايرة تماماً مقارنة بعام 2016.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات