Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال السودان يداوون صدمات الحرب بممارسة الفن

مخيم صيفي في مدينة ود مدني يدرب الأطفال على الرسم والموسيقى والدراما للتغلب على الخوف والقلق وتنمية القدرات

التجربة أتاحت للأطفال التحرر من آثار الحرب (اندبندنت عربية)

ملخص

التجربة أسهمت في إخراج الأطفال من أجواء الصراع والأنشطة انعكست بصورة إيجابية على نفسياتهم وسلوكهم إلى جانب تعزيز قيم المسؤولية والاعتماد على النفس.

يعاني أطفال السودان صدمات نفسية واكتئاباً جراء كابوس الحرب وصوت القذائف والرصاص الذي ظل يطارد صغار الأسر النازحة، على رغم هربهم من مسرح القتال في الخرطوم إلى مناطق آمنة داخل البلاد وخارجها.

لتخفيف المعاناة والمآسي على الأطفال نظم مركز سمارتر مخيماً صيفياً في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة جنوب العاصمة لتوظيف الفنون الإبداعية كالرسم والموسيقى والدراما والغناء، بهدف مساعدة اليافعين من أجل التغلب على الخوف والقلق والتعبير عن أفكارهم وتنمية قدراتهم.

غناء وتشكيل

يتناغم صوت عشرات الأطفال مع الألحان الشجية ليصنعوا أعمالاً غنائية على طبقة صوت واحدة، وكأنهم يديرون ظهورهم للحرب وتداعياتها إلى واحات النغم والألحان.

ونصبت خيمة الرسم في الهواء الطلق، واختار الأطفال مواضيع متنوعة، وفضل بعضهم رسم أشجار وورود زاهية وسماء صافية وعشب أخضر، بينما ذهب آخرون إلى تنفيذ أعمال تشكيلية بالألوان عن ملامح الحياة اليومية والمدارس والمسارح وشخصيات الكرتون.

توظيف الفن

المشروع يأتي في إطار دورات مكثفة تستمر شهراً ليذكر بالإرث الفني الزاخر للسودان ويخلق جسراً لا تنال منه آلة الدمار والخراب.

مدير المشروع محمد عثمان حميدة قال إن "المخيم استهدف تحليل وحلحلة مشكلات اجتماعية وسلوكية من خلال الموسيقى والمسرح والتشكيل والغناء وغيرها، وتجاوزت طلبات الالتحاق بالدورات 80 طلباً لأطفال من الجنسين، وتلقى اليافعون مناهج نوعية عبر نظام سمارتر العالمي لتطوير ذكاءات الأطفال، وتحقق الهدف المنشود بخاصة بعد تجاوز الصغار كابوس الحرب وأصوات الرصاص والتركيز على تنمية المهارات في مجالات عدة".

 

 

ووفقاً لحميدة فإن "الأنشطة والفعاليات أشرف عليها نخبة من الفنانين ومدربي الموسيقى والعزف والغناء والتشكيل والكوميديا ووظفوا خبراتهم بشكل مختلف لينعكس التدريب على الأطفال من خلال أعمالهم الفنية المتنوعة".

يشير مدير مشروع سمارتر إلى أن "التجربة مفيدة وأسهمت بقدر كبير في إخراج الأطفال من أجواء الصراع المسلح، فضلاً عن أن الأنشطة انعكست بصورة إيجابية على نفسياتهم وسلوكهم، إلى جانب تعزيز قيم المسؤولية والاعتماد على النفس وإثبات الذات والاندماج والعمل الجماعي والاستكشاف والابتكار".

وتابع المتحدث "منح المخيم سانحة للأطفال للتحرر من آثار الحرب وتداعياتها، بخاصة أن الفن وسيلة فعالة للتعافي نظراً إلى أنه يساعد اليافعين في التغلب على الخوف والقلق والغضب إلى جانب تحسين تواصلهم مع الآخرين، إضافة إلى إظهار قدرات استثنائية في المجالات كافة".

تنمية القدرات

التحقت بعض الفتيات بدافع الشغف لتعلم العزف والتشكيل والمسرح، إذ تقول نسمة طلال إنها التحقت بالمشروع لتنمية قدراتها بالعزف والغناء والخروج من أجواء الحزن والكآبة التي خلفتها حرب الخرطوم، وعلى رغم كون آلة الكمان من أصعب الآلات الموسيقية فإن شغفها بها دفعها إلى المسارعة في التسجيل والانضمام للمخيم الصيفي.

تؤكد طلال أنها بعد مرور شهر تعلمت كيف تتعامل مع هذه الآلة الحساسة التي تختزل نغماتها كمية مشاعر كثيرة باعتبارها ليست فقط آلة حزن، فأوتارها صانعة للحب والفرح، ولفتت إلى أن "فترة المخيم لا تكفي للوصول إلى المستوى الاحترافي المأمول، إذ تعلمت فقط مبادئ الموسيقى، ولهذا تتمنى من القائمين على المشروع تمديد فترته وإقامته في كل المدن الآمنة بولايات السودان المختلفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونبهت نسمة إلى أهمية تعميم هذا النموذج ليكون نواة انطلاق للوصول إلى جميع أطفال البلاد، لتسهيل مهمة تصويب الأوضاع النفسية للأطفال الذين يعانون ضغوطاً بسبب مآسي الحرب.

اختيار الشكل الغنائي الاستعراضي لعرض يقوم به الأطفال كان صعباً بالتأكيد، بخاصة أنهم هواة لا محترفين يمكنهم بسهولة أداء هذا النمط، لكن خبرات الفنان هاني عابدين مكنته من الخروج بالعرض في أبهى صورة، إذ أمضى وقتاً طويلاً في تدريب الصغار مسخراً كل خبرته في مجال الغناء والموسيقى.

الأعمال الدرامية وضعها مخرج صاحب خبرة في العمل المسرحي وهو الممثل عوض شكسبير، بجانب الكتابة والأشعار بعد أن أعاد صياغة النصوص وأدخل عليها بعض التعديلات الطفيفة.

 

 

يقول شكسبير إن "أغلب الممثلين الذين استعان بهم يقفون على خشبة المسرح للمرة الأولى، لكنهم جميعاً شكلوا فريق عمل متفاهماً، استوعبوا طبيعة العرض الاستعراضية وأدوار الشخصيات كذلك، وأتقنوا فكرة الحوار والأداء الجماعي الحي من خلال فقرات الدراما التي قدمت طوال فترة المخيم".

وأوضح المخرج والممثل السوداني أن "أغلب الأطفال لديهم مشكلات نفسية من الحرب ولذلك فإن المخيم حقق أهدافه بدليل شهادة أسر الأطفال الذين لاحظوا التحول الكبير في سلوكيات وتصرفات الصغار واهتمامهم الكبير بمشروعهم الفني، كل بحسب هوايته".

وأشار شكسبير إلى أنه "استحدث دور الدراما من أجل تعزيز الثقة بالنفس لدى اليافعين وتنمية مهاراتهم في مجال الكوميديا عبر تدريبات الذكاء والخيال، فضلاً عن الألعاب المتنوعة، وكانت النتائج مبشرة وأظهرت مواهب سيكون لديها مستقبل باهر".

ثقة وتركيز

يقول الفنان هاني عابدين إن "الأطفال متحمسون للغاية، بخاصة أنه أول أداء علني لهم، وهذه التجربة الجديدة ستمنحهم ثقة بأنفسهم، وأعتقد أن المخيم يهدف إلى نشر الوعي وتحفيز الإبداع في مجالات الفن والموسيقى والتشكيل والكوميديا والزراعة المنزلية وغيرها من الأنشطة".

وأضاف عابدين أن "المخيم الصيفي مثل ملتقى للثقافات المختلفة وعكس جوانب من التراث الفني الأصيل، إلى جانب الاهتمام بعرض أعمال نوعية لأطفال لديهم مواهب مميزة في الغناء والرسم والمسرح والموسيقى".

وختم "حب الأطفال وحماستهم من أجل التعلم واكتساب مهارات جديدة أذهلنا جميعاً، إذ لاحظنا تركيزاً عالياً على رغم الآثار النفسية بسبب الحرب".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات