ملخص
شن الجيش السوداني هجوما جويا ضاريا لقطع الإمداد أمام قوات الدعم السريع من دارفور إلى أم درمان
قال شهود إن الجيش السوداني شن هجوماً ضارياً على طرق إمداد تستخدمها قوات الدعم السريع شبه العسكرية اليوم الأحد، في الوقت الذي أعلن فيه قائد الجيش رفضه التوصل إلى حل عن طريق التفاوض على ما يبدو.
وتسبب الصراع المستمر منذ 15 أبريل (نيسان) في تدمير السودان وتفاقم الجوع وتدمير البنية التحتية وقتل مئات المدنيين.
ونفذ الجيش عدة ضربات جوية في مدينة أم درمان اليوم الأحد غداة إعلان مصادر عسكرية نشر أعداد كبيرة من القوات البرية والأسلحة الثقيلة في مسعى لتعزيز السيطرة على المدينة.
ومن شأن هذه الهجمات أن تقطع طريق إمداد رئيساً لقوات الدعم السريع، التي ترسل الإمدادات من منطقة دارفور إلى أم درمان ثم إلى بحري والعاصمة الخرطوم عبر نهر النيل.
مقتل العشرات
أدى تبادل نيران المدفعية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الى مقتل خمسة مدنيين اليوم الأحد في السودان، غداة مقتل 20 آخرين من بينهم طفلان في غارة جوية، بحسب ما قال طبيب وعسكريون.
وقال مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية "قتل خمسة مدنيين إثر سقوط قذائف على منازلهم في أم درمان"، الضاحية الشمالية الغربية للخرطوم.
وقتل 20 مدنياً على الأقل بينهم طفلان في غارة جوية على حي سكني في جنوب الخرطوم، فيما يتواصل اليوم الأحد قصف الجيش لقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية على ما ذكر أبناء المنطقة ولجان المقاومة، التي قالت إن حصيلة الغارات الجوية على حي الكلاكلة وصلت إلى 20 قتيلاً مدنياً.
في الخرطوم تتركز المعارك في أحياء تشهد كثافة سكانية كبيرة ويعيش ملايين من سكانها منذ خمسة أشهر على وقع انقطاع المياه والكهرباء وحر شديد وهم مختبئون في المنازل في محاولة لحماية أنفسهم من النيران المتبادلة.
وأفاد شهود بأن ضواحي العاصمة الشمالية شهدت قصفاً مدفعياً وبالصواريخ من جانب الجيش على مواقع لقوات الدعم السريع.
تصعيد عنيف في أم درمان
وشهدت جبهة جنوب وجنوب غربي أم درمان في العاصمة السودانية تصعيداً عنيفاً في الاشتباكات والمعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ باتت تلك المنطقة حاضنة لثقل المعارك خلال اليومين الماضيين، بعد ارتفاع القصف المدفعي الكثيف وبشكل متبادل مصحوب بغارات جوية للجيش.
وأثار القصف الكثيف المتبادل هلع المدنيين الموجودين في الأحياء المجاورة بمناطق الشقلة ومحطة القديمة والصالحة ومربعات أبوسعد والفتيحاب القديمة الواقعة في مرمى نيران الطرفين.
اتهامات معتادة
وقالت مصادر عسكرية سودانية إن الجيش يتابع عمليات القصف المدفعي والجوي على تجمعات ومواقع "قوات التمرد" في وسط وجنوب وغرب أم درمان، تزامناً مع عمليات نوعية خاصة في أحياء أم درمان القديمة، ومناطق المهندسين ود البشير والحارة السابعة والردمية بمحلية أم بدة.
ووسط تبادل الاتهامات بالقصف العشوائي للأحياء، جددت مصادر في الجيش السوداني الاتهامات لقوات الدعم السريع بتعمدها زيادة حدة الاستهداف المباشر للأحياء السكنية بصورة أكبر، خلال اليومين الماضيين، بخاصة في محلية أم بدة جنوب غربي أم درمان، بغرض إخلائها من السكان مما اضطر المدنيين إلى اللجوء للاحتماء داخل قرية الخيران.
وذكرت المصادر نفسها أن الجيش تمكن من رصد منصات القصف العشوائي لـ"المتمردين" بجوار مصنع استيم للمياه الغازية وتم حصارها والتعامل الفوري وتدميرها بالطيران المسير، موضحة أنه يعمل حالياً على تطويق جنوب وغرب أم درمان، فيما لا تزال تنتشر وتختبئ بها جيوب لقوات الدعم السريع.
وفي جنوب الخرطوم سمع دوي انفجارات نتيجة تواصل القصف المتبادل في محيط سلاح المدرعات، بينما هاجم الطيران أهدافاً وتجمعات لقوات الدعم السريع في المناطق والأحياء المجاورة، مع مواصلة فرق العمل الخاصة تمشيطها المنطقة بصورة متزامنة، إذ يقول الجيش إن تلك الفرق أحدثت خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف "المتمردين".
معارك أم درمان
تزامناً مع ذلك، وجه الجيش ضربات جوية عنيفة بالطيران والمسيرات على نقاط ارتكاز وتجمعات القوات "المتمردة" بكل من شرق النيل والخرطوم بحري (الصافية، الكدرو، حلة حمد، حطاب)، أسفرت عن تدمير مخازن وعربات مدرعة وراجمة صاروخية للدعم السريع داخل إحدى المزارع بمنطقة الحلفايا، أسفرت عن اعتقال بعض القيادات الميدانية ومقتل مجموعات منهم كانوا يستغلون حافلة مدنية صغيرة للتنقل.
وحول موقف العمليات في أم درمان، قال مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن ياسر العطا، في تصريحات إعلامية، إن القوات المسلحة تملك زمام المبادرة في أم درمان بينما فقدت قوات الدعم السريع السيطرة والقدرة على الهجوم المنظم على المقار العسكرية.
وأضاف العطا أن مجموعات الدعم السريع باتت الآن محاصرة داخل بعض أحياء أم درمان من قبل قوات العمل الخاص يجري الترتيب لدحرها نهائياً وتنظيف أوكارها، مبشراً باقتراب نقطة الحسم في المدينة والانطلاق لمساندة القوات الأخرى في بحري والخرطوم لتنظيفها ثم الانتقال إلى دارفور وكل شبر دنسه التمرد.
من توتي إلى دارفور
من موقعها في قلب الخرطوم المحاصر بالطبيعة والرصاص، وجه سكان جزيرة توتي نداء استغاثة عاجلاً عن غرق الجزيرة في ويلات الحرب من الموت والجوع والمرض.
وأزاح نداء الاستغاثة الستار عن أن سكان الجزيرة يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة ويواجهون كارثة صحية وشيكة بسبب نقص الخدمات والدواء.
وأصدرت غرفة طوارئ شباب الجزيرة استغاثة لحاجة عاجلة إلى أدوية وعلاجات السكري والضغط والمحاليل الوريدية، والمعدات الجراحية، مشيرة إلى تزايد أعداد الوفيات والإصابات سواء بالرصاص الطائش، أو بصدمات السكري، والأمراض المعوية كالإسهال المائي التي بلغت 44 حالة وسط الأطفال والنساء والرجال، خلال ثلاثة أيام فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في جنوب دارفور ما زالت المعارك والاشتباكات متقطعة داخل مدينة نيالا عاصمة الولاية، التي ترزح تحت وطأة القصف المتبادل، مخلفة العشرات من القتلى والجرحى وفرار أكثر من ثلثي السكان، بينما يعيش الباقون ظروفاً صعبة تفتقر إلى أبسط الحاجات الإنسانية.
وقالت مصادر أهلية إن القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، اشتبكت أيضاً مع مجموعات مسلحة بزي قوات الدعم السريع كانت تمارس النهب وترويع المواطنين داخل المدينة.
إنسانياً ذكرت منظمة شباب من أجل دارفور (مشاد) أنها قدمت دعماً لأكثر من 400 من الأسر التي نزحت من مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، مجددة مناشدتها لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ حياة المدنيين في دارفور الذين يواجهون ظروفاً إنسانية بالغة السوء بالمعسكرات ومراكز الإيواء، في ظل نقص حاد في الغذاء ومياه الشرب والإيواء والحاجات الصحية.
تحذيرات وتواصل سياسي
في جنوب كردفان حذر مدير عام وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولاية حامد الرقيق الله جابو، من فجوة غذائية محتملة نتيجة توقع فشل الموسم الحالي، منبهاً إلى خروج تسعة محليات بالكامل من جملة 17 محلية عن دائرة الإنتاج الزراعي لهذا الموسم أهمها هبيلا (قلعة الإنتاج بالولاية)، إضافة إلى دلامي وكادوقلي والريف الشرقي والبرام وهيبان وأم دورين.
وعدد الرقيق الله جابو، في تصريحات صحافية، جملة من التحديات الكبيرة التي واجهت الموسم الزراعي في مقدمتها الأوضاع الراهنة بالبلاد والحرب الدائرة بالولاية التي أثرت سلباً في توفير مدخلات الإنتاج وانسياب التمويل، إضافة إلى نقص معدلات هطول الأمطار ببعض المحليات مما أسهم في عدم التأسيس الجيد للمحاصيل.
وأوضح أنه على رغم التوقعات بنجاح الموسم في محليات أبوجبيهة والعباسية والتضامن ومناطق أخرى بالقطاع الشرقي للولاية، فإنها واجهت هي الأخرى تحديات غلاء الوقود إلى جانب ظهور آفتي الجراد والفئران.
سياسياً ذكر الأمين العام لحزب الأمة القومي المتحدث باسم تحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، الواثق البرير، أن هناك تواصلاً تم خلال اليومين الماضيين بين التحالف وكل من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، فضلاً عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقال البرير إن تحالف الحرية والتغيير ما زال يشدد على الطرفين بضرورة الإسراع في وقف القتال وإنهاء الحرب عبر التفاوض والنظر بعين المسؤولية إلى معاناة الشعب السوداني ومستقبله.
ووصف أمين حزب الأمة حديث البرهان بضرورة إيقاف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي، بأنه "جيد"، يتطلب أن يتبعه فعل إيجابي يبرهن على إرادة حقيقية في استكمال الحل السياسي التفاوضي لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
وفي القاهرة بحث المكتب التنفيذي للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل اجتماعاً برئاسة جعفر الصادق الميرغني، نائب رئيس الحزب، تطورات الوضع السياسي الراهن وآخر المستجدات في السودان في ظل الحرب والتحديات التي تواجه البلاد حالياً.
وجدد الحزب موقفه الداعم للجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية، بما يحقق تطلعات ومصالح السودانيين ويساعدهم على تجاوز كل التحديات وصولاً إلى استعادة الأمن والاستقرار وعودة الديمقراطية والشروع في مسار إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ودعا الاجتماع إلى ضرورة وقف الحرب، مشيداً بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة والدور الذي تقوم به في حماية حدود الدولة ضد كل التهديدات المحتملة، فضلاً عن مساهماتها في إدارة شؤون الدولة والمحافظة على مؤسساتها القومية ودعم مقومات التنمية، مما يمنح المواطنين الثقة ببقاء الدولة، وحتمية استئناف إصلاحها.
حسم وفتح حدود
إلى ذلك أعلن البرهان، لدى مخاطبته الفرقة 12 مشاة بسنكات ومعهد جبيت العسكري بولاية البحر الأحمر، أن الشعب والجيش السودانيين متفقان على حسم التمرد، متمسكاً بأن الحرب ستنتهي بدحر الميليشيات المتمردة حتى آخر مسلح فيها وفي وقت قصير، بعد أن أثبتت أن المتمردين يقومون بأعمال دخيلة تتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع السوداني.
البرهان نبه إلى رفض السودان أي إملاءات وترحيبه بأي دعم يخدم مرحلة إعادة ما دمرته الحرب، منوهاً بأن "كل من يعمل لصالح السودان داخلياً وخارجياً هو حليف له، أما من يعمل ضده فنعرف كيف نتعامل معه، ونرحب بأي دعم يخدم إعادة إعمار ما دمرته الحرب".
أما في كسلا فوجه البرهان بفتح المعابر الحدودية مع دولتي إريتريا وإثيوبيا تسهيلاً لحركة المواطنين وتبادلاً للمنافع والسلع الاستهلاكية بتنشيط حركة التجارة الحدودية.
وخاطب قائد الجيش، خلال زيارته القيادات العسكرية باللواء 41 مشاة، بقوله "لن نتوقف عن القتال حتى القضاء على هذا السرطان، فالشعب والجيش في خندق واحد، والحرب تنتهي فقط بانتهاء (التمرد)، ولا نستجدي أحداً من أجل القيام بواجبنا تجاه السودان".
كان البرهان، رأس اجتماع لجنة أمن ولاية كسلا واستمع إلى تنوير شامل حول الأوضاع الأمنية بالولاية وتقرير حول جهود اللجنة العليا للطوارئ في استضافة الأسر الوافدة لها التي تقدر بنحو 100 ألف أسرة وافدة وما تم تقديمه من معينات إيواء وخدمات إنسانية في مختلف المجالات.