Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفع أسعار المياه يؤرق الأردنيين وسط ثبات الأجور منذ 10 سنوات

التعرفة الحالية منخفضة ولا تغطي سوى 75 في المئة من الكلفة والزيادة ستصل إلى 4.6 في المئة

قرار رفع أسعار المياه لا يشمل القطاعات الصناعية والسياحية والزراعية (اندبندنت عربية – صلاح ملكاوي)

 

ملخص

يقول مراقبون إن من شأن هذا القرار أن يضاعف معاناة المواطن الأردني اقتصادياً، فيما يصف آخرون القرار بأنه خضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي سبق أن طالب الحكومة بذلك في مفاوضات سابقة

بعد عام واحد فقط على رفع أسعار الكهرباء، فوجئ الأردنيون بنية الحكومة رفع أسعار المياه خلال أشهر قليلة، تحديداً مطلع العام المقبل 2024.

وقوبل القرار باستياء شعبي على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الأردن يعاني شح المياه التي لا تصل إلى منازل الأردنيين سوى لساعات قليلة ولمرة واحدة أسبوعياً، بينما بررت وزارة المياه قرارها بالقول إن الأسعار الحالية لا تغطي سوى 75 في المئة من الكلفة التشغيلية.

وتنوي الحكومة الأردنية العام المقبل رفع أسعار المياه وفقاً لنظام الشرائح وقيمة الاستهلاك، وكانت استبقت هذا القرار بقرار آخر يتحول بموجبه نظام دفع رسوم المياه إلى شهري بدلاً من كل ثلاثة أشهر.

كلفة مرهقة للحكومة

يؤكد وزير المياه محمد النجار رفع تعرفة المياه للاستهلاك المنزلي فقط وبنسبة تصل إلى 4.6 في المئة، مشيراً إلى أن القرار لا يشمل القطاعات الصناعية والسياحية والزراعية.

ويخفف النجار من وطأة القرار المرتقب بالقول إن ثمة شريحة من المستهلكين تقدر بنحو 29 في المئة لن يتأثروا بقرار رفع أسعار المياه، مضيفاً "مديونية قطاع المياه ترتفع سنوياً بنحو 280 مليون دولار وفاتورة الطاقة على المياه تصل إلى 225 مليون دولار سنوياً وهي فاتورة مرهقة ارتفعت ثلاثة أضعاف خلال الأعوام العشرة الماضية على قطاع المياه".

ووفق الوزير، سيكون رفع أسعار المياه لأهداف استراتيجية وليس مجرد جباية في هذا القطاع الذي يشكل صداعاً للحكومة والمواطن على حد سواء في بلد يعد ثاني أفقر بلد مائياً حول العالم، إذ تتضمن استراتيجية المياه الجديدة في المملكة خفض حجم الفاقد من المياه سنوياً بواقع اثنين في المئة واعتماد مصادر الطاقة المتجددة لخفض فاتورة الطاقة، وصولاً إلى خطة استدامة وكفاءة مائية.

ومن بين الكلف العالية للمياه في الأردن تلك التي تتعلق باستهلاك الكهرباء لغايات ضح المياه في خمسة مشاريع ومحطات هي محطة مياه الديسي ومحطة تنقية زي ومحطة زارا ماعين ومحطة وادي العرب ونظام ضخ المفرق.

الأسعار الحالية متواضعة

تتحدث وزارة المياه الأردنية عن كلف عالية للتشغيل والصيانة، فضلاً عن أن تعرفة المياه الحالية "منخفضة جداً" ولا تساعد على توفيرها وحصادها أو الحد من استهلاكها، إذ إنها لا تغطي سوى 75 في المئة من الكلفة التشغيلية، ولم تعد تلبي متطلبات وكلف التشغيل والصيانة، ومن بين التبريرات الرسمية لرفع أسعار المياه زيادة كفاءة استخدام الطاقة وتقليل الفاقد من المياه،وتقديم الخدمات بشكل أفضل وحماية الأسر الأكثر فقراً.

وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المياه، فإن 80 في المئة من مشتركي القطاع المنزلي يدفعون تعرفة تتراوح بين 0.4 و0.6 دينار لكل متر مكعب من المياه، مما يغطي 30 في المئة فقط من كلف الصيانة والتشغيل، بينما لا تتم تغطية خدمات الصرف الصحي والرسوم الأخرى.

 كما تشكل الإيرادات من فواتير المياه نحو 63 في المئة من مجموع الإيرادات، فيما يمثل القطاع المنزلي المدعوم نحو 95 في المئة من مجموع المشتركين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معاناة إضافية

يقول مراقبون إن من شأن هذا القرار أن يضاعف معاناة المواطن الأردني اقتصادياً في ظل ثبات الأجور منذ نحو 10 أعوام وزيادة الضرائب وارتفاع نسب البطالة والفقر، فيما يصف آخرون القرار بأنه خضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي طالب الحكومة بذلك في مفاوضات سابقة.

من بين هؤلاء الكاتب والمحلل باسل العكور الذي يرى في قرار رفع أسعار المياه استجابة سريعة لشروط صندوق الدولي بشكل يناقض الإصلاح الاقتصادي الذي تتحدث عنه الحكومة.

ويؤكد أن الحكومة لا تملك حلولاً ولذلك تلجأ إلى الحل الأسهل وهو المضي برفع أسعار المياه ومن قبلها الكهرباء والمحروقات في ظل مدخول متواضع ومحدود، مشيراً إلى أن هذه السياسة من شأنها تقويض الحاضنة الاجتماعية وتفكيك بنية الدولة وإضعاف مؤسساتها، معرباً عن خشيته من أن يتبع هذا القرار رفع أسعار سلع أساسية كالخبز في الفترة المقبلة.

من جهته، يدعو رئيس تحرير صحيفة الغد الأردنية مكرم الطراونة إلى تجاوز مخاوف العطش عبر التفكير في علاج حقيقي كمشروع الناقل الوطني الذي يرى أنه سيعالج فقر المياه في المملكة بكلفة لا تتعدى 3 مليارات دولار.

بينما يؤكد رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية محمد العلاقمة جدية الحكومة في رفع أسعار المياه مطلع العام المقبل 2024 على رغم رفض النواب بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي للأردنيين، داعياً الحكومة إلى البحث عن بدائل أخرى.

ووفقاً للخبير المائي إلياس سلامة، فإن رفع أسعار المياه في الأردن بات ضرورة ولا مفر منه بعدما ارتفعت أسعار الطاقة والأيدي العاملة والكلفة التشغيلية، لكنه دعا في الوقت ذاته إلى إقامة مشاريع مائية ورفع كفاءة وحجم تزويد المياه لمختلف المناطق الأردنية، عدا عن صيانة الشبكات وتقليل الفاقد.

 فقر مائي شديد

ويواجه الأردن منذ أعوام فقراً مائياً حاداً دفعه أكثر من مرة إلى طلب الماء من إسرائيل عبر تزويده بكميات إضافية خلافاً للمتفق عليها في معاهدة وادي عربة للسلام بين الطرفين.

ووقعت عمان العام الماضي أيضاً مع تل أبيب اتفاقاً لمقايضة "الطاقة مقابل المياه" الذي قوبل بخشية شعبية وحزبية من وضع أمن المملكة المائي المستقبلي تحت رحمة هذه الأخيرة.

وخلال العام الحالي بلغت نسبة تخزين السدود الرئيسة في الأردن حوالى 30 في المئة فقط من المجموع الكلي للطاقة التخزينية لها والبالغة 280 مليون متر مكعب.

ومر الأردنيون في وضع مائي حرج هذا الصيف، إذ عانت مناطق كثيرة انقطاع ضخ المياه لأسابيع وأشهر، مما دفع كثيرين إلى الاعتماد على تأمين المياه عبر شرائها من خلال صهاريج خاصة متنقلة وعلى نفقتهم الخاصة.

وفي بلد لا تكفي مياهه سوى مليوني شخص من أصل 11 مليوناً هو مجموع قاطنيه، تقول الحكومة إنها تحتاج سنوياً إلى 1.3 مليار متر مكعب لمختلف الاستخدامات، لكن المتاح منها يتراوح بين 850 و900 مليون متر مكعب فقط.

وللمرة الأولى منذ أعوام انضمت العاصمة عمان إلى قائمة المدن والمناطق التي ينقطع عنها ضخ المياه وفق نظام الدور والحصص، مما ضاعف مخاوف الأردنيين، بخاصة خلال موجة الحر الأخيرة التي ضربت البلاد في شهر يوليو (تموز) الماضي، إذ تضاعف حجم الطلب على المياه لأغراض مختلفة، مما خلق اختلالات أثرت في كميات وبرامج توزيع المياه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير