ملخص
وصفت الأوضاع الإنسانية في معظم مناطق دارفور بالكارثية نتيجة نفاد الأدوية المنقذة للحياة وتفشي الأمراض
انخفضت حدة الاشتباكات على جبهات القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الجمعة، قياساً إلى ما شهدته الأيام السابقة.
وفي دارفور، وصفت الأوضاع الإنسانية في معظم مناطق الإقليم بالكارثية نتيجة نفاد الأدوية المنقذة للحياة وتفشي الأمراض، بسبب تدهور البيئة الصحية، الأمر الذي دفع السلطات المحلية إلى مناشدة المنظمات والمجتمع الدولي لإنقاذ حياة مواطني دافور.
وبحسب تقارير صحافية، فإن آلاف الأسر نزحت من مناطق القتال في غرب وجنوب دارفور إلى منطقة جبل مرة بولاية وسط دارفور، حيث تعرض بعض الفارين إلى الموت نتيجة الأمراض وعدم تحملهم مشقات السير مسافات طويلة، وأشار الناطق الرسمي لحكومة دارفور مصطفى الجميل إلى أن الوضع في الإقليم كارثي في الجانب الغذائي والصحي، "إذ لم تصل أي مساعدات إنسانية في ظل استمرار المعارك في معظم مدن وقرى الإقليم، ما جعل الحياة متوقفة تماماً نظراً لإغلاق الأسواق وقلة المستشفيات العاملة نتيجة نقص المعدات والكوادر الطبية وانعدام الأدوية بخاصة المنقذة للحياة"، وحض الجميل المنظمات والدول الصديقة بتقديم يد العون لسكان دارفور الذين يعانون من نقص المؤن والدواء، وكذلك للاجئين الذين ينتشرون في مراكز الإيواء في مختلف أنحاء الإقليم، حيث تشتد معاناتهم بصورة لا توصف من خلال فتح مسارات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات الإغاثية.
تعزيزات دفاعية
ميدانياً، شهدت مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري معارك متقطعة ومتفرقة، إذ عزز الجيش دفاعاته داخل سلاح المدرعات الواقع في منطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم تحسباً لأي هجوم متوقع من قوات "الدعم السريع"، وبحسب شهود، فإنهم سمعوا دوي قصف مدفعي متقطع باتجاه الجهة الجنوبية الغربية من سلاح المدرعات، فضلاً عن اشتباكات بين الطرفين في مناطق جبرة والعشرة واللاماب، وأشاروا إلى تصاعد الأعمدة الدخانية شرق جسر الحلفايا الذي يربط مدينتي أم درمان وبحري، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي في عدد من أحياء أم درمان القديمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلق مصدر عسكري على الهجوم المتواصل لقوات الدعم السريع على سلاح المدرعات بأنها تريد تحييد هذا السلاح الاستراتيجي لقوة نيرانه وكونه يمثل البوابة الجنوبية للعاصمة الخرطوم، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً أكبر للمعارك من أجل تحقيق انتصارات جديدة بحثاً عن وضع أفضل لأي مفاوضات مقبلة.
صوت العقل
من جانبه، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عبد الجليل الباشا "الوضع على أرض الواقع يشير إلى أنه لن يكون هناك منتصر أو مهزوم في الحرب الدائرة في الخرطوم، فـ"الدعم السريع" ينتشر بشكل كبير داخل أحياء مدينتي الخرطوم وأم درمان، فيما يتواجد الجيش في مواقع محددة في مدن العاصمة الثلاث، وواضح أن فرص كسب الحرب ضعيفة جداً، وأن أي محاولة في هذا الاتجاه سيدفع ثمنها الوطن والمواطن"، وأضاف الباشا "بات المواطنون المتواجدون حالياً في العاصمة كأنهم في سجن كبير جداً، إذ يفتقدون الأمن ووسائل كسب العيش، فضلاً عن غلاء الأسعار ، بالتالي، هناك معاناة غير طبيعية من النواحي كافة، الأمر الذي جعل الشعب يطالب بوقف الحرب"، وتابع "الأمل معقود على الأطراف المتحاربة بأن تستجيب لصوت العقل وأن تسفر التحركات المحلية والإقليمية والدولية عن محادثات تؤدي إلى وقف الحرب ومعالجة القضايا الإنسانية"، مؤكداً أن الحروب في السودان، منذ عام 1955، "تدور حول السلطة والثروة والسيطرة والنفوذ والهوية وعلاقة الدين بالدولة"، وبين القيادي في قوى الحرية والتغيير أنه آن الأوان لإيجاد مبادرة تخاطب الأسباب الجذرية للحرب "فأي محاولات حلول كمسكنات فقط ستكون بمثابة نقل الحرب للأجيال المقبلة، لذلك يجب أن تكون الحرب فرصة لمخاطبة جذور الأزمة الحقيقية من أجل خلق سودان جديد ومستقر بلا حروب".
تأمين ولاية الجزيرة
وأكدت لجنة الأمن بولاية الجزيرة (وسط السودان) بأنها ستقوم بتعزيز الارتكازات العسكرية على الطرق الرابطة بين الولاية والعاصمة الخرطوم لتأمين الأجزاء المتاخمة للخرطوم من اعتداءات قوات الدعم السريع، وبدأت لجنة الأمن في تفقد ودعم الارتكازات بمحليتي شرق الجزيرة والحصاحيصا، وفق خطة شملت أمر طوارئ يحظر عبور قطعان الضأن إلى العاصمة.
وأشار والي ولاية الجزيرة إسماعيل العاقب، خلال تفقده ارتكازات الجيش، إلى أن المنطقة الواقعة شمال جياد، المتاخمة لولاية الخرطوم، أصبحت مواقع عمليات منذ بداية الحرب، مبيناً أن لجنة أمن الولاية تنسق مع القيادة المركزية للعمليات الحربية في الخرطوم منذ بداية الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، في 15 أبريل (نيسان)، التي أدت إلى مقتل 4500 شخص حسب الأمم المتحدة.
وتنتشر قوات الدعم السريع في المناطق الشمالية لولاية الجزيرة مع حدود ولاية الخرطوم، حيث وقعت احتكاكات بينها وبين السكان المحليين أدت لسقوط عدد من القتلى والجرحى.
حرب بيانات
في الأثناء، دارت حرب بيانات بين الاتحاد الأفريقي ووزارة الخارجية السودانية، استخدمت فيها عبارات حادة، بسبب لقاء جمع رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي بمستشار قائد "الدعم السريع" يوسف عزت في أديس أبابا، الأمر الذي استنكرته خارجية السودان ووصفته بأنه سابقة خطيرة في عمل الاتحاد الأفريقي، ونوهت الخارجية السودانية إلى أن اللقاء بمثابة منح الحركات المعارضة المسلحة والميليشيات شرعية لا تستحقها، مضيفة أن ذلك يمثل "تهديداً مباشراً لسيادة الدول الأعضاء والأمن والاستقرار في القارة بأسرها". وأوضح الناطق باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ولد لبات، في بيان، أن الاتحاد يلتقي بكل الأطراف المدنية والعسكرية والاجتماعية في السودان في إطار مساعيه لحل الأزمة، وتابع "بعض وسائط الاتصال الاجتماعي نشرت أخيراً خطاباً منحطاً يندد بلقاء رئيس مفوضية الاتحاد مستشار قائد الدعم السريع، وتم توزيع المنشور من طرف سفارة دولة السودان في أديس أبابا"، وأضاف البيان "على رغم المستوى غير المسؤول للخطاب المذكور، فإنني انتهز فرصة نشره للتذكير بأن الاتحاد في مقاربته للأزمة المستمرة في السودان، يلتقي بكل الأطراف المدنية والعسكرية والاجتماعية، على اختلاف أنواعها بما فيها دعائم النظام المخلوع عام 2019، على رغم الاعتراضات الشديدة لبعض القوى التي أطاحت بذلك النظام"، ولفت إلى أن تلك الاتصالات تهدف إلى التشاور مع الأطراف المعنية، وتشجيعها على السير بشجاعة وتبصر وحكمة صوب إيقاف الاقتتال المدمر للسودان، والانخراط في مسلسل سياسي عبر حوار وطني جامع لا إقصاء فيه، وأكد أن الاتحاد الأفريقي "سيظل ساعياً مع الأشقاء الأفارقة والعرب وشركائه الدوليين، إلى بلورة مسار سياسي مبني بقوة ومنهجية على أسس ومبادئ المنظمة القارية وقراراتها ذات الصلة".