Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل خطفت "بريكس" الأضواء من مجموعة الـ20؟

الفارق الكبير في الثقل الاقتصادي لصالح المجموعة وانفتاحها أخيراً على الدول النامية يرجحان كفتها

تعد مجموعة الـ20 أكبر تجمع اقتصادي عالمي وتشكل الدول الأعضاء 84 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي (أ ف ب)

ملخص

ربما على المدى المنظور قد تخطف "بريكس" الأضواء من مجموعة الـ20 في بعض القضايا، لكن هذا ليس كل شيء.

تتوجه أنظار العالم اليوم نحو قمة الـ20 التي تعقد في العاصمة الهندية نيودلهي لأول مرة في تاريخ المجموعة. وتأتي القمة بعد أقل من شهر على اختتام قمة مجموعة "بريكس" أعمالها في جنوب أفريقيا، والتي كانت حديث العالم خلال الأسابيع الأخيرة.

ويشكل القوام الرئيس لمنظمة "بريكس" خمس من الدول الأعضاء في مجموعة الـ20، هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

تعد مجموعة الـ20 أكبر تجمع اقتصادي عالمي كبير، إذ تشكل الدول الأعضاء 84 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، و75 في المئة من التجارة العالمية، و59 في المئة من سكان العالم، كما تضم المجموعة عديداً من الدول الغربية مثل إيطاليا وإسبانيا وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ميلاد المجموعة

أسست المجموعة في الأصل نتيجة للأزمة الاقتصادية الآسيوية في 1999 بعد الحديث عنها في قمة الدول السبع الصناعية الكبرى. وظلت اجتماعاتها على مستوى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية حتى عام 2008 حين تحولت المجموعة إلى لاعب قوي على الساحة الاقتصادية العالمية.

مع اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية كان لمجموعة الـ20 دور كبير في تخفيف حدة آثار الأزمة باتخاذها عدداً من الإجراءات الاقتصادية والمالية، وأقيم أول لقاء على مستوى القادة في العام نفسه بالعاصمة الأميركية واشنطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال الأعوام الماضية قدمت مجموعة الـ20 عدداً من التوصيات الاقتصادية مثل تأجيل سداد الديون للدول الفقيرة في عام الجائحة برئاسة السعودية، والتصديق على اتفاقية الحد الأدنى للضرائب عام 2021 أثناء الرئاسة الإيطالية، وقضايا ما زالت تحت طاولة النقاش كأزمة الغذاء والحد من التغير المناخي.

من الجانب الآخر بدأت مجموعة "بريكس" في اكتساب دور أكثر قوة على الساحة الاقتصادية عقب الحرب الروسية - الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم التي تأثرت بها الاقتصادات الناشئة والدول النامية.

صيغ مصطلح "بريكس" للمرة الأولى من قبل الاقتصادي البريطاني جيم أونيل عام 2001 خلال ورقة بحثية تطرقت إلى النمو الاقتصادي المطرد للبرازيل وروسيا والهند والصين. غير أن تأسيس المنظمة الفعلي جاء بدعوة روسية عام 2009 بهدف تكوين منصة يمكنها مجابهة النظام العالمي الذي تهيمن عليه، بحسب رؤية المنظمة، الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون.

وخلال قمة الزعماء هذا العام تقدم ما يزيد على20  دولة بطلب للانضمام إلى "بريكس"، بعضها أعضاء في مجموعة الـ20، مثل تركيا وإندونيسيا والمكسيك والسعودية والأرجنتين. ومع ختام قمة جوهانسبورغ أعلن عن توسيع عضوية "بريكس" أو ما عرف بـ"بريكس بلس" لتشمل السعودية والأرجنتين إلى جانب أربع دول أخرى بداية من العام المقبل لتضم المجموعة بذلك سبعة أعضاء من دول الـ20.

مع التوسع الجديد لمجموعة "بريكس" أصبحت المجموعة تمثل 29 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، و46 في المئة من إجمالي عدد السكان عالمياً، و43 في المئة من إنتاج النفط عالمياً، و25 في المئة من الصادرات العالمية.

وتحاول "بريكس" أخيراً إعادة تشكيل النظام العالمي وموازين القوى الاقتصادية بعيداً من الشمال العالمي ومصالحه للدفاع عن مصالح الجنوب العالمي والدول النامية، وهو الدور الذي تؤكده المنظمة باستمرار.

على الجانب الآخر

جاءت أولى خطوات "بريكس" المؤثرة في المشهد الاقتصادي العالمي بتأسيس بنك التنمية الجديد في 2014  برأس مال بلغت قيمته 50 مليار دولار، وهو يوازي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتقديم تمويل للدول الأعضاء في مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة، كما أبرم أعضاء "بريكس" اتفاقية ترتيبات الاحتياطي الطارئ، وهي آلية للسيولة المالية صممت لدعم البلدان التي تواجه صعوبات في الدفع، كما تخطط دول المجموعة لتأسيس عملات احتياطية جديدة لخدمة المصالح الاقتصادية للأعضاء، واعتماد سلة عملات الدول الخمس الأعضاء باعتبارها عملة احتياطية للتكتل، كما ناقشت "بريكس" هذا العام جهود خفض الاعتماد على الدولار الأميركي واليورو.

على رغم قوة وتأثير مجموعة الـ20 حتى الآن لاحتضانها أقوى اقتصادات العالم، فإن دعم الصين لـ"بريكس" كمنصة بديلة للمنظمات ذات الغالبية الغربية قد يرجح كفة الأخيرة لتكون منافساً لمجموعة الـ20.

وتجتذب "بريكس" الدول النامية ودول الجنوب بشكل خاص، نظراً إلى ما تعانيه من سياسات المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد الدولي والسياسات الأميركية الاقتصادية التي تضر باقتصادات الدول الناشئة. ولعل غياب الرئيس الصيني، للمرة الأولى، عن قمة الـ20 المنعقدة في نيودلهي قد يشير إلى رغبة بكين في إعلاء قيمة "بريكس" على مجموعة الـ20.

من ناحية أخرى تسعى الهند خلال رئاستها المجموعة هذا العام إلى أن تقدم نفسها باعتبارها جسراً بين الدول النامية والمتطورة، وتعلي من مصالح دول الجنوب بما يمكنها من جعل مجموعة الـ20 ملتقى للتفاهم بين الشمال والجنوب بدلاً من الصدام بينهما.

ربما على المدى المنظور قد تخطف "بريكس" الأضواء من مجموعة الـ20 في بعض القضايا، ولكن من الصعب أن تكون بديلاً للمجموعة نظراً إلى الفارق الكبير في الثقل الاقتصادي بين المنظمتين ودورهما على الساحة العالمية حتى الآن، بخاصة مع إمكانية انضمام الاتحاد الأفريقي إلى المجموعة بما يشير إلى انفتاح "الـ20" على الدول النامية ومنحها مزيداً من التمثيل في القرارات الاقتصادية للمجموعة خلال السنوات المقبلة.