ملخص
كشفت مصادر دبلوماسية في فرنسا لـ"اندبندنت عربية" عن ازدواجية فرنسية في ملف الرئاسة اللبنانية بين من يدعو إلى خيار ثالث وفريق يقول إن خيار فرنجية لا يزال قائماً
لم يدم طويلاً الكلام الذي ردده الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الثالثة إلى بيروت، وتلميحه إلى ضرورة البحث عن خيار ثالث لاستحالة وصول المرشحين سليمان فرنجية (مرشح "حزب الله" وحلفائه)، وجهاد أزعور (مرشح المعارضة و"التيار الوطني الحر") لرئاسة الجمهورية.
غادر لودريان فبدأ الثنائي ("حزب الله" وحركة "أمل") إرسال إشارات تؤكد عكس ما أوحى به لودريان أو ما أسر به لمستقبليه. وآثرت أوساط الحزب والحركة تشييع أجواء مغايرة، موضحة أن التغيير الفرنسي إن حصل ليس بالضرورة مرتبطاً بموقفهما. فـ"الثنائي الشيعي" لا يزال مصراً ومتمسكاً بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ولن يتخلى عنه.
ونقلت أوساط "الثنائي" المعركة الرئاسية من معادلة (فرنجية – أزعور) إلى معادلة (فرنجية – قائد الجيش أو أي مرشح ثالث). ما يعني بقاء "حزب الله" وحلفائه على مرشحهم مقابل تراجع قوى المعارضة عن مرشحها.
وبدا لافتاً بعد زيارة لودريان، إكثار المؤيدين لفرنجية من الإطلالات الإعلامية، يتقدمهم نجله النائب طوني فرنجية، ووزير الإعلام المحسوب عليه زياد مكاري، لتأكيد استمرار فرنجية في السباق الرئاسي، ونفي ما تردد من مواقف صادرة عن المعارضة، تؤشر إلى خروج فرنجية من المعادلة، وتبني خيار المرشح التوافقي الذي يحظى بموافقة الأكثرية النيابي.
في المقابل برز كلام لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أعلن خلاله عودة الأمور إلى نقطة البداية. وقال "تبين أن فريق الممانعة رفض طرح الخيار الثالث بشكل تام".
خلاف فرنسي خيم على الأجواء
وعكست هذه الأجواء الاختلاف لدى الأطراف اللبنانية في مقاربة نتائج زيارة لودريان. وبرز انقسام سياسي في قراءتها، خصوصاً أن السفارة الفرنسية في بيروت لم تصدر بياناً بعد مغادرة الموفد الفرنسي، كما فعلت في بداية الزيارة، وهو بدوره لم يدل بأي تصريح.
وفي حين تجمع قوى المعارضة على اعتبار أن كلام الموفد الرئاسي في لقاءاته كلها عكس سقوط خياري فرنجية وأزعور، يرفض "حزب الله" وحركة " أمل" هذا الأمر، ويتمسكان بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار تمهيداً لعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية.
وتكشف مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" أن لودريان كان واضحاً في حثه النواب ورؤساء الكتل على بدء البحث عن الخيار الثالث على قاعدة عدم انتخاب رئيس يكرس الانقسام في البلد، لكن في المقابل كان فريق الإليزيه (اسم قصر الرئاسة الفرنسية)، المؤلف من المستشارين برنار إيمييه وباتريك دوريل، وتزامناً مع لقاءات لودريان، يبلغان بري و"حزب الله" بأن خيار فرنجية لا يزال قائماً، مما دفع بـ"الثنائي" إلى التمسك بمرشحهم.
الخيار الثالث لم يسقط بعد
تكشف مصادر دبلوماسية في فرنسا عن قرار اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قضى بتجديد تكليف لودريان بالملف اللبناني، مما يعني عملياً استبعاد دور جديد للسفير باتريك دوريل، الداعم الأكبر لخيار فرنجية، واستمرار قرار الرئيس ماكرون ببقاء لودريان واستراتيجيته بالتنسيق مع المجموعة الخماسية.
دور قطري
وتؤكد المصادر نفسها أن قطر ستتولى مسار "الخيار الثالث"، وأن الموفد القطري سيبدأ مهمته بعد انتهاء الاجتماع المقرر مبدئياً اليوم لـ"المجموعة الخماسية" في نيويورك.
والمتوقع بحسب المعلومات أن يكون اجتماع "الخماسية "مفصلياً، فعلى أساس الاتفاق الذي سيحصل بين الدول الخمس سيتحرك الموفد القطري، ومن المرجح أن يوسع دائرة اتصالاته لتشمل إيران.
وفي هذا السياق يبدي النائب المستقل غسان سكاف تفاؤلاً في إمكان إيجاد حل للأزمة الرئاسية بعد انتقال المعالجة إلى الخارج، مؤكداً أن الخيار الثالث لم يسقط.
يستند سكاف في مقاربته التفاؤلية إلى حاجة فرنسا من جهة لتحقيق انتصار بعد فشلها في أفريقيا وأوكرانيا، ويراهن على الأجواء المريحة التي تشهدها الاتصالات بين دول الإقليم.
وانطلاقاً من ذلك يعتبر النائب سكاف أن التقارب الإقليمي مضافاً إليه الجهود الفرنسية، قد يصب في مصلحة خرق ما في الجدار الرئاسي في لبنان. وإذ توقع سكاف أن يبرز في المرحلة المقبلة الاسم الثالث الذي قد يكون قائد الجيش جوزيف عون أو غيره.
هل ينعقد حوار بري؟
رغم إسقاطه حظوظ مرشح "الثنائي" فإن الموفد الرئاسي جان إيف لودريان تبنى مبادرة بري القائمة على الحوار المحدد بمهلة زمنية لا تتعدى الأسبوع قبل الذهاب إلى جلسات مفتوحة للانتخاب، وسعى موفد ماكرون إلى تسويقها لدى قوى المعارضة.
وكشفت مصادر نيابية أن لودريان عرض مع بري اقتراحاً أعده النائب غسان سكاف، قضى بأن تتضمن الدعوة إلى الحوار المحدد بمدة زمنية، موعداً للجلسة المخصصة للانتخاب، وأن يوضح بالدعوة أنها ستكون جلسة واحدة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس العتيد، مما قد يتيح للرافضين فكرة الحوار إعادة النظر بموقفهم، وللمترددين حسم خيارهم.
وهذا ما تبناه بري الذي كشف عن نيته الدعوة إلى طاولة حوار في الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يحدد شكل الحوار وإطاره وجدول أعماله، مكتفياً بالتأكيد أنه سيدير الحوار وسيكون معه نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب، في رد غير مباشر على مطلب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي دعا إلى حوار لا رئيس فيه ولا مرؤوس كشرط للمشاركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت مصادر مقربة من بري أنه ناقش مع لودريان المواعيد المحتملة للحوار، وأنه سينتظر قبل تحديد الموعد النهائي ما سيصدر عن المجموعة الخماسية وما ستؤول إليه زيارة الموفد القطري إلى لبنان، لكن ما لم يقله بري قاله النائب الحليف فيصل كرامي حيث أكد "لدينا من الحجج القوية ما يكفي لنحاول إقناع الآخرين، إذا أتوا إلى الحوار، بدعم مرشحنا سليمان فرنجية"، مشيراً إلى أن "القبول بالحوار لا يعني التخلي عن المرشح الذي نعتبره الأفضل".
وعلى رغم وعود بري للمعارضة بأن الجلسة المفتوحة ستكون دورات متتالية "على طريقة انتخاب بابا روما"، فإن القوى المعارضة لأي حوار يسبق جلسات الانتخاب لا تزال على موقفها.
وأكد في هذا الصدد عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب غسان حاصباني أن الدستور يلزم رئيس مجلس النواب فتح المجلس للانتخابات من دون شروط مسبقة أو استشارات.