ملخص
قال شهود "من المستحيل أن تجد مستشفى يعمل في الخرطوم وحتى العدد البسيط من المستشفيات العاملة، لا تجد فيها سوى الإسعافات الأولية"
انتقلت حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" أمس الثلاثاء إلى مدينة أم درمان التي كانت محوراً رئيساً للقصف المدفعي المتبادل بين الطرفين، مما أدى إلى حدوث انفجارات مدوية في عدد من جبهاتها القتالية بجنوب المدينة ووسطها، في وقت ساد الهدوء مدينة بورتسودان التي شهدت أول من أمس الإثنين توتراً بين الجيش وقوات "تحالف أحزاب شرق السودان" بسبب إقامة تلك الأخيرة نقاط تفتيش للمركبات المغادرة بحجة أن بعضها يهرب سلعاً لقوات الدعم السريع.
وبحسب شهود، فإن "القتال العنيف الدائر بين القوتين المتحاربتين تجدد أمس الثلاثاء لليوم الرابع على التوالي منذ الساعات الأولى للصباح، حيث أطلق الجيش نيران مدفعيته الثقيلة الواقعة في أقصى شمال مدينة أم درمان عند قاعدة كرري العملياتية بإطلاق قذائف صاروخية قريبة وبعيدة المدى استهدف خلالها تمركزات الدعم السريع في منطقتي الفتيحاب والمربعاب القريبة من سلاح المهندسين، وكذلك منطقة أم درمان القديمة، وقرب جسر شمبات الذي يربط مدينتي أم درمان وبحري، كذلك حدثت اشتباكات بين الطرفين في عدد من الجبهات بجنوب وغرب ووسط أم درمان".
اشتباكات في كردفان
وفي كردفان، وقعت أمس الثلاثاء مواجهة بين الجيش ومجموعة من القوات العابرة التي تتبع لـ"الدعم السريع" حول مدينة الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان، هي الأولى من نوعها منذ انطلاق الحرب بين الطرفين منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي.
وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الجيش تصدى لهذه القوات وألقى القبض على 15 من أفرادها بينهم ضابط برتبة مقدم، فضلاً عن استيلائه على عدد كبير من الذخائر والمركبات.
كما أفادت مصادر بأن الجيش السوداني تمكن من صد هجوم شنته قوات "الدعم السريع" الثلاثاء على أجزاء من مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، حيث أجبرتها على الانسحاب إلى مناطق تمركزها خارج المدينة بعد تبادل القصف المدفعي.
ووفق المصادر عينها، أصيب مدنيان بجروح جراء هذه العمليات العسكرية، كما أغلق سوق المدينة الكبير، وتوقفت حركة المواصلات العامة وهربت عشرات الأسر من نواحي غرب المدينة.
البرهان إلى نيويورك
في التحركات، توجه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، صباح اليوم الأربعاء، إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحسب بيان من مجلس السيادة الحاكم في البلاد، وأفاد المجلس، الذي يرأسه البرهان، بأنه "من المقرر أن يلقي (البرهان) خطاب السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة، كما سيشارك في اجتماعات رفيعة المستوى لبحث تعزيز التعاون متعدد الأطراف".
ومنذ أواخر الشهر الماضي يكثف البرهان جولاته الخارجية وسط مساع لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد بين قواته وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ومنذ ذلك الحين زار البرهان ستة بلدان وهي مصر وجنوب السودان وقطر وإريتريا وتركيا وأخيراً أوغندا.
صعوبات ومعاناة
وفي شأن الموقف الإنساني والصحي في مدن العاصمة السودانية، قال مواطن يسكن منطقة الأزهري جنوب الخرطوم إن "الوضع في معظم أحياء العاصمة يزداد تعقيداً كل يوم، فالحياة في غاية الصعوبة، فهناك انقطاع متواصل للكهرباء والمياه يستمر في أحيان كثيرة لأسبوعين وأكثر، كما أن المحال التجارية تفتح أبوابها لساعات محدودة وتنقصها معظم السلع، فضلاً عن ارتفاع أسعارها بشكل لا يوصف. أما على الجانب الصحي فحدث ولا حرج، فمن المستحيل أن تجد مستشفى يعمل، وحتى العدد البسيط من المستشفيات العاملة، لا تجد فيها غير الإسعافات الأولية بسبب نقص الكوادر الطبية والمعدات ونقص الدواء والمعونات الأخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معارك استباقية
وحول تطورات الوضع العسكري، أوضح الباحث في الشؤون العسكرية، العقيد شاكر شمس الدين أن "المعارك اشتدت بالفعل بين الجيش و"الدعم السريع"، وهي مؤشرات واضحة إلى الوصول لحسم هذه الحرب خلال الأيام المقبلة، فهي معارك استباقية تهدف لإثبات القدرات العسكرية في حال هناك عملية تفاوضية، بخاصة من جانب "الدعم السريع"، لكن لا أعتقد أن تفاوضاً سيتم لأن الجيش استعد لهذه المعارك بشراسة كبيرة من ناحية العتاد والأفراد".
وتابع "في تقديري أن الجيش يتجه إلى استكمال منظومته القتالية، فضلاً عن الجانب المعلوماتي من قبل الاستخبارات العسكرية الذي أحدث تحولاً كبيراً لصالحه في الآونة الأخيرة، بالتالي فإن هذه الجاهزية العالية توحي بأن النصر اقترب كثيراً، بخاصة وأن الطيران الحربي لعب دوراً كبيراً في قطع الإمداد عن قوات "الدعم السريع" الذي يأتيها من الجزء الغربي، وهذا أحد فنون إدارة المعركة ونجاحها".
خطر الانقسام
وفي وقت قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أمام اجتماعات الجمعية العامة الثلاثاء، إن السودان يواجه خطر الانقسام والانزلاق نحو حرب أهلية شاملة يفر الملايين من ويلاتها، أكدت الجبهة المدنية السودانية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية في ختام اجتماعاتها التي استمرت يومي الأحد والإثنين الماضيين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على ضرورة "مضاعفة الجهود للتصدي لمخططات فلول النظام البائد الذين يدعون لاستمرار هذه الحرب، ويستخدمونها لشيطنة الثورة وتصفية قواها، وينشرون خطابات الكراهية والتقسيم الإثني والجهوي".
ودانت الجبهة "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعددت ما بين القتل واحتلال المنازل والمستشفيات ونهب الممتلكات والاعتقالات والخطف والاغتصاب وكثير من الجرائم البشعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وكذلك الانتهاكات كافة من قتل وقصف جوي للمدنيين واعتقالات تعسفية تمت بواسطة القوات المسلحة"، مطالبة بإجراء تحقيق شفاف حولها ومحاسبة كل المتورطين فيها.
وأكدت الجبهة المدنية على أهمية "تعزيز الجهود المبذولة من القوى المدنية كافة الداعية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية، والتنسيق بينها في أقرب وقت، إذ شكلت لجنة من فئات الجبهة كافة للتواصل مع جميع القوى المدنية الديمقراطية لتسريع هذه الجهود والوصول إلى أوسع جبهة مدنية تعمل لإنهاء الحرب، وإعادة بناء الدولة على أساس مبادئ وقيم وأهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة".
وأقرت اجتماعات الجبهة إنشاء آلية وطنية لجبر الضرر والتعويضات تشمل الجهات ذات الصلة، تعمل على حصر الأضرار كافة التي وقعت جراء الحرب، مؤكدة على أن "أي حل سياسي لإنهائها يجب ألا يسقط مبدأ التعويض العادل والمنصف لكل من تضرر وتأذى من هذه الحرب اللعينة".
ونوهت الجبهة بجهود العاملين في مجال العون الإنساني من المؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى رأسهم غرف الطوارئ بولاية الخرطوم ومدن وأقاليم السودان كافة، الذين يعملون في ظروف بالغة التعقيد، مؤكدين على ضرورة ضمان إيصال المساعدات إلى مستحقيها.
وناقشت اجتماعات الجبهة بشكل عام الأوضاع الإنسانية السيئة التي سببتها الحرب، والجهود السياسية المبذولة للعمل على إيقافها عبر بناء أوسع جبهة مدنية من القوى الديمقراطية المناهضة لها.