ملخص
استهداف رفع إنتاج تربية المائيات إلى 50 ألف طن مع نهاية 2024 هل يسهم في تخفيض أسعار الأسماك في الجزائر؟
يعيش قطاع الصيد البحري في الجزائر فترة صعبة إنتاجاً وتجارة، الأمر الذي حرك الحكومة التي راحت تبحث عن سياسات من شأنها إعادة الاعتبار لهذا المجال، وبهدف الخروج من نفق ضعف الإنتاج والندرة وارتفاع الأسعار، وضعت الحكومة خططاً متعددة لوضع هذا القطاع الذي يعد حيوياً لدى دول عدة على غرار موريتانيا وتونس، على سكة النمو.
شريط ساحلي يبلغ 1400 كيلومتر
وعلى رغم أن ساحلها البحري يتعدى 1400 كيلومتر، إلا أن الجزائر تعاني وضعاً غير طبيعي من حيث إنتاج الأسماك، وما ترتب على ذلك من ارتفاع أسعارها وتراجع الاستهلاك المحلي، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى مشاريع تربية وزراعة الأسماك التي وإن كانت حقيقة ملموسة على أرض الواقع، تبقى نجاعتها تطرح تساؤلات بسبب استمرار الوضع على حاله.
ويعد مشروع تربية الأسماك في الأحواض العائمة من المشاريع الحديثة التي تعول عليها عديد من الدول من أجل الاستثمار في مجال الصيد البحري. والجزائر تعول على هذا النوع من النشاطات من أجل الحد من تناقص الكائنات والنباتات البحرية، ورفع الاستهلاك المحلي الذي يعد من الأضعف عالمياً، وأيضاً النهوض بالاقتصاد من خلال جعله صناعة قائمة بحد ذاتها، فضلاً عن تقليص فاتورة الاستيراد وخلق مناصب الشغل، وهو ما دفع السلطات إلى إطلاق عديد من الصيغ الخاصة بتربية الأسماك، لتشجيع الشباب والفلاحين على ولوج هذا النشاط، وتربية الأسماك في المياه البحرية التي تكون ضمن نطاق الشريط الساحلي.
ويقول المدير المركزي لتنمية وتربية المائيات في وزارة الصيد البحري رشيد عنان، إن إحصاءات السنة الماضية تشير إلى تسجيل إنتاج 5134 طناً من تربية المائيات، منها 2755 طناً تربية مائيات بحرية، و2399 طناً من أسماك المياه العذبة، مبرزاً أن الحكومة أطلقت استثمارات كبيرة ومشاريع في مجال تربية المائيات بهدف رفع إنتاج تربيتها إلى 50 ألف طن نهاية عام 2024.
تشجيع تربية وزراعة الأسماك
وعمدت الجزائر من أجل إنجاح المشاريع إلى تخفيض قيمة الضريبة على القيمة المضافة من 19 إلى تسعة في المئة أي تخفيض بنسبة 10 في المئة، إضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية على المدخلات من صغار الأسماك والأعلاف والعتاد من 35 إلى خمسة في المئة، وكل هذا من شأنه أن ينقص تكلفة الإنتاج.
ومن ضمن التحفيزات أيضاً تقديم قروض استغلال لأصحاب المشاريع التي دخلت المرة الأولى طور الإنتاج، من قرض استغلال بالنسبة لأسماك المياه العذبة يتراوح بين 10 ملايين دينار (ما يقارب 85 ألف دولار)، و50 مليون دينار (420 ألف دولار)، بحسب طاقة الإنتاج وحجم المزرعة، وبالنسبة إلى الأسماك البحرية، يصل القرض إلى 170 مليون دينار (أي حوالى مليون و400 ألف دولار)، وذلك من دون فائدة لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة.
جاء في العدد رقم 48 من الجريدة الرسمية المؤرخة في 17 يوليو (تموز) 2022، القانون رقم 22-14 المتمم للقانون رقم 01-11 المتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات، وهو الذي يسمح لمهنيي الصيد البحري وتربية المائيات بتنظيم وضعهم في تعاونيات لتنمية نشاطات كل من الصيد البحري وتربية المائيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلل في الأرقام المقدمة
لكن الأمور ليست على ما يرام في ظل الأسعار الملتهبة التي تعرفها سوق السمك، بحسب أستاذ الاقتصاد عبدالكريم بوفروة الذي قال إن المجهودات التي تقوم بها السلطات من أجل ترقية قطاع الأسماك من خلال تشجيع الاستثمار في تربية وزراعة الأسماك لا تزال غير كافية وتواجه عراقيل، مبرزاً أنه بالنظر إلى الأسعار المرتفعة يمكن القول، إن هناك خللاً في الأرقام المقدمة أو في طريقة تسيير الملف، وأشار إلى أن القطاع يواجه سيطرة الوسطاء الذين باتوا يفرضون منطقهم، بدليل طرح منتوجات زراعة الأسماك من دون الكشف عن مصدرها للإبقاء على الأسعار نفسها.
أضاف بوفروة أن ضعف الترويج لهذه الأنواع من المنتوجات يجعل المواطن لا يقبل عليها بسبب التخوف من صلاحيتها وأيضاً جودتها، كما أن إخفاء حقيقة مصدر الأسماك عن المستهلك يسهم في استمرار الأسعار المرتفعة، وقال إن واقع السوق يؤكد أن الإنتاج غير كاف أو أن الإقبال عليه ضعيف، ما جعل الوسطاء يدمجونه ضمن الصيد الطبيعي لتسهيل بيعه وتجنب الخسائر، موضحاً أن الحكومة تحاول إنعاش هذا القطاع في سياق تنويع الاقتصاد وإعادة الاعتبار للقدرة الشرائية للمواطنين، لكن يبدو أن الأمر صعب المنال في ظل الوضع الراهن، وختم أنه من أجل تحقيق المبتغى يجب على الجهات الوصية مرافقة المشاريع ومراقبة الإنتاج وتسويقه.
لا يرتقي إلى المنافسة
إلى ذلك، يعتبر رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي أن قطاع تربية الأسماك يعرف تطوراً وتنمية من عام إلى آخر، ما يعود بالفائدة على المستهلك والاقتصاد، موضحاً أنه على رغم الشريط الساحلي الطويل إلا أن قلة إمكانات الصيد البحري تبقى السمة البارزة، كما أن هذا الشريط ليس غنياً بالأسماك بما يفي باحتياجات المواطن الجزائري بأسعار مناسبة، وأبرز أن ما تزخر به الجزائر من قدرات في مجال تربية الأسماك أمر كبير، والتجارب التي أقيمت حتى في الصحراء أثبتت نجاحها، بالتالي فإن تربية الأسماك هي بديل مهم جداً.
ويتابع زبدي أن نسبة تغطية تربية المائيات لاحتياجات المواطنين ضئيلة مقارنة بعمليات الصيد البحري، وهي لا ترتقي إلى منافسة الصيد الطبيعي ولا إلى تغطية متطلبات المستهلك، وأوضح أن أهم ما يعرقل هذا النوع من النشاط هو ضعف الترويج للمنتوجات، على اعتبار أن كثيراً من المواطنين يجهلها، لذا بات من الضروري ذكر محاسنها وأنها بديلة من أجل تشجيع إنتاجها واستهلاكها.