ملخص
هجوم صاروخي روسي جديد "واسع النطاق" وزيلينسكي في واشنطن
يقوم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، بأولى زياراته لكندا الحليفة المقربة لبلاده، والتي من المتوقع أن يلقى فيها ترحيباً أكثر دفئاً مما تلقاه من بعض السياسيين الأميركيين المرتابين من تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لبلاده.
وكندا واحدة من أكثر الدول تأييداً لكييف في حربها ضد روسيا، وقال مسؤول حكومي إنها تعتزم الإعلان خلال الزيارة عن إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا.
وقال رئيس الوزراء جاستن ترودو لصاحفيين بنيويورك، أمس الخميس، "ستواصل كندا دعم أوكرانيا مهما طال الوقت وسنقف دائماً بثبات للدفاع عن سيادة القانون والنظام القائم على القواعد الدولية".
ومن المقرر أن يُلقي زيلينسكي كلمة أمام البرلمان في أوتاوا ثم يعقد مؤتمراً صحافياً مع ترودو.
"الأسبوع المقبل"
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن أولى دبابات "أبرامز أم 1" الأميركية ستصل أوكرانيا في "الأسبوع المقبل" لتعزيز قدرات كييف في التصدي للقوات الروسية في هجوم مضاد يسير ببطء.
وقال بايدن في البيت الأبيض وإلى جانبه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "في الأسبوع المقبل تصل أولى دبابات أبرامز الأميركية إلى أوكرانيا". وأضاف أنه "وافق على الشريحة التالية من المساعدات العسكرية لأوكرانيا" التي قدرها "البنتاغون" بـ325 مليون دولار.
وأكد بايدن أن "لا بديل" لإقرار الكونغرس المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا، وذلك بعدما هدد مشرعون جمهوريون بعرقلة إقرار الحزمة الجديدة.
ورداً على سؤال طرحه مراسل حول ما إذا سيصادق الكونغرس على حزمة المساعدات، قال بايدن لدى لقائه زيلينسكي في البيت الأبيض "أعول على حكمة الكونغرس الأميركي. لا بديل عن ذلك". وأشار إلى أن روسيا تقف وحدها في طريق السلام.
وتشمل شريحة المساعدات صواريخ للدفاع الجوي وذخيرة لمنظومات "هيمارس" الصاروخية وأسلحة مضادة للدبابات وطلقات مدفعية.
الحزمة لا تشمل صواريخ "أتاكمس"
لكن الحزمة لا تشمل صواريخ "أتاكمس" الأميركية بعيدة المدى التي طالبت بها كييف مراراً.
وتشمل الحزمة طلقات مدفعية عيار 155 ملم تحوي ذخائر عنقودية كانت واشنطن قد وافقت للمرة الأولى على تزويد أوكرانيا بها في يوليو (تموز)، على رغم مخاوف من أخطار تتهدد المدنيين على المدى الطويل جراء القنابل غير المنفجرة.
وتقول الولايات المتحدة إنها تلقت ضمانات من كييف بأنها ستخفض إلى أقصى حد الأخطار التي تشكلها هذه الأسلحة على المدنيين، بما في ذلك عدم استخدامها في مناطق مأهولة.
وكانت واشنطن تعهدت تسليم أوكرانيا 31 دبابة أبرامز في مطلع العام في إطار تعهد بمساعدة عسكرية بأكثر من 43 مليار دولار.
وستكون الدبابات مزودة طلقات من اليورانيوم المنضب خارقة للدروع عيار 120 ملم.
وهذه الذخيرة مثيرة للجدل لوجود رابط بينها وبين مشكلات صحية على غرار السرطان والاضطرابات الخلقية في مناطق استخدمت فيها في نزاعات سابقة، علما بأنه لم يثبت بشكل حاسم أنها السبب فيها.
وشكل قرار تزويد أوكرانيا دبابات أبرامز تحولاً في الموقف الأميركي، إذ كان مسؤولون عسكريون أميركيون قد أشاروا مراراً إلى أنها سلاح معقد لا يناسب القوات الأوكرانية.
واستقبل بايدن وزوجته جيل نظيره الأوكراني وزوجته أولينا في البيت الأبيض. ولفت زيلينسكي خلال اللقاء إلى أنه "بدأ يومه في الكونغرس الأميركي لشكر البرلمانيين والشعب الأميركي على دعمهم الكبير والهائل".
ومما لا شك فيه أن محطة البيت الأبيض هي التي لقي فيها زيلينسكي الترحيب الأكبر خلال النهار على رغم عدم تمكنه من إقناع الأميركيين بتزويده صواريخ بعيدة المدى يلح في المطالبة بها.
وفي وقت سابق، أعلن زيلينسكي أنه يعول على "دعم دائم" للولايات المتحدة في مواجهة روسيا، بحسب بيان أصدرته الرئاسة تزامناً مع زيارته للولايات المتحدة.
ونقل بيان عن زيلينسكي قوله إثر لقائه مسؤولين أميركيين كباراً، "للانتصار في الحرب علينا أن نبقى موحدين وننتصر معاً، نعول عليكم، على دعمكم الدائم".
واستقبل قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي زيلينسكي الذي حضر إلى الكونغرس بزيه العكسري الذي أصبح علامته الفارقة، وبدا متجهّماً.
وحذر الرئيس الأوكراني الجمهوريين في الكونغرس المترددين في إقرار حزمة جديدة من المساعدات الكبرى لأوكرانيا من أن بلاده تواجه خطر خسارة الحرب أمام روسيا في حال توقف تدفق الدعم، مؤكداً للصحافيين أنه أجرى "حواراً جيداً جداً" مع المسؤولين.
"إذا لم نتلقَّ المساعدة فسنخسر الحرب"
ونقل زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر عن زيلينسكي قوله "إذا لم نتلقَّ المساعدة فسنخسر الحرب"، من ثم توجه الرئيس الأوكراني إلى "البنتاغون".
وتختلف هذه الزيارة وهي الثانية له إلى العاصمة الأميركية منذ بدء الهجوم على بلاده في فبراير (شباط) 2022 عن سابقتها في الـ21 من ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته.
فمنذ ذلك الحين، تراجعت الضغوط للإسراع في نجدة أوكرانيا، إذ إن الحرب تدور منذ أكثر من عام ونصف العام والدعم العسكري وصل إليها من دول غربية عدة، وطاول التغيير أيضاً السياسة الأميركية الداخلية، إذ بات الخصوم الجمهوريون لبايدن يمسكون بالغالبية في مجلس النواب، ولم يحظَ زيلينسكي هذه المرة باستقبال حافل في مبنى الكابيتول.
لكن خطابه أمام غرفتي الكونغرس قوبل مرتين بالتصفيق الحار والوقوف تقديراً، بحسب ما أكد على منصة "إكس" السيناتور الديمقراطي كريس مورفي.
ووفق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي مايكل ماكول، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا "تحقق مكاسب ميدانية".
وقال ماكول "سألناه عما يحتاج إليه وعن خطته لتحقيق الانتصار"، مبدياً تفاؤله بالمصادقة على حزمة جديدة من المساعدات بقيمة 24 مليار دولار. ونقل عن زيلينسكي رده قائلاً "يحتاجون إليها (حزمة المساعدات) وسوف يتلقونها"، علماً أن محادثات مضنية لا تزال تجري في شأنها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أين هي المحاسبة؟
وأكد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي الثلاثاء أن لديه "أسئلة أريد طرحها عليه (زيلينسكي). أين هي المحاسبة على الأموال التي أنفقناها؟".
ويُخشى أن يصبح هذا الجانب المالي من المساعدات أكثر تعقيداً في ظل خطر وقوع موازنة الولايات المتحدة في شلل إجرائي إذا لم يتوصل المشرعون إلى اتفاق في شأن الإنفاق ولو بشكل موقت قبل الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتشكل الموازنة المخصصة للمساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا جزءاً من النقاط التي تسببت في تعثر المفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أن إفراج الكونغرس عن 24 مليار دولار طلبتها الإدارة لمساعدة أوكرانيا أمر "حيوي".
وقال الأربعاء "أولئك الذين يعتقدون بأن كلفة دعم أوكرانيا اليوم مرتفعة، تخيلوا فقط كم ستصبح باهظة بالدم والأموال إذا تخلينا عنهم (الأوكرانيون)، في حال سمحنا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسيطرة على كامل أوكرانيا وبأن يصبح في موقع أكثر قوة".
وقال بايدن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع "روسيا تعتقد بأن العالم سوف يكل وسيُسمح لها بالاعتداء على أوكرانيا من دون عواقب"، مؤكداً "إذا سمحنا بتقسيم أوكرانيا، فهل استقلال الدول سيكون مضموناً؟ الجواب هو لا".
أشهر صعبة
وفي السياق، حذرت أوكرانيا الخميس من "أشهر صعبة" في أعقاب هجوم صاروخي "واسع النطاق" شنته روسيا على مختلف أنحاء البلاد ليلاً، في وقت يزور زيلينسكي واشنطن لطلب مزيد من الأسلحة.
في الوقت نفسه، بدأ حل في أوروبا لمسألة نقل الحبوب الأوكرانية التي حظرتها روسيا في البحر الأسود والخاضعة لحظر من كل من وارسو وبراتيسلافا وبودابست خلافاً لتوصية الاتحاد الأوروبي، وأعلنت براتيسلافا وكييف أنهما اتفقتا على آلية، ووعدت بولندا التي قالت نتيجة هذه الأزمة إنها لن تقوم بعد الآن بتسليم أسلحة إلى أوكرانيا، بإجراء مفاوضات.
لكن الرئيس البولندي أندريه دودا اعتبر أن تصريحات رئيس وزرائه في شأن توقف وارسو عن تسليح أوكرانيا أسيء فهمها.
وفي أوكرانيا، خلف وابل جديد من صواريخ كروز الروسية ثلاثة قتلى في خيرسون جنوباً وسبعة جرحى في العاصمة كييف.
وأعلن زيلينسكي على "تيليغرام" أنه "تم إسقاط معظم الصواريخ، معظمها وليس كلها"، داعياً الغرب إلى تسليم بلاده مزيداً من الأنظمة المضادة للطائرات.
ومع قرب حلول فصل الشتاء، تخشى السلطات في كييف تكرار روسيا استراتيجية اعتمدتها عام 2022 قامت على استهداف منشآت الطاقة من أجل قطع الكهرباء والتدفئة عن السكان.
وكتب معاون مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أوليكسي كوليبا على "تيليغرام"، "الليلة شنت روسيا هجوماً هائلاً على أوكرانيا، تنتظرنا أشهر صعبة مقبلة، فموسكو ستواصل مهاجمة منشآت الطاقة والمنشآت الأساسية الأوكرانية".
واتهم روسيا بالسعي إلى "نشر الذعر" من خلال استهداف "مدنيين ومهاجع ومحطات للوقود وفندق ومنشآت للطاقة وأخرى مدنية".
وفي خاركيف كبرى مدن شمال شرقي البلاد، لحقت أضرار بالورش والمصانع وجرح شخصان، بحسب السلطات.
وقال ميكولا بوغوريلوف مدير شركة محلية لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الصاروخ سقط قريباً جداً على بعد أمتار قليلة منا، وكانت هناك شظايا كثيرة وتسبب بأضرار جسيمة".
وذكرت يوليا بارانتسوفا وهي تعمل في الخياطة في أحد المصانع أن "الأسقف انهارت وتحطمت النوافذ".
تضرر منشآت الطاقة
وللمرة الأولى منذ ستة أشهر، تضررت منشآت للطاقة في غرب أوكرانيا ووسطها جراء الغارات الروسية، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق عدة، وفق ما أوضح المزود الأوكراني "أوكرنرجو" على "تيليغرام".
وقال قائد أركان الجيش الأوكراني فاليري زالوجني "سمحت العمليات القتالية لسلاح الجو بالتعاون مع الدفاعات الجوية بتدمير 36 صاروخ كروز" من مجموع "43 صاروخاً".
وإضافة الى الأضرار المادية، أدت الصواريخ أو شظاياها إلى سقوط قتلى وجرحى، ففي خيرسون جنوب البلاد استهدفت مناطق سكنية ليلاً، مما أوقع ثلاثة قتلى وخمسة جرحى، وفي العاصمة كييف أصابت شظايا صواريخ سبعة أشخاص بينهم فتاة تبلغ تسع سنوات.
وقالت مايا بليوخ إنه في حي دارنيتسكي شرق المدينة "تحطمت النوافذ والأبواب وسقطت نافذة عليَّ"، فيما ذكرت شاهدة عيان تدعى داريا كالنا أن "الأمر كان مخيفاً للغاية"، كذلك أصيب تسعة أشخاص في مدينة تشيركاسي جنوب كييف وفي ريفني (شمال غربي البلاد) تسبب الهجوم في انقطاع التيار الكهربائي.
وأعلن الحاكم أن منطقة لفيف (غرب) على بعد نحو 1000 كيلومتر من الجبهة تعرضت للقصف أيضاً من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
ووقعت هذه الهجمات بعد ساعات من إعلان موسكو إسقاط ما مجموعه 22 مسيرة أوكرانية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها، وفوق البحر الأسود وفي منطقتي بيلغورود وأوريل.
من جانبه تحدث الجيش الأوكراني عن أنه استهدف مطاراً عسكرياً روسياً قرب من بلدة ساكي في شبه جزيرة القرم خلال الليل بمسيرات وصواريخ.
وقال مصدر في أجهزة الأمن الأوكرانية إن الغارة تسببت "بأضرار جسيمة" بينما كانت 12 مقاتلة من طراز Su-24 وSu-30 متوقفة على أرض المطار.
من جهتها، أعلنت السلطات الروسية في شبه جزيرة القرم أن الدفاعات الروسية المضادة للطائرات أحبطت الهجوم الذي شنته أوكرانيا، مما أدى إلى تكثيف الضربات على شبه الجزيرة التي ضمتها وفي البحر الأسود.
وتأتي هذه الهجمات المتبادلة بعدما ندد زيلينسكي أمس في الأمم المتحدة بـ"العدوان الإجرامي" الروسي و"تعطيل" المنظمة الدولية بسبب حق النقض الذي تتمتع به موسكو في مجلس الأمن.
وقصفت روسيا مرافق للطاقة في أنحاء أوكرانيا الخميس ضمن أكبر هجوم صاروخي تشنه منذ أسابيع، إذ أطلقت ما يعده مسؤولون أوكرانيون الجولة الأولى من حملة جوية جديدة على شبكة الكهرباء الوطنية.
ووردت تقارير عن انقطاع الكهرباء في خمس مناطق في الغرب والوسط والشرق ليعيد ذلك ذكريات الضربات الجوية المتعددة على البنية التحتية الحيوية في الشتاء الماضي التي تسببت بانقطاع الكهرباء عن الملايين على نطاق واسع خلال البرد القارس.
وقال مسؤولون إن ما لا يقل عن 18 شخصاً أصيبوا في الضربات الجوية بينهم طفلة عمرها تسع سنوات، فيما قال حاكم إقليمي إن شخصين قتلا جراء قصف روسي آخر خلال الليل.
وكتب المشرع أندريه أوسادتشوك على منصة "إكس"، "الشتاء آتٍ واليوم تجدد روسيا هجماتها الصاروخية على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن هجومها استهدف منشآت صناعية عسكرية ومراكز لتدريب مجموعات تخريبية ومنشآت استخبارات للحصول على المعلومات عن طريق اعتراض وتفسير الاتصالات اللاسلكية، مضيفة أنها أصابت جميع أهدافها.
ولم تعلق موسكو على الضربات الجوية الجديدة وتقول إن أوكرانيا تهاجم أهدافاً داخل روسيا في ظل مواصلة كييف هجومها المضاد في الشرق والجنوب لصد الحرب الروسية المستمرة عليها منذ 19 شهراً.