Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أنا رجل لا يقرأ الكتب وقد سئمت من وصمي بسبب ذلك

أوليفر كينز لم يقرأ سوى رواية واحدة إلى نهايتها في حياته، وقد سئم من افتراضات الناس بأنه غير مثقف لأنه لا يمتلك مكتبة خاصة به. لذا، فهو يعتقد، أنه علينا أن نتقبل حقيقة أن القراءة ليست للجميع

"يحب العالم الأدبي إبراز فكرة مفادها أن الكتب على قدم المساواة مع الآلهة، وأنها عنصر أساسي في الإنسانية" (أوليفر كينز)

ملخص

لطالما اعتبرت القراءة دلالة على سعة فكر المرء لكن هل هذا يعني أن الذين لا يقرأون هم أقل ثقافةً؟

أحب أن أسأل أصدقائي الذكور عما إذا كانوا قد قرأوا أي كتب جيدة أخيراً. جميعهم، وبأسلوب لطيف جداً، يفعلون الشيء نفسه بالضبط: يأخذون نفساً مصحوباً بنظرة تعبر عن خيبة أملهم من أنفسهم، وتكشيرة المذنب، ثم يقولون كلمات على غرار: "أعلم، أعرف... يجب أن أفعل ذلك، لكن... الوقت... الحياة، آه". لا يصدر عنهم أبداً أي تلميح بالاعتراض على السؤال المطروح: فهم جميعاً يشعرون في أعماقهم أن عليهم أن يقرأوا. لقد رأيت رد الفعل هذا من بعض الأصدقاء على مدى 15 عاماً أو أكثر، لدرجة أنني متأكد تماماً أنهم لم يقرأوا أي كتاب. لذا، أود اليوم أن أدعو أي شخص لم يقرأ أبداً ولكنه لا يزال يتظاهر بأنه يقرأ، للانضمام إلي في القفز إلى المجهول الثقافي. حسناً، سأبدأ بنفسي أولاً: أنا بصراحة، لا أقرأ الكتب.

بدايةً، هناك بعض الأشياء التي يجب أن تعرفوها عني: لم أكبر في منزل مليء بالكتب. أنا بالتأكيد لم أر والدي يقرأ. ليس لدي أي من الأعراض المعرفية العصبية الشائعة التي قد تؤثر على القراءة، مثل عسر القراءة [أحد اضطرابات التعلم، ويشمل صعوبةً في القراءة بسبب وجود مشكلات في التعرف إلى أصوات الكلام ومعرفة مدى صلتها بالحروف والكلمات] أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. ليس لدي إدمان على وسائل التواصل الاجتماعي (لم أستخدم المنصة المعروفة سابقاً باسم "تويتر" مطلقاً). والأهم من ذلك، أنني أحب القراءة بالفعل، لكني أحب الصحافة إلى حد كبير، والتي ركزت عليها طوال حياتي. لا أستطيع أن أقرأ أي شيء على شكل كتاب - وبخاصة من فئة كتب الخيال، وهو أمر محبط لأنني بخلاف ذلك أحب مكونات هذه الفئة مثل الحوار والشخصية والحبكة. أعتقد أنني شخص عادي نسبياً، ولدي شعور جيد بالتعاطف والتفهم تجاه الآخرين. لكن كم يصعب قول هذا الأمر في عالم يقدس الكتب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولعله بسبب إرث الكتب الأكثر مبيعاً مثل الكتاب المقدس، يحب عالم الأدب إبراز فكرة مفادها أن الكتب على قدم مساواة مع الآلهة، وأنها عنصر أساسي في الإنسانية. خذ على سبيل المثال مقولة الأديبة فرجينيا وولف بأن "الكتب هي مرايا الروح". على النقيض من ذلك، بالنسبة لأولئك منا الذين يشعرون أن القراءة ليست هوايتهم المفضلة، فإننا في حالة من الجحيم والتجريد اللامتناهي من الإنسانية. حتى في عام 2023، وصفت مقالة في مجلة "أتلانتك" The Atlantic أولئك الذين لا يقرؤون بأنهم يعانون من "نقص في الشخصية". في الماضي، قرأت أن الناس يربطون عدم القراءة بكل شيء من الجريمة إلى الإرهاب. ووصف تقرير لصحيفة "غارديان" حول دراسة احصائية لعادات القراءة لدى الرجال النتائج التي توصلوا إليها بأنها "أعذار". لم تنتقد هذه السلبية السخيفة على الإطلاق لأنه لم يكن في النقاش صوت واضح مسموح له أن يقول إنه لم يكمل قراءة "ميدل مارش" Middlemarch [رواية إنجليزية شهيرة]. حتى لو لم نكن جزءاً منها، فإننا لا نزال نميل فطرياً [للاعتبار] أننا جزء من النخبة الأدبية التي تهاجم بقوة غير القراء.

وفي الواقع عندما لا تكون من محبي الكتب، فمن الممتع للغاية الضحك على جدران الكتب الضخمة التي يبنيها الناس في منازلهم - وهي طريقة "خفية" للتأكد من أنك على دراية بذكائهم العالي وعقلهم الكبير. لكن في الحقيقة، أعلم أنها دعابة جعلتني أبدو بنفسي سخيفاً. لا يوجد أي مثقف على استعداد لقبول أي شخص ليس قارئاً في وسطهم. إن فهمنا العام للمثقف هو أنه شخص لديه مكتبة كبيرة جداً، إضافة إلى معرفته ببعض الاقتباسات المبهرة من الأعمال الكلاسيكية. وعلى رغم ذلك، فقد زعمت دراسة إحصائية أجريت عام 2017 أن واحداً من كل 10 بيوت لا يملك كتاباً واحداً. ووصفت صحيفة "ديلي ميل" الدراسة بأنها "مثيرة للقلق". في حين وصفتها صحيفة "تايمز" بأنها "كئيبة". لكن هذا الرقم سيرتفع بالتأكيد. إلى أي مدى سنصل بتمسكنا بالكتاب كدليل على الذكاء؟ كم عدد الأشخاص الذين نستبعدهم من الحياة الفكرية؟

جزء مني يتمنى لو كانت لدي مكتبة ساخرة مليئة بكتبي المفضلة من المدرسة: "يورك نوتس" York Notes [سلسلة من الكتب التي توفر ملخصات دراسية للروايات والنصوص الكلاسيكية]، والمعروفة على أنها كتب للأشخاص الذين لا يستطيعون قراءة الكتب. لم أتمكن من الدراسة من دونهم. لقد كانت بمثابة ملخصات دراسية قصيرة لكلاسيكيات الأدب الإنجليزي - ورقة غش للبعض، وشريان حياة للآخرين. كنت في حاجة إليها لأنني لم أتمكن من القراءة مثل زملائي. من الصعب وصف ما يحدث عندما أقرأ كتب الخيال. الطريقة الوحيدة لوصف ذلك هي عدم القدرة على تكوين أي ارتباط مستمر أو ذي معنى بالكلمات الموجودة على الصفحة. ثم هناك شعور لا مفر منه بالرعب وكأنك لا تفهم ما يحدث، سواء بشكل علني أو ضمني. إنها بوابة للشعور على الفور بالغباء وعدم القيمة وعدم الكفاءة. لا أشعر بشيء تجاه قراءة الروايات.

إنه شعور مؤلم، يتفاقم [سوءاً] بسبب الخجل العميق عندما يرفض الناس فهمه. أشعر أن حقيقة كوني رجلاً تلعب دوراً صغيراً هنا. يحب الناس أن يظنوا أن بإمكانهم دفع الرجل إلى القراءة – أمر يشبه إلى حد ما إعادة محرك معطل إلى العمل. قد يأتي هذا من خلال توصيات غير مرغوب فيها بشأن الكتب خلال حفل عشاء، أو من خلال الحصول على كتاب كهدية خلال فترة عيد الميلاد، أو من خلال مقالات متعالية مثل مقالة "خمسة كتب مثالية للرجال الذين لا يقرأون أبداً" في صحيفة "غارديان". لقد كنا محقين باعتبار مقال يحمل عنوان "خمس فساتين للنساء اللاتي يرتدين السراويل" على أنه مقال مسيء، ولكن لا يوجد سوى القليل من المتنفس للرجل الذي لا يقرأ - حتى من "بوك-توك" BookTok [مجتمع تيك توك الفرعي المخصص للمواضيع الأدبية]، والذي يحتوي أيضاً على العديد من الاختلافات حول هذا الموضوع بشكل محبط.

ولكن هناك فرق بين أن يجري تجاهلك وأن يُفترض تلقائياً بأنك تفتقر إلى التعاطف أو في أسوأ الأحوال أنك معادٍ للنساء. في كتابها "فجوة السلطة" The Authority Gap، تسلط الكاتبة ماري آن سيغارت (التي تكتب تحت اسم أم أي سيغارت) الضوء على مشكلة عدم قراءة الرجال ما يكفي من كتب كتبتها نساء. كتبت: "إذا لم يقرأ الرجال كتباً عن النساء وكتبتها النساء، فسوف يفشلون في فهم نفسياتنا وتجربتنا الحياتية". أشعر أن مثل هذا الولاء المتشدد لقوة الكتاب المطلقة يلحق الضرر بالجميع - بقدر ما يضر النساء خارج المجال الأدبي فإنه يضر الرجال أيضاً. إن وضع، ما هو في نهاية المطاف، منتج استهلاكي بين الجنسين [كوسيلة تفرقة] يبدو مضللاً. أشعر وكأنني أعرف رجالاً يفهمون النساء من دون الوصول إلى الكتب، تماماً كما أعرف العديد من النساء - خارج عرق أو طبقة معينة - يشعرن بأن حياتهن غير ممثلة في الكتب على الإطلاق.

هناك الكثير من الرجال المتبجحين الذين يشعرون بسوء حول طبيعة قطاع النشر الذي تهيمن عليه النساء. أنا لست واحداً منهم. فقد أشارت دراسة إحصائية أجريت عام 2020 إلى أن 78 في المئة من الوظائف التحريرية في قطاع النشر تشغلها نساء. يجب أن يكون هناك المئات من الصناعات الأخرى التي لديها نفس التقسيم بين الجنسين! أتمنى فقط أن يقدروا جميعاً أن هناك نساء، العديد من النساء، في العالم الأوسع، غير قارئات حقاً، تماماً مثلي أنا الرجل. أننا قادرون على التحدث، كما تعلمون، نحن الذين لا نحب الكتب. أنا أيضاً لست ضد التفكير، على الإطلاق. من الواضح أن العالم مكان أفضل بوجود الكتب فيه. أنا حقاً أحترم الناس الذين يقرؤون. لكن في الوقت نفسه، لست متأكداً من أن المجتمع يحترم خياري بعدم القراءة.

لقد استنزفت عقلي أثناء كتابة هذا النص، وأعتقد بصدق أنني أكملت قراءة رواية واحدة فقط في حياتي. وكانت هذه رواية "العالم من وجهة نظر غارب" [غارب اسم بطل الرواية] بقلم جون إيرفينغ. وبالواقع لم أقرأها إلا لأنني أحببت الفيلم (إنتاج عام 1982، بطولة غلين كلوز وروبن ويليامز). لقد شاهدته عدة مرات عندما كنت صغيراً، وظلت قصته المثيرة للجدل حول صبي يكبر ليصبح شاباً ثم أباً قائمة بالفعل. واليوم كأب أجد نفسي في مأزق بسبب قلة القراءة. الشيء الوحيد الذي يقلقني بشأن افتقاري إلى مكتبة كبيرة هو أنني ابن رجل لا يقرأ، وأنا استمر بذلك [مع أطفالي] - يمكن للمرء أن يقول هذا بشكل مبالغ فيه من خلال كتابة هذه المقالة - من خلال عدم رؤيتهم لي كقارئ في حياتهم. ومع ذلك، إذا تبين أن أطفالي ليسوا متحمسين للقراءة، أود أن يشعروا أنه لا بأس إذا لم تكن الكتب تروق لهم أبداً - وهو الأمر الذي استغرق مني وقتاً طويلاً جداً حتى أؤمن به.

© The Independent

المزيد من ثقافة