Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قد نختلف مع إيلون ماسك لكن ما أنجزه هذا الأسبوع كان مذهلا

لو خصص الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" جهوده لتطوير مشاريعه الفضائية بدلاً من إشعال الجدل والعداء على منصات التواصل الاجتماعي، لوجد أن العالم ومستثمريه في حال بهجة أكبر

صاروخ "فالكون 9" الذي أطلقته شركة "سبايس أكس" يحلق فوق المحيط الهادئ ويحمل إلى الفضاء 22 قمراً اصطناعياً للبث عبر الإنترنت "ستارلينك" (غيتي)

ملخص

إيلون ماسك حقق إنجازاً مذهلاً مع إطلاق صاروخ "فالكون 9" من "سبايس أكس" وإعادته إلى قاعدة الإطلاق. وعلى رغم إنجازاته فإن انغماسه في الجدل على منصات التواصل يسيء إلى صورته ويقلل من التأثير الإيجابي لإنجازاته

عليَّ أن أقر بأنني مررت هذا الأسبوع بلحظات وجدت فيها نفسي معجباً تماماً برؤية إيلون ماسك أغنى أثرياء العالم، على نحو لم أتوقعه.

دعوني أوضح لكم الأمر، فقد كنت من عشاق الخيال العلمي منذ أن تعلمت القراءة خلال طفولتي. لكن التوقعات التي قرأت عنها في كتب الخيال العلمي عن المستقبل خلال نشأتي كانت دائماً مليئة بالتفاؤل، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بمسائل مثل إنشاء القواعد القمرية واستعمار المريخ. وكنت دائماً أرجو أن تتحقق تلك الأحلام يوماً ما وتصبح حقيقة.

ربما يكون ماسك هو الشخص الذي يمكنه تحويل المستقبل الخيالي الذي أثار فضولي واهتمامي ذات يوم إلى حقيقة، فالصور التي نشرت الثلاثاء الماضي احتفاء بالرحلة التجريبية الخامسة لصاروخ "ستارشيب" Starship العملاق التابع لشركة "سبايس أكس" SpaceX كانت مذهلة، ولا سيما منها التقاط صاروخ المرحلة الأولى في برج الإطلاق بواسطة ذراعي "تشوبستيكس" Chopsticks بعد دقائق فقط من الإقلاع [صاروخ المرحلة الأولى ينفصل عادة عن باقي جسم المركبة بعد إتمام الاندفاع والصعود الأولي]. وهذه اللقطات المذهلة التي تفوق التصور بدت وكأنها مشاهد من مسلسل "ستار تريك" Star Trek كما يبدو أن شركة "سبايس أكس" تتقدم بخطى واثقة -وهنا أستعير التعبير- "إلى حيث لا يجرؤ عليه الآخرون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبمقدار ما تعد برامج استكشاف الفضاء باهظة الكلف فإنها تثير الجدل في كثير من الأحيان. لكن إذا كانت هناك شركة خاصة على استعداد للقيام بهذه الخطوة وجذب المستثمرين إليها -كما فعلت "سبايس أكس"- فلم لا؟ صحيح أن معالجة التحديات التي يواجهها كوكب الأرض هو أمر بالغ الأهمية، وفي هذا الإطار قدم أصحاب الرؤى كالراحل ستيفن هوكينغ [عالم فيزياء إنجليزي] حججاً مقنعة لضرورة استكشاف الفضاء -لا بل وحتى استعماره- كنوع من الضمان لاستمرار البشرية.

لو أن إيلون ماسك ركز جهوده على تعزيز ابتكارات "سبايس أكس" وتحقيق تقدم حقيقي بدلاً من الانغماس في دور الديماغوجي الذي يثير الخوف وينشر نظريات المؤامرة على منصة "أكس" ويؤجج مشاعر الكراهية، لربما لقي صدى أوسع لدى كثير من المستثمرين في مشروعه.

إن المشروع "الرئيس" لإيلون -إذا صح التعبير- هو شركة تصنيع السيارات الكهربائية "تسلا"، وعلى رغم أنها لا تزال رائدة في هذا القطاع فإنها واجهت أخيراً كثيراً من العقبات التي عطلت مسارها المالي الذي بدا سابقاً سلساً وسريعاً. فوفقاً لبيانات هيئة "كومبانيز هاوس" Companies House [وهي سجل حكومي رسمي للشركات في المملكة المتحدة]، أفادت صحيفة "ديلي تليغراف" هذا الأسبوع بأن مبيعات "تسلا" داخل المملكة المتحدة انخفضت بنحو 400 مليون جنيه استرليني (520 مليون دولار أميركي)، لتهبط إلى مليارين و470 مليون جنيه استرليني (3 مليارات و211 مليون دولار) خلال الأشهر الـ12 المنتهية بشهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2023، وهو الانخفاض الأول من نوعه منذ أكثر من عقد من الزمن.

صحيح أن المملكة المتحدة تمثل سوقاً واحدة فحسب وليس كبيراً وفق المعايير العالمية، لكنها تظل مؤشراً مهماً. ففي حين أظهر أداء مجموعة ماسك خلال الربع الثالث من العام (للأشهر الثلاثة المنتهية في الـ30 من سبتمبر ’أيلول‘) تحسناً مقارنة بالربع الثاني، إلا أنه لا يزال أقل من توقعات "وول ستريت" في ما يتعلق بأرقام التسليم. وشهدت بداية العام انخفاضين متتاليين في مبيعات "تسلا" بينما فرضت خفوض الأسعار ضغوطاً على هوامش الربح، وتراجعت الأسهم بنسبة 13.5 في المئة خلال العام الماضي.

وتبدو نماذج الشركة الرائدة قديمة الطراز خلال وقت تشتد فيه المنافسة خصوصاً من الصين، التي أصبحت لاعباً مهماً في سوق المركبات الكهربائية بأسعار تنافسية. وعلى رغم أنه من الصحيح أن مبيعات المركبات الكهربائية الإجمالية واجهت بعض الصعوبات (على رغم مواصلتها النمو)، يتعين طرح التساؤل عما إذا كانت الصعوبات الخاصة التي تواجهها شركة "تسلا" تعود جزئياً إلى جهود رئيسها الموزعة بصورة مفرطة على عدد من المشاريع المختلفة. ويأتي هذا الاعتبار حتى قبل وضع الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالعلامة التجارية نتيجة تصريحاته العامة المثيرة للجدل.

جدل آخر برز عندما اتهم أليكس بروياس مخرج الفيلم الشهير "أنا روبوت" I, Robot إيلون ماسك باستعارة تصاميمه للروبوتات الشبيهة بالبشر والسيارات ذاتية القيادة. ونشر بروياس الذي أخرج الفيلم عام 2004 من بطولة ويل سميث لقطات ثابتة من الفيلم إلى جانب صور آلات ماسك مرفقة بتعليق جاء فيه "مرحباً إيلون، هل يمكنني استعادة تصاميمي؟"

إلا أن هذا الأمر يظل بسيطاً بالمقارنة مع الضوضاء والغضب اللذين أحدثتهما منصة "إكس" المملوكة لإيلون ماسك -والمعروفة سابقاً باسم "تويتر"- والتي يمكن القول إنها تسير عكس "سبايس أكس" عندما يتعلق الأمر بالنجاح التجاري. فخلال وقت سابق من هذا العام خفضت مؤسسة "فيديليتي" Fidelity وهي شركة كبرى لإدارة الأصول، قيمة استثماراتها في المنصة بنحو 80 في المئة.

وفي المقابل، واجهت شركة "أكس" سلسلة من فضائح متعلقة بمعلومات مضللة ولغة مسيئة. وعلى رغم أنني لست من مؤيدي فرض رقابة وأرى أن من الخطر السماح للحكومات بأن تملي علينا ما يمكننا رؤيته وقوله، فإن القرار بتغيير ميزة الحظر -لجهة السماح للحسابات "المحظورة" بمشاهدة تغريدات المستخدم، ولكن ليس التفاعل معها [قرار أقدم إيلون ماسك على اتخاذه أخيراً]- هو أمر غير مقبول على الإطلاق.

عندما يفرض الساسة حظراً على الذين لديهم آراء مختلفة فإن ذلك يعكس صورة سيئة عنهم، خصوصاً إذا كانوا يتولون مناصب وزارية، ومع ذلك يجب أن تتمتع النساء بالحق في حظر الملاحقين لهن أو أي شخص يشكل تهديداً لهن. ويجب أن يكون المستخدمون قادرين على حماية أنفسهم من أولئك الذين يهددونهم بالأذى الجسدي أو الموت. وهذا التغيير يقوض حرية التعبير ويشكل أخطاراً محتملة وقد يمنع الأفراد الضعفاء من الوصول إلى ما سماه ماسك "الساحة العامة" [فضاء التبادل الحر للتعبير].

لكن إذا ركز ماسك على سعيه الطموح إلى استكشاف الفضاء، فقد يكون العالم في وضع أفضل، وقد تكون حال المستثمرين في مشروعه كذلك. لقد سبق أن واجه معركة قانونية مع مجموعة منشقة عنه في شأن حزمة الرواتب الفاحشة التي تبلغ مليارات من الدولارات في شركة "تسلا"، كما أن مواصلته لعب دور "أكبر متصيد في العالم" قد يدفع بمزيد من الناس إلى معسكر المنشقين والمعارضين له.

ويبقى القول أخيراً أنه في حين قد يحلم إيلون ماسك باستكشاف النجوم فإنه يبدو عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات بعيداً كل البعد من "الكابتن بيكارد" [الشخصية الخيالية من مسلسل "ستار تريك: الجيل التالي" الذي يوصف بحكمته وباتخاذ القرارات المدروسة التي تخدم المصلحة العامة].

© The Independent

المزيد من آراء