ملخص
قصف الجيش السوداني بالمدفعية الثقيلة أهدافاً لقوات "الدعم السريع" بعدد من جبهات القتال في الخرطوم وأم درمان.
تواصلت المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، أمس السبت، في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة ومركز الخرطوم الذي يضم القصر الرئاسي والمنشآت الاستراتيجية والدواوين الحكومية، واستخدم فيها الطرفان المدافع الثقيلة وتبادلا القصف، مما خلف سحب دخان في سماء المنطقة.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش السوداني قصف بالمدفعية الثقيلة أهدافاً لقوات "الدعم السريع" بعدد من جبهات القتال في الخرطوم وأم درمان، بينما وجهت الأخيرة من مناطق تمركزها في شرق الخرطوم قصفاً مدفعياً متتالياً على مواقع للجيش في عدد من المناطق بالعاصمة، وسلاح الإشارة ببحري.
واقتصادياً تعرض الجنيه السوداني لتدهور حاد بانخفاض قيمته لأدنى مستوى في تاريخه أمام العملات الأجنبية في السوق الموازية، حيث تخطى سعر الدولار الأميركي 800 جنيه سوداني لأول مرة على الإطلاق.
وأفاد متعاملون في السوق الموازية أن سعر الدولار ارتفع، أمس، إلى 802 جنيه للشراء و810 جنيهات للبيع في السوق السوداء، مقارنة بنحو 700 جنيه في بعض المصارف المحلية.
واتهم جهاز الاستخبارات العامة السوداني قيادات من ميليشيات "الدعم السريع" وممن سماهم "مواطنين ضعاف النفوس" بتعمد تخريب الاقتصاد السوداني من خلال المضاربات بالعملات الأجنبية ومن ثم تدمير العملة الوطنية. وأشار في بيان له إلى أن "جميع الحسابات البنكية بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) مرصودة وسيتم التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية ضد أصحاب التحويلات المشبوهة للأفراد والمؤسسات التجارية والخيرية وغيرها".
مراوغة وتصعيد
وتعليقاً على مجريات الوضع العسكري والسياسي في البلاد، أوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عروة الصادق أن "تواصل العمليات العسكرية وتوسعها من قبل الطرفين وتزايد التحشيد والتحشيد المضاد واتساع رقعة الاشتباكات لتشمل مناطق جديدة في مدن العاصمة الثلاث، فضلاً عن كثافة استخدام المدفعية من منصات عدة، مؤشر يؤكد أن هناك توجهاً نحو التصعيد للحرب، كما أن خطابات قائد الجيش ولقاءاته الأخيرة مع رؤساء الدول تشير إلى المراوغة وعدم الرغبة في السلام".
وتابع الصادق "أي خطوة تمضي نحو تصعيد الخلاف بين الجانبين المتحاربين والتصعيد الحربي ستقابلها عمليات استنصار بالخارج وطلب الدعم، بالتالي سيتسع الخرق على الراتق وهو ما قد يخلق حالة يمكن تسميتها التمزق الوطني، ومن ثم التهديد بانقسام البلاد في أي وقت واندلاع حرب أهلية".
وأردف "لذلك أقصر الطرق لتلافي تلك المخاطر المحدقة هو الذهاب إلى منبر جدة والتوقيع على ما اتفق عليه الطرفان، وهو ما سيفتح الباب واسعاً لعملية سياسية شاملة، فنحن في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) أكملنا كل خطوات الوصول إلى جبهة سياسية وطنية عريضة تضم مختلف الأحزاب والنقابات ولجان المقاومة وتنظيمات شبابية ونسوية وغيرها، وتجري التحضيرات لوضع تصور واحد مشترك، مما يدعم أي توجه لحل سياسي في حال توقف الحرب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد القيادي في قوى الحرية والتغيير أن "الطريق إلى الحل سهل، والطريق إلى الحرب أيضاً سهل، لكن من الواجب أن يسلك الطرفان طريق الحل من خلال استئناف منبر جدة للوصول لوقف إطلاق نار طويل الأمد، بخاصة أن الكارثة الإنسانية بلغت ذروتها من الناحية الصحية والغذائية، مع الأخذ في الاعتبار أن كل الدول الصديقة والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية تطالب بوقف الحرب، لأنه من المستحيل حل الأزمة السودانية عسكرياً بانتصار أي من الطرفين، مما يعني أن المجتمع الدولي إذا وجد إرادة غالبة من طرفي النزاع للسلام سيدعمها، لأن السودان هو مفتاح الجحيم القادم في المنطقة والبحر الأحمر والقرن الأفريقي في حال استمرار الحرب".
آليات صارمة
من جهته قال المحلل السياسي الحاج حمد، إن "حروب المدن حينما تستمر لأكثر من شهر ناهيك ببلوغها الستة أشهر يعني أن الفريقين عاجزان عن الحل السياسي، وأنهما باتا تحت رحمة الفرقاء الدوليين، فحيثما كان هناك توحد في الإرادة الدولية تتدخل بحزم كاف لإيقاف تدهور الحياة المدنية، فاتفاق جدة تم التوقيع عليه، لكن النظام الدولي ممثلاً في أميركا والسعودية فشل في إنجاز المهام التنفيذية".
وأضاف حمد "ليس من المتوقع خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية إذا لم يتوقف القصف الجوي بالطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة، ولا يتوقع أن يوقف الجيش عملياته للسماح بخروج قوات الدعم السريع وإعادة انتشارها وتمركزها من دون توافق على آليات صارمة للمراقبة الدولية أو الانتقال مباشرة لمفاوضات الدمج والتسريح والنزع".
وزاد المحلل السياسي السوداني قائلاً "المؤسف أن بعثة الأمم المتحدة وقفت بعيداً من الأزمة السودانية وتقوم بإصدار بيانات الشجب والإدانة، بالتالي يظل الوضع في حال ركود، حيث كل طرف متمسك بما يسيطر عليه ويعزز قدراته الدفاعية ولا يستطيع الانتقال إلى حال الهجوم التي تحقق حلاً عسكرياً، وللأسف ففي مثل هذا الوضع يتدهور حال المدنيين وهم إما دروع بشرية أو لاجئون ونازحون".
عودة البرهان
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان عاد، أمس، إلى بورتسودان بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وبحسب بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة، فإن البرهان أجرى لقاءات مكثفة مع عدد من الرؤساء والمسؤولين الأمميين ووزراء خارجية عدد من الدول. تطرقت إلى القضايا الإقليمية والدولية، إذ التقى رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس جمهورية جزر القمر ورئيس أفريقيا الوسطى والرئيس الأوكراني، بجانب وزراء خارجية كل من روسيا والسعودية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ومدعي المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار البيان إلى أن "هذه اللقاءات بمثابة فرصة سانحة طيبة لإطلاع هؤلاء القادة والمسؤولين على مجريات الأوضاع في السودان على خلفية تمرد ميليشيات الدعم السريع على الدولة وقيامها بانتهاكات واسعة في حق المدنيين والمرافق العامة".
وتابع "كما كان لمخاطبة رئيس المجلس السيادي للمشاركين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة صدى واسع باعتبار أنه وضع العالم أمام مسؤولياته من خلال تقديمه إحاطة كاملة حول ما يتعرض له السودان من مؤامرة تستهدف أمنه وسلامة أراضيه على يد ميليشيات الدعم السريع المتمردة".
ونوه البيان بأن "البرهان طالب المجتمع الدولي بتصنيف هذه الميليشيات كجماعة إرهابية بالنظر للممارسات الإجرامية التي ارتكبتها في حق المدنيين والانتهاكات الجسيمة ضد الشعب السوداني في مختلف أنحاء السودان، فضلاً عن أن استمرار هذه المهددات الأمنية التي من شأنها أن تلقي بظلال سالبة على السلم والأمن الإقليمي والدولي لما لها من عواقب وخيمة على أمن واستقرار شعوب المنطقة".
ولفت البيان إلى أن قائد الجيش السوداني جدد تأكيداته أمام العالم بابتعاد المؤسسة العسكرية من العمل السياسي ونقل السلطة للشعب عبر تراض وطني واسع وعريض يحقق السلام والاستقرار في السودان.