Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تناسى الاتحاد الأفريقي اتفاقية السلام في إثيوبيا؟

يرى مراقبون أن المنظمة القارية لا تملك الأدوات الناجعة ووسائل الضغط اللازمة لمتابعة مهمته

مصافحة عقب توقيع اتفاقية بريتوريا للسلام في نوفمبر 2022 بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي (أ ف ب)

ملخص

قال مسؤولون تيغراويون إن المدنيين في الإقليم ما زالوا يعانون يومياً، في ظل سيطرة القوات الإريترية وبعض الميليشيات القومية للأمهرة

شكا مسؤولون في حكومة إقليم تيغراي المؤقتة، شمال إثيوبيا، من أن "لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، المعنية بتنفيذ بنود اتفاقية بريتوريا للسلام، الموقعة بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي، قد تخلت عن التزاماتها السياسية والأدبية والأخلاقية، تجاه تنفيذ الاتفاق الذي وقِّع برعاية الاتحاد الأفريقي في نوفمبر (تشرين الثاني( من العام الماضي".
ولامت حكومة تيغراي اللجنة الأفريقية، معتبرةً أنها أخلت بالتزاماتها "إذ لم يتم تحقيق أي من بنود الاتفاق، باستثناء تحقيق وقف إطلاق النار". ويمثل ذلك انتكاسة كبيرة للوضع في الإقليم الشمالي، ويأتي في وقت يعرب فيه المسؤولون في تيغراي بشكل متزايد عن مخاوفهم بشأن تنفيذ اتفاق السلام الموقع في بريتوريا في نوفمبر 2022.
وأصدر المجلس المركزي، للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إثر اجتماعه الدوري، بياناً دعا فيه الحكومة الفيدرالية إلى بدء المناقشات الخاصة بتنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام بشكل فوري، وقال البيان "منذ اتفاق بريتوريا واجتماع كبار القادة العسكريين في نيروبي، لم تذهب اللجنة التابعة للاتحاد الأفريقي إلى أي مكان، ولم يتم حتى الآن الوفاء بالأحكام الرئيسة لاتفاق بريتوريا، بما في ذلك استئناف الحوار السياسي بين قيادة تيغراي والحكومة الفيدرالية، وإعادة حدود تيغراي إلى حدود ما قبل الصراع، وسحب القوات غير التابعة لقوات الدفاع الوطنية الإثيوبية، وتدابير العدالة الانتقالية، وتقديم المساعدات الإنسانية".

احتمالات عودة العنف

وقال أمانويل أسيفا، كبير أمناء مجلس الوزراء في إدارة تيغراي المؤقتة (TIA)، في تصريح صحافي، "يبدو أن الاتحاد الأفريقي تخلى عن التزاماته السياسية والقانونية تجاه اتفاقية السلام، إذ لم ينشط منذ ذلك الحين في أي اتجاه لتنفيذ بنود الاتفاقية". وأضاف "بينما كان تحقيق وقف إطلاق النار أمراً مهماً، إلا أن المدنيين في تيغراي ما زالوا يعانون يومياً، في ظل سيطرة القوات الإريترية وبعض الميليشيات القومية للأمهرة في شمال وغرب وجنوب غرب تيغراي".
أما البند الثاني الأكثر أهمية في "اتفاق بريتوريا"، بحسب أسيفا، بعد وقف الأعمال العدائية، فهو حل الأسباب الجذرية للنزاع الذي دام عامين، وذلك من خلال المناقشات السياسية، وأضاف "للأسف، تخلت لجنة الاتحاد الأفريقي عن الاتفاق دون التنفيذ الكامل، مؤكداً أن "عديداً من الشروط لم يتم الوفاء بها، إذ لم يبدأ الحوار مع الحكومة الفيدرالية".
ونوّه أسيفا بأن "ترك الصراع الأساسي دون معالجة، قد يؤدي إلى إعادة إشعال العنف، في جميع أنحاء إثيوبيا، أو حتى في القرن الأفريقي"، مضيفاً "حتى الآن، لم ترسل السلطات الفيدرالية في أديس أبابا ولا الاتحاد الأفريقي رسائل واضحة عن سبب بقاء البنود الرئيسة في اتفاق بريتوريا دون تنفيذ، بخاصة ما يتعلق بشأن نزع السلاح، وإعادة انتشار القوات، وملف السجناء والمفقودين".

حدود الاتحاد الأفريقي

من جهته، رأى المتخصص بالشأن الإثيوبي، ملوجيتا داويت، أن "صفة الاتحاد الأفريقي، كوسيط للوصول إلى وقف إطلاق النار، ومن ثم كضامن لتوقيع اتفاقية بريتوريا للسلام" قد اكتملت بتوقيع الطرفين على المعاهدة. وأضاف أن "الأدوار المتبقية للجنة الاتحاد الأفريقي، تتعلق بمتابعة سير الاتفاقية، وحث الطرفين على تنفيذ كافة البنود المنصوص عليها، تحقيقاً لسلام مستدام".
ولفت إلى أن "الاتحاد الأفريقي، كمنظمة قارية، لا يملك آليات ناجعة، أو قوة إكراه لضمان تنفيذ أحكام الاتفاقية"، مستطرداً "لا شك في أن ثمة مسؤولية سياسية تقع على اللجنة في متابعة التنفيذ، ورفع تقارير للمفوضية الأفريقية بشأن التطورات الملحوظة تجاه تطبيق الاتفاقية، لكن المسؤولية الأولى تقع على عاتق طرفي النزاع اللذين اتفقا على تنفيذها، وفقاً لروح المعاهدة ونصوصها".
ولاحظ داويت "أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ينسقان مع الاتحاد الأفريقي باعتبارهما ضامنين للاتفاقية، ويملكان قوة تأثير استثنائي في طرفي النزاع، لجهة علاقاتهما الاقتصادية والتجارية والسياسية، فيما يبدو الاتحاد الأفريقي، الحلقة الأضعف في معادلة التأثير المباشر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير المتحدث ذاته إلى أن "وجود مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يحد أكثر من قدراته في اتخاذ تدابير ضغط وتأثير. كما أن تفجر أزمات جديدة في أقاليم أخرى مثل الأمهرة وأروميا، قد أسهم في تباطوء وتيرة تنفيذ اتفاق بريتوريا، بخاصة أن أحد أسباب أزمة الأمهرة مرتبط عضوياً بتنفيذ أحد بنود الاتفاقية، وهو بند نزع سلاح الميليشيات، مما يستدعي ضرورة تفهم حقيقة الأوضاع التي خلفتها الاتفاقية".
ورأى داويت "أن حزب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، يسعى إلى تصعيد الأزمة من خلال اتهام الاتحاد الأفريقي، بغرض تخفيف الضغط الشعبي الذي يعاني منه نتيجة استحقاقات السلام".
ورجح أن يكون "الحزب يسعى إلى ضمان مساحة محايدة، بين الحكومة المؤقتة والضغط الشعبي، تحقيقاً لأهداف سياسية محددة، بخاصة وأن ثمة تظاهرات تنتظم بشكل دوري في تيغراي، تطالب برحيل الحزب الحاكم، نظراً لعدم قدرته على كسب الحرب أو فرض السلام".

أزمة صامتة

بدوره رأى المتخصص في الشأن التيغراوي، تادسي أبرها، أن "خروج حكومة تيغراي عن صمتها، تجاه دور الاتحاد الأفريقي، يكشف عن الأزمة الصامتة، بين مقلي (عاصمة التيغراي) وأديس أبابا"، مشيراً إلى أن "هناك ضغطاً شعبياً كبيراً مع دخول الاتفاق عامه الأول، إذ لا تزال أجزاء كبيرة من تيغراي ترزح تحت الاحتلال، بخاصة المناطق الغربية من الإقليم". وأضاف أن "عدم عودة النازحين، واستمرار المظاهر المسلحة، وحالة الفوضى الأمنية، قادت كثيراً من التيغراويين إلى التظاهر ضد الإدارة المؤقتة، مما دفعها إلى إعلان موقفها من تقاعس الاتحاد الأفريقي عن أداء مهماته والتزاماته التي تفرضها الاتفاقية".
ولفت أبرها إلى أن "عجز الحكومة الفيدرالية عن تطبيق البنود الخاصة بنزع سلاح الميليشيات، ودفع القوات الإريترية إلى الانسحاب الكامل من تيغراي، يهدد السلام الهش، الذي تحقق بعد عامين من الحرب".
وأشار إلى أن "مرافقة السلطات الإثيوبية والتيغراوية في عملية التحول نحو السلام المستدام، ورعاية الحوار السياسي الذي يفضي إلى عودة الأوضاع إلى ما قبل الرابع من نوفمبر 2020 من مسؤولية الاتحاد الأفريقي، إذ تنص الاتفاقية على إعادة انتشار كافة القوات إلى حدود الرابع من نوفمبر".
وعبر المتخصص في الشأن التيغراوي عن اعتقاده بأن "جبهة التيغراي التزمت البنود الخاصة بنزع السلاح، فيما فشل الجيش النظامي في دفع ميليشيات الأمهرة إلى إلقاء السلاح والانسحاب من الأراضي التيغراوية".
أما على الصعيد المدني، ذكر المتحدث باستحقاقات عدة، أهمها إطلاق الميزانية الخاصة بالإقليم، وعودة الخدمات الحكومية، بما فيها سداد رواتب الموظفين المجمدة منذ عامين.
وفي حين يقر أن أديس أبابا تواجه حرباً مفتوحة في إقليم الأمهرة، نتيجة رفض الميليشيات القومية تسليم عتادها للجيش النظامي، يلاحظ المتحدث أن المؤسسات السيادية الإثيوبية لم تبذل أي جهد تجاه إلغاء تصنيف الجبهة من قائمة الإرهاب، فضلاً عن التكفل بإطلاق الميزانية المخصصة للإقليم.

ويحمل أبرها الاتحاد الأفريقي مسؤولية "تفعيل عمل اللجنة العليا المكلفة متابعة تطبيق الاتفاق، وإلا فإن الأوضاع مرشحة للتصعيد"، حسب قوله. وتساءل "ما الجدوى من رعاية الاتحاد الأفريقي للاتفاق، إن لم يتحمل مسؤولية متابعته حتى يصبح واقعاً على الأرض". ويقر بأن "ثمة قصور واضح في عمل الحكومة المؤقتة في مقلي، إذ إنه لا ينبغي التعاطي مع الأمر عبر وسائل الإعلام، بل من خلال تقديم شكوى رسمية لمفوضية الاتحاد الأفريقي، وكذلك بعث رسائل إلى المجتمع الدولي، بما فيه حكومة الولايات المتحدة، ومفوضية الاتحاد الاوروبي، المشاركتان بالمفاوضات في جنوب أفريقيا".

المزيد من متابعات