ملخص
الهجرة والتوسع اثنتان من أكبر القضايا السياسية الشائكة في الاتحاد الأوروبي ولن تختفيا قريباً
كان من المفترض أن تكون القمة في غرناطة فرصة لأوروبا لتوضيح الصورة قليلاً إزاء قضيتين رئيستين – كيفية معالجة الهجرة وما يجب فعله بشأن ضم أوكرانيا التي مزقتها الحرب ودول أخرى إلى الاتحاد الأوروبي.
اجتمعت المجموعة السياسية الأوروبية European Political Community (EPC) [هو منتدى حكومي دولي للمناقشات السياسية والاستراتيجية حول مستقبل أوروبا، تأسس عام 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا] الخميس (5 أكتوبر/تشرين الأول) بحضور 44 رئيس دولة أو حكومة من جميع أنحاء القارة. وشملت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكذلك دول مثل المملكة المتحدة وأوكرانيا. كانت الهجرة قضية رئيسة، إذ انقسمت دول الاتحاد الأوروبي بين تلك التي تتطلع إلى مبادرات تركز على توزيع القادمين الجدد بين جميع الأعضاء في عمل تضامني مشترك وتلك الدول التي ترى أن مثل هذه الهجرة تشكل تهديداً.
في علامة على الانقسامات في الاتحاد الأوروبي، بلغ الأمر بإيطاليا أن تتعاون مع بلدان خارج الكتلة، وهو ما تجلى في ضم رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني صوتها إلى صوت رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لحث شركائهم الأوروبيين على إظهار "الشعور نفسه بالإلحاح" في معالجة الهجرة غير الشرعية. اتخذت حكومة ميلوني اليمينية المتطرفة موقفاً متشدداً ضد الآلاف من الأشخاص الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق القوارب عبر البحر الأبيض المتوسط هذا العام، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته حكومة سوناك في شأن القوارب التي تعبر القنال [الإنجليزي]، على رغم أن الأعداد أقل. عقد الاثنان اجتماعاً على هامش اجتماعات الجماعة السياسية الأوربية مع عدد من الدول الأخرى حول هذه القضية، علماً بأنها لم تكن على جدول الأعمال الرئيس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والجمعة، تولى فيكتور أوربان الزعيم المجري اليميني المتطرف إدارة الأمور قبل اجتماع غير رسمي اقتصر على قادة الاتحاد الأوروبي فقط حين أعرب عن تذمره الشديد من أي مسعى لإيجاد موقف مشترك بشأن الهجرة. وذهب إلى حد مقارنة الوضع بـ "الاغتصاب القانوني" الذي يمارسه زملاء المجر في الاتحاد الأوروبي.
وقال أوربان "الاتفاق على الهجرة مستحيل من الناحية السياسية – ليس اليوم [أو] بشكل عام للسنوات المقبلة. لأننا من الناحية القانونية، كيف أصف الأمر – نحن نتعرض للاغتصاب. لذلك إذا تعرضتَ للاغتصاب بشكل قانوني، أو أُجبِرتَ على قبول شيء لا يعجبك، كيف سترغب إذاً في التوصل إلى تسوية؟"
يدور النزاع حول اتفاق جرى التوصل إليه الأربعاء، وفي حال أصبح سياسة فسيشمل إنشاء مراكز تسيير على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لفحص الأشخاص عند وصولهم. وسوف يحال الاتفاق الذي وافق عليه غالبية وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الآن إلى البرلمان الأوروبي، إذ ستجرى مزيد من المفاوضات في شأنه قبل أن يصبح ملزماً.
كذلك كرر رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي شكواه متمسكاً بموقف حكومته بأنها تبقي المهاجرين خارج البلاد لأسباب أمنية. وترفض كل من بولندا والمجر رفضاً قاطعاً أي مسؤولية مشتركة عن المهاجرين الذين يصلون إلى الدول الأعضاء الأخرى.
في الواقع، قال مورافيتسكي إنه رفض فكرة إصدار بيان مشترك في نهاية القمة يتضمن إشارة إلى الهجرة. وكتب مورافيتسكي على موقع "إكس"، المعروف سابقاً باسم تويتر: "بصفتي سياسياً مسؤولاً، أرفض كامل فقرة استنتاجات القمة المتعلقة بالهجرة".
وسعى رؤساء الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على تفاؤلهم في شأن هذه القضية، وأصدر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بياناً منفصلاً في شأن الهجرة وصفها فيه بأنها "تحد أوروبي يتطلب استجابة أوروبية" و"نهجاً شاملاً".
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إنها لا تزال متفائلة بشأن اتفاق يدخل حيز التنفيذ. وقالت ميتسولا: "ما زلت متفائلةً لأن ما جعلنا نخفق في الماضي هو عدم وجود إرادة سياسية. لا يوجد حل سحري، ولكن دعونا لا نقتل هذا الاتفاق قبل أن نتبناه. نحن ندين بهذا لأنفسنا ولمواطنينا".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، في الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وصل حوالى 194 ألف مهاجر ولاجئ إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا واليونان وقبرص بالقوارب، مقارنة بـ 112 ألف في الفترة نفسها من العام الماضي. وذكرت خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية يوم الجمعة أنها اعترضت 500 مهاجر آخر في ستة قوارب تقترب من جزر الكناري الواقعة قبالة الساحل الشمالي الغربي لأفريقيا. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، استقبلت جزيرة إل هييرو الصغيرة في الأرخبيل 1200 مهاجر وصلوا في قوارب خشبية مكشوفة يعتقد أنهم غادروا من السنغال.
كما سارع أوربان، الذي حاول دائماً تعطيل أعمال الاتحاد الأوروبي، إلى التقليل من فكرة أن أوكرانيا والدول الأخرى التي ستليها ستكون موضع ترحيب في الكتلة بسرعة. "لم نقم أبداً بتوسيع الكتلة لضم البلدان التي في حالة حرب. لا نعرف أين هي الحدود الفعلية، وكم عدد الأشخاص الذين يعيشون هناك. اعذروني، لكن من المؤلم أن تنضم هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي".
وسعى عديد من الدول، بما في ذلك عدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي، إلى تأكيد دعمهم لأوكرانيا حيث شارك الرئيس فولوديمير زيلينسكي في اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية. وسيتعين على قادة الاتحاد الأوروبي أن يقرروا ما إذا كانوا سيفتتحون محادثات رسمية مع أوكرانيا في ديسمبر (كانون الأول)، لكن أوربان قال إن الاتحاد الأوروبي لا يزال غير مستعد لمثل هذه الخطوة. وتحدث ميشال عن عام 2030 كهدف للعضوية لمحاولة تركيز الانتباه، لكن الصعوبة تكمن في أن بعض الدول تريد تسريع العملية، بينما يريد قادة مثل أوربان إبطاءها بأكبر قدر ممكن.
علاوة على ذلك، لا يزال هناك كثير مما يتعين على الاتحاد الأوروبي وكييف القيام به لإنجاح الانضمام. وشددت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين على أن "الانضمام قائم على الجدارة" وأنه لا توجد طرق مختصرة. تحتاج دول مثل أوكرانيا إلى مواءمة قوانينها ومؤسساتها بشكل كاف مع تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي – بينما يحتاج التكتل أيضاً إلى "القيام بواجبه على الصعيد الداخلي" ليكون مستعداً للترحيب بالأعضاء الجدد.
وأوضح إعلان غرناطة المشترك في نهاية القمة – دون أي نص يتعلق بالهجرة – ما يلي: "التوسع هو استثمار جغرافي استراتيجي في السلام والأمن والاستقرار والازدهار. وهو محرك لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الأوروبيين، والحد من التفاوتات بين البلدان، ويجب أن يعزز القيم التي تأسس عليها الاتحاد. وبالنظر إلى احتمال زيادة توسيع الاتحاد، يجب أن يكون كل من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في المستقبل على أهبة الاستعداد".
لذلك، كان هناك كثير من الحديث عن المضي قدماً – بيد أن اثنتين من أكبر القضايا السياسية الشائكة في الاتحاد الأوروبي لن تختفيا.
© The Independent